العراق يعلن حالة الإنذار القصوى استعداداً لإجراء التعداد السكاني

حدد الفئات المستثناة من حظر التجول

وزير التخطيط محمد تميم (وسط) مع زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم خلال الاستعدادات لإجراء التعداد السكاني (موقع الوزارة)
وزير التخطيط محمد تميم (وسط) مع زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم خلال الاستعدادات لإجراء التعداد السكاني (موقع الوزارة)
TT

العراق يعلن حالة الإنذار القصوى استعداداً لإجراء التعداد السكاني

وزير التخطيط محمد تميم (وسط) مع زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم خلال الاستعدادات لإجراء التعداد السكاني (موقع الوزارة)
وزير التخطيط محمد تميم (وسط) مع زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم خلال الاستعدادات لإجراء التعداد السكاني (موقع الوزارة)

أعلنت السلطات العراقية، الاثنين، حالة الإنذار القصوى (ج) للقطعات الأمنية والعسكرية العراقية، خلال حظر تجوال التعداد السكاني المزمع تنفيذه يومي الأربعاء والخميس المقبلين.

وجاء الإعلان من اللجنة الأمنية العليا الخاصة بالتعداد السكاني تلاه المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد مقداد ميري، قال فيه إن «سريان توقيت فرض حظر التجوال سيبدأ منتصف ليلة 19 على 20 من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عند الساعة 12 ليلاً، ويستمر لغاية الساعة 12 من ليلة 21 - 22 نوفمبر، ومن ضمنها محافظات إقليم كردستان».

وأكد الإعلان «تقييد حركة المواطنين والعجلات والقطارات عند دخول حظر التجوال حيز التنفيذ بين المحافظات والأقضية والنواحي، وما بين الحضر والريف وما بين الناحية والقضاء وبالعكس، إلا للحالات الإنسانية والضرورة القصوى، وما تفرضه الظروف الأمنية والطبيعية والمناخية».

ويشمل الاستثناء بحسب المتحدث الحكومي، «مديريات الإحصاء في بغداد والمحافظات كافة، والعدادين ومديري النواحي ومديري القرى ومعاونيهم والمشرفين والمراقبين والصحافيين والإعلاميين المخولين من حملة بادجات التخويل الصادرة عن هيئة الإعلام والاتصالات»، إضافة إلى أن «الخفارات من الملاكات الصحية والطبية يكون دوامهم في مستشفياتهم خلال يومي الحظر».

بيان قيادة عمليات بغداد

تبديد المخاوف

وحتى الساعة، لا تزال السلطات العراقية تسعى لتطمين مواطنيها المتوجسين من نتائج التعداد وبياناته.

وتحدث الناطق الرسمي باسم وزارة التخطيط العراقية، عبد الزهرة الهنداوي، خلال مؤتمر صحافي، الاثنين، عن حزمة من القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء لتبديد «مخاوف» مختلف الأطراف، ومعالجة «كل الإشكاليات»، خصوصاً تلك المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها بين العرب والأكراد.

وذكر أن «عمليات التعداد ستكون بطريقة إلكترونية وفق معايير ودقة وموثوقية، والتعداد تجسيد للمواطنة العراقية بعيداً عن القضايا التي قد تثير بعض المشاكل والحساسيات».

وأشار إلى «المزاج السياسي العام الذي يتعاطى بإيجابية مع التعداد الذي يستهدف الوقوف على واقع الفرد العراقي وخصائصه الشخصية، كي ينسى لصانع القرار اتخاذ السياسات التي تتطابق مع حاجة البلاد وسكانه».

ولم تتضمن استمارة التعداد توصيف القومية أو المذهب، بحسب الهنداوي، لكنها تأخذ بنظر الاعتبار ديانة الأشخاص؛ «الإسلام والمسيحية والصابئة والإيزيدية، وبإمكان الشخص أن يذكر أي ديانة أخرى خامسة إذا كان راغباً في ذلك».

بطريرك الكلدان

بدوره، دعا البطريرك الكلداني الكاردينال لويس روفائيل ساكو المسيحيين، إلى مشاركة واسعة في التعداد السكاني، لكنه تمنى أن يشمل 100 ألف مسيحي يقيمون في دول الجوار بالتعداد.

