معالم أثرية لبنانية تعرضت للدمار جراء القصف الإسرائيلي (إنفوغراف)

التهديدات تطال آثاراً تمتد من بيروت إلى البقاع والجنوب

جزء من قلعة بعلبك الأثرية في لبنان (رويترز)
جزء من قلعة بعلبك الأثرية في لبنان (رويترز)
TT

معالم أثرية لبنانية تعرضت للدمار جراء القصف الإسرائيلي (إنفوغراف)

جزء من قلعة بعلبك الأثرية في لبنان (رويترز)
جزء من قلعة بعلبك الأثرية في لبنان (رويترز)

تتعرّض العديد من المعالم الأثرية في لبنان لخطر التدمير وسط اشتداد القصف الإسرائيلي على البلاد منذ أكثر من شهر.

ويوثّق تقرير حديث التدمير التراثي الثقافي في لبنان نتيجة للحرب الدائرة، ضمن مبادرة أطلقها برنامج «تعليم التراث» ومؤسسة «تراث من أجل السلام».

ويتضمن التقرير الدمار الذي لحق أو يهدد أماكن ومعالم أثرية في لبنان وسط الحرب بين إسرائيل وجماعة «حزب الله». وتشمل المناطق بيروت وضواحيها الجنوبية، والبقاع إلى الشرق وراء سلسلة الجبال الغربية، والجنوب، بما في ذلك جميع القرى الواقعة على طول الخط الأزرق الفاصل.

ومن أبرز المعالم أو المناطق المعرضة للمخاطر، بحسب التقرير:

بيروت

الضاحية الجنوبية

تعرضت المنطقة الجنوبية أو الضواحي الجنوبية لمدينة بيروت لدمار هائل في شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) 2024. ويؤثر الضرر على جميع مكونات الأحياء، بما في ذلك المباني الدينية، والمساحات الثقافية، والذاكرة القديمة والحديثة للمكان، بحسب التقرير.

الشياح

كانت الشياح قرية مسيحية في الماضي، لكنها الآن مأهولة جزئياً من قبل الطائفة الشيعية في لبنان. وهي اليوم عبارة عن منطقة مكتظة يبلغ عدد سكانها نحو 60 ألف نسمة، وتعرضت لقصف إسرائيلي.

خلال الفترة العثمانية، كانت المنطقة عبارة عن أراضٍ زراعية وبساتين حمضيات، مجاورة لحارة حريك والغبيري والحدث والحازمية وفرن الشباك وعين الرمانة.

ويُفسَّر ذلك بوجود نوع معين من الأشجار اللازمة لإنتاج الحرير. التراث الثقافي يتألف بشكل أساسي من المباني السكنية ذات الهندسة المعمارية العادية، وبعض المباني الدينية والكنائس والمساجد.

عمال يزيلون الأنقاض من موقع متضرر في أعقاب الغارات الجوية الإسرائيلية على منطقة الشياح (رويترز)

مقبرة الباشورة

تعرضت المقبرة لدمار جراء القصف الإسرائيلي على بيروت. والمقبرة القديمة، التي كان سكان بيروت يُطلقون عليها اسم «قبر عمر»، تضم رفات العديد من المشاهير من عهد الخلافة العثمانية، بما في ذلك قبر الحاكم التاسع لسوريا أحمد حمدي باشا، الذي يقع بجوار سور المقبرة. ومن بين المسؤولين اللبنانيين الذين دفنوا فيها رئيس الوزراء الأسبق شفيق الوزان، ورئيس حزب النجادة الأسبق عدنان الحكيم.

البقاع

قلعة بعلبك تحت التهديد

يعود تاريخ استيطان مدينة بعلبك إلى القرن الثامن قبل الميلاد. وتشتهر المدينة بأطلالها الرومانية المهيبة من القرن الأول إلى القرن الثالث الميلاديين. وقد ظلت بعلبك مأهولة بالسكان حتى يومنا هذا، وهناك بعض الآثار المتبقية من العصور الوسطى والعصر العثماني، والتي تم الحفاظ عليها في البلدة القديمة وفي رأس العين، والمهددة بشدة من الهجمات الإسرائيلية.

ولا يوجد حالياً أي ضرر معروف للآثار في بعلبك، ولكن من المحتمل أن تكون الضربات بالقرب من القلعة قد تسببت في بعض الدمار. ووفقاً للتقارير، سقطت الصواريخ بشكل أساسي غرب أنقاض المعبد وشمال رأس العين. كما أن أنقاض مسجد المعلق (القرنين الحادي عشر والثالث عشر الميلاديين) في رأس العين معرضة للخطر أيضاً بسبب موجات الانفجارات. وقع انفجار في وسط المدينة القديمة هذا الشهر، وأدى أيضاً إلى تضرر مطعم العجمي الذي يعمل منذ عام 1924.

