العراقيون منقسمون حول انتخابات الرئاسة الأميركية

مقتدى الصدر يرى أنها «لا تقدّم ولا تؤخّر»

لاجئ عراقي وصل إلى أميركا في 2010 يرتدي قميصاً كتب عليه: «لاجئون عرب من أجل ترمب» (رويترز)
لاجئ عراقي وصل إلى أميركا في 2010 يرتدي قميصاً كتب عليه: «لاجئون عرب من أجل ترمب» (رويترز)
TT

العراقيون منقسمون حول انتخابات الرئاسة الأميركية

لاجئ عراقي وصل إلى أميركا في 2010 يرتدي قميصاً كتب عليه: «لاجئون عرب من أجل ترمب» (رويترز)
لاجئ عراقي وصل إلى أميركا في 2010 يرتدي قميصاً كتب عليه: «لاجئون عرب من أجل ترمب» (رويترز)

يُظهر قطاع واسع من العراقيين، على المستويَين الشعبي والرسمي، اهتماماً لافتاً بالانتخابات الرئاسية الأميركية، وينقسمون في الوقت نفسه حول أفضلية المرشحَين؛ دونالد ترمب وكامالا هاريس، خصوصاً فيما يتعلق بحالة الأمن، والاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد. وحده زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر يقلّل من أهميتها، ويرى أنها «عبارة عن شريط مسجّل لا يقدّم ولا يؤخّر».

وقال الصدر في تدوينة عبر منصة «إكس»، إن «آمالنا يجب أن تتعلّق بأنفسنا أولاً، فنُعطي لأنفسنا الأمل والقوة والهيبة والكرامة، ومن عرف نفسه عرف ربه، وحينها سنكون مستحقّين للخلاص من ظلم ذوي القربى، وظلم الغرب الفاضي الذي يعطي لنفسه حق قتل المدنيين بكل وقاحة».

وأضاف الصدر أن «سيناريو الدراما الأميركية لا يختلف بين انتخابات وأخرى سوى ببعض التفاصيل الجزئية التافهة».

لكن مسؤولاً في قوى «الإطار التنسيقي» لا يتّفق مع وجهة نظر مقتدى الصدر، ويرى أن «العراق من بين أكثر الدول تأثراً بالانتخابات الأميركية، بالنظر لحالة الاشتباك المعروفة بين واشنطن وبغداد».

مقتدى الصدر (صفحته الشخصية)

ويقول المسؤول - الذي يفضّل عدم ذِكر اسمه - لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأوساط السياسية منقسمة حيال المرشحين للرئاسة، بين مَن يرغب ببقاء الديمقراطيين عبر المرشحة كامالا هاريس؛ لأنهم ربما أكثر تساهلاً مع العراق، وخصوصاً في الجانب الاقتصادي، فهناك مخاوف من أن تتسبَّب سياسات ترمب في التلاعب بأسعار النفط، وتالياً تراجُع أسعارها، وسيكون لذلك انعكاسات كارثية على العراق».

ولا يستبعد المسؤول «ترحيب بعض القوى الكردية والسُّنية على وجه التحديد بفوز دونالد ترمب، بوصفه أكثر تشدّداً في مواجهة إيران، أو الفصائل المسلحة».

لكن أستاذ السياسات العامة في جامعة بغداد، إحسان الشمري، لا يرى «تحوّلات حاسمة على المستوى العام بالعراق» في حال فوز المرشح الجمهوري أو المرشحة الديمقراطية.

ويقول الشمري لـ«الشرق الأوسط» إن «المرشحَين يمتلكان تصوراً واضحاً عن الشأن العراقي، وأظن أن سياسة أميركية جديدة في العراق لا بد أن تكون حاضرة، عكس السياسات التي تعاملت بها إدارة الرئيس بايدن، أو حتى ترمب سابقاً».

ويتوقع الشمري أن أياً من الفائزَين «سيطرح رؤية جديدة للتعامل مع العراق؛ لأنهما يدركان تصاعُد أهمية العراق بعد الحرب الإسرائيلية مع إيران و(حماس) و(حزب الله)، وحتى مع الفصائل المسلحة».

