عشرات القتلى في غارات إسرائيلية على شرق لبنان

واشنطن تقول إن إسرائيل حققت تقدّماً كبيراً ضد «حزب الله»

أشخاص يتفقّدون الأضرار التي لحقت ببلدة حفير اللبنانية قرب بعلبك بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ف.ب)
أشخاص يتفقّدون الأضرار التي لحقت ببلدة حفير اللبنانية قرب بعلبك بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

عشرات القتلى في غارات إسرائيلية على شرق لبنان

أشخاص يتفقّدون الأضرار التي لحقت ببلدة حفير اللبنانية قرب بعلبك بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ف.ب)
أشخاص يتفقّدون الأضرار التي لحقت ببلدة حفير اللبنانية قرب بعلبك بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ف.ب)

قُتل 19 شخصاً وأُصيب 15 آخرون بجروح، في سلسلة غارات إسرائيلية استهدفت، الأربعاء، بلدة سحمر الواقعة في منطقة البقاع الغربي في شرق لبنان، وفق ما أفادت به وزارة الصحة.

وقالت الوزارة في بيان إنّ «الغارات المتتالية للعدو الإسرائيلي على بلدة سحمر في البقاع الغربي أدّت في حصيلة أولية إلى استشهاد 19 شخصاً، وإصابة 15 آخرين بجروح»، في وقت طالت غارات إسرائيلية أخرى مدينة بعلبك وقرى في محيطها.

وكشفت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية عن مقتل 19 شخصاً على الأقل في غارة إسرائيلية على حي سكني في بلدة بيت صليبي بمحافظة بعلبك.

وأفادت الوكالة، الأربعاء، بأن الطيران الحربي الإسرائيلي يواصل شنّ غاراته على مدينة بعلبك والجوار، وصولاً إلى بلدات لم يشملها الإنذار التحذيري الذي أُصدر قبلاً، والتي تزامنت مع كلمة الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم.

وقد شملت الغارات الأحياء السكنية في مدينة بعلبك، وهي تلال رأس العين، وعمشكي، والعسيرة، وطريق الكيال، وحتى جهة مدخلَي بعلبك الشمالي والجنوبي.

كما استهدف الطيران الإسرائيلي محلة عين بورضاي، ودورس، وخزانات وقود في محيطها، وعلى أطراف بلدة شمسطار.

وأفاد مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية» بشنّ سلسلة غارات استهدفت مدينة بعلبك ومحيطها في شرق لبنان، بعدما أصدر الجيش الإسرائيلي إنذاراً للسكان بالإخلاء.

وأكّد رئيس بلدية بعلبك، مصطفى الشل، أنّ الغارات استهدفت المدينة ومحيطها، من دون تقديم مزيد من التفاصيل.

وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام، الأربعاء، بأن هناك حركة نزوح كثيفة من بعلبك في شرق البلاد، بعد إصدار الجيش الإسرائيلي أمراً بالإخلاء.

وذكرت الوكالة أن النازحين يتدفّقون من «مدينة بعلبك وبلدتي دورس وعين بورضاي المجاورتين باتجاه طريقي (بعلبك - زحلة)، و(بعلبك - دير الأحمر - عيناتا - الأرز) باتجاه الشمال».

من جانبه، أوضح رئيس البلدية أن نحو 100 ألف شخص نزحوا من المدينة، لافتاً إلى أن الأجهزة المختصة تعمل على تأمين عملية النزوح.

وهرع سكان المدينة، الأربعاء، إلى الطرق للفرار، وسط حالة هلع، ما أدى إلى امتلاء مداخلها بالسيارات، حسبما أفاد مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية»، وشُوهد السكان يحملون فرشاً ووسادات، بينما خلت المدينة تدريجياً من سكانها.

وجالت سيارات الدفاع المدني على الطرق، حيث طلبت من السكان إخلاء المدينة عبر مكبرات الصوت.

وتُعدّ بعلبك من كبرى مدن البقاع، وبعدما بقيت طوال نحو عام بمنأى عن التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل، استهدفتها ومحيطها غارات خلال الأسابيع القليلة الماضية، وغادر المدينة أكثرُ من نصف سكانها البالغ عددهم 250 ألفاً.

ومنذ شهر تتعرض منطقة بعلبك لقصف شبه يومي، وتعرّضت أطراف المدينة وقرى عديدة مجاوِرة لها لقصف إسرائيلي عنيف مساء الاثنين أدّى إلى مقتل 60 شخصاً على الأقل، وفق وزارة الصحة اللبنانية.

