اليمين الإسرائيلي يريد ترمب... ونصائح لنتنياهو بعدم التفاؤل

42% من ناخبي الأحزاب الليبرالية واليسارية يفضلون فوز هاريس

شعارات مؤيدة لدونالد ترمب في تل أبيب (أ.ب)
شعارات مؤيدة لدونالد ترمب في تل أبيب (أ.ب)
TT

اليمين الإسرائيلي يريد ترمب... ونصائح لنتنياهو بعدم التفاؤل

شعارات مؤيدة لدونالد ترمب في تل أبيب (أ.ب)
شعارات مؤيدة لدونالد ترمب في تل أبيب (أ.ب)

في الوقت الذي تشير فيه استطلاعات رأي في الولايات المتحدة إلى أن شريحة كبيرة من اليهود هناك تؤيد فوز كامالا هاريس بالرئاسة الأميركية، تشير آخر الاستطلاعات في إسرائيل إلى أن 72 في المائة من اليهود في الدولة العبرية يؤيدون فوز دونالد ترمب في مقابل 13 في المائة فقط دعماً لهاريس.

لكن وسائل الإعلام الإسرائيلية تميل بغالبيتها إلى التحذير من ترمب وتنصح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بألا يتفاءل كثيراً بالمرشح الجمهوري «فهو لا يحبك بشكل خاص، ويُعد إنساناً متقلباً، وقد يفاجئك وينقلب عليك».

ويبرز الانحياز إلى ترمب بشكل خاص في اليمين الإسرائيلي. وقد خرجت صحيفة «يديعوت أحرونوت» برسم كاريكاتوري يظهر نتنياهو يلعب في كازينو ويقامر بكل ما يملك من مال على فوز ترمب.

وحسب نتائج الاستطلاع الذي نشره «المعهد الإسرائيلي للديمقراطية»، فإن 66 في المائة من الإسرائيليين (72 في المائة بين اليهود و27 في المائة بين العرب) يرون أن فوز ترمب سيكون أفضل للمصالح الإسرائيلية.

ويتبين من تحليل نتائج الاستطلاع أن 42 في المائة من ناخبي الأحزاب الليبرالية واليسارية يفضلون فوز هاريس مقابل 29 في المائة يفضلون فوز ترمب. ويفضّل 52 في المائة من ناخبي أحزاب الوسط فوز ترمب، مقابل 14 في المائة يفضلون فوز هاريس، فيما يفضل 90 في المائة من ناخبي أحزاب اليمين فوز ترمب، مقابل 3 في المائة فقط الذين يفضلون فوز هاريس.

أما المواطنون العرب في إسرائيل فقال 46 في المائة منهم إنهم لا يرون فارقاً بين ترمب وهاريس، لكن 27 في المائة يفضلون فوز ترمب، و22.5 في المائة يفضلون فوز هاريس.

شارة طريق تدل على مدخل مستوطنة «مرتفعات ترمب» التي أُطلق اسم الرئيس الأميركي السابق عليها بعد اعترافه بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية (رويترز)

وأظهر الاستطلاع أن التأييد لهاريس كمرشحة مفضلة للمصالح الإسرائيلية منخفض ومتشابه بين النساء والرجال في إسرائيل، لكن الرجال يفضلون أكثر من النساء أن يفوز ترمب.

وقد خرجت الصحافة العبرية، الثلاثاء، بتقارير ومقالات تتعاطى مع الانتخابات الأميركية، كما يتعاطى معها الأميركيون، باعتبارها عنصراً مؤثراً بشكل مباشر على إسرائيل.