ويرجّح الشمري أن يكون «ترمب أكثر تطرفاً حيال العراق»، لافتاً إلى أن «قوى الإطار التنسيقي ومن ورائها الحكومة، يبدو أنها تميل بشكل كبير جداً إلى المرشحة الديمقراطية؛ لأن ترمب ينظر إلى العراق بوصفه جزءاً من مساحة النفوذ الإيراني، وربما يسعى إلى تطبيق مقاربته في استعادة واشنطن لنفوذها بشكل كامل في العراق، أو أن يتركه لمواجهة مصيره تحت المظلة الإيرانية».

ويضيف: «كل ذلك يعني رفع الحماية الأميركية عن العراق، سواءٌ على المستوى الأمني أو السياسي، وحتى الاقتصادي، فنحن نعلم أن الأموال العراقية ما زالت تحت الحماية الأميركية».

السفير العراقي عباس كاظم عبيد في جلسة مجلس الأمن حول الرد الإسرائيلي المرتقب على إيران (إي بي إيه)

تعدّد الولاءات والمحاور

وينظر العراقيون إلى الانتخابات الأميركية بـ«مزيد من الاهتمام والحذر؛ نظراً لتأثيرها السياسي الكبير على العراق والمنطقة»، بحسب أستاذ الفلسفة في الجامعة المستنصرية، ستار عواد، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «التغيرات في البيت الأبيض قد تؤدي إلى تحوّلات في السياسة الخارجية، خصوصاً في المجالات الأمنية والاقتصادية».

وحول قضية تفضيل العراقيين لأحد المرشحَين يرى أن «بعض العراقيين يميلون نحو ترمب؛ لأنه بنظرهم يعتمد سياسة واضحة وصريحة، لا سيما في محاربته للنفوذ الإقليمي بالعراق، ويرون أن نهجه قد يؤدي إلى استقرار أكبر».

في المقابل، يرى عوّاد أن «هناك من يفضل كامالا هاريس، خصوصاً أنها كانت ترتكز في سياستها على رؤية أكثر دبلوماسيةً وانفتاحاً للتعامل مع العراق، ما قد يُسهم في تعزيز استقراره، ودعم مشروعات التنمية».

ومع ذلك، يرى أستاذ الفلسفة، أن «العراق لا يمتلك رؤية سياسية واضحة تجاه التعامل مع كلا المرشحين، نتيجة تعدُّد أقطاب الرأي السياسي حيال القضايا الخارجية، بسبب تعدُّد الولاءات، وانحياز الكتل السياسية لمحور دون آخر، وهذا كله يُسهم في فقدان الرؤية الموحّدة التي تضع مصلحة العراق فوق كل اعتبار».


مقالات ذات صلة

السعودية والعراق يعززان التعاون العسكري

الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله ثابت العباسي وزير الدفاع العراقي في الرياض (وزارة الدفاع السعودية)

السعودية والعراق يعززان التعاون العسكري

أبرمت السعودية والعراق، الاثنين، مذكرة تفاهم للتعاون في المجال العسكري، وذلك خلال استقبال الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي، نظيره العراقي ثابت العباسي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي وزير الداخلية الإيراني إسكندر مؤمني يترأس اجتماعاً مشتركاً مع نظيره العراقي عبد الأمير الشمري في طهران اليوم (تسنيم)

وزير الداخلية العراقي بطهران في مهمة «غامضة»

وصل وزير الداخلية العراقي إلى طهران، وسط تكهنات بأنه يحمل رسالة خاصة، لبحث «عدم زج العراق في الصراع الإسرائيلي مع غزة ولبنان»، وفقاً لمصادر مطلعة.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي صورة نشرها مكتب السيستاني من استقباله ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الجديد لدى العراق العماني محمد الحسان (أ.ف.ب)

السيستاني يدعو إلى حصر السلاح بيد الدولة ورفض التدخلات الخارجية

حدد المرجع الشيعي الأعلى في العراق، آية الله علي السيستاني، 7 عوامل لتحقيق «استقرار العراق»، خلال لقائه ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الجديد في العراق.

