تحقيق لبناني لكشف ملابسات «عملية الكوماندوز» وخطف قبطان بحري

 هل شوّشت إسرائيل على رادارات قوات «اليونيفيل»؟

بطاقة عماد أمهز فاضل في معهد علوم البحار كما تداولتها مجموعات لبنانية على «تلغرام»
بطاقة عماد أمهز فاضل في معهد علوم البحار كما تداولتها مجموعات لبنانية على «تلغرام»
TT

 تحقيق لبناني لكشف ملابسات «عملية الكوماندوز» وخطف قبطان بحري

بطاقة عماد أمهز فاضل في معهد علوم البحار كما تداولتها مجموعات لبنانية على «تلغرام»
بطاقة عماد أمهز فاضل في معهد علوم البحار كما تداولتها مجموعات لبنانية على «تلغرام»

تكثّف الأجهزة القضائية والأمنية اللبنانية تحقيقاتها لكشف ملابسات العملية التي نفّذتها فرقة من الكوماندوز الإسرائيلي، فجر يوم الجمعة، في مدينة البترون (شمال لبنان)، واختطفت أثناءها المواطن عماد أمهز من داخل شاليه كان يشغله في المنطقة.

وأفاد مصدر قضائي بأن «شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي بدأت منذ صباح السبت تحقيقاتها في هذه العملية التي تعدّ جريمة مكتملة المواصفات». وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن التحقيق الأولي «يحتاج 3 أيام بالحدّ الأدنى لكشف خيوط العملية والطريقة التي اعتمدها الإسرائيليون لتنفيذها بنجاح»، مشيراً إلى أن الأمر «يستدعي تعاوناً من قوات (اليونيفيل) المسؤولة عن أمن الشواطئ اللبنانية، ومراقبة حركة السفن والزوارق التي تدخل المياه الإقليمية والمرافئ البحرية اللبنانية، وتخرج منها على مدار الساعة، وهذا غير متوفر حتى الآن».

ونقلت «الوكالة الوطنية للإعلام» (الرسمية)، عن شهود من أبناء مدينة البترون، أن «قوة عسكرية لم تُعرَف هويتها نفّذت عملية إنزال بحري على شاطئ البترون، بكامل أسلحتها وعتادها، مستهدفة «شاليهاً» قريباً من الشاطئ، واختطفت لبنانياً كان موجوداً هناك، واقتادته إلى الشاطئ، وغادرت بواسطة زوارق سريعة إلى عرض البحر».

سيناريوهات الإنزال

وتحدّث مصدر أمني لبناني عن أكثر من سيناريو مفترض لجأ إليه الإسرائيليون لتنفيذ الإنزال. وأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى أن التحقيق «لم يحسم ما إذا كانت القوة الإسرائيلية قد وصلت إلى شاطئ مدينة البترون عبر الزوارق الحربية أو طائرة هليكوبتر نفّذت إنزالاً جوياً»، مشيراً إلى أن «قوات (اليونيفيل) أبلغت الجانب اللبناني أنها بدأت أيضاً تحقيقاً لتحديد الوسيلة التي نجح عبرها الجيش الإسرائيلي بتنفيذ عملية على هذا المستوى من الدقة والخطورة».

دورية للجيش اللبناني في منطقة البترون حيث أجرى كوماندوز إسرائيلي إنزالاً (رويترز)

وقال المصدر الأمني: «ربما يمتلك الجيش الإسرائيلي أجهزة تشويش على الرادارات، قد تكون عطلت رادارات قوات (اليونيفيل) ما سهّل وصولها إلى شاطئ البترون من دون رصدها سواء من القوات الدولية أو الجيش اللبناني، لكن لا شيء ثابت حتى الآن ما دامت معطيات التحقيق لم تكتمل بعد».

