بيان السيستاني لحصر السلاح بيد الدولة العراقية يربك الإطار التنسيقي

السوداني وسّط واشنطن لمنع إسرائيل ضرب العراق

صورة نشرها مكتب السيستاني من استقباله ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الجديد لدى العراق العماني محمد الحسان (أ.ف.ب)
صورة نشرها مكتب السيستاني من استقباله ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الجديد لدى العراق العماني محمد الحسان (أ.ف.ب)
TT

بيان السيستاني لحصر السلاح بيد الدولة العراقية يربك الإطار التنسيقي

صورة نشرها مكتب السيستاني من استقباله ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الجديد لدى العراق العماني محمد الحسان (أ.ف.ب)
صورة نشرها مكتب السيستاني من استقباله ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الجديد لدى العراق العماني محمد الحسان (أ.ف.ب)

في الوقت الذي أكد فيه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن ما ذكره المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني حول حصر السلاح بيد الدولة كان قد طرحته حكومته في برنامجها، تبدو هذه الدعوة من وجهة نظر مراقبين سياسيين بمثابة تعزيز لموقف السوداني.

وكان السوداني أشاد لدى استقباله الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة محمد الحسّان بأهمية ما طرحه المرجع الأعلى للشيعة في العراق آية الله السيستاني خلال استقباله الحسان من تشخيص لاحتياجات البلاد. وقال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء إن «رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني استقبل اليوم (الثلاثاء) الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق محمد الحسان، حيث تمّ استعراض العلاقات والبرامج المشتركة بين العراق والمنظمة الدولية، وسبل المضي بها في ضوء الاتفاق على إنهاء مهمة اليونامي».

وأضاف المكتب أنه «جرى، خلال اللقاء، البحث في آخر تطورات الأوضاع في المنطقة، وما يحدث من عدوان على غزّة وجنوب لبنان، واستمرار حرب الإبادة الجماعية التي يمارسها الصهاينة». وأشاد السوداني، بحسب البيان، بـ«ما قدمته بعثة الأمم المتحدة من عون للعراق في مواجهة التحديات عبر السنوات التي تلت عام 2003، وأبرز المنعطفات والمصاعب التي مرّ بها الشعب العراقي، وأهمية ما طرحه السيستاني خلال استقباله الحسان من تشخيص لاحتياجات العراق والرؤى الواقعية لتطلعات الشعب العراقي التي أوجزتها الحكومة في أولويات برنامجها العامل والجاري تنفيذه».

بيان غاضب

وكان مكتب المرجع الشيعي الأعلى أصدر بياناً غاضباً لدى استقباله الممثل الخاص الجديد للأمم المتحدة في العراق العماني محمد الحسان كان بمثابة صدمة للقوى السياسية العراقية وفي المقدمة منها «الإطار التنسيقي الشيعي» الحاكم الذي سارعت قواه إلى تأييد البيان وإعلانها العمل بموجب فقراته، فيما عقد الإطار التنسيقي اجتماعاً مساء الاثنين ناقش فيه ما ورد في البيان في وقت يستعد ائتلاف إدارة الدولة الذي يضم بالإضافة إلى قوى الإطار التنسيقي الشيعي قوى سياسية سنية وكردية إلى عقد اجتماع غداً الأربعاء طبقاً لما أبلغ به «الشرق الأوسط» مصدر مطلع.

المصدر أضاف أن «ائتلاف إدارة الدولة وهو الائتلاف الداعم للحكومة الحالية والذي تشكل طبقاً لورقة سميت ورقة الاتفاق السياسي سوف يعقد اجتماعاً الأربعاء لممثليه لمناقشة القضايا المدرجة على جدول أعماله والتي تتضمن عمل البرلمان بعد اكتمال رئاسته وما تم تنفيذه من ورقة الاتفاق السياسي، فضلاً عما ورد في بيان المرجع الأعلى الذي يعد بمثابة خريطة طريق للمرحلة المقبلة لا سيما أنه تضمن عدم رضى واضح عن المسار العام الذي تسير بموجبه الأمور».

وكان السيستاني أعلن طبقاً لبيان صادر عن مكتبه «يبدو أن أمام العراقيين مساراً طويلاً إلى أن يصلوا إلى تحقيق ذلك، أعانهم الله على هذا المسار» والمقصود محاربة الفساد المالي والإداري ومسألة حصر السلاح بيد الدولة.

جدل حول السلاح

وفي وقت يرى مراقبون سياسيون في العراق أن دعوة المرجع الشيعي الأعلى إلى حصر السلاح بيد الدولة بمثابة تعزيز لموقف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الذي يخوض معركة صامتة مع العديد من الفصائل التي لم تلتزم بقرارات الحكومة، تؤكد مصادر حكومية أن السوداني تدخل لدى الأميركيين نحو 6 مرات لمنع توجيه ضربات إسرائيلية داخل العراق بسبب استمرار الفصائل في قصف أهداف داخل إسرائيل بالمسيّرات.

