شهود عيان من القصير لـ«الشرق الأوسط»: هلع شديد وسُحب دخان تمددت إلى كل الأحياء

يسيطر عليها «حزب الله» منذ 2013 وغصّت مؤخراً بالنازحين من لبنان

الشوارع خالية لحظة قصف القصير الخميس (سانا)
الشوارع خالية لحظة قصف القصير الخميس (سانا)
TT

شهود عيان من القصير لـ«الشرق الأوسط»: هلع شديد وسُحب دخان تمددت إلى كل الأحياء

الشوارع خالية لحظة قصف القصير الخميس (سانا)
الشوارع خالية لحظة قصف القصير الخميس (سانا)

سحابة هائلة من الدخان الأسود غطت سماء منطقة القصير، جنوب غربي حمص، القريبة من الحدود مع لبنان، جراء ثلاث غارات شنّها الطيران الإسرائيلي، اليوم الخميس، على المنطقة الصناعية في الحي الشرقي من المدينة، وأسفرت عن مقتل 10 أشخاص، وإصابة آخرين.

وقال الجيش الإسرائيلي، الذي لا يعلّق عادة على تقارير محددة عن ضربات في سوريا، في بيان نقلته «رويترز»، إنه ضرب «منشآت تخزين أسلحة ومراكز قيادة» تستخدمها جماعة «حزب الله» اللبنانية في منطقة القصير.

وتشير بيانات للجيش الإسرائيلي إلى أن إسرائيل نفذت، في الأشهر القليلة الماضية، ضربات جوية استهدفت تقييد عملية نقل أسلحة من إيران عبر سوريا إلى «حزب الله» في لبنان، وقال إنها امتدت إلى بلدة القصير، بالقرب من الحدود السورية اللبنانية.

الشوارع خالية لحظة قصف القصير الخميس (سانا)

وأشار شهود عيان، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الغارات الإسرائيلية تسببت بحالة هلع شديد لدى الأهالي، ولا سيما الأطفال، خاصة مع تمدد سُحب الدخان الكثيف إلى كل الأحياء، علماً بأن القصير وقُراها تكتظ بمئات الوافدين من الأراضي اللبنانية.

وشهدت المدينة، يومي الثلاثاء والأربعاء، أكبر موجة من الوافدين من بعلبك والهرمل والقاع، على خلفية تهديد إسرائيل بضرب تلك المناطق. وتقع القصير في منتصف الطريق الواصل إلى معبر جوسية على الحدود اللبنانية، ومنطقتي حوش السيد علي ومشاريع القاع على الحدود.

وقالت مصادر محلية في حمص، لـ«الشرق الأوسط»، إن أصوات الانفجارات وتصاعد الدخان الأسود استمرا في المنطقة الصناعية بعد الغارة لنحو ساعتين.

أعلام «حزب الله» في مدينة القصير قرب الحدود اللبنانية يونيو 2013 (أ.ف.ب)

وتُعد المنطقة الصناعية المستهدَفة من الأحياء التي استولى عليها «حزب الله» منذ سيطرته على القصير عام 2013، وحوَّلها إلى منطقة محظورة يُمنع على غير عناصره دخولها، بمن فيهم عناصر القوات السورية.

ومنذ بدء الاستهدافات الإسرائيلية الأخيرة لمواقع «حزب الله» في سوريا، كان هناك تخوف لدى الأهالي من استهداف المنطقة الصناعية؛ لوقوعها ضمن الحي الشرقي السكني، في منطقة حيوية عند المدخل الرئيسي للمدينة وعقدة الطرق التي تربط مدينة حمص مع القصير والمناطق الحدودية.

وأوردت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» أن «العدو الإسرائيلي استهدف، اليوم الخميس، بعض الأحياء السكنية والمدينة الصناعية في مدينة القصير بريف حمص». وأضافت أن العدوان تسبَّب بإصابات بين المدنيين، في حصيلة أولية، إضافة إلى أضرار مادية بالمنازل السكنية والمنطقة الصناعية.

أما صحيفة «الوطن» المحلية فقد نقلت، عن مصدر مطّلع، أن الحصيلة الأولية للغارة على مدينة القصير «5 شهداء، وإصابة عدد من المدنيين». وبثّ التلفزيون السوري مشاهد وصول عدد من المصابين إلى مستشفى الباسل بحي كرم اللوز في مدينة حمص.