ولفت إلى أن الأجهزة اللبنانية «لا يمكنها أن تحقق مع قوات (اليونيفيل)، أو تستجوب أياً من ضباطها أو عناصرها العسكريين ولا حتى المدنيين الذين يعملون لديها، لمعرفة كيفية تخطي إسرائيل الرقابة البحرية من قبل القوات البحرية الدولية؛ لأن هذه القوات تتمتّع بحصانة دولية، إلّا إذا أبدت الأخيرة تعاونها، وقدّمت المعلومات التي يطلبها لبنان»، مشيراً إلى أن القوات الدولية العاملة في لبنان «ليست ملزمة بأن تزوّد لبنان بنتائج التحقيق الخاص الذي تجريه، بل تقدّمه إلى الأمين العام للأمم المتحدة دون سواه».

من جهتها، نفت قوات «يونيفيل» ما تردد عن «تسهيل أو التنسيق مع قوات إسرائيلية لتنفيذ عملية اختطاف أو انتهاك للسيادة اللبنانية».

وقالت إنه «ليس لها أي علاقة بتسهيل أي عملية اختطاف أو أي انتهاك آخر للسيادة اللبنانية»، مؤكدة أن «نشر معلومات مضللة وشائعات كاذبة أمر غير مسؤول، ويعرض قوات حفظ السلام للخطر».

وعلى إثر الكشف عن هذه العملية، سارع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي إلى الاتصال بقائد الجيش العماد جوزف عون، وطالب بـ«فتح تحقيق عاجل في هذه الحادثة». كما طلب من وزير الخارجية تقديم شكوى لمجلس الأمن بسبب «اختطاف مواطن لبناني».

مدخل الشقة التي شغلها عماد أمهز في منطقة البترون مقفل بالشمع الأحمر (أ.ب)

وتتهم إسرائيل عماد أمهز، وفق ما سرّب الاعلام العبري، بأنه «تابع لـ(حزب الله) ومسؤول عن تهريب السلاح له من سوريا إلى لبنان عبر البحر»، إلّا أن وزارة الأشغال والنقل اللبنانية أوضحت أن المخطوف «يخضع لدورة قبطان في مدرسة العلوم البحرية في البترون، التابعة لوزارة الأشغال والنقل». في حين ناشد فاضل أمهز، والد المخطوف، الحكومة اللبنانية والقوة الألمانية والبحرية اللبنانية للعمل على «إعادة ابنه». وقال في رسالة نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن نجله «يعمل قبطاناً بحرياً مدنياً، تم اختطافه على يد الجيش الإسرائيلي أثناء وجوده في دورة تدريبية في «معهد مرساتي للعلوم البحرية في البترون». وأوضح أن «عماد ليس له أي علاقة بالأحزاب السياسية، ولا يتدخل في الأمور السياسية».

إسرائيل حذفت تسجيل الكاميرات

عثرت القوى الأمنية اللبنانية في شقة أمهز على نحو 10 شرائح أرقام هاتف أجنبية، وجهاز هاتف مع جواز سفر أجنبي، وأكدت معلومات أن «الأجهزة الأمنية حصلت على جهاز تسجيل الكاميرات في محيط شقة البترون، لكن إسرائيل حذفت تلك البيانات عن بُعد». وقال والد أمهز إن «الصور المتداولة حول جوازات سفره وخطوط الهواتف التي يستخدمها تعود إلى طبيعة عمله»، مؤكداً أن «جواز السفر البحري الذي يمتلكه عماد يُستخدم للدخول إلى البلدان من جهة البحر، وأنه عند انتهاء عقد عمله يسلم الجواز البحري، ويعود إلى لبنان عبر جواز سفر عادي»، مؤكداً أن ولده «متزوج، ولديه ثلاثة أولاد، ويعول والديه».

من جهتها، نشرت «إذاعة الجيش الإسرائيلي»، يوم الأحد، تفاصيل جديدة عن عملية الكوماندوز البحرية في البترون التي أسفرت عن اعتقال عماد أمهز، وأفادت بأنه «تم التخطيط للعملية منذ فترة طويلة، حيث كانت إسرائيل تنتظر الفرصة العملياتية والاستخباراتية لتنفيذها». وقالت إن «أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تتبّعت عماد أمهز فترة طويلة، وانتظرت فرصة تتيح درجة عالية من اليقين لنجاح العملية، وفي النهاية نفّذت بدقة بواسطة وحدة (شايطيت 13) من دون أي أحداث استثنائية أو مقاومة، ولم يحدث اشتباك مع مسلحين، كما أن المعتقل لم يُبدِ أي مقاومة، واستسلم للمقاتلين».

ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن مصادر أمنية إنَّهم «كانوا مستعدين لاحتمال كشف العملية، وعلموا بوجود احتمالية عالية لوجود كاميرات في المنطقة تسجل تحركات القوات، إلا أن ذلك لم يمنع من تنفيذها».

وتزعم المصادر الأمنية الإسرائيلية أن «المعتقل هو عضو رئيسي في (حزب الله) وشخصية منخرطة بالكامل في نشاطات الحزب، وليس مواطناً لبنانياً بريئاً، كما حاولت بعض الأطراف في لبنان تصويره». ووفق تعبير الإذاعة «يُعدّ المجال البحري في (حزب الله) سرياً للغاية، وعدد قليل جداً من الأشخاص يعملون فيه ضمن التنظيم ويخضع لتدابير أمنية مشددة؛ ولذلك فإن اعتقال شخصية بارزة في المجال البحري يعد إنجازاً ذا قيمة استخباراتية عالية».


مقالات ذات صلة

ضربة إسرائيلية في قلب بيروت... وتقارير: المستهدَف هو طلال حمية

المشرق العربي موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (أ.ب)

ضربة إسرائيلية في قلب بيروت... وتقارير: المستهدَف هو طلال حمية

سُمع دوي انفجارات عدة في العاصمة اللبنانية، فجر اليوم، مع دخول الحرب المفتوحة بين إسرائيل و«حزب الله» شهرها الثالث.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز)

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

انتزع ترمب الفوز من منافسته الديمقراطية، معتمداً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ انبعثت أعمدة الدخان والنيران من مبنى في اللحظة التي أصاب فيها صاروخ إسرائيلي منطقة الشياح (د.ب.أ)

تقرير أميركي: ملامح اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل بدأت تتشكل

نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين إقليميين وأميركيين قولهم اليوم (الجمعة)، إن ملامح اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل بدأت تتشكل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية صور للمحتجَزين لدى «حماس» (رويترز)

تقرير: إسرائيل لا ترى إمكانية التفاوض مع «حماس» إلا بعد الاتفاق مع «حزب الله»

التفاوض بشأن الرهائن الإسرائيليين تقلَّص منذ تعيين يسرائيل كاتس وزيراً للدفاع.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)
قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)
TT

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)
قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)

قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الجمعة، إن قرار إسرائيل إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم.

وأضافت الخارجية، في بيان أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، أنها تنظر بخطورة بالغة لقرار وزير الدفاع الإسرائيلي إلغاء الاعتقال الإداري بحق المستوطنين «الذين يرتكبون جرائم وانتهاكات ضد المواطنين الفلسطينيين، علماً بأن عدد الذين تم اعتقالهم قليل جداً، وعلى مبدأ اعتقالات شكلية بنمط الباب الدوار».

ورأت الوزارة أن هذا القرار يشجع المستوطنين المتطرفين «على ممارسة الإرهاب ضد الفلسطينيين وأرضهم وممتلكاتهم، ويعطيهم شعوراً إضافياً بالحصانة والحماية».

وطالبت الخارجية الفلسطينية «بتحرك دولي فاعل للجم إرهاب ميليشيات المستوطنين، ووضع حد لإفلاتهم المستمر من العقاب، وحماية شعبنا من تغول الاحتلال».

وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم الجمعة، أنه قرر إنهاء استخدام الاعتقال الإداري بحق المستوطنين اليهود في الضفة الغربية المحتلة.

وقال كاتس في بيان إنه قرر «وقف استخدام مذكرات الاعتقال الإداري ضد المستوطنين اليهود في الضفة الغربية، في واقع تتعرض فيه المستوطنات اليهودية هناك لتهديدات إرهابية فلسطينية خطيرة، ويتم اتخاذ عقوبات دولية غير مبررة ضد المستوطنين».

وأضاف: «ليس من المناسب لدولة إسرائيل أن تتخذ خطوة خطيرة من هذا النوع ضد سكان المستوطنات»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».