بعد شهور طويلة من محاولة القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل إخفاء الظاهرة، اعترف الجيش الإسرائيلي بأن نسبة التجاوب مع قرارات استدعاء جنود الاحتياط، هبطت بنسبة من 15 إلى 25 في المائة بالأسابيع الأخيرة. ففي حين بلغت نسبة التجاوب نحو 100 في المائة، مع بدء شن الحرب على غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، هبطت إلى 85 في المائة قبل 6 شهور، وإلى 75 في المائة في الشهرين الأخيرين.
وقال ناطق عسكري إن هذا التراجع غالباً ما يعود إلى التعب، وطول فترة خدمة الاحتياط، خصوصاً في قطاع غزة ولبنان. وقال إن هذه الظاهرة تشمل الجنود والضباط في الوحدات القتالية المختارة أيضاً، ما بات يؤثر على القرارات الاستراتيجية في الجيش وعلى مضمون الخطط العسكرية. وأضاف الناطق أن قيادة الجيش تتعامل مع الظاهرة بشيء من التفهم ولا تعاقب الجنود الذين لا يمتثلون لأوامر التجنيد الملزمة، لكن الأمور تنفلت بسرعة وتحتاج إلى علاج استثنائي. فالخدمة وصلت إلى 200 يوم في السنة لدى كثير من المقاتلين. وهؤلاء لديهم عائلات تحتاج إليهم أو أعمال تحتاج إلى إدارتهم أو دراسة جامعية، ولا يعقل أن يتم الاستخفاف بشكواهم.
ومعروف أن نحو 60 في المائة من الجيش الإسرائيلي من الاحتياط. وفي الحرب على غزة، تم استدعاء أكثر من 300 ألف جندي منهم. وقد حاولت الحكومة إغراءهم بمنح مالية كبيرة تصل إلى عشرات ألوف الدولارات بالمعدل، لكن هذا لم يخفف من تفاقم ظاهرة التهرب، خصوصاً أن وزارة المالية أبلغت الجيش بأنها لا توافق على الاستمرار في دفع المنح بهذا الحجم في السنة المقبلة.
وقد حاول رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، سن قانون يلزم وزارة المالية بزيادة المنح، إلا أن هناك خلافات داخل الائتلاف تتعلق برفض الأحزاب الدينية تجنيد شبابها للجيش، وبسببها لا يتمكن نتنياهو من تمرير القانون.
وعقدت جلسة للجنة البرلمانية الخاصة بتطوير النقب والجليل، الاثنين، للتداول في هذا الوضع. وحضرها ممثل عن ضباط الاحتياط، يونتان كيدور، فقال إن على القيادة السياسية أن تفهم أن هذه مسألة خطيرة وقد تفجر أزمة غير مسبوقة في التاريخ الإسرائيلي. وأضاف: «يجب وقف هذه الحرب. الشعور هو أن الحكومة منسلخة عن الجمهور ولا تشعر بما يؤلمه. اعلموا أن الثقة لدينا بكم مهزوزة وليس بكم فقط، بل أيضاً بقيادة الجيش. بكل من أرسلنا إلى هذه الحرب التي لا نعرف ماذا تريدون منها ومتى تنتهي».
وتكلمت ميخال بركائي برودي، رئيسة جمعية «متمروت»، التي تمثل عائلات جنود الاحتياط، فقالت إن «الإغراءات المالية هي خدعة إسرائيلية تقليدية. فأنتم تقدمون لنا المنح من جهة وتزيدون علينا الضرائب لتمويل الحرب. ما تعطونه لنا في هذا الجيب تسحبونه في الجيب الآخر. فاستيقظوا وافهموا أننا نريد إعادة الجنود والضباط. نحن مستعدون للقتال، ولكن بشرط أن نعرف ما هو الهدف ومتى نتوقف».