سكان يتفقدون جسراً تضرّر بغارة إسرائيلية قرب قرية تل النبي مندو السورية بريف القصير 28 أكتوبر (أ.ف.ب)

من جانبه، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الطيران الحربي الإسرائيلي شنّ 3 غارات استهدفت منطقة جسر الدف، جنوب مدينة القصير، بالقرب من محطة المياه، كما طالَ الاستهداف مستودعات في المنطقة الصناعية داخل المدينة، وقرب بلدة حوش السيد علي ومنطقة مشاريع القاع، عند الحدود السورية اللبنانية، حيث دوَّت انفجارات عنيفة سُمع صداها في المنطقة، مع تصاعد كثيف للدخان من المكان المستهدف، تزامناً مع انطلاق الدفاعات الجوية، التابعة للقوات الحكومية، لمحاولة التصدي للصواريخ الإسرائيلية.

وأفاد «المرصد» بأن القصف الإسرائيلي أدى لمقتل 10 أشخاص على الأقل، مشيراً إلى أن القتلى 7 مدنيين و3 سوريين من العاملين مع الحزب بأعمال غير قتالية، مضيفاً أن الضربات التي أدت إلى انفجارات متتالية في بعض المواقع تسببت أيضاً في إصابة 11 شخصاً.

صورة متداولة لقصف وسط القصير التجارية

ويُعد الهجوم الإسرائيلي، اليوم الخميس، على القصير هو الأول داخل المناطق السكنية في المدينة، التي تتعرض المناطق الحدودية المجاورة لها لضربات متكررة، ولا سيما المعابر الحدودية الشرعية وغير الشرعية والطرق الزراعية والجسور الصغيرة على نهر العاصي، والتي أدت لخروج معبريْ جوسية ومطربا من الخدمة، ومنعت حركة السيارات، وهو ما زاد معاناة أهالي تلك المناطق والوافدين إلى الأراضي السورية الذين يضطرون لعبور الحفر الكبيرة التي أحدثها الاستهداف، سيراً على الأقدام حاملين الأمتعة والأطفال، متوجهين إلى مدينة القصير وقُراها التي دمَّر النزاع في سوريا مناطق واسعة فيها، كما أسهم الزلزال الكبير في زعزعة ما تبقَّى منها.

لبنانيون وسوريون دخلوا سوريا من معبر جوسية إلى القصير الأربعاء (أ.ف.ب)

المصادر المحلية في حمص قالت إن الاستهدافات المتكررة على الحدود زادت خنقَ أهالي المناطق الحدودية الذين يعتمدون في مواجهة الظروف المعيشية القاهرة على تبادل السلع بين جانبي الحدود.

صورة التُقطت من الجانب السوري للحدود مع لبنان تُظهر آثار غارة إسرائيلية على معبر جوسية الحدودي مع القصير بمحافظة حمص 25 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

وقبل اندلاع الحرب الإسرائيلية الأخيرة ضد «حزب الله»، كان السكان على الجانب اللبناني يحصلون على الخبز والخضر واللحوم والألبان من منطقة القصير؛ لانخفاض سعرها، قياساً بالأسعار في لبنان.

في المقابل، يحصل نظراؤهم على الجانب السوري على المحروقات (غاز منزلي وبنزين ومازوت وسلع مفتقَدة كحليب الأطفال)؛ لانخفاض سعرها، قياساً بأسعارها في سوريا، إن توفرت.

وقالت المصادر إن سكان المناطق الحدودية لا يرون في ذلك عملية «تهريب»، وإنما وسيلة لمواجهة الأوضاع الاقتصادية المُنهارة في البلدين. والحرب الآن تزيد معاناتهم وفقرهم تحت وطأة نيران القصف والتضييق عليهم بالحواجز العسكرية والأمنية المحيطة بمناطقهم.

وفرّ أكثر من نصف مليون شخص في لبنان متوجهين إلى سوريا خلال شهر ونيف، منذ بدء التصعيد الإسرائيلي الأخير على معاقل «حزب الله» في 23 سبتمبر (أيلول)، وفق ما ذكرت السلطات اللبنانية.