«تقدّم كبير»

ورداً على سؤال حول الغارات الجوية الإسرائيلية في وقت سابق، الأربعاء، التي استهدفت مواقع لـ«حزب الله» بمدينة بعلبك شرق لبنان، كرّر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، موقف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الداعم لإسرائيل في ملاحقة مواقع الحزب، بينما حثّها على تجنُّب استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية والصحافيين والمواقع التراثية.

وأشار ميلر إلى أن إسرائيل أمرت بإخلاء بعلبك قبل تنفيذ الضربات، وأن الولايات المتحدة تدعم هذه الخطوة.

وأوضح أن إسرائيل أحرزت تقدماً كبيراً في ضرب «حزب الله» على طول الحدود الجنوبية اللبنانية، وفي الجهود الرامية إلى دفع مقاتلي الحزب إلى ما وراء نهر الليطاني.

وكشف المتحدث باسم وزارة الخارجية أن الولايات المتحدة لا تدعو في الوقت الحالي إلى وقف فوري لإطلاق النار بلبنان، ولكنها تريد في نهاية المطاف أن ترى حلاً دبلوماسياً للصراع بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تقصف الضاحية الجنوبية لبيروت

المشرق العربي دخان يتصاعد نتيجة غارات جوية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

إسرائيل تقصف الضاحية الجنوبية لبيروت

نفذت إسرائيل، في ساعة مبكرة من صباح اليوم (الجمعة)، ضربات جوية على الضاحية الجنوبية لبيروت، وذلك في أول قصف تشنه على المنطقة منذ ما يقرب من أسبوع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الجيش الإسرائيلي استهدف سيارة شرق خان أرنبة في القنيطرة على طريق دمشق (أ.ف.ب)

السوريون مطوقون بالقلق من كل شيء

السوريون مطوقون من كل جانب داخل سوريا بالمخاوف والقلق من أن تمتد الحرب في لبنان إلى بلادهم، أو تصدر الحكومة الجديدة قرارات برفع أسعار الوقود فترتفع أسعار السلع.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي دخان يتصاعد من مدينة الخيام نتيجة القتال بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني (رويترز)

صور ومقاطع فيديو تظهر نسف إسرائيل مئات المباني في جنوب لبنان

أظهرت صور الأقمار الاصطناعية والفيديوهات دماراً واسع النطاق في ست قرى على الحدود الجنوبية للبنان مع إسرائيل، حيث تظهر تدميراً كلياً أو جزئياً لـ1085 مبنى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (رويترز)

لبنان يوجّه تهمة الإثراء غير المشروع لمحافظ المصرف المركزي السابق

قال مسؤولون قضائيون إن السلطات اللبنانية وجّهت تهمة الإثراء غير المشروع إلى محافظ مصرف لبنان السابق، وأصدرت مذكرة توقيف بحقه.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو (رويترز)

نتنياهو يسكب «ماء بارداً» على المتحمسين لوقف إطلاق النار في لبنان أو غزة

وضع نتنياهو شروطاً جديدة للاتفاق مع لبنان، وأبدى إصراره على أن يتضمن الاتفاق بنداً يحفظ لإسرائيل حرية العمليات في لبنان في إطار أي تسوية لإنهاء الحرب.

نظير مجلي (تل أبيب)

من هو محمود المشهداني الرئيس الجديد للبرلمان العراقي؟

محمود المشهداني (أرشيفية - البرلمان العراقي)
محمود المشهداني (أرشيفية - البرلمان العراقي)
TT

من هو محمود المشهداني الرئيس الجديد للبرلمان العراقي؟

محمود المشهداني (أرشيفية - البرلمان العراقي)
محمود المشهداني (أرشيفية - البرلمان العراقي)

عاد محمود المشهداني، الطبيب ذو الخلفية الإسلامية، إلى الواجهة بعد مرور نحو 16 عاماً على إقالته من منصب رئيس البرلمان العراقي.

ولد المشهداني ببغداد عام 1948. وأكمل دراسته الابتدائية والثانوية فيها، ثم التحق بكلية الطب عام 1966 وحصل فيها على شهادة البكالوريوس، ثم تخرج برتبة ملازم أول طبيب عام 1972، ليعمل طبيباً في الجيش العراقي.

