القصير... «دويلة» «حزب الله» السورية تحت النار الإسرائيلية

مركز تجميع الصواريخ والمسيّرات... ومصنع منصات «الكاتيوشا»

سحابة دخان تظهر بالقرب من القصير غرب سوريا (سانا)
سحابة دخان تظهر بالقرب من القصير غرب سوريا (سانا)
TT

القصير... «دويلة» «حزب الله» السورية تحت النار الإسرائيلية

سحابة دخان تظهر بالقرب من القصير غرب سوريا (سانا)
سحابة دخان تظهر بالقرب من القصير غرب سوريا (سانا)

لم تكتفِ إسرائيل بقصف المعابر الشرعية وغير الشرعية بين لبنان وسوريا، بل عمّقت غاراتها إلى الريف الغربي لمحافظة حمص، وتركّزت في الأيام الأخيرة على مدينة القصير وجوارها التي تبعد نحو 20 كيلومتراً على الحدود اللبنانية، ودمّرت عدداً من الجسور، بينها جسر نهر العاصي الرئيسي الذي يعدّ ممراً إلزامياً بين المدينة وعدد من البلدات الواقعة في ريفيها الغربي والجنوبي، وكذلك الطرق الرئيسية والفرعية والحواجز العسكرية التابعة للنظام السوري. وأعلن الجيش الإسرائيلي أن الغارات الأخيرة «استهدفت طرقات تربط الجانب السوري من الحدود بلبنان، التي تُستخدَم لتهريب الأسلحة إلى (حزب الله)».

تحوّلت القصير وريفها في الأسابيع الأخير أهدافاً للغارات الإسرائيلية، خصوصاً أنها تعدّ موقعاً استراتيجياً لـ«حزب الله»، الذي خاض أوّل معاركه في سوريا على مدى شهرين متواصلين في مواجهة ما كان يعرف بـ«الجيش السوري الحر» حتى السيطرة عليها خلال منتصف شهر يونيو (حزيران) من عام 2013 بعد تدميرها شبه الكامل وإفراغها من سكانها الذين نزحوا إلى لبنان. وأوضح مصدر في المعارضة السورية أن الحزب «حوّل مدينة القصير وريفها إلى (دويلة) تابعة له، باتت بمثابة حديقة خلفية له ومركز ثقل لقواه العسكرية، ولا تزال له اليد العليا فيها رغم وجود قوات النظام». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن القصير «تشكِّل موقعاً حساساً للحزب؛ بسبب قربها من الحدود اللبنانية وتعدّ عمقه الاستراتيجي مع المناطق الحدودية اللبنانية، لا سيما في بلدتَي الهرمل والقصر، وصولاً إلى بعلبك في البقاع اللبناني».

ورغم عودة عدد من أهالي القصير والبلدات الواقعة في ريفها، واستثمار أراضيهم في الزراعة مجدداً، فإن المصدر أشار إلى أن «العودة متاحة فقط للموالين للنظام السوري، والذين يرضى عنهم الحزب الذي حوّل المنطقة إلى ما تشبه الثكنة العسكرية، ومقرات أمنية ومراكز تدريب له ولميليشيات شيعية موالية لإيران، وتتلقى تدريباتها على يد مقاتلي الحزب»، لافتاً إلى أنه «بعد اندلاع المواجهة مع إسرائيل، نقل (حزب الله) الثقل الأكبر لمقاتليه من هذه المنطقة إلى لبنان، وكذلك كميات كبيرة من مخازن الأسلحة الموجودة في المنطقة».

وكان «حزب الله» نظّم في عام 2016 عرضاً عسكرياً كبيراً في مطار الضبعة في القصير، «كان بمثابة رسالة إلى أبناء المنطقة ذات الغالبية السنيّة، والذين تهجَّروا قسراً، بأن العودة إليها مستحيلة»، كما قال المصدر، الذي لفت إلى أن القصير «ورغم تنامي وجود قوات النظام فإن الحزب لا يزال صاحب النفوذ الأوسع فيها، وحتى الذين عادوا من أبناء البلدات حصلوا على موافقة مسبقة من الحزب، الذي احتفظ بالمعلومات الكافية عنهم، ووضعهم تحت رقابته».

صورة التُقطت من الجانب السوري للحدود مع لبنان تُظهر آثار غارة إسرائيلية على معبر جوسية الحدودي مع القصير بمحافظة حمص في 25 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

وكثَّفت إسرائيل في الأسابيع الأخيرة غاراتها على المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا، إذ أقفلت معبرَي المصنع وجديدة يابوس في البقاع، ومعظم المعابر غير الشرعية سواء التي يستخدمها مقاتلو «حزب الله» في انتقالهم ما بين البلدين، أو لتهريب السلاح، أو تهريب السلع والبضائع.

