إسرائيل تعتمد التدمير التدريجي للضاحية الجنوبية

حجم الأضرار لا يزال أقل من حرب 2006

مناصر لـ«حزب الله» يتجوّل بين ركام ناتج من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية (أ.ب)
مناصر لـ«حزب الله» يتجوّل بين ركام ناتج من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية (أ.ب)
TT

إسرائيل تعتمد التدمير التدريجي للضاحية الجنوبية

مناصر لـ«حزب الله» يتجوّل بين ركام ناتج من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية (أ.ب)
مناصر لـ«حزب الله» يتجوّل بين ركام ناتج من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية (أ.ب)

عاودت إسرائيل، بعد نحو أسبوع من الهدوء الذي ساد الضاحية الجنوبية لبيروت، قصفها العنيف للمنطقة، بالتوازي مع خروج الدخان الأسود من تل أبيب، بعد جولة التفاوض الفاشلة التي حاول خلالها الوسيطان الأميركيان التوصّل إلى تفاهم يؤدي لوقف إطلاق نار في المنطقة قبيل موعد الانتخابات الأميركية يوم الثلاثاء المقبل.

ومنذ قرار إسرائيل توسعة الحرب على لبنان، لجأت للتدمير التدريجي للضاحية؛ بحيث كانت تقصفها لأيام وليالٍ بشكل مكثف، لتعود وتوقف عملياتها أياماً أخرى.

ونفّذ الجيش الإسرائيلي سلسلة غارات عنيفة فجر الجمعة، استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت. ووصفت «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية، الدمارَ الذي خلفته 14 غارة استهدفت المنطقة بـ«الهائل»، لافتة إلى أن عشرات المباني سويت بالأرض، واندلع عدد من الحرائق.

مصير مجهول

وأظهرت فيديوهات نشرها موقع «المنار» التابع لـ«حزب الله» الدمار يغطي أوتوستراد السيد هادي نصر الله، ومباني تحوّلت إلى كومة ركام كبيرة. وبدت شرفات المنازل التي بقيت صامدة مدمرة بغياب أي مظاهر للحياة.

ولم يعطِ الجيش الإسرائيلي السكان الذين ما زالوا في المنطقة إلا وقتاً قصيراً جداً لمغادرة أماكنهم. ونشر الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، خريطتين بالأهداف، ودعا السكان إلى الابتعاد لمسافة 500 متر على الأقل عن المباني المستهدفة.

وقال أحد أبناء الضاحية، الذي فضّل عدم ذكر اسمه: «إن بعض السكان عادوا إلى المنازل غير المدمرة في الساعات الماضية، بعدما اعتقدوا عقب 6 أيام على توقف القصف أن التهدئة ستطول، خصوصاً بعد كل ما بث من أجواء تفاؤلية عن قرب التوصل لوقف النار».

وأضاف الشاب الثلاثيني لـ«الشرق الأوسط»: «لكن، وبعد التحذيرات التي أتت بُعيد منتصف الليل لم يعرف هؤلاء كيف يغادرون المنطقة، خصوصاً أن معظمهم كانوا نياماً».

وأوضح أنه وعائلته لا يعرفون مصير منزلهم في حارة حريك، وما إذا كان قد دُمّر أو لا يزال صامداً، وقال: «يكفي أهلي صدمة دمار منزلنا في بنت جبيل. صدمة دمار منزلنا في الضاحية قد تقضي عليهم».

نهج تدميري

وعن الضرب المتقطع والعنيف للضاحية، يقول العميد المتقاعد جورج نادر: «إن الضاحية الجنوبية هي المقر الأساسي السياسي والإداري والأمني والعسكري لـ(حزب الله)، والقيادات البارزة فيه قتلت هناك، من الأمين العام السابق السيد حسن نصر الله، ورئيس المجلس التنفيذي السيد هاشم صفي الدين، إلى القياديين فؤاد شكر وإبراهيم عقيل وعلي كركي»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هذه القيادة لا تنحصر في عدد معين من المباني، أضف أن الذراع المالية المتمثلة في القرض الحسن هي أيضاً في الضاحية. ومن هنا يُعدّ الإسرائيلي أنه بضربها يضرب عصب الحزب».

