تحذير أممي من انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي واسع»

رشدي: «أكثر من 100 ألف شخص لا يزالون محتجزين تعسفاً أو مفقودين، والاقتصاد في حالة يرثى لها»

رجال أمن وإنقاذ في موقع استهدفته غارة إسرائيلية في دمشق (أرشيفية - أ.ب)
رجال أمن وإنقاذ في موقع استهدفته غارة إسرائيلية في دمشق (أرشيفية - أ.ب)
TT

تحذير أممي من انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي واسع»

رجال أمن وإنقاذ في موقع استهدفته غارة إسرائيلية في دمشق (أرشيفية - أ.ب)
رجال أمن وإنقاذ في موقع استهدفته غارة إسرائيلية في دمشق (أرشيفية - أ.ب)

رأت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، نجاة رشدي، أن منطقة الشرق الأوسط تشهد «خطراً عميقاً»، ودعت إلى «عمل حاسم» من كل ذوي النفوذ لمنع انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي أوسع».

وكانت نجاة رشدي تقدم إحاطة عبر دائرة تلفزيونية مغلقة إلى أعضاء مجلس الأمن في نيويورك؛ إذ أفادت بأن عدداً كبيراً من السوريين يجدون أنفسهم محاصرين «في حلقة لا هوادة فيها من العنف والمعاناة»، مشيرة إلى فرار مئات الآلاف من لبنان، فضلاً عن أن العنف داخل البلاد أدى إلى موجات جديدة من النزوح، في ظل معاناة إنسانية متفاقمة وتقلُّص المساعدات. ورأت أن هذا «عام 2024 في طريقه ليكون الأكثر عنفاً منذ عام 2020»، محذرة من أن «إمكانية حدوث دمار أكبر تلوح في الأفق».

تلامذة عائدون إلى منازلهم في بلدة النيرب بريف إدلب (أرشيفية - د.ب.أ)

الغارات الإسرائيلية

وإذ شددت على ضرورة وقف النار في غزة ولبنان، أكدت المبعوثة الأممية أن هناك «حاجة ملحة» إلى العمل نحو وقف النار على مستوى البلاد بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، وإلى «نهج تعاوني لمكافحة الجماعات الإرهابية المدرجة على قائمة في مجلس الأمن». وقالت إن سوريا «لا تزال في حالة حرب وانقسام عميقة وناشطة»، مضيفة أن «أكثر من 100 ألف شخص لا يزالون محتجزين تعسفاً أو مفقودين. والاقتصاد في حالة يرثى لها. والبنية التحتية مدمرة ومتدهورة. والجريمة المنظمة والنشاطات غير المشروعة في ازدياد، ما أَحْدَثَ تداعيات اجتماعية سلبية، وولَّد مزيداً من عدم الاستقرار». وفي ظل التصعيد الحالي للحرب الإسرائيلية في لبنان وغزة، قالت رشدي إن «الضربات الجوية الإسرائيلية على سوريا ازدادت بشكل كبير من حيث التكرار والنطاق». وأشارت إلى الغارات الإسرائيلية، الأربعاء الماضي، قرب مدينة تدمر التي أدت إلى مقتل العشرات، مرجحة أن تكون «الأشد فتكاً في سوريا حتى الآن». وأضافت: «تقول إسرائيل إن ضرباتها تستهدف مواقع مرتبطة بإيران أو (حزب الله) أو (الجهاد الإسلامي) الفلسطيني، لكننا مرة أخرى نشهد سقوط ضحايا من المدنيين، من ضمنهم جراء غارات ضخمة على مناطق سكنية في وسط دمشق».

معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا بعد استهدافه بغارة إسرائيلية (أرشيفية - أ.ف.ب)

وكررت أن إنهاء الحرب «يتطلب عملية سياسية ذات مغزى»، مؤكدة أن «هناك لحظة محورية لدفع العملية السياسية، من خلال الالتزام الحقيقي والعمل». وحذرت من أن «الرياح الجيوسياسية قد تبدأ في التحول مرة أخرى قريباً، في اتجاهات يصعب التنبؤ بها». وقالت أيضاً إنه «إذا أبدت جميع الأطراف استعدادها للعمل بشكل بناء ومسؤول وعملي، فستكون لدينا أفضل فرصة لتسخير الديناميكيات القائمة والجديدة وتحويلها إلى فرص للتقدم» عبر «استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية ومواصلة تطوير تدابير بناء الثقة خطوة بخطوة» وغيرها من الأفكار الأممية لتطوير مسار شامل للخروج من الصراع السوري.