قوة مشتركة من الجيش العراقي والحشد الشعبي بحثاً عن عناصر من تنظيم «داعش» في محافظة نينوى (أ.ف.ب)

وفي السياق نفسه فإن دعوة السيستاني إلى محاربة الفساد المالي المستشري في البلاد جاءت بمثابة إدانة للمحاولات الجارية الآن من قبل العديد من القوى السياسية العراقية في تضمين قانون العفو العام مواد تتضمن عفواً عن كبار الفاسدين والمزورين ومن بينهم بطل ما سمي في العراق «سرقة القرن» التي هي أكبر عملية فساد وتبلغ قيمتها نحو 3 مليارات دولار أميركي.

إلى ذلك وبعد عدة بيانات مؤيدة لبيان السيستاني من قبل قوى الإطار التنسيقي الشيعي فقد عقد الإطار اجتماعاً طارئاً في مكتب رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي بحضور قادته ومن بينهم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وزعيم منظمة بدر هادي العامري جرى خلاله التأكيد على أهمية الالتزام بما ورد في بيان المرجع فضلاً عن دعوة البرلمان إلى تمديد فصله التشريعي لإقرار القوانين المؤجلة.

من جانب آخر وبشأن دعوة السيستاني إلى حصر السلاح بيد الدولة فإن الفصائل المسلحة نأت بنفسها عن أن تكون مشمولة بهذه الدعوة. وقال القيادي في كتائب «سيد الشهداء» عباس الزاملي إن «المرجع علي السيستاني لم يقصد فصائل المقاومة في لقائه مع مبعوث الأمم المتحدة يوم الاثنين في النجف، حين دعا إلى حصر السلاح بيد الدولة».

وكشف الزيدي أن «فصيله تابع توجيهات (براني النجف) وخسر صيداً ثميناً لأن المرجع في حالات كثيرة رفض أي احتمال لوصول الأذى إلى المدنيين».

وأوضح أن «المرجعية الدينية هي من أسست العملية السياسية، وهي من صممتها وفقاً لرؤية إخراج الاحتلال الأميركي، وهي الآن تحث على القفز على حالة التعثر التي واكبت بناء الدولة». وتابع قائلاً «نحن في كتائب سيد الشهداء لم نطلق أي عملية ضد قوات الاحتلال إلا بعد أخذ الإذن من المرجعية الدينية، وذهبنا لها زحفاً، ودخلنا البراني زحفاً، وأخذنا منها المأذونية بشرطها وشروطها» على حد وصفه.

واختتم تصريحه بالقول «أجزم بأن حديث المرجعية عن حصر السلاح بيد الدولة يستثني سلاح المقاومة، لأن مقاومتنا شرعية، ولن نعمل من دون غطاء شرعي» مبيناً أن «المرجعية قد تقصد بعض الميليشيات غير المنضبطة» دون أن يسميها.



منسق الأمم المتحدة يطلق «استراتيجية التعافي المبكر» في سوريا

المنسق المقيم للأمم المتحدة في دمشق يطلق «الخطة الأممية لاستراتيجية التعافي المبكر في ‏سوريا»... (سانا)
المنسق المقيم للأمم المتحدة في دمشق يطلق «الخطة الأممية لاستراتيجية التعافي المبكر في ‏سوريا»... (سانا)
TT

منسق الأمم المتحدة يطلق «استراتيجية التعافي المبكر» في سوريا

المنسق المقيم للأمم المتحدة في دمشق يطلق «الخطة الأممية لاستراتيجية التعافي المبكر في ‏سوريا»... (سانا)
المنسق المقيم للأمم المتحدة في دمشق يطلق «الخطة الأممية لاستراتيجية التعافي المبكر في ‏سوريا»... (سانا)

أعلن المنسق المقيم منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة لدى سوريا، آدم عبد المولى، إطلاق «استراتيجية التعافي المبكر» في سوريا للسنوات ما بين 2024 و2028.

وحذر المسؤول الأممي الدول المانحة من «عدم تمويل الصندوق المخصص لدعم هذه الاستراتيجية، فإن حالة عدم الاستقرار في سوريا ستؤثر على العالم، ولن يعود اللاجئون السوريين إلى بلدهم، كما سينتعش تنظيم (داعش) من جديد».

وتحدث عبد المولى، خلال مؤتمر صحافي عقده في دمشق أمس، عمّا خلفته الأزمة السورية المستمرة منذ بداية عام 2011 من «عواقب كارثية على البلاد وشعبها؛ إذ لا يزال أكثر من 16 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات منقذة للأرواح، ومستدامة».

نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية ديفيد كاردين يتفقد مشروع معالجة مياه الصرف الصحي في قرية بحورة بمحافظة إدلب السورية يوم 14 مايو الماضي (أ.ب)

وأوضح أن «استراتيجية التعافي المبكر» للأعوام الخمسة المقبلة تشمل قطاعات: الصحة، والتعليم، ومياه الشرب، والصرف الصحي، ودعم فرص سبل العيش المستدام، لافتاً إلى أن الوصول المستدام إلى الطاقة الكهربائية من أهم الأمور التي يرتكز عليها التعافي المبكر، وقال: «الكهرباء عامل مهم، ومن دونه لا نستطيع أن تفعل شيئاً».