وبدا أن غالبية المحللين والخبراء يتخذون مواقف مخالفة لنتائج الاستطلاعات الإسرائيلية. فقد نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً افتتاحياً بعنوان «خطر ترمب»، قالت فيه إن «نحو 160 مليون أميركي سيقررون اليوم مَن سيكون الرئيس الأميركي التالي. والانتخاب سيقرر المسار الذي تسير فيه الولايات المتحدة في السنوات الأربع التالية، وستكون لذلك تداعيات هائلة أيضاً على الشرق الأوسط الذي يعيش الحرب. فهزيمة ترمب حرجة من ناحية إسرائيل، لأنه يؤيد الانعزالية (...) وإذا فاز سيضعف أنماط السلوك والمؤسسات الدولية الحيوية لحماية إسرائيل. كما أن اعتراضه على أنماط السلوك الديمقراطية وسلطة القانون سيوفر ريح إسناد للجهود المتواصلة من جانب حكومة بنيامين نتنياهو للدفع قدماً بالانقلاب القضائي وضم الضفة الغربية، وفرض احتلال طويل في غزة، وربما أيضاً في لبنان».

وقالت: «استخدام تعبير (فلسطيني) كتشهير في حملته، والإعلانات الغريبة التي تقول إن المذبحة في 7 أكتوبر (العام الماضي) ما كانت لتقع في ولايته، والملاحظات المتضاربة التي أطلقها على مسمع من جماهير مختلفة، كلها جزء من السياسة الحقيقية لترمب بالنسبة لإسرائيل وللفلسطينيين وللحرب في غزة وفي لبنان، والتي هي (سياسة) متقلبة وغامضة تماماً. وعلى الإسرائيليين أن يستمعوا للأغلبية الساحقة من يهود الولايات المتحدة، إن لم يكن انطلاقاً من التضامن فعلى الأقل انطلاقاً من المصلحة. فالادعاء بأن ولاية ثانية لترمب ستشكل مصدراً لإنجازات جغرافية سياسية لإسرائيل - وليست تهديداً على أمنها وعلى أساساتها الديمقراطية، التي باتت محدودة على أي حال – هو فكرة لا أساس لها من الصحة على الإطلاق، إن لم تكن وهماً خطيراً».

لافتة تدعم ترمب في الانتخابات الأميركية بتل أبيب يوم الاثنين (إ.ب.أ)

أما صحيفة «يديعوت أحرونوت» فكتبت أيضاً مقالاً افتتاحياً بعنوان «كلاهما إشكالي». وقال ناحوم برنياع، كاتب المقال، إن «المرشحين إشكاليان لنا، هي لأسبابها، هو لأسبابه. فإذا فازت كامالا هاريس فإنها ستحتاج حاجة ماسة لدعم الكتلة الديمقراطية في مجلسي النواب. الديمقراطيون منقسمون في قضيتنا: الجناح اليساري نقدي وفي أقصاه معادٍ تماماً. العداء من شأنه أن يتدهور إلى ضرر ذي مغزى إذا ما بقيت (في السلطة) حكومة يمين برئاسة نتنياهو في إسرائيل. للخير وللشر، نتنياهو هو أيقونة في السياسة الأميركية. في اليسار يُذكر على نفس واحد، في ضغينة واحدة، مع ترمب. وإذا انتخب ترمب، فسنعود لتلقي غرائزه الانعزالية. مشكوك أن نرى مرة أخرى طائرات أميركية في السماء، ومنظومات مضادة للصواريخ على الأرض، وحاملات طائرات في البحر، وكلها كي تحمينا، في أثناء ولايته. مشكوك أن يقر اتفاقات المساعدات التي أقرها بايدن. إسرائيل تواقة لمحور عالمي بقيادة أميركية تكون قوية، مستقرة، ملتزمة ومصممة في اعتراضها على محور الشر. مشكوك أن تتلقى هذا تحت ترمب».

وكتب د. تسفي برئيل، محرر الشؤون العربية في «هآرتس»، أن «للشرق الأوسط خريطة طريق خاصة به غير متعلقة بهوية الرئيس الأميركي». وأضاف: «التقدير بأن ترمب خطير على العرب، وأن هاريس خطيرة على إسرائيل، يتجاهل تاريخاً طويلاً يثبت أنه لا توجد بالضرورة أي صلة بين الخطط التي يتم نسجها في البيت الأبيض والنتائج على الأرض».

