مخاوف من ضربة إسرائيلية داخل الأراضي العراقية

«المقاومة الإسلامية» تتبنّى 4 هجمات في «إيلات»

رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش (إعلام حكومي)
رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش (إعلام حكومي)
TT

مخاوف من ضربة إسرائيلية داخل الأراضي العراقية

رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش (إعلام حكومي)
رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش (إعلام حكومي)

في تصعيد غير مسبوق، أعلنت المجموعة التي تُسمي نفسها «المقاومة الإسلامية في العراق»، عن تنفيذ 4 عمليات استهدفت مواقع وصفتها بـ«الحيوية» في مدينة أم الرشراش (إيلات) داخل الأراضي الإسرائيلية.

وتتزامن الهجمات التي تبنتها «المقاومة»، السبت، مع قلق زائد بين الأوساط السياسية العراقية من تعرُّض البلاد إلى هجمات، في إطار المواجهة بين إسرائيل وإيران.

وقالت «المقاومة» في بيان وزّعته منصة «تلغرام»: «إن العمليات جرت عبر طائرات مسيّرة، وجاءت ردّاً على (المجازر المرتكبة من قِبَل الكيان الإسرائيلي بحق المدنيين في فلسطين ولبنان)».

وأكدت «المقاومة»، أنها ستواصل عملياتها بوتيرة متصاعدة لاستهداف «معاقل الأعداء بوصفها جزءاً من نهجها في مقاومة الاحتلال».

وكان موقع «إكسيوس» الإخباري الأميركي، قد أفاد يوم 1 نوفمبر (تشرين الثاني) بأن إيران تستعد لمهاجمة إسرائيل من الأراضي العراقية في الأيام المقبلة، وقد يكون ذلك قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، وهو أمر أثار مخاوف داخل العراق بين مختلف الأوساط السياسية والشعبية.

ووفق الموقع، فإن تنفيذ الهجوم من خلال «الميليشيات» الموالية لإيران في العراق، وليس مباشرة من الأراضي الإيرانية، يمكن أن يكون محاولة من إيران لتجنُّب هجوم إسرائيلي آخر ضد أهداف استراتيجية.

صورة إطلاق سابق لمسيَّرة من فيديو نشرته «فصائل المقاومة الإسلامية» في العراق عبر «تلغرام»

قلق عراقي

ومع ذلك، التزمت السلطات العراقية الصمت حيال إمكانية قيام إسرائيل بتوجيه ضربة إلى العراق، تحت ذريعة استمرار الفصائل المسلحة في توجيه ضرباتها، رغم المساعي التي يبذلها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في تجنيب بلاده الحرب أو الوقوع في شرك المواجهة الإيرانية - الإسرائيلية بالإنابة، من خلال عدم رضوخ بعض الفصائل المسلحة لمساعي الهدنة التي قبلت بها فصائل أخرى.

وكانت تقارير محلية قد تداولت معلومات عن «وفد أمني عراقي زار طهران قبل أيام، في محاولة لتحييد الفصائل العراقية عن التصعيد الراهن».

وزعمت التقارير، نقلاً عن مصادر، أن «طهران تجنّبت الدخول على خط الفصائل العراقية»، وشددت على أن «قرار هذه المجموعات مستقل، وأن إيران لا تتدخل فيه».

وكررت «كتائب حزب الله» العراقية التهديد بأنها ستضرب مواقع في المنطقة، وتصاعدت هذه اللهجة ربطاً بقرب الانتخابات الأميركية.

وكانت مجلة «ناشيونال إنترست» الأميركية قد أشارت إلى أن «المقاومة العراقية» -عبر «المنطقة الرمادية» التي تتحرك من خلالها- وضعت العراق على مفترق طرق، بجعل نفسها طرفاً محارباً في المواجهة المتصاعدة بين إيران وحلفائها، مع إسرائيل.