منزل بعلبك التقليدي

يقع هذا المبنى السكني النموذجي للطبقة المتوسطة في حارة المسيحيين في بعلبك. يتكون من 3 طوابق، مع قناطر و3 قاعات وشرفات مقنطرة نموذجية، وقد دمر في نهاية سبتمبر (أيلول) 2024 من قبل مالكه. وقد نشر محافظ بعلبك ووزير الثقافة خبر تدمير المنزل، وأصدرا مذكرة اعتقال للمالك، وإلزامه قانونياً بإعادة بناء المنزل.

تصاعد أعمدة الدخان من موقع غارة جوية إسرائيلية على مدينة بعلبك اللبنانية في البقاع (أ.ف.ب)

قبة دورس

تقع دورس على بعد نحو 3 كيلومترات جنوب بعلبك. وتقع قبة دورس، التي بُنيت على الأرجح في القرن الثالث عشر الميلادي، على طول الطريق السريع الرئيسي في بعلبك. تم حفر العديد من التوابيت الرومانية في دورس في نهاية التسعينات، وتم اكتشاف جزء من تل استيطاني يعود إلى العصر البرونزي في عام 2018، والذي تم حفره بواسطة المعهد الأثري الألماني. تعرضت قبة دورس لأضرار بالغة بسبب موجة الانفجارات الناجمة عن غارة جوية في 14/15 أكتوبر.

كما أصيبت العديد من المنازل ودُمرت في ضربات لاحقة.

مجدل عنجر

تظهر بجوار بلدة عنجر الحديثة بقايا المدينة الأموية (تسمى قلعة عنجر على الخريطة)، والتي أسسها الوليد الأول في بداية القرن الثامن الميلادي.

تقع مجدل عنجر جنوب عنجر وعلى بعد 5 كيلومترات من الحدود السورية - وعلى تلة مستوطنة غربي البلدة توجد بقايا لمعبد روماني.

وتعرضت قرية مجدل عنجر على وجه الخصوص للهجمات الصاروخية، إلا أن بقايا الحرم الروماني تبدو على مسافة آمنة، حتى الآن، من المدينة.

جنوب لبنان

صور-موقع التراث العالمي تحت الخطر

يقع موقع التراث العالمي لليونيسكو على الساحل الجنوبي للبنان، على بعد 83 كيلومتراً جنوب بيروت، وكانت صور القديمة المدينة الفينيقية العظيمة التي حكمت البحار وأسست مستعمرات مزدهرة مثل قادس وقرطاج، بحسب التقرير. وتعتبر واحدة من أقدم المدن الكبرى في العالم.

صحافيون يصورون تصاعد الدخان من المباني التي استهدفتها الغارات الجوية الإسرائيلية في صور بجنوب لبنان (أ.ب)

كانت صور مرتبطة بشكل مباشر بعدة مراحل في تاريخ البشرية، بما في ذلك إنتاج الصبغة الأرجوانية المخصصة للملوك والنبلاء، وبناء معبد سليمان في القدس، وذلك بفضل المواد والمهندس الذي أرسله الملك حيرام ملك صور؛ واستكشاف البحار من قبل الملاحين الأشداء الذين أسسوا مراكز تجارية مزدهرة في أماكن بعيدة مثل غرب البحر الأبيض المتوسط، الأمر الذي ضمن في نهاية المطاف احتكاراً شبه كامل للتجارة البحرية المهمة للمدينة الفينيقية.

تراجع الدور التاريخي لصور في نهاية فترة الحروب الصليبية.

تعرضت المنطقة الحضرية في صور لقصف إسرائيلي مؤخراً، حيث أصدر الجيش الإسرائيلي تحذيراً في 23 أكتوبر للسكان بهدف الإخلاء.

بالإضافة إلى ذلك، تقع المنطقة الساحلية، سواء السياحية أو السكنية، بين شارعين أثريين.

وتتضمن العديد من المناطق داخلها هياكل ومباني أثرية وتاريخية. وقد تعرضت مبانيها الشاهقة ومتاجرها ومطاعمها ومرافقها للقصف، بما في ذلك الطرق الرئيسية التي تربط بين مناطق المدينة المختلفة.