ويشير نادر إلى أن هناك «رسائل سياسية أيضاً تبعثها تل أبيب من قصف الضاحية، علماً بأنها كلما رصدت هدفاً، وتأكدت من وجوده في مكان معين، فهي لن تتوانى عن قصفه في أي وقت». ويتحدث نادر عن «نهج تدميري تنتهجه إسرائيل، سواء في الجنوب؛ حيث تعمد إلى تدمير كامل للقرى، تستتبعه بعمليات جرف أو في البقاع والضاحية»، لافتاً إلى أن «هدفها ليس قتل الخصم حصراً، وإنما أيضاً تدمير كل بنيته».

حجم الدمار

وعلى الرغم من حجم الدمار الذي يظهر في الصور والفيديوهات، فإنه، ووفق الباحث في الشركة «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، فإن «الأضرار في الضاحية حالياً أقل من عام 2006»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه في عدوان يوليو (تموز) قبل 16 عاماً «دُمر 700 مبنى، أما اليوم، وحتى الساعة، فالدمار لحق بـ240 مبنى و5000 وحدة سكنية».


مقالات ذات صلة

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

الولايات المتحدة​ دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز)

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

انتزع ترمب الفوز من منافسته الديمقراطية، معتمداً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ انبعثت أعمدة الدخان والنيران من مبنى في اللحظة التي أصاب فيها صاروخ إسرائيلي منطقة الشياح (د.ب.أ)

تقرير أميركي: ملامح اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل بدأت تتشكل

نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين إقليميين وأميركيين قولهم اليوم (الجمعة)، إن ملامح اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل بدأت تتشكل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية صور للمحتجَزين لدى «حماس» (رويترز)

تقرير: إسرائيل لا ترى إمكانية التفاوض مع «حماس» إلا بعد الاتفاق مع «حزب الله»

التفاوض بشأن الرهائن الإسرائيليين تقلَّص منذ تعيين يسرائيل كاتس وزيراً للدفاع.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية محملة على شاحنة خلال نقلها إلى الحدود مع جنوب لبنان في الجليل الأعلى (إ.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يصل إلى مشارف نهر الليطاني في جنوب لبنان

نفّذت القوات الأسرائيلية أوسع اختراق بري داخل العمق اللبناني، منذ بدء الحرب، بوصولها إلى مشارف نهر الليطاني من جهة ديرميماس، وفصل النبطية عن مرجعيون.

نذير رضا (بيروت)

«نتنياهو المطلوب» يقلق إسرائيل على ضباطها

إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
TT

«نتنياهو المطلوب» يقلق إسرائيل على ضباطها

إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)

في ظلّ معلومات عن اتجاه دول أجنبية إلى تقليص اتصالاتها مع الحكومة الإسرائيلية غداة صدور مذكرة توقيف دولية بحق رئيسها، بنيامين نتنياهو، وأخرى بحق وزير دفاعه السابق يوآف غالانت، على خلفية جرائم حرب في غزة، يسود قلقٌ في إسرائيلَ من إمكان أن تشمل الملاحقات أيضاً قادة جيشها.

وإذا كان المتهمان الأساسيان بجرائم غزة هما نتنياهو وغالانت، فإنه يوجد منفذون أيضاً هم قادة الجيش الكبار والصغار وألوف الجنود والضباط الذين نشروا صوراً في الشبكات الاجتماعية يتباهون فيها بممارساتهم ضد الفلسطينيين.

ولم يشهد سكان غزة، أمس، ما يدعوهم للأمل في أن يؤديَ أمرا اعتقال نتنياهو وغالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع، فيما قال مسعفون إن 21 شخصاً على الأقل قُتلوا في غارات جديدة.