فارُّون من الحرب عند معبر المصنع الحدودي باتجاه سوريا الذي جرى استهدافه بغارة إسرائيلية (أرشيفية - أ.ف.ب)

العائدون من لبنان

كذلك تحدثت مديرة قسم العمليات والمناصرة لدى مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إيديم وسورنو، التي قالت إن أكثر من 540 ألف شخص فروا إلى سوريا من الحرب في لبنان منذ أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، أكثر من نصفهم من الأطفال، وإن ثلثيهم من السوريين. وإذ رحبت باستعداد الحكومة السورية لإبقاء حدودها مفتوحة، وتسهيل الدخول إلى البلاد، أشارت إلى أن الغارات الجوية الإسرائيلية على طول الحدود جعلت المعابر أكثر خطورة. وأضافت أن الناس لجأوا إلى التنقل عبر المعابر سيراً، أو البحث عن طرق بديلة أطول وأكثر خطورة من المعابر الرسمية. ونقلت عن تقارير أن بعض العائلات اللبنانية بدأ بالفعل في العودة إلى لبنان بسبب نقص الخدمات وظروف المعيشة السيئة في سوريا.

وكذلك قالت: «يواجه ما يقرب من 13 مليون شخص بالفعل انعدام الأمن الغذائي الحاد في سوريا - خامس أعلى إجمالي عالمي - بينما اضطُرَّ برنامج الأغذية العالمي إلى خفض مساعداته بنسبة 80 في المائة في العامين الماضيين بسبب تخفيضات التمويل». وحذرت من أنه إذا لم يتم تلقي مزيد من التمويل «ستكون العواقب وخيمة»، خصوصاً مع حلول فصل الشتاء.


مقالات ذات صلة

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

المشرق العربي تشييع اثنين من ضحايا هجوم تدمر في الحطابية بمحافظة حمص الجمعة (متداولة)

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

أنباء عن مغادرة قياديين في «الحرس الثوري الإيراني» وميليشيات تابعة لإيران، الأراضي السورية متجهة إلى العراق؛ خشية تعرضهم للاستهداف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي صورة من موقع غارة إسرائيلية على معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا - 20 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

«المرصد السوري» يعلن ارتفاع عدد قتلى الهجوم الإسرائيلي على تدمر إلى 92

قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، اليوم (الجمعة)، إن عدد قتلى القصف الأخير الذي شنَّته إسرائيل على مدينة تدمر، في ريف حمص الشرقي بوسط البلاد هذا الأسبوع ارتفع

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

قالت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أمام مجلس الأمن: «ازدادت الغارات الإسرائيلية في سوريا بشكل كبير، سواء من حيث الوتيرة أو النطاق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي أشخاص فارّون من القصف الإسرائيلي في لبنان يعبرون حفرة ناجمة عن غارة إسرائيلية في منطقة المصنع على الجانب اللبناني من معبر الحدود مع سوريا 20 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الغارات الإسرائيلية على تدمر هي «على الأرجح» الأكثر فتكاً في سوريا

اعتبرت مسؤولة بالأمم المتحدة، اليوم (الخميس)، أن الغارات الإسرائيلية التي أودت الأربعاء بالعشرات في مدينة تدمر هي «على الأرجح الأكثر فتكاً» في سوريا حتى الآن.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

مستشفيات غزة مهددة بالتوقف عن العمل... و19 قتيلاً في القصف الإسرائيلي

جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز)
جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز)
TT

مستشفيات غزة مهددة بالتوقف عن العمل... و19 قتيلاً في القصف الإسرائيلي

جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز)
جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز)

أفاد الدفاع المدني في غزة صباح السبت، بمقتل 19 شخصاً، بينهم أطفال، في غارات ليلية إسرائيلية وقصف مدفعي عنيف على مناطق مختلفة في القطاع الفلسطيني، فيما حذرت وزارة الصحة في القطاع أمس (الجمعة)، من توقف كل مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود؛ إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع المدمر الذي تشن عليه حرباً منذ أكثر من عام، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل لوكالة الصحافة الفرنسية «استشهد 19 مواطناً وأصيب أكثر من 40 آخرين وغالبيتهم في ثلاث مجازر في سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية العنيفة بعد منتصف الليل وحتى صباح اليوم على قطاع غزة».

وأفاد التلفزيون الفلسطيني في وقت سابق بمقتل ستة أشخاص وإصابة عدد آخر بجروح في قصف إسرائيلي استهدف منزلاً بحي الزيتون شرق مدينة غزة.

وذكرت وزارة الصحة في غزة أن القصف الإسرائيلي على مناطق متفرقة من القطاع منذ فجر يوم الجمعة قتل 38 شخصاً.

وتتواصل ردود الفعل الدولية بعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية الخميس مذكرات توقيف في حق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق في حكومته يوآف غالانت، وقائد «كتائب عز الدين القسام» الجناح المسلح لـ«حماس» محمد الضيف، بشبهة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في النزاع الدائر في غزة منذ أن شنت «حماس» هجوماً غير مسبوق على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال المدير العام للمستشفيات الميدانية الطبيب مروان الهمص: «نوجه الإنذار العاجل ونحذر من أن مستشفيات قطاع غزة كاملة ستتوقف عن العمل أو تقلص من خدماتها خلال 48 ساعة بسبب عرقلة الاحتلال إدخال الوقود».