والمشهداني، الذي انتُخب، اليوم الخميس، رئيساً للبرلمان، أول رئيس تشريعي في العراق بعد عام 2003، كما انتُخب رئيساً للاتحاد البرلماني العربي عام 2008.

كيف عاد المشهداني؟

مع أن عودة المشهداني ارتبطت أول مرة برئاسته للدورة الأخيرة، عام 2021، كونه أكبر الأعضاء سناً قبل انتخاب محمد الحلبوسي لدورة ثانية، لكنه عاد اليوم إلى المنصب مدعوماً من زعيم مسنّ مثله هو نوري المالكي، رئيس الوزراء الأسبق، بعد تنافس حاد داخل القوى السنية.

وفي 2022، تعرض المشهداني حين كان يرأس جلسة بصفته العضو الأكبر إلى «اعتداء»، أُخرج على إثره من الجلسة وتوجه إلى المستشفى.

ولم يتبق من جيل المشهداني في البرلمان سواه، بعد أنْ كان يُصنّف واحداً من جيل «الآباء المؤسسين» لنظام ما بعد 2003، كما أنه يعد نفسه من كبار المكون السني الذين ابتعدوا أو أُبعدوا عن العملية السياسية، من أمثال طارق الهاشمي، خلف العليان، صالح المطلك، رافع العيساوي، إياد السامرائي.

ومع أن المشهداني كان من بين ضحايا مبكرين لعمليات الإزاحة، لكنه تمكن من العودة عبر اتباعه سياسة ناعمة ضمنت له البقاء في الواجهة بشكل أو بآخر، حتى فوجئ بدعم غير مسبوق قدّمه له صديقه الزعيم الشيعي نوري المالكي الذي لا يزال يُمسك بالعديد من خيوط اللعبة السياسية في العراق، ليكون رئيساً للبرلمان.

وأدى دخول المالكي على خط التنافس السني - السني إلى المزيد من التشظي في جبهة المكون، وصولاً إلى ما بدا أنه توافق شيعي - شيعي على دعم المشهداني بوصفه السني الذي لا طموح له.

كما أن محمد الحلبوسي، الذي يعد نفسه زعيم الأغلبية السنية في العراق، برر دعمه للمشهداني من أجل «تعويضه عن الفترة التي خسرها عندما أُقيل بمؤامرة دبّرها ضده الحزب الإسلامي»، طبقاً لتصريح متلفز.

محمود المشهداني خلال جلسة افتتاحية للبرلمان العراقي عام 2022 (أرشيفية - رويترز)

جيل المؤسسين

قبل أن يجد نفسه على توافق تام مع المالكي، كان المشهداني شديد الانتقاد للقيادات الشيعية طوال سنوات عمله السياسي، لا سيما خلال توليه رئاسة البرلمان عام 2006، وعندما كانت مساعي المصالحة الوطنية تخفق أمام غليان العنف الطائفي الذي اجتاح البلاد في تلك الفترة، اضطر المشهداني إلى الاستقالة عام 2008، وكانت أقرب إلى الإقالة.

في السنوات اللاحقة، خاض العراق في توترات خلّفها اجتياح تنظيم «داعش»، شملت موجات نزوح. وخلال تلك الفترة بدا أن المشهداني خارج المشهد، سوى إطلالات إعلامية متناقضة.

ومع تكرار ما بدا أنه «تقلبات» المشهداني وآراؤه المثيرة حتى خلال جلسات البرلمان التي كثيراً ما يحوّلها إلى نوع من السخرية حتى على النواب، لكنه وبعد الإزاحة الجيلية للآباء المؤسسين، فقد حصل انسجام مفاجئ بينه وبين المالكي عندما تولى محمد شياع السوداني رئاسة الحكومة.

وبعد إقالة الحلبوسي من رئاسة البرلمان أواخر 2023، بقرار من المحكمة الاتحادية، توجّهت القوى السياسية التقليدية للبحث عن بديل جديد، وطرح اسم «المخضرم» محمود المشهداني، ضمن صفقة معقدة شملت توافقاً نادراً بين المالكي والحلبوسي.

ويميل مراقبون إلى الاعتقاد بأن عودة المشهداني إلى منصب رئيس البرلمان تفتح شهية أنصار المالكي للحديث عن عودة الأخير أيضاً إلى منصب رئيس الحكومة، في الانتخابات التشريعية المقبلة، عام 2025.