نعيم قاسم أمام خيارَي «الثمن الباهظ» و«الخذلان»

الأمين العام الجديد لـ«حزب الله» يحمل أهدافاً «قديمة»

أمين عام "حزب الله" نعيم قاسم يتحدث عبر الشاشة (رويترز)
أمين عام "حزب الله" نعيم قاسم يتحدث عبر الشاشة (رويترز)
TT

نعيم قاسم أمام خيارَي «الثمن الباهظ» و«الخذلان»

أمين عام "حزب الله" نعيم قاسم يتحدث عبر الشاشة (رويترز)
أمين عام "حزب الله" نعيم قاسم يتحدث عبر الشاشة (رويترز)

يؤكد «حزب الله» أنه استجمع أنفاسه، واستعاد توازنه، وعاد إلى ساحة المعركة بعد كارثة أجهزة الاتصالات «البيجر» (Pagers) التي أدّت إلى مقتل أو جرح آلاف من عناصره. هذا ما شدّد عليه أخيراً الأمين العام الجديد لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم.

يعود الحزب اليوم إلى ساحة المعركة من حيث أثبت وجوده تاريخيّاً، أي من جنوب لبنان، حيث أغرق إسرائيل في حرب استنزاف، وأرغمها على الانسحاب من الأراضي اللبنانية عام 2000، وهو يذهب الآن إلى معركة الجنوب بعدما خسر العمق الاستراتيجيّ، سواءً كان في بيئته أو في بنيته، أو حتى في قدراته العسكريّة، فالضاحية الجنوبيّة لبيروت أصبحت ركاماً. بعلبك ومحيطها في شرق لبنان لم يعودا كما كانا، قاعدة خلفية للحزب ومفتاح «الممرّ السوري» لوصول الدعم الإيراني، عبر العراق بالطبع، كما أن سوريا نفسها، حيث للحزب قواعد خلفية مهمة، تغيّرت بدورها في ظل الضربات الإسرائيلية المتكررة التي طالت حتى الداخل الإيرانيّ مرّتين في الشهور الماضية.

أعلن الشيخ نعيم قاسم برنامجه في قيادة «حزب الله»، وهو برنامج الأمين العام السابق. في هذا البرنامج لا تزال الأهداف القديمة كما كانت، من «جبهة الإسناد» لغزّة، إلى تحرير الأرض، إلى ضرب المشروعَين الإسرائيلي والأميركيّ في المنطقة. بكلام آخر، لا يزال المشروع كبيراً، لكن وسائله لم تَعُد كما كانت، فغزّة لم تَعُد كما كانت عندما كانت حركة «حماس» في أوج قوّتها، كما أن هناك من يعتقد أن جبهتَي غزة ولبنان لم تعودا مترابطتين كما كانتا عندما أطلق «حزب الله» جبهة الإسناد في أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي.

مناصر لـ«حزب الله» يجول بين ركام ناتج من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية (أ.ب)

لا يعتقد الأمين العام الجديد للحزب أن القرارات الدوليّة وحدها قادرة على تحرير الأرض، لكنه يطرح في المقابل خيار العودة إلى وقف النار، وتطبيق القرارات الدوليّة، وفي طليعتها القرار 1701.

وبذلك يمزج الأمين العام الجديد لـ«حزب الله» بين تأكيد قدرات مقاتليه على التصدي لإسرائيل، وإظهار ليونة سياسية فيما يخص وقف الحرب.

والواقع أن قاسم سيُقارَن دوماً بسلفه الراحل حسن نصر الله، حيث كان نائبَه لأكثر من 3 عقود، والمقارنة هنا لا تشمل فقط المزايا الشخصية لكل من الرجلين، بل تمتد إلى مواقفهما السياسية، فلو غيَّر قاسم الموقف من قضايا كان يتمسّك بها الأمين العام السابق، فإن هناك من سيَعُدّه متخاذلاً، وإن تمسّك بها على الرغم من قدرته على تحقيقها، فإنه قد يكلّف حزبه ومجتمعه أثماناً باهظة.

يقول بعض الخبراء إن «حزب الله» كان قد وصل قبل الحرب على غزةّ إلى نقطة الذروة في صعوده (Overextension) ونمّو قوّته التي تراجعت كثيراً اليوم، بحسب ما تؤكد إسرائيل في إعلاناتها المتكررة عن قتل قادته، وتدمير مخازن أسلحته، وهناك من يعتقد أن «حزب الله» بات اليوم مع الأمين العام الجديد ورقة مساومة بين اللاعبين الكبار، فهل أُعيد «حزب الله» إلى حجمه الطبيعي؟

أثر الحرب

وسواءً عاد الحزب إلى حجمه الطبيعي أم لا، فإن نتيجة الحرب الحالية ستترك آثاراً كبيرة على المجتمع اللبناني، فإن ربح الحزب الحرب فإنه سيبقى بمثابة دولة ضمن دولة، وسيكون مسيطراً عليها ربما أكثر من قبل. أما خسارته الحرب فإنها ستقذف إلى حضن الدولة اللبنانية، المتعددة الأديان والمذاهب، مجتمعاً مقاتلاً ومؤدلَجاً، ولاءُ شريحة منه على الأقل ولاءٌ عابر للحدود.

