موسكو تدير التوتر لتفادي توسع الحرب إلى سوريا

الغارات الإسرائيلية تتوالى على دمشق

عنصرا أمن يتفقدان الأضرار في حي المزة بعد غارة إسرائيلية الخميس (إ.ب.أ)
عنصرا أمن يتفقدان الأضرار في حي المزة بعد غارة إسرائيلية الخميس (إ.ب.أ)
TT

موسكو تدير التوتر لتفادي توسع الحرب إلى سوريا

عنصرا أمن يتفقدان الأضرار في حي المزة بعد غارة إسرائيلية الخميس (إ.ب.أ)
عنصرا أمن يتفقدان الأضرار في حي المزة بعد غارة إسرائيلية الخميس (إ.ب.أ)

أغارت إسرائيل مجدداً على حي المزة في دمشق، اليوم الجمعة، مستهدفة موقعاً في محيط مطار المزة العسكري. فيما تحدثت مصادر عن اتباع روسيا سياسة «إدارة التوتر»؛ لمنع انجراف سوريا في الحرب الإقليمية.

وقالت مصادر محلية إن الاستهداف كان على المتحلق الجنوبي خلف فندق «ياسمين روتانا» نهاية أوتوستراد المزة، حيث يقع تجمع مساكن الزهريات العسكرية. وقد تصدت الدفاعات الجوية السورية في مطار المزة العسكري القريب من موقع الاستهداف للهجوم الإسرائيلي الذي جاء بعد 24 ساعة من هجوم مماثل استهدف بناءين سكنيين في حي المزة ومبنى في ضاحية قدسيا، أدى إلى مقتل نحو 23 شخصاً، بينهم سبعة مدنيين وإصابة 21 آخرين.

عناصر أمن يتفقدون الأضرار في حي المزة بعد غارة إسرائيلية الخميس (إ.ب.أ)

وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن سيارات الإطفاء والإسعاف توجهت إلى الموقع الاستهداف آخر المتحلق الجنوبي، الجمعة، وسط أنباء عن وقوع خسائر بشرية، كما تم فرض طوق أمني حول الموقع المستهدف بشكل كامل.

إلى ذلك، كشف سعي دمشق لاحتواء التوترات في مدينة البوكمال، شرق سوريا على الحدود مع العراق، بين العشائر وميليشيا تتبع إيران، عن محاولة تحييد دمشق نفسها عن أي تصعيد ضد الوجود الإيراني في سوريا قد يجرها إلى حرب واسعة، فيما تلعب موسكو دوراً حساساً في «إدارة التوترات»؛ لئلا تنفلت الأمور.

وتفيد المعلومات الواردة من شرق سوريا بالتوصل إلى اتفاق تهدئة بين عشيرة «الحسون» وميليشيات «الفوج 47» التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني عقب اشتباكات امتدت لأسبوع، حيث عُقد اجتماع في المربع الأمني التابع للقوات الحكومية السورية بالبوكمال، حضره زعماء ووجهاء من العشائر في المنطقة، وقادة من الميليشيات المحلية التابعة لإيران ورؤساء الأفرع الأمنية السورية ومسؤولون أمنيون. ويقضي الاتفاق بإبعاد العناصر المسيئة من البوكمال ومحاسبة المتورطين في الأحداث الأخيرة، ومنع أي تصرفات استفزازية تهدد الأمن والسلم الأهلي، وطي صفحة الخلافات. وفق ما ذكرته مصادر محلية وإعلامية متقاطعة.

ضربات إسرائيلية تستهدف جسوراً في منطقة القصير قرب الحدود السورية - اللبنانية (المرصد السوري)

جاء ذلك وسط تواصل التصعيد بين الميليشيات التابعة لإيران، وقوات التحالف الدولي بقيادة أميركا، المتمركزة في دير الزور والحسكة، وأيضاً تزايد الاحتكاكات بين الميليشيات التابعة لإيران و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في دير الزور، وذلك بينما تواصل إسرائيل تكثيف ضرباتها على أهداف إيرانية داخل الأراضي السورية في ريف حمص الغربي وريف دمشق.

مدير «المرصد السوري» رامي عبد الرحمن أشار، اليوم الجمعة، إلى أن القوات الروسية لا تقوم بردع الضربات الإسرائيلية التي ازدادت بشكل كبير، وأن روسيا لم تتحرك حتى دبلوماسياً من أجل إيقاف إسرائيل. وقال عبد الرحمن إن موسكو هي «المسؤولة» عن التفاهم مع إسرائيل لوقف ضرباتها في سوريا، والتعهد بعدم السماح بمرور الـسـلاح عبر الأراضي السورية. مع التأكيد على أن «إسرائيل تبلغ موسكو مسبقاً بالغارات التي تنفذها في سوريا».