وتحت عنوان «بين الظلام والنور»، كتبت أورلي أزولاي، مراسلة صحيفة «يديعوت أحرونوت» في الولايات المتحدة، تحليلاً قالت فيه: «أميركا تخرج اليوم لتنتخب ليس فقط رئيساً أو رئيسة، بل لتحسم بين كونها ضوءاً للعالم ينشر بقوة قيماً إنسانية (...) وكونها قوة عظمى متراجعة ليس فيها لامرأة الحق في جسدها، وليست هناك حقوق للمختلف وللآخر. أميركا التي تتقدم بخطى مخيفة نحو سقوط أليم لأعمدة الديمقراطية. هاريس تضع نفسها كزعيمة تعد بإعادة الروح الطيبة لأميركا، وترمب مقابلها، الذي أعلن منذ الآن أنه لن يقبل نتائج الانتخابات إذا لم يفز، ووعد بطرد ملايين المهاجرين، ويؤيد كل الحركات التي تتبنى تفوّق العنصر الأبيض. اليوم ستقرر أميركا ماذا سيكون وجهها وإلى أين تسير».

وأضاف أن «المتنافسين أعلنا في الأيام الأخيرة أنهما سينهيان الحرب في الشرق الأوسط. غمزا لمصوتين مسلمين يمكنهم أن يحسموا ماذا ستكون عليه النتيجة في الولاية المتأرجحة ميشيغان حيث يوجد تجمع كبير لهم. في هذا ينتهي وجه الشبه بين تصريحات المرشحين. ينبغي الافتراض بأن هاريس ستحاول إنهاء الحرب. وينبغي الافتراض بأن ترمب سيفعل ما هو خير له في كل لحظة مواتية».


مقالات ذات صلة

نشاط قطاع الخدمات الأميركي يتسارع لأعلى مستوى له في أكثر من عامين

الاقتصاد عاملة في مخبز بسوق ريدينغ ترمينال في فيلادلفيا (رويترز)

نشاط قطاع الخدمات الأميركي يتسارع لأعلى مستوى له في أكثر من عامين

تسارع نشاط قطاع الخدمات الأميركي بشكل غير متوقع في أكتوبر إلى أعلى مستوى له في أكثر من عامين، مع تعزيز في التوظيف.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الولايات المتحدة​ تحظر «ميتا» و«تيك توك» و«يوتيوب» و«إكس» المنشورات التي تسعى إلى ترهيب الناخبين (رويترز)

كيف تعمل «ميتا» و«تيك توك» و«يوتيوب» و«إكس» على إدارة التهديدات الانتخابية؟

أكثر شبكات التواصل الاجتماعي نفوذاً -بما في ذلك «ميتا» و«تيك توك» و«يوتيوب» و«إكس»- لديها سياسات وخطط جاهزة لإدارة التهديدات الانتخابية والمعلومات المضللة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس جي دي فانس يدلي بصوته في ولاية أوهايو (أ.ف.ب)

بعد الإدلاء بصوته... ماذا قال مرشح ترمب لمنصب نائب الرئيس؟

أدلى المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس جي دي فانس بصوته في سينسيناتي صباح اليوم (الثلاثاء).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد معادن من العملة المشفرة «بتكوين» (رويترز)

ارتفاع «بتكوين» 4.4 % مع توجه الناخبين الأميركيين إلى صناديق الاقتراع

شهد سعر العملة المشفرة «بتكوين» ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة 4.4 في المائة ليصل إلى 70.070 دولار، وذلك تزامناً مع توجه الناخبين الأميركيين إلى صناديق الاقتراع.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
تكنولوجيا ستحدد انتخابات 2024 كيفية تطوير التكنولوجيا وحماية خصوصية المستخدمين ومستوى التدخل الحكومي في ذلك القطاع (أدوبي)

كيف ستؤثر الانتخابات الرئاسية الأميركية على مستقبل التكنولوجيا؟

ستتأثر السياسات التكنولوجية بنتائج الانتخابات الأميركية بشكل كبير بسبب اختلاف رؤى كل مرشح حول تنظيم الذكاء الاصطناعي وخصوصية البيانات ومكافحة الاحتكار.