حمزة مصطفى (بغداد)
العالم العربي السيستاني خلال استقبله اليوم ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثتها في العراق (يونامي) محمد الحسان والوفد المرافق معه (واع)

السيستاني: يجب منع التدخلات الخارجية في العراق وحصر السلاح بيد الدولة

قال المرجع الشيعي بالعراق علي السيستاني، اليوم الاثنين، إنه يجب منع التدخلات الخارجية بمختلف صورها وحصر السلاح في يد الدولة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي «كتائب حزب الله» العراقية سبق أن هددت بزيادة هجماتها مع قرب الانتخابات الأميركية (إكس)

قلق عراقي بعد تحديد إسرائيل «بنك أهداف»

تسود حالة من القلق في الأوساط الرسمية والشعبية العراقية بشأن طبيعة «بنك الأهداف» الذي أفادت تقارير إسرائيلية بأن تل أبيب حددته رداً على هجمات الفصائل المسلحة.

حمزة مصطفى (بغداد)

غزيون سئموا الشكوى من المجاعة: العالم «مش حاسس فينا»

TT

غزيون سئموا الشكوى من المجاعة: العالم «مش حاسس فينا»

فلسطيني يجلس يوم الاثنين الماضي على أنقاض منزل دمره القصف الإسرائيلي في خان يونس بقطاع غزة (رويترز)
فلسطيني يجلس يوم الاثنين الماضي على أنقاض منزل دمره القصف الإسرائيلي في خان يونس بقطاع غزة (رويترز)

امتدت معاناة الجوع المتفاقمة إلى مناطق واسعة من قطاع غزة، بينما يعبر غزيون عن ضيقهم حتى من الشكوى في ظل استمرار الحرب وعدم القدرة على إدخال المساعدات الإنسانية إلى المتضررين.

ومع إقرار الكنيست الإسرائيلي قانوناً لحظر أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، وإبلاغ الخارجية الإسرائيلية، للأمم المتحدة، بشكل رسمي بإنهاء العلاقات مع الوكالة، تضاعفت المخاوف لدى سكان غزة.

تحت وطأة القصف الذي لا يتوقف تقريباً على شمال غزة، اضطر عاطف الحلاق، وهو من سكان مخيم جباليا إلى النزوح نحو غرب مدينة غزة منذ أسبوعين، يقول الرجل إنه يبحث منذ قدومه إلى المنطقة عما يقدمه لأطفاله البالغ عددهم 8، ومع ذلك لا يجد.

وبحسب الحلاق، فإن أسواق شمال قطاع غزة فارغة ولا يتوفر فيها سوى الطحين، وبعض المعلبات التي سمحت إسرائيل بإدخالها مؤخراً لتوزيعها ضمن مساعدات إنسانية بشكل محدود جداً، وباتت تباع في الأسواق بعد سرقة بعضها من «اللصوص» وبأسعار باهظة الثمن.

فلسطينيون ينزحون يوم الثلاثاء من شمال غزة وسط عملية عسكرية إسرائيلية (رويترز)

يقول الحلاق لـ«الشرق الأوسط»: «كل شخص لديه عائلة كبيرة لا يستطيع في الحقيقة أن يشتري هذه المعلبات بمثل هذه الأسعار خاصةً أنه سيحتاج 3 معلبات على الأقل لكي يستطيع سد رمق أطفاله».

أما الشاب محمود السكني فيقول لـ«الشرق الأوسط»: «تعودنا على الجوع، ما عادت تفرق معنا، بناكل شوية خبز حافي من دون أي إشي، أو شوية رز، أو شوية عدس، وحياة وماشية».

ويضيف السكني بأسى وضيق: «ما بدنا نضل نشكي ونقول الجوع قتلنا، لأنه العالم مش حاسس فينا أصلاً، ولا راح يحس فينا، وما بنستنى من حدا يطلع إلنا أو يدخل إلنا، بيكفي ربنا شايف وعارف حالنا، وننتظر منه الفرج».

مساعدات صفرية

وتؤكد منظمات دولية ومنها «برنامج الأغذية العالمي» أن شهر أكتوبر المنصرم كان الأكثر سوءاً على سكان قطاع غزة. بسبب انعدام الأمن الغذائي وتوقف إدخال المساعدات.