جزء من قلعة صور التاريخية جنوب لبنان (الموسوعة البريطانية)

النبطية: الأسواق العثمانية

لقطة عامة للدمار في مدينة النبطية جنوب لبنان بعد أن شنت إسرائيل غارات جوية مكثفة أدت إلى تدمير جزء كبير من السوق القديمة في المدينة والمباني البلدية (د.ب.أ)

تضم الأسواق القديمة في الساحة الرئيسية للنبطية 12 مبنى سكنياً تاريخياً و40 متجراً من أواخر القرن التاسع عشر.

كانت العمارة العثمانية، وهي ساحة مهمة للاقتصاد والتجارة المحلية منذ 150 عاماً، تُعرف باسم «سوق الاثنين الشعبي»، والسوق بمثابة مركز للمنتجات الزراعية والحرفية، حيث توفر السلع الأساسية للمزارعين وتقف شهادة على التاريخ الاقتصادي والاجتماعي للنبطية. يروي كل متجر في السوق قصة ماضي المجتمع. ومع ذلك، فإن التدمير الإسرائيلي الأخير لأجزاء من السوق يدل على أكثر من مجرد هجوم على الهياكل المادية؛ فهو يمثل اعتداءً على التراث الثقافي، بحسب ما أورده التقرير. وتم تدمير المحلات التجارية التاريخية.

قرية قانا

تُعتبر قانا قرية قديمة في الجليل الأعلى، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بقرية قانا التوراتية التي تضم آثاراً في وسطها، والمعروفة باسم «معاصر قانا».

لقد تعرضت القرية لقصف شديد، ومن المحتمل أن يكون مركزها، بما فيه العديد من الآثار، قد تضرر بسبب الغارات الإسرائيلية.


مقالات ذات صلة

لبنان يوجّه تهمة الإثراء غير المشروع لمحافظ المصرف المركزي السابق

المشرق العربي حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (رويترز)

لبنان يوجّه تهمة الإثراء غير المشروع لمحافظ المصرف المركزي السابق

قال مسؤولون قضائيون إن السلطات اللبنانية وجّهت تهمة الإثراء غير المشروع إلى محافظ مصرف لبنان السابق، وأصدرت مذكرة توقيف بحقه.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو (رويترز)

نتنياهو يسكب «ماء بارداً» على المتحمسين لوقف إطلاق النار في لبنان أو غزة

وضع نتنياهو شروطاً جديدة للاتفاق مع لبنان، وأبدى إصراره على أن يتضمن الاتفاق بنداً يحفظ لإسرائيل حرية العمليات في لبنان في إطار أي تسوية لإنهاء الحرب.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية نقل جثمان امرأة قُتلت في حيفا الخميس (أ.ف.ب)

مقتل 7 أشخاص في إسرائيل بهجمات «حزب الله»

في أكبر حصيلة من القتلى المدنيين الإسرائيليين منذ الهجوم البري على الأراضي اللبنانية قبل 37 يوماً، قُتل 7 أشخاص وأُصيب ثامن بجروح خطيرة في خليج حيفا والمطلة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري دبابة إسرائيلية محمولة على شاحنة في منطقة حدودية مع لبنان (رويترز)

تحليل إخباري تراجع القتال في بلدات حدودية جنوب لبنان

تراجع القتال بين الجيش الإسرائيلي و«حزب الله» على جبهات القطاعين الغربي والأوسط في جنوب لبنان، وتركَّز في محيط مدينة الخيام.

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي يتحدث خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماع لمجلس الوزراء في 27 مارس 2023 (د.ب.أ)

ميقاتي: الإنذارات الإسرائيلية لإخلاء مدن من سكانها «جريمة حرب»

عدّ رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، الخميس، أن الإنذارات التي يوجهها الجيش الإسرائيلي لإخلاء مدن من سكانها تُعدّ «جريمة حرب إضافية» ترتكبها إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الإنذارات والغارات الإسرائيلية تحوّل بعلبك إلى مدينة أشباح

سحابة من الدخان الكثيف ناتجة عن الغارات الإسرائيلية تعلو قلعة بعلبك الأثرية في شرق لبنان (الشرق الأوسط)
سحابة من الدخان الكثيف ناتجة عن الغارات الإسرائيلية تعلو قلعة بعلبك الأثرية في شرق لبنان (الشرق الأوسط)
TT

الإنذارات والغارات الإسرائيلية تحوّل بعلبك إلى مدينة أشباح

سحابة من الدخان الكثيف ناتجة عن الغارات الإسرائيلية تعلو قلعة بعلبك الأثرية في شرق لبنان (الشرق الأوسط)
سحابة من الدخان الكثيف ناتجة عن الغارات الإسرائيلية تعلو قلعة بعلبك الأثرية في شرق لبنان (الشرق الأوسط)

منعت إسرائيل العائدين إلى مدينة بعلبك في شرق لبنان، من ارتياد منازلهم التي أخلوها الأربعاء، حين جددت إنذاراتها بإخلاء المدينة التي تعرضت لعشرات الغارات الجوية، في وقت أكد رئيس بلدية بعلبك أن المدينة «تتعرض لتهجير منظّم»، معلناً أن «نسبة النزوح تخطّت 80 في المائة».

