إسرائيل تضغط على لبنان بـ«المجازر»

بند «حرية الحركة للجيش» يعوق وقف إطلاق النار

TT

إسرائيل تضغط على لبنان بـ«المجازر»

عناصر الدفاع المدني يحضرون أغطية لنقل طفل قتل في غارة إسرائيلية على منزل يأوي نازحين في علمات بجبل لبنان (د.ب.أ)
عناصر الدفاع المدني يحضرون أغطية لنقل طفل قتل في غارة إسرائيلية على منزل يأوي نازحين في علمات بجبل لبنان (د.ب.أ)

استأنف الجيش الإسرائيلي سياسة الضغوط القصوى على لبنان، باتباع استراتيجية ارتكاب المجازر التي أسفرت عن عشرات الضحايا في جبل لبنان وجنوبه وشرقه، بموازاة المراوحة الميدانية، ومحاولات نقل المعركة إلى الأحياء الخلفية لقرى الحافة الحدودية التي سبق أن فجّر أحياءها المتاخمة للشريط الحدودي.

وقضى 52 شخصاً، بينهم 10 مسعفين، خلال 24 ساعة، في غارات إسرائيلية استهدفت 5 محافظات لبنانية، في واحدة من أعنف الهجمات وأكثرها دموية في يوم واحد، وهو ما يَنظر إليه لبنان على أنه «محاولة للضغط» على مُفاوضِه، في ظل انغلاق المبادرات التي لا تزال عالقة عند شرط واحد، وهو حرية الحركة للجيش الإسرائيلي في لبنان، بعد أي اتفاق لوقف إطلاق النار. ويشمل ذلك حرية القصف في العمق، أو التوغل برياً، وهو ما يرفضه لبنان، وفق ما أكدته مصادر لـ«الشرق الأوسط».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس: «هزمنا (حزب الله)، ومهمتنا الآن تغيير الوضع الأمني في لبنان». ونقلت عنه «القناة 12» قوله: «علينا أن نواصل العمل معاً، ونستثمر النتائج في تغيير الوضع بجبهة لبنان». وأضاف: «إن دورنا الآن يكمن في مواصلة الضغط على (حزب الله)».

عمال إنقاذ يعملون في موقع استهداف إسرائيلي لمبنى في بلدة علمات بجبل لبنان (إ.ب.أ)

مجزرة في جبل لبنان

وبدا أن توسعة رقعة القصف واستهداف المسعفين، من أساليب الضغط، إذ أفادت وسائل إعلام لبنانية بأن الجيش الإسرائيلي ارتكب مجزرة في بلدة علمات في جبل لبنان، ذهب ضحيتها 24 قتيلاً، بينهم 7 أطفال، وفق ما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية.

وقالت إن طواقم الإنقاذ «رفعت أشلاء من المكان، ويجري التدقيق في هوية أصحابها، ما يرجح ارتفاع عدد الشهداء»، وأوضحت أن الهجوم أسفر كذلك عن إصابة 8 آخرين.

وعلمات هي بلدة تقطنها غالبية شيعية في قضاء جبيل ذي الغالبية المسيحية، وتقع على بُعد 30 كيلومتراً من العاصمة بيروت. وفي موقع الغارة، أظهرت صور عناصر إسعاف وهم يبحثون بين أنقاض المنزل المستهدف الذي سُويّ بالأرض، في حين عملت جرافة كبيرة على رفع الركام.

عناصر من الدفاع المدني التابع لـ«جمعية الرسالة» يبحثون عن مصابين تحت أنقاض مبنى استهدفته غارة إسرائيلية بدير قانون النهر جنوب لبنان (أ.ف.ب)

وقالت وسائل إعلام لبنانية إن المنزل كان يستضيف 35 شخصاً نازحاً من بعلبك، تربطهم صلة قرابة بأصحاب المنزل، وغالبيتهم من «الأطفال والنساء». وبيّنت اللقطات المسعفين وهم ينتشلون جثثاً من تحت أنقاض المنزل الواقع في منطقة جبلية نائية ووعرة، وقد لفّت ببطانيات، وحولهم سيارة إسعاف وآلية للدفاع المدني اللبناني، ولم يبقَ من المنزل سوى هيكل حديد لسقفه.

ومن مكان الغارة في علمات، قال النائب رائد برو، ممثل «حزب الله» عن منطقة جبيل: «إن الشخصيات المهمة العسكرية والأمنية عادة تكون بالجبهة، وأهميتها أن تكون بالجبهة وليس أن تكون في الخطوط الخلفية». وأضاف: «لا يوجد تحت الأنقاض إلا الأطفال والشيوخ والنساء».