مظاهرة مسيحية مؤيدة للبطريرك ساكو في أربيل (أرشيفية - مواقع كردية)

وقال بيان صادر عن إعلام البطريركية الكلدانية، إنه «مع اقتراب موعد التعداد العام لسكان العراق بعد انقطاع دام 27 عاماً، ولأهميته يدعو البطريرك لويس روفائيل ساكو المسيحيين، إلى المشاركة الفعالة في هذا الواجب الوطني بالغ الأهمية». وشدد على التعاون مع الفريق المكلف للقيام بهذا المسح السكاني.

وأضاف: «كنا نتمنى أن يشمل هذا التعداد آلاف العراقيين الذين يعيشون في بلدان الجوار، ومن بينهم مائة ألف مسيحي، وإضافة فقرة عن الانتماء القومي، ذلك أن التنوع قوة وليس اختلافاً».

وأعرب ساكو على أمله في أن يستند التعداد على «الدقة والصدق والنزاهة من قبل الفريق المكلف بالتعداد والمواطنين في إعطاء معلومات صحيحة».

وأول من أمس، وجهت 4 جهات سياسية كلدانية رسالة إلى رئيس الوزراء الاتحادي محمد شياع السوداني، ورئيس وزراء إقليم كردستان مسرور بارزاني، طالبو فيها بإضافة «حقل وفقرة خاصة بالانتماء القومي لأبناء الشعب المسيحي بعد خانة الديانة في استمارة التعداد السكاني».

الإيزيديون

قال رئيس الكتلة الإيزيدية في البرلمان الاتحادي، نايف خلف سيدو، إن «الإيزيديين في مخيمات إقليم كردستان يحتسبون على مناطقهم الأصلية، وليس أماكن وجودهم الحالية».

ومعروف أن غالبية الإيزيديين يتمركزون في قضاء سنجار التابع لمحافظة نينوى، إلى جانب وجودهم في مناطق أخرى من المحافظة، لكنهم نزحوا إلى إقليم كردستان بعد صعود «داعش» عام 2014، وعادت في الأشهر الأخيرة نسبة كبيرة منهم إلى مناطقهم الأصلية.

مجموعة من أبناء الطائفة الإيزيدية في زيارة لأحد المعابد في منطقة شيخان قرب دهوك (رويترز)

وقال النائب سيدو في مؤتمر صحافي مشترك مع المتحدث باسم وزارة التخطيط، إن «الوزارة أكدت لهم أن العملية تجري بأعلى معايير السرية، ولا يتعلق التعداد بأي شكل من الأشكال بمسألة قطع رواتب شبكة الرعاية الاجتماعية أو الامتيازات الأخرى، إنما يهدف إلى تحقيق العدالة وضمان حقوق جميع المكونات».

ودعا سيدو الإيزيديين إلى «المشاركة الفاعلة» في التعداد، لأنهم مسؤولون أمام الأجيال القادمة عن الحقوق السياسية والبرلمانية، ومن شأن المشاركة إحباط آمال الجهات التي تحاول الهيمنة والسيطرة على القرار الوطني الإيزيدي».

واتخذت المحكمة الاتحادية في وقت سابق، قراراً يقضي بتخصيص «كوتا» للإيزيديين ضمن مقاعد البرلمان بعد التعداد السكاني.


مقالات ذات صلة

السلطات العراقية تواصل جهود إقناع مواطنيها في المشاركة بالتعداد السكاني

المشرق العربي عراقيون يعاينون كتباً معروضة بشارع أبو نواس وسط بغداد ضمن فعالية «أنا عراقي أنا أقرأ» حيث وزع 30 ألف كتاب مجاناً (أ.ف.ب)

السلطات العراقية تواصل جهود إقناع مواطنيها في المشاركة بالتعداد السكاني

تُواصل السلطات العراقية في بغداد وأربيل محاولاتها الحثيثة لإقناع المواطنين بالمشاركة بالتعداد السكاني المقرر إجراؤه الأربعاء المقبل.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي وزير التخطيط محمد تميم خلال ترؤسه اجتماعاً لخلية التعداد السكاني (إعلام وزارة التخطيط)