نسيم رمضان (لندن)

غزيون سئموا الشكوى من المجاعة: العالم «مش حاسس فينا»

TT

غزيون سئموا الشكوى من المجاعة: العالم «مش حاسس فينا»

فلسطيني يجلس يوم الاثنين الماضي على أنقاض منزل دمره القصف الإسرائيلي في خان يونس بقطاع غزة (رويترز)
فلسطيني يجلس يوم الاثنين الماضي على أنقاض منزل دمره القصف الإسرائيلي في خان يونس بقطاع غزة (رويترز)

امتدت معاناة الجوع المتفاقمة إلى مناطق واسعة من قطاع غزة، بينما يعبر غزيون عن ضيقهم حتى من الشكوى في ظل استمرار الحرب وعدم القدرة على إدخال المساعدات الإنسانية إلى المتضررين.

ومع إقرار الكنيست الإسرائيلي قانوناً لحظر أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، وإبلاغ الخارجية الإسرائيلية، للأمم المتحدة، بشكل رسمي بإنهاء العلاقات مع الوكالة، تضاعفت المخاوف لدى سكان غزة.

تحت وطأة القصف الذي لا يتوقف تقريباً على شمال غزة، اضطر عاطف الحلاق، وهو من سكان مخيم جباليا إلى النزوح نحو غرب مدينة غزة منذ أسبوعين، يقول الرجل إنه يبحث منذ قدومه إلى المنطقة عما يقدمه لأطفاله البالغ عددهم 8، ومع ذلك لا يجد.

وبحسب الحلاق، فإن أسواق شمال قطاع غزة فارغة ولا يتوفر فيها سوى الطحين، وبعض المعلبات التي سمحت إسرائيل بإدخالها مؤخراً لتوزيعها ضمن مساعدات إنسانية بشكل محدود جداً، وباتت تباع في الأسواق بعد سرقة بعضها من «اللصوص» وبأسعار باهظة الثمن.

فلسطينيون ينزحون يوم الثلاثاء من شمال غزة وسط عملية عسكرية إسرائيلية (رويترز)

يقول الحلاق لـ«الشرق الأوسط»: «كل شخص لديه عائلة كبيرة لا يستطيع في الحقيقة أن يشتري هذه المعلبات بمثل هذه الأسعار خاصةً أنه سيحتاج 3 معلبات على الأقل لكي يستطيع سد رمق أطفاله».

أما الشاب محمود السكني فيقول لـ«الشرق الأوسط»: «تعودنا على الجوع، ما عادت تفرق معنا، بناكل شوية خبز حافي من دون أي إشي، أو شوية رز، أو شوية عدس، وحياة وماشية».

ويضيف السكني بأسى وضيق: «ما بدنا نضل نشكي ونقول الجوع قتلنا، لأنه العالم مش حاسس فينا أصلاً، ولا راح يحس فينا، وما بنستنى من حدا يطلع إلنا أو يدخل إلنا، بيكفي ربنا شايف وعارف حالنا، وننتظر منه الفرج».

مساعدات صفرية

وتؤكد منظمات دولية ومنها «برنامج الأغذية العالمي» أن شهر أكتوبر المنصرم كان الأكثر سوءاً على سكان قطاع غزة. بسبب انعدام الأمن الغذائي وتوقف إدخال المساعدات.

ويقول المواطن سمير الحسني لـ«الشرق الأوسط»، وهو من سكان مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة ونازح إلى خان يونس جنوب القطاع، إنه للأسبوع الثالث على التوالي لا يجد في الأسواق ما يسد به رمق أطفاله.

وأشار الحسني (48 عاماً) إلى أن المنظمات الإغاثية الدولية ومنها «أونروا» وجهات أخرى توقفت قدرتها على تسليم أي مساعدات إنسانية للسكان في جنوب قطاع غزة، ما يفاقم الظروف الإنسانية التي يعيشونها في الآونة الأخيرة.

