استقطاع الرواتب لـ«دعم لبنان» يثير غضباً في العراق

الحكومة تراجعت عن القرار بعد موجة انتقادات شديدة

الحكومة العراقية خلال اجتماع أقرت فيه بالتراجع عن استقطاع رواتب الموظفين (إعلام حكومي)
الحكومة العراقية خلال اجتماع أقرت فيه بالتراجع عن استقطاع رواتب الموظفين (إعلام حكومي)
TT

استقطاع الرواتب لـ«دعم لبنان» يثير غضباً في العراق

الحكومة العراقية خلال اجتماع أقرت فيه بالتراجع عن استقطاع رواتب الموظفين (إعلام حكومي)
الحكومة العراقية خلال اجتماع أقرت فيه بالتراجع عن استقطاع رواتب الموظفين (إعلام حكومي)

اضطرت الحكومة العراقية للتراجع عن قرارها باستقطاع واحد في المائة من مرتبات الموظفين في القطاع العام والمتقاعدين لتقديم مساعدات مالية إلى غزة ولبنان.

وجاء التراجع الحكومي بعد موجة انتقادات شعبية وقانونية عارمة، بعد تصويت مجلس الوزراء على قرار الاستقطاع، الأسبوع الماضي.

وخلال جلسة التصويت المذكورة على القرار، قال بيان لمجلس الوزراء إن ذلك يأتي في «إطار الدعم الرسمي والشعبي لأهلنا في غزة ولبنان، ومن أجل توفير المواد الإغاثية اللازمة لهم»، وخلص إلى الموافقة والتصويت على «فتح باب التبرع بشكل طوعي أمام موظفي ومنتسبي الدولة كافة، باستقطاع نسبة واحد في المائة، من الراتب والمخصصات، والراتب التقاعدي، لمن يرغب منهم، ويودع المبلغ في حسابات دعم غزة ولبنان بالتساوي».

ورغم الطابع غير الإلزامي في الاستقطاع، فإنه قوبل بانتقادات لاذعة، وعُد تجاوزاً لمجلس الوزراء على صلاحياته.

نسخة ضوئية من قرار الحكومة باستقطاع رواتب الموظفين لـ«دعم لبنان» (إكس)

الرافضون للتبرع

زاد الأمور تعقيداً كتاب ملحق بقرار الاستقطاع الذي يتحدث عن كيفية تفادي مبلغ الاستقطاع بالنسبة لغير الراغبين في التبرع بحصول «الرافض للتبرع على موافقة الوزير أو المسؤول المباشر»، ما أدى إلى انتقادات شديدة ضد الحكومة.

وحيال ذلك، تراجعت الحكومة خطوة إلى الوراء، خلال جلسة مجلس الوزراء اللاحقة، (الثلاثاء)، لتعيد صياغة القرار بطريقة أقل من السابقة، ومع ذلك تواصلت الانتقادات.

وطبقاً لبيان مجلس الوزراء حول الصيغة الجديدة للتبرع، فقد قرر «تعديل قراره بشأن الاستقطاع الطوعي بنسبة واحد في المائة من الراتب والمخصصات، والراتب التقاعدي، ليكون لمدة 6 أشهر فقط، ابتداءً من الأول من ديسمبر (كانون الأول) 2024، وللراغبين فقط في التبرّع، وذلك لدعم الشعبين الفلسطيني واللبناني».

وعن قيمة ما يمكن أن تبلغه أموال الاستقطاع لو عُمِل به، يقول النائب في البرلمان ماجد شنكالي، إن «مجموع رواتب الموظفين والمتقاعدين تبلغ نحو 80 تريليون دينار سنوياً، وإذا أخذنا منها نسبة الواحد في المائة فسيبلغ المبلغ 800 مليار دينار في السنة، أي ما يقارب 600 مليون دولار، وهذا مبلغ كبير جداً».

ورغم الصيغة «الاختيارية»، وتحديد فترة الاستقطاع لمدة 6 أشهر فقط، تعرضت الحكومة لاعتراضات وانتقادات شديدة، وركّز بعض تلك الانتقادات على مقارنة قرار الحكومة الحالية بقرارات «التبرع» شبه الإجبارية التي كانت تتخذ في مرحلة حكم «البعث» المنحل قبل عام 2003.

وضجت مواقع التواصل بشتى التعليقات والانتقادات الصادرة من جهات قانونية وقضائية وثقافية ومن موظفين عاديين.

علماً بأن عراقيين قدموا طوعاً، وبعيداً عن القنوات الحكومية، معونات غذائية وإغاثية إلى لبنان وغزة منذ أشهر، ويواصلون تقديمها حتى الآن من خلال حملات فردية.

في السياق، يقول رئيس هيئة النزاهة الأسبق القاضي رحيم العكيلي إن «مجلس الوزراء لا يملك سلطة اقتطاع دينار واحد من راتب أي موظف أو متقاعد بحجة التبرع، تلك مزايدة على حساب الموظفين والمتقاعدين، والقرار يعد انتهاكاً للقانون والدستور، وسيفتح الباب لتجاوزات وانتهاكات أخرى».

وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة البصرة نبيل المرسوي، إنه «على المديرين العامين ورؤساء الوحدات ألا يحوّلوا الاستقطاع الاختياري من رواتب الموظفين إلى إجباري لإرضاء الجهات العليا على حساب الموظفين الذين يعانون أصلاً من ضعف رواتبهم».

وتعليقاً على الوثيقة التي تداولتها وسائل إعلام وتتعلق بالطريقة التي يمكن للموظفين والمتقاعدين رفض عملية الاستقطاع، يقول الصحافي عبد الستار البيضاني، إن الوثيقة «تذكرني بأيام النظام السابق عندما كان يجمع الناس في قاعة، ويصعد المسؤول إلى المنصة ويقول إن التطوع اختياري وليس إجبارياً، ما يعني أنه فرض التطوع على الجميع وليس العكس».

ويضيف أن «الحكومة الحالية طبقت الشيء نفسه؛ لأن القرار فرض على الرافضين للتبرع تقديم طلب للموافقة على رفضه».

ويرى القانوني أحمد الزيادي، أن مجلس الوزراء «لا يمتلك الصلاحية القانونية والدستورية المباشرة لاستقطاع رواتب الموظفين بشكل مستقل، إلا إذا كان هناك تشريع قانوني يسمح بذلك»، إذ إن المسائل المالية المتعلقة برواتب الموظفين والمتقاعدين تخضع للقوانين النافذة، مثل قانون الموازنة العامة، وقانون رواتب موظفي الدولة.

ويؤكد أن «البرلمان هو الجهة المخولة بالموافقة على أي تغييرات مالية من خلال تشريع القوانين».

ويتحدث الزيادي عن بعض الاستثناءات التي تبيح لمجلس الوزراء أن يقدم مقترحاً لـ«إجراءات تقشفية أو إصلاحات مالية في حالة وجود أزمة اقتصادية أو عجز مالي، لكن هذه المقترحات يجب أن تُعرض على البرلمان للموافقة».


مقالات ذات صلة

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

المشرق العربي مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

رفض رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني» انجرار العراق نحو الحرب، وحذر من مخاطر انسحاب القوات الأميركية خصوصاً في المناطق المتنازع عليها.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

أعلنت وزارة الكهرباء العراقية الأحد عن فقدان منظومة الكهرباء لـ5500 ميغاواط بسبب توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

«جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع

ينشغل الفضاء السياسي والشعبي العراقي بصورة جدية هذه الأيام باحتمالات توسيع إسرائيل دائرة حربها؛ لتشمل أهدافاً كثيرة في عموم البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي كتائب «حزب الله» العراقية رهنت مصير «وحدة الساحات» بما يقرره «حزب الله» اللبناني (إكس)

بغداد تحث واشنطن على منع هجمات إسرائيلية «وشيكة»

دعا العراق الدول الكبرى إلى إنهاء الحرب على لبنان وغزة، وطالب الولايات المتحدة بمنع أي هجمات إسرائيلية على البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي السوداني خلال اجتماع مجلس الأمن الوطني الطارئ (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق: 12 خطوة لمواجهة التهديدات والشكوى الإسرائيلية لمجلس الأمن

أثارت الشكوى الإسرائيلية الموجهة إلى مجلس الأمن الدولي بشأن الهجمات التي تشنها الفصائل المسلحة العراقية عليها غضب حكومة محمد شياع السوداني.

فاضل النشمي (بغداد)

وفد أمني مصري يتوجه إلى تل أبيب لإجراء محادثات حول غزة

جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (د.ب.أ)
جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (د.ب.أ)
TT

وفد أمني مصري يتوجه إلى تل أبيب لإجراء محادثات حول غزة

جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (د.ب.أ)
جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (د.ب.أ)

قال مصدران أمنيان مصريان لوكالة «رويترز»، اليوم (الأربعاء)، إن وفدا أمنيا مصريا سيتوجه إلى إسرائيل غداً في محاولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.

وقالت حركة «حماس»، في وقت سابق اليوم، إنها ملتزمة بالتعاون مع أي جهود لوقف إطلاق النار في قطاع غزة حيث تخوض قتالاً مع القوات الإسرائيلية منذ أكثر من عام.

وأضافت «حماس» في بيان صدر بعد موافقة إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية على وقف إطلاق النار في لبنان: «نعرب عن التزامنا بالتعاون مع أي جهود لوقف إطلاق النار في غزة، ومعنيون بوقف العدوان على شعبنا، ضمن محددات وقف العدوان على غزة التي توافقنا عليها وطنياً؛ وهي وقف إطلاق النار، وانسحاب قوات الاحتلال، وعودة النازحين، وإنجاز صفقة تبادل للأسرى حقيقية وكاملة».

وتابعت: «ندعو الدول العربية والإسلامية الشقيقة وقوى العالم الحر إلى حراك جاد وضاغط على واشنطن والاحتلال الصهيوني لوقف عدوانه الوحشي على شعبنا الفلسطيني، وإنهاء حرب الإبادة المتواصلة في قطاع غزة».