اتفاق تهدئة بين عشيرة «الحسون» وميليشيات «الفوج 47» التابعة للحرس الثوري الإيراني في البوكمال (المرصد السوري)

وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن إسرائيل تسعى بمساعدة من القوات الروسية بسوريا لمنع «حزب الله» من تجديد مخزون أسلحته بالتهريب.

مصادر متابعة في دمشق قالت لـ«الشرق الأوسط» إنه يوجد تفاهمات روسية - إسرائيلية، حول الوضع في سوريا، مشيرة إلى أنه ورغم وجود ميليشيات تتبع لإيران و«حزب الله» على الجبهة الجنوبية مع إسرائيل، فإن هذه لا تزال باردة ولا تتعرض للاستهداف الإسرائيلي كالمناطق الأخرى التي توجد فيها الميليشيات الإيرانية، في حمص ودمشق ودير الزور وحتى الساحل، وذلك لأن هناك تفاهماً روسياً - إسرائيلياً على ضبط جبهة الجولان، حيث تنشر القوات الروسية هناك أكثر من 17 نقطة عسكرية على الخط الفاصل بين الأراضي السورية والأراضي المحتلة من قبل إسرائيل. كما يوجد تفاهم حول ضرورة تحييد دمشق عن الانخراط المباشر في نشاط الميليشيات التابعة لإيران و«حزب الله»، وتركز موسكو على «إدارة التوتر»؛ لمنع توسع الحرب و«تحجيم» الوجود الإيراني في سوريا، مع التأكيد على أن هذا الوجود لا يزال قوياً ومتجذراً، و«لا يمكن لدمشق إضعافه».

مقاتلة روسية تقلع في سوريا (أرشيفية - المرصد السوري)

ووجهت إسرائيل سلسلة ضربات متزامنة، الخميس، على أبنية في حي المزة بدمشق وضاحية قدسيا ومنطقة السيدة زينب بريف دمشق، وعلى عدة جسور وحواجز عسكرية في منطقة القصير بريف حمص. وذلك بعد يوم من كشف المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف عن أن روسيا وجهت تحذيراً لتل أبيب بعدما ضرب الجيش الإسرائيلي هدفاً سورياً قرب قاعدة «حميميم» الروسية في اللاذقية، وقال في مقابلة مع «روسيا اليوم»: «موقفنا كان دائماً الرفض الكامل لهذه الأنشطة الإسرائيلية التي تخرج عن أطر القانون الدولي، ويتم على أراضي دولة ذات سيادة». وأنه وعبر القنوات ذات الصلة، منها وزارتا الخارجية والدفاع، نتحدث عن ذلك بشكل مستمر، و«نحذر الجيش الإسرائيلي من أن هذه الأنشطة يمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة للغاية».


مقالات ذات صلة

مصادر تؤكد مقتل قياديين من «الجهاد» بالغارة على قدسيا

المشرق العربي سوريون يعاينون الأضرار التي خلفتها الغارة الإسرائيلية على حي المزة بدمشق الخميس (أ.ف.ب)

مصادر تؤكد مقتل قياديين من «الجهاد» بالغارة على قدسيا

أصدرت حركة «الجهاد الإسلامي» بياناً أكدت فيه مقتل «ثلة من أبناء الحركة في العدوان الآثم الذي استهدف العاصمة السورية دمشق».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)

العملية العسكرية التركية في شمال سوريا تواجه رفضاً روسياً وغموضاً أميركياً

تصاعدت التصريحات التركية في الفترة الأخيرة حول إمكانية شن عملية عسكرية جديدة تستهدف مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عناصر من قوى الأمن السورية ومدنيون يتفقدون مكاناً تعرّض لقصف جوي بحي المزة في دمشق أمس (إ.ب.أ)

هجوم إسرائيلي يستهدف منطقة المزة بدمشق

أفادت «الوكالة العربية السورية» للأنباء (سانا) بأن هجوماً إسرائيلياً استهدف منطقة المزة بدمشق، اليوم (الجمعة).

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي سحابة دخان تظهر بالقرب من القصير غرب سوريا (سانا)

القصير... «دويلة» «حزب الله» السورية تحت النار الإسرائيلية

عمّقت إسرائيل غاراتها إلى الريف الغربي لمحافظة حمص، وتركّزت في الأيام الأخيرة على مدينة القصير وجوارها، التي تبعد نحو 20 كيلومتراً على الحدود اللبنانية.