وطبقاً للتقارير، فإن الفصائل المسلحة نفّذت من داخل الأراضي العراقية أكثر من 200 هجوم على أهداف أميركية وإسرائيلية متمركزة في العراق وسوريا ردّاً على الدعم الأميركي لإسرائيل، التي تشنّ عمليات عسكرية في غزة.

ودعا خبراء، وفقاً للتقارير، رئيس الحكومة العراقية السوداني، وبصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة العراقية، إلى الاستفادة من أن الدولة توفر الأموال والأسلحة، لكي يملي أجندة هذه الجماعات، وضمان أنها تعمل بما يتماشى مع المصالح الوطنية للعراق، وليس مع مصالح إيران.

«كتائب حزب الله» العراقية هددت بزيادة هجماتها مع قرب الانتخابات الأميركية (إكس)

وتيرة الهجمات

إلى ذلك، نقلت «أسوشييتد برس» عن مسؤولين أميركيين، إن الفصائل العراقية تُطلق طائرات هجومية من دون طيار من داخل العراق تجاه إسرائيل بشكل يومي، وأن القوات الأميركية والشريكة اضطرت إلى اعتراض عدد منها.

وقال مسؤولان أميركيان، دفاعي وآخر أمني إقليمي: «إن الطائرات من دون طيار كانت تُشكل مشكلة منذ هجوم (حماس) على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وليست فقط انتقاماً للضربات الإسرائيلية على إيران الأسبوع الماضي»، وأن «عدد هجمات الطائرات من دون طيار زادت خلال الأسابيع الأخيرة».

وذكر ضابط أمن إقليمي، أن «متوسط ​​عمليات الإطلاق يقدر بـ5 عمليات يومياً من داخل العراق، تستهدف إسرائيل من قبل الميليشيات المتحالفة مع إيران، وفي غضون الأسبوع الماضي، جرى إطلاق 8 طائرات من دون طيار خلال يوم واحد».

وأضاف المسؤولان، أن القوات الأميركية اعترضت الطائرات الهجومية، وأن عمليات الإطلاق المستمرة زادت من فرصة رد إسرائيل.


مقالات ذات صلة

وزير الداخلية العراقي بطهران في مهمة «غامضة»

المشرق العربي وزير الداخلية الإيراني إسكندر مؤمني يترأس اجتماعاً مشتركاً مع نظيره العراقي عبد الأمير الشمري في طهران اليوم (تسنيم)

وزير الداخلية العراقي بطهران في مهمة «غامضة»

وصل وزير الداخلية العراقي إلى طهران، وسط تكهنات بأنه يحمل رسالة خاصة، لبحث «عدم زج العراق في الصراع الإسرائيلي مع غزة ولبنان»، وفقاً لمصادر مطلعة.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي صورة نشرها مكتب السيستاني من استقباله ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الجديد لدى العراق العماني محمد الحسان (أ.ف.ب)

السيستاني يدعو إلى حصر السلاح بيد الدولة ورفض التدخلات الخارجية

حدد المرجع الشيعي الأعلى في العراق، آية الله علي السيستاني، 7 عوامل لتحقيق «استقرار العراق»، خلال لقائه ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الجديد في العراق.

حمزة مصطفى (بغداد)
العالم العربي السيستاني خلال استقبله اليوم ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثتها في العراق (يونامي) محمد الحسان والوفد المرافق معه (واع)

السيستاني: يجب منع التدخلات الخارجية في العراق وحصر السلاح بيد الدولة

قال المرجع الشيعي بالعراق علي السيستاني، اليوم الاثنين، إنه يجب منع التدخلات الخارجية بمختلف صورها وحصر السلاح في يد الدولة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي «كتائب حزب الله» العراقية سبق أن هددت بزيادة هجماتها مع قرب الانتخابات الأميركية (إكس)

قلق عراقي بعد تحديد إسرائيل «بنك أهداف»