وخلت مدينة بعلبك وأحياؤها من السكان بشكل شبه كامل، مع إصدار الجيش الإسرائيلي تحذيرات الخميس، أنتجت حالة من الهلع والذعر في نفوس الأهالي. وشهد أوتوستراد بعلبك - الهرمل زحمة غير مسبوقة باتجاه طريق البقاع الشمالي، حيث توجه النازحون من المدينة إلى بلدات عرسال ودير الأحمر شمالاً، وإلى زحلة في البقاع الأوسط، والبقاع الغربي جنوباً، في حين افترش عدد كبير من العائلات سياراتهم ليبيتوا فيها، هرباً من القصف، في حين أكد رئيس اتحاد بلديات دير الأحمر، جان الفخري، حاجة النازحين إلى التدفئة والطعام.

الدخان يتصاعد من موقع استهداف إسرائيلي لسهل قرب بعلبك (أ.ف.ب)

وبعد الإنذار الأول يوم الأربعاء الذي أفرغ المدينة من سكانها، أصدر الجيش الإسرائيلي إنذاراً ثانياً ظهر الخميس، يطالب سكان بعلبك ومحيطها بإخلائها. وتلقى المواطنون اتصالات على شبكة الاتصالات الثابتة الأرضية ووسائل التواصل الاجتماعي، حذر فيها الجيش من عودة السكان، وباستئناف الغارات على المدينة في دورس وعين بورضاي.

تنفيذ الإنذارات

وبدأ الجيش الإسرائيلي تنفيذ إنذاراته بالإخلاء؛ إذ شن بعد ظهر الخميس سلسلة من غاراته على مدينة بعلبك في دورس وطريق عين بورضاي والكيال، مستهدفاً المنطقة بحزام ناري جديد، وتوسعت الغارات باتجاه مقنة الواقعة شمال مدينة بعلبك، مستهدفة مبنى، وأسفرت الغارة عن سقوط قتلى وجرحى.

واختلط دخان الغارات على المدينة بألسنة الدخان المنبعث من منشآت تحتوي على مادة المازوت المشتعل منذ يوم الأربعاء في دورس؛ ما تسبب بنسبة تلوث مرتفعة في أجواء المنطقة باتت تهدد صحة الأهالي.

لبنانيون يتفقدون الحطام الناتج عن غارات إسرائيلية في شرق لبنان (أ.ف.ب)

مدينة أشباح

وإثر الغارات، تحولت بعلبك إلى مدينة أشباح، وشُلّت الأحياء والسوق التجارية، في حين التزم من تبقى من الأهالي منازلهم، رغم أن إسرائيل ارتكبت الأربعاء خمس مجازر بحق المدنيين، أضيفت إلى المجازر السابقة.

وأبادت الغارات الإسرائيلية عائلتين في بدنايل صباح الخميس، حيث قتلت الغارات ثمانية أشخاص، كذلك الأمر في سحمر في البقاع الغربي، كما استهدف الطيران الحربي ليلاً، منزلاً مأهولاً في بيت أبو صليبي شرق شمسطار، أسفر عن سقوط أربعة عشر شخصاً من بينهم عدد من النساء والأطفال.

وفي بعلبك توقفت الجرافات عن العمل بحثاً عن ضحايا بعدما انتشل الدفاع المدني عائلة من رب أسرة وزوجته، خشية تجدد الغارات والإنذارات، قبل أن يستأنف العمل الخميس، حيث انتشل طفلهما من تحت الأنقاض.

الغارات تلف محيط مدينة بعلبك (الشرق الأوسط)

وكان الطيران الإسرائيلي شن الأربعاء خمس عشرة غارة على مدينة بعلبك وأحيائها، وصولاً حتى شمسطار، بعد إنذارات بالإخلاء، وأحدثت الغارات المكثفة في أقل من ساعة، دماراً هائلاً وخراباً بكل الاتجاهات في حي العسيرة شرق بعلبك، وعمشكي وايعات غرب بعلبك، ومنتزه رأس العين وحي الشراونة، وصولاً حتى مرتفعات شمسطار التي استُهدفت بغارة، كما استُهدفت المنشآت النفطية في دورس، مشكّلة سحابة دخانية سوداء غطت سماء المنطقة على مسافة عشرة كيلومترات.