وتكتسب القصير التي باتت مركز نفوذ للحزب أهميّة قصوى لا يمكن التفريط فيها بأي حال من الأحوال، وعدّ الخبير العسكري اللبناني العميد سعيد القزح أنها «تشكِّل بقعة لوجيستية أساسيّة له، خصوصاً أنها المركز الرئيسي لتجميع الصواريخ والمسيّرات التي تصل من إيران، كما أنها تحوي مصنعاً للمنصات التي تطلق بواسطتها صواريخ (الكاتيوشا) و(الغراد)». ورأى القزح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن القصير «تعدّ موقعاً استراتيجياً للحزب، بالنظر لقربها الجغرافي من مدينة الهرمل، وعلى المدخل الشرقي الشمالي لمنطقة البقاع التي تعدّ حاضنةً أساسيةً له وممراً للسلاح والمقاتلين إلى الجبهة الجنوبية». ولاحظ العميد قزح أن «الغارات الإسرائيلية على القصير والمناطق السورية المتاخمة للحدود اللبنانية لا تقتصر على تدمير الجسور والطرق الرئيسية والفرعية، بل تستهدف أيضاً الشاحنات المتجهة نحو الحدود اللبنانية»، لافتاً إلى أن «الطيران الإسرائيلي باتت لديه رقابة مشددة حتى في العمق السوري، لا على الحدود فحسب».


مقالات ذات صلة

لاريجاني في بيروت نافياً التخلي عن «حزب الله»

المشرق العربي كبير مستشاري خامنئي علي لاريجاني مع رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري (إعلام البرلمان)

لاريجاني في بيروت نافياً التخلي عن «حزب الله»

طالبت الحكومة اللبنانية، إيران، بدعم موقف الدولة اللبنانية لجهة تطبيق القرار 1701.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي المفتي دريان يستقبل السفير بخاري في دار الفتوى (المركزية)

بخاري يؤكد حرص السعودية على أمن لبنان ووقف الحرب

أكد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، حرص المملكة على أمن لبنان واستقراره ووقف العدوان الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص بري خلال لقائه السفيرة الأميركية الخميس (مجلس النواب)

خاص بري لـ«الشرق الأوسط»: الورقة الأميركية لا تتضمن حرية حركة لإسرائيل... ولا قوات «أطلسية»

بري تعليقاً على استهداف مسقط رأسه ومناطق نفوذه: ضغط نتنياهو «ما بيمشيش معنا».

ثائر عباس (بيروت)
أوروبا صورة مدمجة تظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشار الألماني أولاف شولتس (أ.ف.ب)

استمرّت ساعة... مكالمة هاتفية أولى بين شولتس وبوتين منذ سنتين

أجرى المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الروسي فلاديمير بوتين محادثات هاتفية (الجمعة) هي الأولى بينهما منذ سنتين، في حين حذّر زيلينسكي شولتس من الاتصال.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)

العملية العسكرية التركية في شمال سوريا تواجه رفضاً روسياً وغموضاً أميركياً

تصاعدت التصريحات التركية في الفترة الأخيرة حول إمكانية شن عملية عسكرية جديدة تستهدف مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

لاريجاني في بيروت نافياً التخلي عن «حزب الله»

كبير مستشاري خامنئي علي لاريجاني مع رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري (إعلام البرلمان)
كبير مستشاري خامنئي علي لاريجاني مع رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري (إعلام البرلمان)
TT

لاريجاني في بيروت نافياً التخلي عن «حزب الله»

كبير مستشاري خامنئي علي لاريجاني مع رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري (إعلام البرلمان)
كبير مستشاري خامنئي علي لاريجاني مع رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري (إعلام البرلمان)

أكد مستشار مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، علي لاريجاني، أن إيران لم تتخل عن «حزب الله»، مبدياً موافقتها ودعمها لأي قرار تتخذه الحكومة اللبنانية والحزب بخصوص الحرب الدائرة في لبنان، فيما حرص رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي مجدداً على توجيه رسائل علنية لإيران يطالبها فيها بـ«عدم اتخاذ مواقف تولّد حساسيات لدى أي فريق من اللبنانيين وتكون لصالح فريق على حساب الآخر».

