انضم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى وزرائه المنادين بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية العام المقبل، بعد تولي الرئيس الأميركي دونالد ترمب منصبه.
وقال نتنياهو في محادثات مغلقة جرت في الأيام الأخيرة، بحسب هيئة البث الرسمية «كان»، إنه عندما يتولى ترمب إدارة البيت الأبيض ينبغي «إعادة مسألة فرض السيادة الإسرائيلية على يهودا والسامرة (الضفة الغربية) إلى جدول الأعمال».
وينضم نتنياهو بذلك إلى أصوات أخرى في ائتلافه الحكومي تخطط فعلاً لإعلان السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية العام المقبل.
وكان رئيس حزب الصهيونية الدينية وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، وهو أيضاً مسؤول الإدارة المدنية في وزارة الدفاع، اعتبر يوم الاثنين أن «انتصار ترمب سيجلب معه فرصة مهمة لدولة إسرائيل من أجل فرض السيادة».
وقال سموتريتش: «لقد كنا على مسافة خطوة من فرض السيادة على المستوطنات في يهودا والسامرة (خلال ولاية ترمب السابقة)، والآن حان الوقت لتنفيذ ذلك». وأضاف: «العام 2025 سيكون عام السيادة في يهودا والسامرة. آمل أن توسع إسرائيل سيادتها لتشمل الضفة الغربية في هذا العام، وقد أصدرت تعليمات لمديرية الاستيطان في وزارة الدفاع وللإدارة المدنية ببدء عمل جماعي مهني وشامل من أجل إعداد البنية التحتية المطلوبة لفرض السيادة».
وقبل سموتريتش، رحّب وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير بفوز ترمب بقوله «هذا هو وقت السيادة».
وشجع فوز ترمب اليمين الإسرائيلي على المجاهرة برغبتهم في ضم مستوطنات الضفة وتوسيعها كذلك.
وقال يسرائيل غانتس، رئيس منظمة «مجلس يشع» (مجلس يمثل المستوطنات في الضفة وغزة) إن ضم الضفة هو الذي سيجلب الاستقرار، فيما قال رئيس بلدية مستوطنة «بيت إيل» شاي ألون إن الوقت حان «للبناء على نطاق واسع وكثيف».
وخطة فرض السيادة على منطقة الأغوار ومستوطنات الضفة الغربية هي خطة قديمة، وسعى إليها نتنياهو عام 2020، منتظراً «موافقة إدارة ترمب».
خطة جاهزة
وقالت «كان» إن العمل على الضم أعدّ عملياً وهو جاهز للتنفيذ. وأضافت: «في عام 2020، وفي إطار صفقة القرن التي وضعها الرئيس ترمب، وضع فريق الوزير ياريف ليفين (فريق القرن)، بالتعاون مع كبار المسؤولين الأميركيين، أنظمة وأوامر وصاغ قراراً حكومياً حول هذا المخطط وقام بإعداد الخرائط والتعليمات واللوائح وحتى صياغة القرار الحكومي النهائي».
وتابعت «كان»: «شمل ذلك أيضاً طرق الوصول إلى المستوطنات، والخطة التي تنص على أن كل مستوطنة سيكون لها أيضاً منطقة توسع محتملة».
وتستهدف الخطة الإسرائيلية فرض السيادة على مناطق واسعة في الضفة وليس كل الضفة، ويشمل ذلك منطقة الأغوار الحدودية، وجميع مستوطنات الضفة في المنطقة «ج».
وتشكل المنطقة «ج» ثلثي مساحة الضفة الغربية، بما في ذلك منطقة الأغوار التي تضم العديد من المستوطنات وتبلغ مساحتها 28 في المائة من مساحة الضفة.
ويوجد في الضفة بشكل عام نحو 144 مستوطنة رسمية وأكثر من 100 بؤرة استيطانية، تجثم على نحو 42 في المائة من مساحة الضفة الغربية (المستوطنات ومناطق نفوذها)، ويعيش فيها نحو 600 ألف مستوطن.
وتريد إسرائيل فرض السيادة على كل المستوطنات، لكنها مستعدة لاختبار ذلك على المستوطنات الكبيرة أولاً التي كانت تشترط طيلة وقت المفاوضات أن تنضم إلى الحدود الإسرائيلية ضمن أي اتفاق سلام مع الفلسطينيين، وأهمها «كريات أربع» في الخليل (جنوب)، و«غوش عتصيون» القريبة من بيت لحم (جنوب)، و«معاليه أدوميم» القريبة من القدس ورام الله (وسط)، و«أرئيل» القريبة من نابلس (شمال).
وكانت السلطة مستعدة في وقت سابق لبحث مسألة تبادل أراضٍ بالقيمة والمثل لكن بحدود 2 في المائة من مساحة الضفة، وليس ما يصل إلى ثلثي مساحتها.
رفض فلسطيني ودولي وتحذيرات
وتقول السلطة إن المخطط الإسرائيلي الآن يعني تكريس الاحتلال وإفشال حل الدولتين وتدمير السلام. واعتبرت الرئاسة الفلسطينية أن «أوهام دولة الاحتلال ستقود المنطقة إلى الانفجار الشامل».