سيارة متضررة إلى جانب مبنى مدمر في بلدة حدث بعلبك شرق لبنان (أ.ف.ب)

غارات الجنوب والشرق

وفي الجنوب، أعلن «مركز عمليات طوارئ الصحة العامة»، التابع لوزارة الصحة اللبنانية، حصيلة غير نهائية لغارات إسرائيلية استهدفت نقاط تجمع مسعفين، ليل السبت، في دير قانون رأس العين بقضاء صور.

وأدت الغارات إلى سقوط 14 قتيلاً، بينهم 7 مسعفين، وذلك «في تمادٍ إسرائيلي واضح لجريمة الحرب المتمثلة في استهداف فرق الإنقاذ والإسعاف بما يخالف كل القوانين الإنسانية الدولية»، وفق ما قالت وزارة الصحة.

وأفادت أيضاً بمقتل 4 أشخاص، وإصابة 6 مصابين، في غارات ليل السبت على بلدتي مشغرة وسحمر في البقاع.

كما أفيد، الأحد، بمقتل شخص في بعلبك، و3 مسعفين من الدفاع المدني لـ«الهيئة الصحية الإسلامية» جراء غارة استهدفت بلدة عدلون قضاء صيدا بالجنوب، فضلاً عن مقتل شخص في غارة استهدفت بلدة المروانية مساء، و4 آخرين في الهرمل بشرق لبنان.

سكان يتفقدون مواقع القصف الإسرائيلية بضاحية بيروت الجنوبية (أ.ب)

ويتزامن هذا القصف الجوي الموسع، مع مراوحة في العملية البرية، تحاول القوات الإسرائيلية الانتقال فيها من الأحياء الشرقية المواجهة للشريط الحدودي، إلى الأحياء الخلفية ضمن القرى نفسها التي تعرّضت لتدمير واسع في منازلها القريبة من الشريط الحدودي عبر تفخيخها وتفجيرها.

وأعلن «حزب الله» عن استهداف لتجمعات إسرائيلية في بلدة مركبا (الحدودية) وبين مركبا وحولا، كذلك تحدّث عن استهداف تجمع لقوات إسرائيلية في ‏مرتفع كحيل عند الأطراف الشرقيّة لبلدة مارون الراس، وأخرى قرب بوابة حسن، في محيط بلدة شعبا، وتدمير جرافة عسكرية إسرائيلية قرب الجدار الحدودي في بلدة كفركلا، و«قتل وجرح طاقمها».

كما أعلن الحزب عن مواجهات مع قوة إسرائيلية حاولت التسلّل باتّجاه بلدة عيناثا، عند الأطراف الجنوبية الغربية لبلدة عيترون، فضلاً عن استهداف تجمعات أخرى في مواقع عسكرية قرب الحدود اللبنانية، وقصف مستوطنات وبلدات إسرائيلية بالشمال.

وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بإصابة 3 أشخاص جراء سقوط صاروخ في منطقة مفتوحة شرق نهاريا. كما تحدّثت عن إصابة بقذيفة مضادة للمدرعات في المطلة، في حين قال الجيش الإسرائيلي إنه رصد 10 قذائف صاروخية أُطلقت من لبنان صوب الجولان، وجرى اعتراض بعضها وسقط الباقي في مناطق مفتوحة. وقال الحزب إنه استهدف موقع «أفيتال» (مركز استطلاع فني وإلكتروني) في الجولان السوريّ المُحتل، للمرة الأولى، بصلية صاروخية.


مقالات ذات صلة

صحيفة: إسرائيل تعدّ خطّة لوقف النار في لبنان «كهدية» لترمب عند تنصيبه

المشرق العربي دخان كثيف يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد ضربة إسرائيلية (د.ب.أ)

صحيفة: إسرائيل تعدّ خطّة لوقف النار في لبنان «كهدية» لترمب عند تنصيبه

مساعد لنتنياهو أبلغ ترمب وكوشنر أن إسرائيل تسعى للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان كي يحقق ترمب نصراً مبكراً على صعيد السياسة الخارجية لبلاده.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي امرأة حامل (رويترز)

الأمم المتحدة: 14 ألف امرأة حامل متضررة جراء الحرب في لبنان

تضررت نحو 14 ألف امرأة حامل في لبنان جراء الحرب بين إسرائيل وميليشيا «حزب الله»، بحسب تقرير نشره مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي كرات اللهب تتصاعد من جراء غارات إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

«حزب الله» يعلن استهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية بموازاة زيارة كاتس للحدود الشمالية