يوسف دياب
شؤون إقليمية المبعوث الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف (إعلام تركي)

روسيا تتهم تركيا بالتصرف كـ«دولة احتلال» في سوريا

رأى المبعوث الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، أنه «يصعب» على دمشق الدخول في حوار مع أنقرة «من دون ضمانات بشأن انسحاب قواتها»، مضيفاً أن الأتراك.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

مسعفة تبحث عن والدها بين الأنقاض بعد غارة إسرائيلية على شرق لبنان

أحد عمال البلدية ينتشل العلم اللبناني من بين الأنقاض في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
أحد عمال البلدية ينتشل العلم اللبناني من بين الأنقاض في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
TT

مسعفة تبحث عن والدها بين الأنقاض بعد غارة إسرائيلية على شرق لبنان

أحد عمال البلدية ينتشل العلم اللبناني من بين الأنقاض في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
أحد عمال البلدية ينتشل العلم اللبناني من بين الأنقاض في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

على خطى والدها علي، انضمت سوزان كركبا إلى صفوف الدفاع المدني في لبنان، لكنها لم تكن لتصدّق أنّها ستُضطر يوماً إلى البحث عن جثته بين أنقاض مركز لجهاز الإسعاف المذكور، استهدفته غارة إسرائيلية، مساء الخميس.

تقول سوزان، بصوت مرتجف بينما تملأ الدموع عينيها: «والدي كان ينام في المركز؛ كي يخرجوا ويلبّوا النداء للناس، كي يلملموا الأشلاء وينقلوها إلى عائلاتها لتُدفن».

منذ شهرين، يشهد لبنان حرباً مفتوحة بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي الذي يشنّ غارات كثيفة يومياً على معاقل الحزب المدعوم من إيران. وتضيف سوزان كركبا، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «تعرّفت إلى أبي من أصابع يديه، هكذا تعرّفت إلى والدي».

لا تزال سوزان كركبا لا تفهم سبب استهداف بلدة دورس، حيث يقع المقر الرئيسي للدفاع المدني اللبناني، وهو مؤسسة حكومية مسؤولة عن عمليات الإسعاف في شرق لبنان.

حولها في الموقع، الذي أحاطت به عناصر في الجيش اللبناني، يعمل عشرات الأشخاص من سكان ومسعفين على البحث عن ضحايا بين الأنقاض. ووسط الكتل الخرسانية وقضبان الحديد، تظهر شاحنة حمراء مدمّرة تابعة للدفاع المدني، بينما تحاول حفّارتان يقودهما مسعفان إزالة الأنقاض.

أبعد قليلاً، يبحث رجلان في محتويات حقيبة على أمل التعرّف على أحد الضحايا، ويقوم مسعفون آخرون بنقل جثة بعدما لفت بغطاء. تقول سوزان: «الآن جاء دوري لألملم أشلاء والدي وأدفنه»، مضيفة: «لا أدري على من سأحزن، على رئيس المركز أو على والدي أو على رفاقي الذين قضيت أعواماً معهم».

«أصبحنا مستهدفين»

أسفرت الغارة على مركز دورس عن مقتل 14 مسعفاً، حسبما أفاد المسؤول المحلي في الدفاع المدني، سمير الشقية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مضيفاً أنّ أعمال البحث تتواصل للعثور على اثنين من زملائهم على الأقل.

في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، فتح «حزب الله» جبهة عبر الحدود إسناداً لحركة «حماس» في قطاع غزة، بعدما بدأ الجيش الإسرائيلي عمليات عسكرية في القطاع، في أعقاب هجوم غير مسبوق نفّذته الحركة الفلسطينية على الدولة العبرية.

وبعد عام، كثفت الدولة العبرية بدءاً من 23 سبتمبر (أيلول) غاراتها على معاقل الحزب في جنوب لبنان وشرقه وضاحية بيروت الجنوبية. وأعلنت في 30 منه بدء عمليات برية «محدودة».

وقتل أكثر من 150 مسعفاً، بينهم مَن يعمل مع الهيئة الصحية التابعة لـ«حزب الله»، وفق أرقام صادرة عن وزارة الصحة اللبنانية. والخميس، قُتل أكثر من 40 شخصاً في غارات إسرائيلية استهدفت شرق لبنان وجنوبه، وفق المصدر ذاته.

واستهدفت غارات «مركزين» لمسعفين تابعين لـ«حزب الله» في ساعتين، وفقاً لبيان صادر عن وزارة الصحة.

ويحاول محمود عيسى في دورس البحث بين الأنقاض عن جثث رفاقه. ويقول: «لا تزال هناك أشلاء لم نتمكّن من العثور عليها»، مضيفاً: «كنا أول من يقوم بعمليات الإسعاف وإطفاء الحرائق وإنقاذ الناس، الآن أصبحنا مستهدفين».