تسود حالة من القلق في الأوساط الرسمية والشعبية العراقية بشأن طبيعة «بنك الأهداف» الذي أفادت تقارير إسرائيلية بأن تل أبيب حددته رداً على هجمات الفصائل المسلحة.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي كميات كبيرة من حبوب الكبتاغون صودرت شمال غربي سوريا أبريل 2022 (أ.ف.ب)

دمشق ترفع وتيرة القبض على شبكات ترويج المخدرات

تشهد سوريا ارتفاعاً ملحوظاً في نشاط حملة مكافحة المخدرات التي تشنّها الحكومة على شبكات ترويج وتعاطي المخدرات في البلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

وزير الداخلية العراقي بطهران في مهمة «غامضة»

وزير الداخلية الإيراني إسكندر مؤمني يترأس اجتماعاً مشتركاً مع نظيره العراقي عبد الأمير الشمري في طهران اليوم (تسنيم)
وزير الداخلية الإيراني إسكندر مؤمني يترأس اجتماعاً مشتركاً مع نظيره العراقي عبد الأمير الشمري في طهران اليوم (تسنيم)
TT

وزير الداخلية العراقي بطهران في مهمة «غامضة»

وزير الداخلية الإيراني إسكندر مؤمني يترأس اجتماعاً مشتركاً مع نظيره العراقي عبد الأمير الشمري في طهران اليوم (تسنيم)
وزير الداخلية الإيراني إسكندر مؤمني يترأس اجتماعاً مشتركاً مع نظيره العراقي عبد الأمير الشمري في طهران اليوم (تسنيم)

يعبر كثير من العراقيين، سواء على المستوى الشعبي أو الرسمي، عن مخاوف جدية من احتمال تعرض بلادهم لضربة عسكرية إسرائيلية، خصوصاً في ظل التهديدات الأخيرة التي أطلقتها تل أبيب بشأن استهداف العراق إذا استمرت الفصائل المسلحة المرتبطة بإيران في شن هجمات صاروخية على الأراضي الإسرائيلية.

في هذا السياق، وصل وزير الداخلية عبد الأمير الشمري إلى طهران، وسط تكهنات بأنه يحمل رسالة خاصة من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لبحث «عدم زج العراق في الصراع الإسرائيلي مع غزة ولبنان»، وفقاً لمصادر مطلعة.

وأشار بيان وزارة الداخلية إلى أن الزيارة تتعلق بمناقشة «ترتيبات الزيارة الأربعينية، وتأمين الحدود المشتركة، ومذكرة التفاهم بين البلدين، بالإضافة إلى مواضيع أخرى تشمل التدريب وتبادل الخبرات والشؤون الأكاديمية للطلبة المبتعثين إلى إيران للدراسة في المجال الأمني، إلى جانب مسائل تخص المرور والجوازات».

لكن مصادر مطلعة، قالت إن «اللغة الغامضة» المستخدمة في البيان كانت متعمدة، حيث يُرجّح أن الوزير مكلف بمهمة خاصة من قبل رئيس الوزراء تهدف إلى تجنب ضربة إسرائيلية محتملة، خصوصاً في ظل الأنباء عن نية طهران استخدام أراضٍ عراقية عبر وكلائها بشن هجومها المرتقب على إسرائيل.

ومع أن احتمالات الضربة ليست «وشيكة» بالضرورة، خصوصاً مع احتمال توقف الفصائل عن استهداف إسرائيل - وإن كان ذلك غير مؤكد - فإن قوى الإطار التنسيقي الشيعية، المهيمنة على إدارة الدولة، «تراقب الوضع بقلق بالغ وتتعامل مع احتمال الاعتداء الإسرائيلي بجدية عالية»، وفقاً لمصادر مقربة من هذه القوى.

وأكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن «شخصيات رئيسية في الإطار التنسيقي تعقد اجتماعات دورية، تكاد تكون يومية، لتدارس الخطوات الممكنة لتفادي المخاطر، إلى جانب الجهود الحثيثة التي يبذلها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في هذا الاتجاه».