فكيف ستتعاطى الدولة مع مقاتلي «حزب الله»؟ هل ستشكّل وحدة خاصة منهم؟ وما هي مهمتهم؟ وهل سيؤثرون على ترابُط ولُحمة وحدات الجيش اللبناني؟ أين سينتشرون؟ وهل يعني الانسحاب خلف نهر الليطاني، بحسب القرار الأممي 1701، نزعاً لسلاح الحزب؟ بالطبع لا، فالقرار لا يتضمّن بند نزع السلاح.

في الختام، تمرّ المنطقة حالياً بمرحلة جديدة ومختلفة، الأمر الذي غيّر كل معادلات استعمال القوّة العسكريّة، فهل يملك ما تبقّى من الدولة اللبنانية سلطةَ التفاوض حينما يكون قرار المعركة ليس بيدها؟


مقالات ذات صلة

بعد تعليق حزب «البعث» عمله في سوريا... ما مصير فرعه اللبناني؟

تحليل إخباري صورة ممزقة للرئيس السوري السابق بشار الأسد على أحد الجدران في حماة (أ.ب)

بعد تعليق حزب «البعث» عمله في سوريا... ما مصير فرعه اللبناني؟

ألقى قرار تعليق حزب «البعث» في سوريا عمله السياسي بثقله على فرعه اللبناني، ووضع مصيره أمام المجهول.

يوسف دياب (بيروت)
شؤون إقليمية المنشور الذي نشره الجيش الإسرائيلي ويتضمّن أسماء القرى في جنوب لبنان التي يحظّر عودة السكان إليها حتى إشعار آخر (الجيش الإسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يجدّد حظره عودة سكان قرى في جنوب لبنان حتى إشعار آخر

قال الجيش الإسرائيلي، في بيان، إنه يعيد تذكير سكان جنوب لبنان، وحتى إشعار آخر إنه يحظر عليهم الانتقال جنوباً إلى خط قرى ومحيطها في الجنوب حدَّدها الجيش في بيان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

أكدت السعودية وبريطانيا ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

طالَبت السعودية، الخميس، بإنهاء إطلاق النار في قطاع غزة، والترحيب بوقفه في لبنان، معبرةً عن إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي جانب من الدمار في قرية الخيام بجنوب لبنان بالقرب من الحدود مع إسرائيل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

مقتل شخص بغارة إسرائيلية على منطقة الخيام في جنوب لبنان

أفادت وزارة الصحة اللبنانية بسقوط قتيل، اليوم الخميس، من جراء غارة إسرائيلية على منطقة الخيام القريبة من الحدود في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

 حكومة سوريا المؤقتة تطالب «مجلس الأمن» بإجبار إسرائيل على الانسحاب من أراضيها

قوات إسرائيلية تتحرك داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا في مرتفعات الجولان (إ.ب.أ)
قوات إسرائيلية تتحرك داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا في مرتفعات الجولان (إ.ب.أ)
TT

 حكومة سوريا المؤقتة تطالب «مجلس الأمن» بإجبار إسرائيل على الانسحاب من أراضيها

قوات إسرائيلية تتحرك داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا في مرتفعات الجولان (إ.ب.أ)
قوات إسرائيلية تتحرك داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا في مرتفعات الجولان (إ.ب.أ)

طالبت الحكومة السورية المؤقتة مجلس الأمن الدولي بالتحرك لإجبار إسرائيل على الوقف الفوري لهجماتها على الأراضي السورية والانسحاب من المناطق التي توغلت فيها في الشمال في انتهاك لاتفاق فض الاشتباك الذي تم التوصل إليه عام .1974

وفي رسالتين متطابقتين إلى المجلس والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ، قال سفير سوريا لدى الأمم المتحدة قصي الضحاك، بحسب وكالة أنباء «أسوشيتد برس» (أ ب)، إنه يتصرف «بناء على تعليمات من حكومته» لتقديم المطالب. ويبدو أن هذه هي الرسالة الأولى الموجهة إلى الأمم المتحدة من الحكومة السورية المؤقتة الجديدة

وتم توجيه الرسالتين بتاريخ 9 ديسمبر (كانون الأول)، بعد إطاحة المعارضة السورية المسلحة بالرئيس بشار الأسد وإنهاء حكم عائلته الذي دام أكثر من 50 عاماً في سوريا.

وكتب السفير الضحاك: «في الوقت الذي تشهد فيه الجمهورية العربية السورية مرحلة جديدة من تاريخها يتطلع فيها شعبها إلى إقامة دولة حرية ومساواة وسيادة القانون وتحقيق آماله في الرخاء والاستقرار، توغل جيش الاحتلال الإسرائيلي في مناطق إضافية من الأراضي السورية في جبل الشيخ ومحافظة القنيطرة».