من جانبه، أعلن الدفاع المدني انتشال جثث اثني عشر قتيلاً وعشرات الجرحى إثر غارتين إسرائيليتين استهدفتا منزلين أحدهما شرق مدينة غزة والآخر في جنوبها.

وأعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة أنه قتل في القطاع خمسة من عناصر «حماس» ضالعين في هجوم 7 أكتوبر 2023.

وأدت هذه الضربة إلى مقتل وفقدان العشرات حسب مصادر طبية فلسطينية.

من جهتها، أبدت منظمة الصحة العالمية «قلقاً بالغاً» على وضع 80 مريضاً، بينهم ثمانية في العناية المركزة، وعلى العاملين في «مستشفى كمال عدوان»، أحد المستشفيين الوحيدين اللذين يعملان جزئياً في شمال غزة.

وبحسب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، فإن المستشفى استُهدف بهجوم بمسيّرة الخميس؛ ما أدى إلى إتلاف مولد كهرباء وخزان مياه.

وقال مدير المستشفى حسام أبو صفية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن مؤسسته استُهدفت مرة أخرى بغارات إسرائيلية الجمعة، حيث أصيب طبيب واحد ومرضى.

وباشر الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية برية كبيرة في شمال قطاع غزة في السادس من أكتوبر لمنع مقاتلي «حماس» من إعادة تشكيل صفوفهم على ما أفاد.

«أطفال أبرياء»

وقال بلال في إحدى قاعات «المستشفى الأهلي العربي» حيث نُقل الضحايا: «أهلي كلهم قُتلوا، أنا الوحيد المتبقي من العائلة. أوقفوا الظلم».

وقال رجل آخر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» وهو جالس قرب فتى ممدد بلا حراك على سرير مستشفى: «كان هناك أطفال أبرياء (...) ما ذنبهم؟!».

وأسفرت حملة الجيش الإسرائيلي في غزة حتى الآن عن ما لا يقل عن 44056 قتيلاً، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، وفق بيانات وزارة الصحة التي تديرها «حماس» وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.

وكان هجوم «حماس» على إسرائيل قد خلف 1206 قتلى، غالبيتهم مدنيون، حسب تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية.

كذلك، احتُجز خلال الهجوم 251 شخصاً رهائن ونُقلوا إلى غزة، ولا يزال 97 منهم في القطاع، ويقدر الجيش الإسرائيلي أن 34 من هؤلاء الرهائن المتبقين ماتوا.

«سابقة خطيرة»

بعد مرور أكثر من عام على بدء الحرب، أثار قرار المحكمة الجنائية الدولية الخميس غضب إسرائيل.

وأكد نتنياهو مساء الخميس أنه «ما من قرار فاضح مُعادٍ لإسرائيل بإمكانه أن يمنعنا، وتحديداً أنا، من مواصلة الدفاع عن بلدنا بأيّ طريقة»، مضيفاً: «لن نستسلم للضغوط».

ورأى غالانت في القرار «سابقة خطيرة (...) تشجع على الإرهاب».

أما الرئيس الأميركي جو بايدن فندد بالقرار، معتبراً أنه «مشين»، في حين قال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الجمعة إنه سيدعو نتنياهو إلى زيارة المجر، في «تحدٍّ» للقرار.

ورحب نتنياهو بموقف أوربان، معتبراً أنه ينم عن «وضوح أخلاقي».

وقالت فرنسا الجمعة إنها «أخذت علماً» بقرار المحكمة.

والدول الـ124 الأعضاء في «الجنائية الدولية»، وبينها المجر، ملزمة نظرياً بتوقيف المسؤولين الثلاثة في حال دخولهم أراضيها.

من جانبها، لمّحت الحكومة البريطانية الجمعة إلى أن نتنياهو يمكن أن يُعتقَل بموجب مذكرة التوقيف.

وأعلن رئيس الوزراء الآيرلندي سايمون هاريس أن بلاده ستعتقل نتنياهو إذا زار البلاد.

ورداً على سؤال للتلفزيون العام «آر تي آي» عما إذا كانت آيرلندا، عضو «الجنائية الدولية»، ستعتقل نتنياهو إذا زار البلاد، قال: «نعم، بالتأكيد».

وأعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني الجمعة أن وزراء خارجية «مجموعة السبع» سيناقشون خلال اجتماعهم الاثنين والثلاثاء قرب روما مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة.

في المقابل، رأت إيران في القرار «موتاً سياسياً للكيان الصهيوني»، في حين دعت الصين المحكمة إلى «موقف موضوعي وعادل».

ورحبت «حماس» بقرار المحكمة، معتبرة أنه خطوة «تاريخية مهمة».