جانب من عمليات توزيع الطحين في دير البلح بوسط قطاع غزة مطلع الشهر الحالي (أ.ب)

وتغلق إسرائيل منذ أشهر معبر رفح البري، فيما تغلق معبر كرم أبو سالم بشكل كامل منذ ما يزيد على شهرين وهو الذي كان مخصصاً لإدخال المساعدات الإنسانية لسكان جنوب قطاع غزة.

وبحسب «برنامج الأغذية العالمي» فإنه «لم يتم تسليم سوى 5 آلاف طن متري من الغذاء إلى غزة طوال الشهر، أي ما يعادل 20 في المائة فقط من المساعدات الغذائية الأساسية المطلوبة لـ1.1 مليون شخص، يقطنون جنوب قطاع غزة».

وأفاد مصدر مسؤول بوزارة التنمية الاجتماعية التابعة للحكومة الفلسطينية في رام الله، ويشرف على توزيع بعض المساعدات بغزة، لـ«الشرق الأوسط» إن الشهر الماضي حقق «نتيجة صفرية» في دخول المساعدات، ما انعكس سلباً على قدرة جميع الجهات الدولية والعربية والفلسطينية في تقديم الدعم للنازحين وغيرهم.

وأوضح المصدر أن «معدل ما دخل نهاية الشهر الماضي فقط لا يتعدى 5 في المائة فقط من احتياجات السكان، واقتصر على إدخال كميات محدودة جداً من الدقيق الأبيض (الطحين)».

طحين فاسد

بفعل الضغوط الملقاة على عاتق السيدة أنعام أبو ريالة، وهي من سكان حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة ونازحة في دير البلح وسط القطاع، اضطرت إلى شراء كيس طحين واحد «مسوس (أي فاسد)» حتى تتمكن من خبزه لإطعام أبنائها وأحفادها البالغ عددهم 23 شخصاً، وجميعهم يعيشون في خيمتين متلاصقتين.

وتقول أبو ريالة لـ«الشرق الأوسط» إن ما دفعته مقابل هذا الكيس من الطحين 150 شيقلاً (الدولار الأميركي يساوي 3.7 شيقل) رغم أنه «مسوس»، وقد يعرض حياتها وحياة أبنائها وأحفادها للخطر.

أطفال فلسطينيون يبحثون عن بقايا طعام في القمامة في دير البلح يوليو الماضي بعد انتشار المجاعة (د.ب.أ)

تستدرك السيدة بحزن: «مضطرة أعمل هيك، لأنه ما فيه حل بإيدينا، وعايشين ظروف صعبة وما حدا حاسس فينا؛ بدنا نعيش مثل أهلنا اللي ضلوا بالشمال واضطروا ياكلوا أكل الحيوانات، ويمكن إحنا نعمل مثلهم إن استمر الوضع هيك».

وتحدثت أبو ريالة عن تأثرها وغيرها بالتضييق على عمل «أونروا»، وقالت: «الوكالة أكثر جهة كانت توزع علينا المساعدات، وإن نفذت إسرائيل مخططها، سنعيش طوال حياتنا بفقر وبمجاعة تقتل أولادنا مثلما قتلتهم في شمال القطاع».

ويفتقد سكان غزة الخضراوات أو المعلبات لجميع أنواع الأغذية، كما باتوا يفتقدون لأنواع مختلفة من الاحتياجات الأساسية مثل السكر والملح وغيرهما، نتيجة منع إدخالها من إسرائيل.

وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» هناك «مساعٍ حثيثة تبذل من عدة أطراف لإدخال كميات حتى وإن كانت محدودة من الخضار والطحين وغيره لأسواق جنوب قطاع غزة، وقد تنجح هذه الجهود جزئياً في الأيام المقبلة بعد انخراط واسع من الولايات المتحدة فيها».