بغداد: التعداد السكاني سيُستخدم للتنمية ومستقبل أفضل للعراقيين

ينشغل الفضاء العراقي من أقصى جنوب البلاد إلى أقصى شمالها بأدق التفاصيل للتعداد السكاني العام، المقرر إجراؤه الأربعاء المقبل.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي الرئيس عبد اللطيف رشيد خلال مشاركته في قمة المناخ (موقع رئاسة الجمهورية)

الأمم المتحدة: مستقبل العيش في العراق يعتمد على سرعة الاستجابة للتغيرات المناخية

رأى أحدث تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن مستقبل العيش في العراق يعتمد على سرعة الاستجابة للتغيرات المناخية، رغم إشادته بدور العراق في مواجهة أزمة المناخ

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي الأعرجي مع قائد «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي (صفحة الأعرجي على إكس)

مستشار الأمن القومي العراقي يكرر رفض بلده استهداف دول الجوار عبر أراضيه وأجوائه

أعاد مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، الثلاثاء، التذكير بموقف بلده الثابت برفض استخدام أراضيه وأجوائه لاستهداف دول الجوار.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي حكومة محمد شيّاع السوداني باتت في محل دفاع بسبب التسريبات الصوتية (رويترز)

حكومة السوداني تنفي «تسريبات» تتهم مسؤولاً بـ«الرشوة»

وجدت حكومة رئيس الوزراء محمد السوداني نفسها في موقف المدافع بعد تسريبات صوتية لكبار المسؤولين العراقيين ترتبط بعمليات «ابتزاز» للحصول على رشى لتمرير بعض المصالح

فاضل النشمي (بغداد)

«اليونيسكو» تحذر إسرائيل من استهداف آثار لبنان

الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني
(إ.ب.أ)
الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني (إ.ب.أ)
TT

«اليونيسكو» تحذر إسرائيل من استهداف آثار لبنان

الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني
(إ.ب.أ)
الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني (إ.ب.أ)

أثمرت الجهود اللبنانية والتعبئة الدولية في دفع منظمة اليونيسكو، ممثلة بـ«لجنة حماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح»، إلى النظر إلى التهديدات الإسرائيلية التي تحيق بالمواقع الأثرية اللبنانية ومنها المسجل على لائحة «اليونيسكو» للتراث العالمي، وتوجيه تحذير إلى إسرائيل مفاده أن استهدافها أمر لن يمر دون عقاب. وجاء التحذير في جلسة استثنائية دعا إليها لبنان ووافقت عليها أكثرية أعضاء اللجنة التي يرأسها مندوب فنلندا لدى المنظمة الدولية.

الحقد الإسرائيلي على صور لم ينحصر بحدود حاضرها الراهن (أ.ف.ب)

وبنتيجة المداولات والتصويت، حصل لبنان على 4 أمور رئيسة:

الأول لفت انتباه العالم والمنظمات الدولية إلى المخاطر التي تهدد جانباً من الذاكرة الإنسانية والتاريخ البشري، بالنظر لما تمثله هذه المواقع خصوصاً قلعة بعلبك الرومانية وقلعة صور البحرية، وكلا الموقعين مهدد مباشرة بالعنف الإسرائيلي.

والأمر الثاني أن اللجنة الدولية قررت، وفق البيان الصادر عن «اليونيسكو» عقب انتهاء الاجتماع، أن المواقع الأثرية اللبنانية وعددها 34 موقعاً أخذت تتمتع بـ«أعلى مستوى من الحصانة ضد الهجوم والاستخدام لأغراض عسكرية»، وهو ما يشار إليه وفق التسمية الدولية بـ«الحماية المعززة».