رفع «حزب الله» وإسرائيل التصعيد العسكري، إلى حدوده القصوى، بإعلان الحزب عن استهداف مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب، بالتزامن مع زيارة كاتس للشمال

نذير رضا (بيروت)
تحليل إخباري رجل يتفقد الدمار اللاحق في مبانٍ استهدفها القصف الإسرائيلي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

تحليل إخباري إسرائيل تعيد تفعيل استراتيجية «عقيدة الضاحية»

أعادت تل أبيب في اليومين الماضيين تفعيل ما يُسمى «عقيدة الضاحية»، وهي استراتيجية عسكرية تعتمد على التدمير الواسع واستخدام القوة المفرطة

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري مرحباً بوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (رئاسة البرلمان)

عبد العاطي من بيروت: لا يمكن القبول بأفكار «تمس بوحدة لبنان» لوقف إطلاق النار

أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، أن «الهدف واحد، وهو وقف العدوان الإسرائيلي الغاشم في أقرب وقت على لبنان».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

غارة إسرائيلية على «جسور وطرق» تربط سوريا بالحدود اللبنانية 

 جانب من الدمار جراء غارة إسرائيلية سابقة على سوريا (أرشيفية - رويترز)
جانب من الدمار جراء غارة إسرائيلية سابقة على سوريا (أرشيفية - رويترز)
TT

غارة إسرائيلية على «جسور وطرق» تربط سوريا بالحدود اللبنانية 

 جانب من الدمار جراء غارة إسرائيلية سابقة على سوريا (أرشيفية - رويترز)
جانب من الدمار جراء غارة إسرائيلية سابقة على سوريا (أرشيفية - رويترز)

استهدفت غارة جوية إسرائيلية، الأربعاء، بلدة القصير في وسط سوريا قرب الحدود مع لبنان، حسبما أفادت وكالة الأنباء السورية (سانا)، وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنها طالت جسورا وحواجز عسكرية وأوقعت 15 إصابة بين قوات النظام.

وقال الجيش الإسرائيلي إن الغارة استهدفت «طرقا تربط الجانب السوري من الحدود بلبنان، وتستخدم لتهريب أسلحة» إلى «حزب الله».

وأشارت «سانا» إلى «عدوان استهدف منطقة القصير بريف حمص»، مضيفة أن وسائط الدفاع الجوي تصدّت «لأهداف معادية في أجواء ريف حمص الغربي».

ونقلت الوكالة عن مصدر عسكري قوله إنّ الجيش الإسرائيلي شنّ غارة «من اتجاه الأراضي اللبنانية مستهدفا جسوراً على نهر العاصي والطرق على الحدود السورية اللبنانية في منطقة القصير بريف حمص».

وأشار المصدر إلى «وقوع أضرار كبيرة في هذه الجسور والطرق وخروجها عن الخدمة».

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان تنفيذ «طائرات عسكرية إسرائيلية غارات على جسور وحواجز» تابعة لقوات النظام السوري.

وأفاد عن إصابة 15 شخصاً من قوات النظام وفصائل موالية، في حصيلة أولية.

وعلى وقع الحرب في لبنان، كثفت إسرائيل في الأسابيع الماضية وتيرة استهدافها لمناطق حدودية تضم معابر بين لبنان وسوريا، ما أسفر خصوصا عن خروج معبرين رئيسيين من الخدمة، هما معبر جديدة يابوس-المصنع، وهو الأبرز بين البلدين، ومعبر جوسيه-القاع. كما استهدفت معابر وطرقا غير قانونية في منطقة القصير، وجسرا في البلدة يصل بين ضفتي نهر العاصي.

وتقول إسرائيل إنها تريد أن تمنع شحنات السلاح من الوصول إلى «حزب الله» في لبنان.

وفرّ أكثر من نصف مليون شخص من لبنان متوجهين إلى سوريا خلال نحو شهرين، منذ بدء جولة التصعيد الإسرائيلية الأخيرة على معاقل «حزب الله» في 23 سبتمبر (أيلول)، وفق ما ذكرت السلطات اللبنانية.

وقتل 3 أشخاص وأصيب 5 آخرون بجروح، الخميس الماضي، جراء الغارات الإسرائيلية على منطقة القصير.

وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن إحدى الغارات استهدفت «مستودع أسلحة ومخزن وقود لـ(حزب الله) في (المدينة الصناعية) بمدينة القصير»، ما أسفر عن مقتل 3 أشخاص، لم يتمكن من تحديد جنسياتهم، إضافة إلى إصابة 5 مدنيين سوريين بجروح. من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي إن الغارة استهدفت مستودعات ذخيرة ومقار يستخدمها «حزب الله» في سوريا.