وأكد أن الاستراتيجية «ستغطي كل المحافظات السورية، وهي لكل سوري، بغض النظر عن في أي محافظة يقيم، وتهدف إلى خلق بيئات اقتصادية تؤمن سبل العيش الملائمة، والأجور العادلة، والخدمات»، مشدداً على أنه «علينا تمكين السكان للوصول إلى التعافي الشامل».

وأشار عبد المولى إلى أن الاستراتيجية ستنفَّذ وفقاً للمبادئ الإنسانية في جميع مناطق سوريا، تحت القيادة العامة للمنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية الإقليمي. وقال: «سيدعم صندوق مخصص للتعافي المبكر هذه الاستراتيجية، وسيكون وسيلة مرنة وفعالة من حيث التكلفة، لتمكين تقديم الأمم المتحدة وغيرها من الجهات الفاعلة في المجال الإنساني الموارد لتدخّلات التعافي المبكر على المدى المتوسط».

من برنامج تدريب لتعزيز إدارة المستشفيات والرعاية الصحية في جميع أنحاء سوريا (منظمة الصحة العالمية)

ولفت إلى أن الصندوق سيسجَّل لدى المكتب المختص لتسجيل ‏الصناديق في نيويورك، وبعد ذلك يُتعاقد مباشرة مع المانحين لتقديم التبرعات ‏والمساهمات. وأضاف: «أما محلياً، فدورنا ينحصر في إنشاء البرامج التي ‏تبدأ صياغتها من اليوم».

استقبال النازحين من لبنان في مأوى مؤقت للأمم المتحدة بسوريا (مفوضية اللاجئين)

وشدد عبد المولى على أهمية التعافي المبكر في سوريا، لافتاً إلى أنه «خلال الشهر الماضي تدفق الآلاف إلى سوريا من لبنان؛ 70 في المائة منهم سوريون، والباقي لبنانيون وأجانب. ولكي تستوعب المجتمعات المضيفة الوافدين دون توتر، فمن المهم دعم هذه المجتمعات المضيفة».

ودعا المنسق المقيم الدول المانحة إلى المساهمة في تمويل استراتيجية التعافي المبكر، محذراً الدول من التردد في الدعم، بقوله: «يجب أن تقوم بالتمويل؛ لأنه في مصلحتك، لأن ما يحدث في سوريا يؤثر على العالم، فثلث طالبي اللجوء في أوروبا كانوا من السوريين، كما أن 44 ألف سوري وصلوا إلى أوروبا خلال 3 أشهر»، وأضاف: «إذا كنتم لا تريدون لاجئين، فعليكم أن تقدموا الدعم لسوريا».

قارب يحمل سوريين بالبحر المتوسط باتجاه اللجوء في أوروبا (أرشيفية - أ.ب)

ورأى أن «ما يحدث في سوريا ولبنان يصبح بشكل متنامٍ غير مقبول؛ إذ نتوقع أزمات متجددة في سوريا». وقال: «بعدم الاستجابة، ستنتقل حالة عدم الاستقرار إلى بلدان مجاورة، كما أن الأمر سيؤدي إلى زيادة عمليات تنظيم (داعش)». وتابع توجيه كلامه للمانحين: «من أجل مصلحتكم، يجب تقديم الدعم إلى سوريا. سوريا أصبحت مركز إنتاج الكبتاغون، وفق مصادر مفتوحة، وفي هذا السياق ليس لدينا أي دليل على أي كيان معين، وتوزيع الاتهامات لن يحل المشكلة».

إغلاق مركز علاج نفسي شمال غربي سوريا لعدم توفر التمويل (الصحة العالمية)

وتساءل المنسق المقيم منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة لدى سوريا: «كيف وصلت هذه الدولة (سوريا) التي كانت تؤمن 97 في المائة من احتياجاتها الدوائية إلى موقع هذا الاتهام؟ والسؤال الثاني: كيف تستطيع تغيير هذا الوضع؟».

وأضاف: «إذا كنتم قلقين من عدم الاستقرار واللاجئين والإرهاب، فعلينا أن نستثمر في الاستقرار بهذا البلد». وأكد أن «المانحين الذين لم يشاركوا في إعادة الإعمار، لم يعترضوا على التعافي المبكر كما قمنا بصياغته».

عبد المولى نوه أيضاً بأن العمل على الحل السياسي مضى عليه 12 عاماً... «استمروا في العمل على الحل السياسي، ولكن ساعدونا وأنتم تعملون». وشدد على أنه «لن نسمح بتحديد مناطق جغرافية معينة من قبل المانحين مقابل دفع التمويل»، موضحاً أن المناطق التي ستقام فيها المشروعات ستُختار بشكل عادل على كل أراضي سوريا.

وأوضح أن سوريا كانت «مكتفية ذاتياً من الغذاء وتصدّره، وكانت ديونها صفراً، فكيف وصلت إلى هنا؟»، مختتماً كلامه: «دعونا لننهي المشكلات، وأحد السبل لتحقيق ذلك هو التعافي المبكر».