كما رفض الاتحاد الأوروبي الخطة الإسرائيلية. وقال منسق شؤون الخارجية لدى الاتحاد، جوزيب بوريل، في منشور له على منصة «إكس» إن تفوّهات من هذا القبيل هي خطوة واضحة لضم غير قانوني للضفة الغربية وتقوض أسس الشرعية الدولية وتنتهك حقوق الفلسطينيين وتهدد تطبيق حل الدولتين.
وقال سفير ألمانيا لدى إسرائيل شتيفين زايبيرت إن فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة معناه الضم، محذّراً من أن خطوة كهذه تهدد الاستقرار في المنطقة.
وصدرت إدانات مماثلة عن كثير من الدول العربية.
إسرائيل هيأت الأرض لكن هل يتحقق الحلم
يراهن الائتلاف الحاكم في إسرائيل على مسألتين: الأولى أن ترمب الداعم الكبير لإسرائيل سيتسلم منصبه بداية العام المقبل، والثاني أن الالتزام الذي قدمته الولايات المتحدة بمنع خطوة الضم الإسرائيلية ينتهي في نهاية عام 2024. ويبدو من خطوات أخذتها إسرائيل أن ثمة قناعة في تل أبيب بأن خطوة الضم ستتخذ فعلاً.
وكان سموتريتش نفسه الذي أصدر أوامره من أجل الاستعداد لهذه الخطوة أكد قبل شهرين فقط أن مهمة حياته هي إحباط قيام دولة فلسطينية، وبناء أرض إسرائيل، متعهداً أن يتمتع أكثر من نصف مليون مستوطن يعيشون في الضفة بحقوق كل مواطن في إسرائيل.
وأحدث سموتريتش منذ تعيينه قبل نحو عامين ثورة في وضع الفلسطينيين والإسرائيليين في الضفة الغربية، بعدما حوّل صلاحيات الإدارة المدنية التابعة للجيش لمدير مدني، وهو هيليل روط الذي أصبح بمثابة حاكم فعلي للضفة الغربية، وقاد تغييراً حقيقياً نحو واقع لا يمكن العودة عنه على الأرض، عزز قوة المستوطنين وعددهم.
وهناك تسجيل مسرب لسموتريتش فضح خطة حكومية رسمية لفرض السيطرة الإسرائيلية المدنية على الضفة، قال خلاله الوزير المسؤول عن الإدارة المدنية الإسرائيلية إن الحكومة منخرطة في جهود سرية لتغيير الطريقة التي تحكم فيها إسرائيل الضفة.
وتحكم السلطة الفلسطينية اليوم المنطقة «أ» في الضفة الغربية وتشارك الحكم في المنطقة «ب» مع إسرائيل، فيما تسيطر إسرائيل على المنطقة «ج».
وكان يفترض أن يكون هذا الإجراء مؤقتاً عند توقيع اتفاق أوسلو بداية التسعينات، حتى إقامة الدولة الفلسطينية خلال 5 سنوات، لكن تحوّل الوضع إلى دائم.
وفي ذروة الحلم الإسرائيلي، حذر مسؤولان على الأقل في إدارة ترمب السابقة كبار الوزراء الإسرائيليين من افتراض أن الرئيس المنتخب سيدعم ضم إسرائيل للضفة الغربية في ولايته الثانية، بحسب ما ذكرته ثلاثة مصادر مطلعة على المحادثات لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل».
وفي اجتماعاتهم الأخيرة مع عدد من كبار الوزراء الإسرائيليين، لم يستبعد مستشارو ترمب السابقون إمكانية دعم الرئيس المنتخب لهذه الخطوة، لكنهم أكدوا أنه لا ينبغي اعتبارها «نتيجة حتمية».
وقال مسؤول إسرائيلي مطلع على إحدى المحادثات التي أجراها مساعد سابق لترمب مع وزير في الحكومة إن هذه الخطوة المثيرة للجدل ستواجه مقاومة شديدة من حلفاء الولايات المتحدة في الخليج، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
ورغم أن ترمب قدم خطة سلام في عام 2020 تصورت ضم إسرائيل لجميع مستوطناتها، فإن الاقتراح لا يزال يسمح بإقامة دولة فلسطينية في المناطق المتبقية من الضفة الغربية.
ورحب نتنياهو بالمقترح مع بعض التحفظات في ذلك الوقت، في حين عارض سموتريتش والعديد من قادة المستوطنين.
وقال مساعد سابق لترمب لوزير إسرائيلي إن إدارة ترمب الثانية لن تدعم تطبيق السيادة الإسرائيلية على المستوطنات «في فراغ»، تماماً كما لم تفعل ذلك في عام 2020.
وأضاف «إذا حدث ذلك، فسوف يتعين أن يكون جزءاً من عملية» (عملية سلام).
حقائق
المستوطنات الكبيرة
اشترطت إسرائيل ضم المستوطنات الكبيرة ضمن أي اتفاق سلام مع الفلسطينيين، وأهمها «كريات أربع» في الخليل (جنوب)، و«غوش عتصيون» القريبة من بيت لحم (جنوب)، و«معاليه أدوميم» القريبة من القدس ورام الله (وسط)، و«أرئيل» القريبة من نابلس (شمال). السلطة الفلسطينية كانت مستعدة في وقت سابق لبحث مسألة تبادل أراضٍ بالقيمة والمثل لكن بحدود 2 في المائة من مساحة الضفة، وليس ما يصل إلى ثلثي مساحتها.