وفيات الرضع

ولا تتوقف أزمة انعدام الغذاء على الأصحاء أو من نجوا حتى الآن من الحرب، إذ مات رضيع جديد هو بلال يحيى جنينة وعمره 6 أشهر تقريباً، الاثنين الماضي، نتيجة مضاعفات الأمراض والمجاعة ونقص الحليب الطبي بشكل أساسي.

وقال عم الرضيع جنينة لصحافيين داخل مستشفى الأهلي العربي (المعمداني) بمدينة غزة، إن الطفل كان في مستشفى كمال عدوان يتلقى العلاج ويحاول الأطباء تقديم مدعمات غذائية خاصة له لإنقاذ حياته، إلا أنه بسبب فرض الحصار على المستشفى وخروجه عن الخدمة، نقل الرضيع إلى مستشفى المعمداني أول من أمس من قبل منظمة الصحة العالمية ووفد أممي قدم إلى مستشفى كمال عدوان لإجلاء المرضى.

وأوضح أن «الرضيع عانى من سوء تغذية حاد بفعل نقص الحليب الطبي الذي كان يتوجب أن يستخدمه، وهو ما لم يتوفر في أي من المستشفيات أو العيادات الطبية وحتى الصيدليات».

وتقول مصادر طبية فلسطينية إن هناك المئات من الأطفال المعرضين للخطر في شمال قطاع غزة، وقد يفقدون حياتهم نتيجة نقص الأدوية والطعام.

الطفل يزن كفارنة بات «وجه المجاعة» في غزة بعد وفاته في مارس الماضي (أ.ف.ب)

ونشرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، الاثنين، تقريراً حول واقع الظروف في قطاع غزة وخاصة شماله، وقالت إن قطاع غزة «يعيش في 3 دوائر من الحصار الإسرائيلي تخضع لقيود مختلفة؛ فالقطاع بأكمله محاصر لا يدخله أو يخرج منه أحد إلا بإذن من الجيش الإسرائيلي، كما يُفرض حصار آخر على شمال القطاع بأكمله من منطقة وادي غزة وحتى الحدود مع بيت حانون، ويُفرض منذ مطلع الشهر الماضي حصار آخر وأشد في جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون».

ونقلت «هآرتس» عن مسؤول أممي كبير قوله: «قطاع غزة في حصار داخل حصار داخل حصار».

ونقلت الصحيفة العبرية عن يورغوس بترويولوس مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في قطاع غزة: هناك استخدام واضح للمساعدات الإنسانية كسلاح ضد المدنيين شمال القطاع.

وحذر بترويولوس من كارثة حقيقية تتهدد سكان شمال قطاع غزة، مشيراً إلى أن هناك مرضى يواجهون الموت في مستشفى كمال عدوان، وقد شاهدهم بنفسه خلال زيارته للمستشفى في الأيام الأخيرة.

وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي يتعامل مع الفرق الأممية بطرق مهينة، ويقوم بإجبارهم على إنزال الجرحى والمرضى وتفتيشهم.

دمار لحق بسيارات إسعاف بمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة يوم 26 أكتوبر 2024 وسط الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حماس» (أ.ف.ب)

وقال المسؤول الأممي الدولي: «في إحدى المرات عندما قمنا بنقل الجرحى، سألنا الضابط عن سبب عدم قيامنا بإخراج الجرحى من سيارة الإسعاف، قلت له: (تعال وانظر، هذه فتاة تبلغ من العمر سبع سنوات ولديها جرح في رأسها يمكنك من خلاله رؤية دماغها)، لكن يبدو أن الطريقة الوحيدة لكي لا تكون إرهابياً في غزة هي أن تكون طفلاً... لقد تأخرنا لمدة ثلاث ساعات أثناء الفحص، وطوال هذا الوقت واصل المسعف إعطاء الأكسجين للفتاة، لقد نقلناها إلى المستشفى في غزة، لكنني لا أعرف ما إذا كانت قد بقيت على قيد الحياة».