وترى المصادر أن قوى الإطار التنسيقي «تسعى بجدية لتجنب الانجرار في لعبة المحاور الإقليمية»، مشيرةً إلى أن بيان المرجع الأعلى علي السيستاني، الأخير خلال لقائه بالممثل الأممي، والذي شدد فيه على ضرورة «استخلاص العبر» و«حصر السلاح بيد الدولة»، قد أضاف زخماً لجهود هذه القوى.

وأضافت المصادر أن «بعض قوى الإطار، وحتى بعض الفصائل غير المنخرطة في محور المقاومة، قد تميل إلى استهداف ما تعدّه (فصائل مارقة) لا تتماشى مع إرادة الدولة، وتسعى لزج العراق في حرب تفوق طاقته على تحملها».

من جهتها، عدّت حركة «أنصار الله الأوفياء» المنضوية ضمن «فصائل المقاومة الإسلامية في العراق»، أن الحكومة العراقية لن تسمح باستخدام أراضيها منطلقاً لأي هجوم إيراني يستهدف إسرائيل.

وقال القيادي في الحركة، علي الفتلاوي، في تصريحات صحافية الاثنين، إن «التقارير الأميركية التي تشير إلى نية إيرانية لاستخدام الأراضي العراقية قاعدة للهجوم على إسرائيل تحمل عدة رسائل، من بينها محاولة تقديم العراق معبراً محتملاً لهذه الهجمات، كما سمحت الولايات المتحدة لإسرائيل باستخدام الأراضي العراقية سابقاً، إضافة إلى أنها قد تمنح إسرائيل مبرراً لضرب العراق بزعم انطلاق الهجمات من أراضيه».

وأكد الفتلاوي أن «العراق لن يسمح بأن تُستخدم أراضيه منطلقاً لأي هجمات في المنطقة، سواء من إيران أو غيرها»، مشيراً إلى أن «إيران ليست لديها نية من هذا النوع، فهي تمتلك قوة صاروخية تمكنها من استهداف تل أبيب مباشرةً دون الحاجة للمرور عبر العراق».

من جانبه، يرى الباحث والدبلوماسي السابق غازي فيصل، أن «إسرائيل، في حال قررت مهاجمة العراق، لن تستهدف مؤسسات الدولة».

وقال فيصل لـ«الشرق الأوسط»، إن «حكومة السوداني تتبنى موقفاً ثابتاً بعدم الانخراط في الصراع الإقليمي، وهو موقف معلن منذ مؤتمر القاهرة، ويركز على وقف الحرب والسعي لحلول دبلوماسية تستند إلى قرارات الشرعية الدولية».

وأضاف أن «مواقف الحكومة وأغلبية الأحزاب السياسية واضحة في التمسك بالحياد العراقي، وعدم الدخول في النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني أو الصراع في لبنان».

ويرى غازي أن «موقف الفصائل المسلحة يتماشى مع توجهات (الحرس الثوري) الإيراني وولاية الفقيه، حيث تدعم هذه الفصائل الحرب وأجندتها، مما يجعلها بعيدة عن الإجماع الوطني العراقي، ولا ترتبط بالدولة أو الحكومة، بل تتبع تعليمات تتجاوز الحدود».

ويضيف الدبلوماسي السابق أن «ثمة موقفين واضحين: الأول حكومي رافض للتورط في الحرب، والثاني فصائلي منخرط فيها فعلياً. وفي حال قررت إسرائيل توجيه ضربة للعراق، فمن المرجح أن تستهدف الفصائل تحديداً، نظراً لدخولها في مواجهة مسلحة مباشرة معها، وليس الحكومة العراقية».

ويؤكد أن «إسرائيل ستستهدف مقار القيادة والسيطرة ومصانع الأسلحة والطائرات المسيّرة التابعة للفصائل في مختلف المناطق، على أن تكون الضربات موجهة حصرياً لمواقع الفصائل، دون المساس بالمصالح والمواقع الحيوية للدولة العراقية».