ووصل علي لاريجاني، كبير مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي، إلى بيروت، صباح الجمعة، حيث التقى رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، ورئيس البرلمان نبيه بري. وخلال الاجتماع، أكد ميقاتي أن «المطلوب دعم موقف الدولة اللبنانية لجهة تطبيق القرار الدولي الرقم 1701، ودعم الوحدة الوطنية، وعدم اتخاذ مواقف تولّد حساسيات لدى أي فريق من اللبنانيين وتكون لصالح فريق على حساب الآخر»، حسبما أفادت رئاسة الحكومة اللبنانية.

وشدد ميقاتي على أن «الحكومة اللبنانية تعطي الأولوية لوقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، والتوصل إلى وقف إطلاق النار وتنفيذ القرار 1701 بحذافيره، من دون أي تعديلات أو تفسيرات مغايرة لمضمون القرار ومندرجاته». وشدد على أن «الاتصالات مستمرة في هذا الإطار بهدف الوصول إلى تفاهم».

وأكد لاريجاني أن «إيران تدعم أي قرار تتخذه الحكومة، لا سيما القرار 1701، كما تدعم انتخاب أي رئيس يتوافق عليه اللبنانيون».

لاريجاني يلتقي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (رئاسة الحكومة)

لقاء بري

وعرض لاريجاني مع بري لتطورات الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والمستجدات السياسية والميدانية «على ضوء مواصلة إسرائيل عدوانها على لبنان وملف النازحين».

وبعد اللقاء، تحدث لاريجاني قائلاً إن طهران «ستقف إلى جانب الجمهورية اللبنانية حكومةً وشعباً وفي كافة الظروف، خصوصاً في ظل الظروف الحالية التي يعيش خلالها الشعب الفلسطيني واللبناني حياة صعبة بسبب ما تقوم إسرائيل من اعتداءات والجرائم ضدهما».

وأضاف: «نحن نعدُّ هذا الوقوف واجباً لنا في إطار دعم الشعب والحكومة اللبنانية، ونتمنى وفي أسرع وقت ممكن أن تتحسن ظروفكم وظروف بلادكم، حيث يتمكن بعد تسوية هذه الظروف الصعبة الشعب اللبناني العظيم والذين هجروا من منازلهم وأماكنهم من الجنوب بعد تحسن هذه الظروف أن يتمكنوا من العودة إلى منازلهم ومناطقهم».

وأشار إلى أن «الهدف الأساس والرئيس لزيارتنا هذه أن نقول بملء فمنا إننا سنقف إلى جانب جمهورية لبنان حكومةً وشعباً، وفي كافة الظروف، وكانت لدينا خلال هذه الزيارة مشاورات وتبادل لوجهات النظر في مختلف المواضيع، وأتمنى حلحلة كل هذه المشكلات والمصاعب التي يعيشها لبنان وحكومة لبنان بأسرع وقت ممكن».

ورداً على سؤال حول دعم إيران تنفيذ القرار 1701، قال لاريجاني إن «أي قرار تتخذه المقاومة اللبنانية (في إشارة إلى حزب الله) وأي قرار تتخذه الحكومة اللبنانية نحن نوافق عليه وندعمه».

لاريجاني خلال مؤتمر صحافي في مقر رئاسة مجلس النواب (إعلام البرلمان)

ونفى لاريجاني سعي بلاده لـ«نسف» الوثيقة الأميركية التي تحمل مبادرة للحل، قائلاً: «نحن نريد حل المشكلة، وفي كل الظروف نحن نقف إلى جانب لبنان»، مضيفاً: «من ينسف الأوضاع هو (رئيس الوزراء الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو وأنصاره وأعوانه، فعليكم التمييز بين أصدقائكم وأعدائكم».

ونقل لاريجاني رسالة إلى بري، لم يوضح تفاصيلها، وفي رده على سؤال عما إذا كانت إيران «تخلت عن المقاومة»، قال لاريجاني: «أعتقد أنكم تأخذون هكذا ممازحات على محمل الجد»، وسأل: «من الذي يروج لهذا الكلام؟».

وقال لاريجاني إن «(حزب الله) هو تيار صلب ورشيد»، مضيفاً أن «الشعب اللبناني هو شعب عظيم، و(حزب الله) بأنفسهم يعرفون كيف يتصرفون. نحن مثلما قلنا سندعم المقاومة في ظل كافة الظروف وهم يعلمون كيف يتصرفون».

وعصراً، عقد لاريجاني لقاءً في سفارة بلاده في بيروت مع ممثلين لكتل برلمانية وشخصيات حزبية لبنانية. وقد تخلف «الحزب التقدمي الاشتراكي» عن المشاركة في اللقاء. ووجه النائب السابق وليد جنبلاط رسالة اعتذار عن الدعوة التي وجهتها إليه السفارة الإيرانية.