مقالات ذات صلة

أوستن يبحث خفض «التصعيد الإقليمي» مع نظيره الإسرائيلي

الولايات المتحدة​ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (يسار) ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (وزارة الدفاع الأميركية)

أوستن يبحث خفض «التصعيد الإقليمي» مع نظيره الإسرائيلي

قالت وزارة الدفاع الأميركية، اليوم، إن وزير الدفاع لويد أوستن، ناقش «فرص خفض التصعيد الإقليمي» مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت، خلال اتصال هاتفي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الجيش الإسرائيلي استهدف سيارة شرق خان أرنبة في القنيطرة على طريق دمشق (أ.ف.ب)

السوريون مطوقون بالقلق من كل شيء

السوريون مطوقون من كل جانب داخل سوريا بالمخاوف والقلق من أن تمتد الحرب في لبنان إلى بلادهم، أو تصدر الحكومة الجديدة قرارات برفع أسعار الوقود فترتفع أسعار السلع.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي دخان يتصاعد من مدينة الخيام نتيجة القتال بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني (رويترز)

صور ومقاطع فيديو تظهر نسف إسرائيل مئات المباني في جنوب لبنان

أظهرت صور الأقمار الاصطناعية والفيديوهات دماراً واسع النطاق في ست قرى على الحدود الجنوبية للبنان مع إسرائيل، حيث تظهر تدميراً كلياً أو جزئياً لـ1085 مبنى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو (رويترز)

نتنياهو يسكب «ماء بارداً» على المتحمسين لوقف إطلاق النار في لبنان أو غزة

وضع نتنياهو شروطاً جديدة للاتفاق مع لبنان، وأبدى إصراره على أن يتضمن الاتفاق بنداً يحفظ لإسرائيل حرية العمليات في لبنان في إطار أي تسوية لإنهاء الحرب.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية غالانت وديرمر يلتقيان مستشاري البيت الأبيض للشرق الأوسط بريت مكغورك وأموس هوكشتاين (مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي)

غالانت يبحث مع مبعوثي البيت الأبيض الوضع في غزة ولبنان

التقى وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، مستشاري البيت الأبيض للشرق الأوسط، بريت مكغورك وأموس هوكشتاين.


بلينكن يحض إسرائيل على السماح باستئناف التلقيح ضد شلل الأطفال في غزة

وزيرا الدفاع والخارجية الأميركيان خلال مؤتمر صحافي في كوريا الجنوبية (أ.ف.ب)
وزيرا الدفاع والخارجية الأميركيان خلال مؤتمر صحافي في كوريا الجنوبية (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يحض إسرائيل على السماح باستئناف التلقيح ضد شلل الأطفال في غزة

وزيرا الدفاع والخارجية الأميركيان خلال مؤتمر صحافي في كوريا الجنوبية (أ.ف.ب)
وزيرا الدفاع والخارجية الأميركيان خلال مؤتمر صحافي في كوريا الجنوبية (أ.ف.ب)

حضّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إسرائيل، الخميس، على أن تسمح باستئناف حملة التلقيح ضد شلل الأطفال، وخصوصاً في شمال قطاع غزة، بعدما توقفت بسبب القصف الكثيف.

وقال بلينكن، خلال مؤتمر صحافي: «من المُلحّ أن يجري هذا الأمر في الأيام المقبلة، وندعو إسرائيل إلى أن تُسهل هذا العمل»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

باشرت منظمة الصحة العالمية حملة تطعيم في قطاع غزة، في الأول من سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد تأكيد أول إصابة بشلل الأطفال في القطاع المحاصَر والمدمَّر، منذ 25 عاماً.

وأنجزت المرحلة الأولى من التلقيح، وبدأت المرحلة الثانية في موعدها المحدد في 14 أكتوبر (تشرين الأول)، قبل أن تتوقف مؤقتاً بسبب القصف الإسرائيلي الكثيف.

وأضاف بلينكن أن «أحد الأمور التي نجحت، في الأشهر الأخيرة، هي حملة التلقيح ضد شلل الأطفال لمئات الآلاف من الأطفال الفلسطينيين في غزة. لكن من أجل إنهاء هذه الحملة، علينا استكمال مرحلة ثانية من التطعيم، ويجب أن يجري ذلك خلال فترة زمنية معينة (مرتبطة) بالمرحلة الأولى من حملة التلقيح».

وحذّر بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن، في منتصف أكتوبر، من أن الولايات المتحدة قد تحرم إسرائيل من بعض المساعدات العسكرية إذا لم يسجَّل تحسن في المساعدات الإنسانية بغزة خلال ثلاثين يوماً.

وأكد بلينكن، الخميس، أن الولايات المتحدة ترصد «من كثب» مدى التزام الدولة العبرية. وقال: «حصل تقدم حقيقي، لكنه غير كافٍ، ونعمل يومياً للتأكد من أن إسرائيل تفعل ما يجب عليها فعله لضمان وصول هذه المساعدة إلى من يحتاجون إليها». وتنتهي مهلة الأيام الثلاثين بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، المرتقبة الثلاثاء المقبل.