تصاعد الدخان بعد غارة إسرائيلية على صيدا بجنوب لبنان (رويترز)

وبالتالي فإن الطائرات الحربية الإسرائيلية لن يكون متاحاً لها بعد اليوم وفي حال أذعنت إسرائيل لإرادة المجتمع الدولي أن تسرح وتمرح وتقصف أي مواقع في لبنان من غير وازع أو رادع. وجاء في البيان أن «اليونيسكو» تحذر من أن «عدم الامتثال لهذه البنود سيشكل انتهاكاً خطيراً لاتفاقية لاهاي لعام 1954 (لحماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح) وسيفتح الباب أمام إمكانية الملاحقة القضائية».

والأمر الثالث أن لبنان يستطيع الإفادة من الصندوق الخاص المخصص للجنة في إطار مساعدة مالية طارئة لإنقاذ تراث البلاد. وأخيراً أن لبنان ما زال يحظى بتعاطف على المستوى الدولي ويتعين عليه أن يستفيد منه في المنظمات الدولية إذا عرف كيفية التعاطي والعمل الموحد الذي يستلهم مصلحة لبنان العليا.

ومن بين المواقع الأثرية المدرجة في القائمة، إضافة إلى موقعي بعلبك وصور اللذين «تم رصد ضربات بالقرب منهما مؤخراً»، بحسب البيان، ثمة مواقع أخرى شهيرة على الخريطة السياحية اللبنانية ومعروفة عالمياً وفي مدن قائمة من آلاف السنين مثل صيدا وصور وجبيل، إضافة إلى مواقع أقرب عهداً مثل عنجر وبينت الجين والمتحف الوطني في بيروت وكذلك متحف سرسق.

تجدر الإشارة إلى أن تضافر الجهود، سواء من بيروت عبر حراك النواب ووزارة الثقافة والمجتمع المدني والجمعيات الأهلية والثقافية، أو ما قامت به البعثة اللبنانية لدى «اليونيسكو»، بالإضافة إلى الدعم الذي حصل عليه لبنان من 300 مثقف وأكاديمي وعالم آثار، أسهم في الضغط على لجنة «اليونيسكو» لدفعها لتحمل مسؤولياتها والتغلب على الضغوط التي مارستها جهات موالية لإسرائيل.

الخراب الذي أحدثته الغارات الإسرائيلية على مدينة بعلبك الواقعة شرق لبنان والتي تحتضن القلعة الشهيرة بالاسم نفسه (رويترز)

وجاء تدخل المجموعة ليجعل «اليونيسكو» عاجزة عن التفلت من طلب الحماية للمواقع الأثرية اللبنانية.

إشادة ميقاتي

وكان من الطبيعي أن تكون ردة الفعل اللبنانية الرسمية بالغة الإيجابية. فقد أشاد رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي في بيان صحافي بـ«انتصار القانون»، معتبراً أن القرار «صفعة مدوية للعدو الإسرائيلي الذي يواصل اعتداءاته التدميرية على لبنان».

وأضاف: «هذا الحكم يشكل رادعاً قوياً للعدو الإسرائيلي لأنه يعتبر أي اعتداء على المواقع الأثرية جريمة حرب، ما يبرر ملاحقة المسؤولين عنها أمام المحاكم الدولية».

بصيص أمل

من جانبه، أعلن وزير الثقافة محمد مرتضى: «هذا القرار هو بصيص أمل كبير وسط الظلام». وتابع: «نأمل أن يثني هذا الإجراء إسرائيل التي تتصرف خارج أي إطار تنظيمي عن الإضرار بالمواقع المحمية».

أما المديرة العامة لـ«اليونيسكو» أودري أزولاي فقد أعلنت أن هناك تعاوناً عميقاً وطويل الأمد بين المنظمة الدولية ولبنان، مضيفة: «لن ندخر جهداً في تقديم جميع الخبرات والدعم اللازمين لحماية تراث لبنان الاستثنائي».

كل ما سبق يمكن الاعتداد به. بيد أن ما يهم هو النتيجة. وبكلام آخر، السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل ستنصاع إسرائيل إلى قرار اللجنة وهي التي ضربت بعرض الحائط القرارات الدولية أكانت الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية أو عن محكمة العدل الدولية أو عن مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة؟ السؤال رئيس ومركزي ويرتبط بالوضع في لبنان واستمرار الحرب الإسرائيلية عليه.