ويقول المواطن سمير الحسني لـ«الشرق الأوسط»، وهو من سكان مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة ونازح إلى خان يونس جنوب القطاع، إنه للأسبوع الثالث على التوالي لا يجد في الأسواق ما يسد به رمق أطفاله.

وأشار الحسني (48 عاماً) إلى أن المنظمات الإغاثية الدولية ومنها «أونروا» وجهات أخرى توقفت قدرتها على تسليم أي مساعدات إنسانية للسكان في جنوب قطاع غزة، ما يفاقم الظروف الإنسانية التي يعيشونها في الآونة الأخيرة.

جانب من عمليات توزيع الطحين في دير البلح بوسط قطاع غزة مطلع الشهر الحالي (أ.ب)

وتغلق إسرائيل منذ أشهر معبر رفح البري، فيما تغلق معبر كرم أبو سالم بشكل كامل منذ ما يزيد على شهرين وهو الذي كان مخصصاً لإدخال المساعدات الإنسانية لسكان جنوب قطاع غزة.

وبحسب «برنامج الأغذية العالمي» فإنه «لم يتم تسليم سوى 5 آلاف طن متري من الغذاء إلى غزة طوال الشهر، أي ما يعادل 20 في المائة فقط من المساعدات الغذائية الأساسية المطلوبة لـ1.1 مليون شخص، يقطنون جنوب قطاع غزة».

وأفاد مصدر مسؤول بوزارة التنمية الاجتماعية التابعة للحكومة الفلسطينية في رام الله، ويشرف على توزيع بعض المساعدات بغزة، لـ«الشرق الأوسط» إن الشهر الماضي حقق «نتيجة صفرية» في دخول المساعدات، ما انعكس سلباً على قدرة جميع الجهات الدولية والعربية والفلسطينية في تقديم الدعم للنازحين وغيرهم.

وأوضح المصدر أن «معدل ما دخل نهاية الشهر الماضي فقط لا يتعدى 5 في المائة فقط من احتياجات السكان، واقتصر على إدخال كميات محدودة جداً من الدقيق الأبيض (الطحين)».

طحين فاسد

بفعل الضغوط الملقاة على عاتق السيدة أنعام أبو ريالة، وهي من سكان حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة ونازحة في دير البلح وسط القطاع، اضطرت إلى شراء كيس طحين واحد «مسوس (أي فاسد)» حتى تتمكن من خبزه لإطعام أبنائها وأحفادها البالغ عددهم 23 شخصاً، وجميعهم يعيشون في خيمتين متلاصقتين.

وتقول أبو ريالة لـ«الشرق الأوسط» إن ما دفعته مقابل هذا الكيس من الطحين 150 شيقلاً (الدولار الأميركي يساوي 3.7 شيقل) رغم أنه «مسوس»، وقد يعرض حياتها وحياة أبنائها وأحفادها للخطر.

أطفال فلسطينيون يبحثون عن بقايا طعام في القمامة في دير البلح يوليو الماضي بعد انتشار المجاعة (د.ب.أ)

تستدرك السيدة بحزن: «مضطرة أعمل هيك، لأنه ما فيه حل بإيدينا، وعايشين ظروف صعبة وما حدا حاسس فينا؛ بدنا نعيش مثل أهلنا اللي ضلوا بالشمال واضطروا ياكلوا أكل الحيوانات، ويمكن إحنا نعمل مثلهم إن استمر الوضع هيك».

وتحدثت أبو ريالة عن تأثرها وغيرها بالتضييق على عمل «أونروا»، وقالت: «الوكالة أكثر جهة كانت توزع علينا المساعدات، وإن نفذت إسرائيل مخططها، سنعيش طوال حياتنا بفقر وبمجاعة تقتل أولادنا مثلما قتلتهم في شمال القطاع».

ويفتقد سكان غزة الخضراوات أو المعلبات لجميع أنواع الأغذية، كما باتوا يفتقدون لأنواع مختلفة من الاحتياجات الأساسية مثل السكر والملح وغيرهما، نتيجة منع إدخالها من إسرائيل.

وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» هناك «مساعٍ حثيثة تبذل من عدة أطراف لإدخال كميات حتى وإن كانت محدودة من الخضار والطحين وغيره لأسواق جنوب قطاع غزة، وقد تنجح هذه الجهود جزئياً في الأيام المقبلة بعد انخراط واسع من الولايات المتحدة فيها».

وفيات الرضع

ولا تتوقف أزمة انعدام الغذاء على الأصحاء أو من نجوا حتى الآن من الحرب، إذ مات رضيع جديد هو بلال يحيى جنينة وعمره 6 أشهر تقريباً، الاثنين الماضي، نتيجة مضاعفات الأمراض والمجاعة ونقص الحليب الطبي بشكل أساسي.

وقال عم الرضيع جنينة لصحافيين داخل مستشفى الأهلي العربي (المعمداني) بمدينة غزة، إن الطفل كان في مستشفى كمال عدوان يتلقى العلاج ويحاول الأطباء تقديم مدعمات غذائية خاصة له لإنقاذ حياته، إلا أنه بسبب فرض الحصار على المستشفى وخروجه عن الخدمة، نقل الرضيع إلى مستشفى المعمداني أول من أمس من قبل منظمة الصحة العالمية ووفد أممي قدم إلى مستشفى كمال عدوان لإجلاء المرضى.

وأوضح أن «الرضيع عانى من سوء تغذية حاد بفعل نقص الحليب الطبي الذي كان يتوجب أن يستخدمه، وهو ما لم يتوفر في أي من المستشفيات أو العيادات الطبية وحتى الصيدليات».

وتقول مصادر طبية فلسطينية إن هناك المئات من الأطفال المعرضين للخطر في شمال قطاع غزة، وقد يفقدون حياتهم نتيجة نقص الأدوية والطعام.

الطفل يزن كفارنة بات «وجه المجاعة» في غزة بعد وفاته في مارس الماضي (أ.ف.ب)

ونشرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، الاثنين، تقريراً حول واقع الظروف في قطاع غزة وخاصة شماله، وقالت إن قطاع غزة «يعيش في 3 دوائر من الحصار الإسرائيلي تخضع لقيود مختلفة؛ فالقطاع بأكمله محاصر لا يدخله أو يخرج منه أحد إلا بإذن من الجيش الإسرائيلي، كما يُفرض حصار آخر على شمال القطاع بأكمله من منطقة وادي غزة وحتى الحدود مع بيت حانون، ويُفرض منذ مطلع الشهر الماضي حصار آخر وأشد في جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون».

ونقلت «هآرتس» عن مسؤول أممي كبير قوله: «قطاع غزة في حصار داخل حصار داخل حصار».

ونقلت الصحيفة العبرية عن يورغوس بترويولوس مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في قطاع غزة: هناك استخدام واضح للمساعدات الإنسانية كسلاح ضد المدنيين شمال القطاع.

وحذر بترويولوس من كارثة حقيقية تتهدد سكان شمال قطاع غزة، مشيراً إلى أن هناك مرضى يواجهون الموت في مستشفى كمال عدوان، وقد شاهدهم بنفسه خلال زيارته للمستشفى في الأيام الأخيرة.

وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي يتعامل مع الفرق الأممية بطرق مهينة، ويقوم بإجبارهم على إنزال الجرحى والمرضى وتفتيشهم.

دمار لحق بسيارات إسعاف بمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة يوم 26 أكتوبر 2024 وسط الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حماس» (أ.ف.ب)

وقال المسؤول الأممي الدولي: «في إحدى المرات عندما قمنا بنقل الجرحى، سألنا الضابط عن سبب عدم قيامنا بإخراج الجرحى من سيارة الإسعاف، قلت له: (تعال وانظر، هذه فتاة تبلغ من العمر سبع سنوات ولديها جرح في رأسها يمكنك من خلاله رؤية دماغها)، لكن يبدو أن الطريقة الوحيدة لكي لا تكون إرهابياً في غزة هي أن تكون طفلاً... لقد تأخرنا لمدة ثلاث ساعات أثناء الفحص، وطوال هذا الوقت واصل المسعف إعطاء الأكسجين للفتاة، لقد نقلناها إلى المستشفى في غزة، لكنني لا أعرف ما إذا كانت قد بقيت على قيد الحياة».