فؤاد حسين: سماء العراق ليست فضاء للحرب

قال إن واشنطن تحاول إبعاد بغداد عن الصراع «لكن لا ضمانة رسمية»

وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (أ.ب)
وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (أ.ب)
TT

فؤاد حسين: سماء العراق ليست فضاء للحرب

وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (أ.ب)
وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (أ.ب)

يخيم القلق على السلطات العراقية من استخدام أجواء بلادها لتصفية الحسابات بين طهران وتل أبيب، بينما تدور منذ أسابيع تساؤلات وتكهنات متعددة المصادر حول اقتراب الرد الإسرائيلي على الصواريخ التي أطلقتها إيران باتجاه إسرائيل بداية الشهر الحالي، والتي تؤكد إيران أنها سترد عليها بقوة تدميرية أكبر مما كانت عليه في المرة الأخيرة.

ولا تتردد الأوساط الرسمية العراقية في التعبير عن هذا القلق، وهو ما فعله وزير الخارجية فؤاد حسين، خلال لقائه صحافيين في باريس التي وفد إليها للمشاركة في مؤتمر «دعم لبنان»، الخميس.

وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين يلقي كلمته خلال «مؤتمر باريس لدعم لبنان» (إعلام حكومي)

سماء العراق ليست فضاءً للحرب

يقول الوزير العراقي دون مواربة: «نتابع الوضع بدقة، ونحن قلقون جداً من توسيع رقعة الحرب من غزة ولبنان إلى دول أخرى، كما أننا قلقون أن تكون الأجواء العراقية والجغرافيا العراقية جزءاً من فضاء الحرب»، مضيفاً أن سلطات بغداد «تسعى لإبعاد الحرب عن البلاد من خلال تكثيف الاتصالات الدولية» التي على رأسها الولايات المتحدة الأميركية.

وكان فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء العراقي، قد أعلن أن «الولايات المتحدة والتحالف الدولي قد أسهما في تجنيب العراق الضربات الإسرائيلية المحتملة»، في إشارة إلى قيام مجموعات عراقية باستهداف مواقع إسرائيلية بمسيَّرات وصواريخ لم توقع أي خسائر لدى الجانب الإسرائيلي.

بيد أن وزير الخارجية عند سؤاله، الأربعاء، عن توفُّر «ضمانات» للعراق لتجنيبه الحرب في أراضيه وأجوائه، لم يعط جواباً قاطعاً؛ فمن جهة، أفاد بأن «التواصل مستمر مع واشنطن» وأن بغداد «تعبِّر عن قلقها»، مشيراً إلى وجود اتفاقية أمنية بين الجانبين العراقي والأميركي «تتضمن فقرة تشير إلى أن من الواجب التعاون الأمني والعسكري مع واشنطن في حالة الهجوم على العراق».

من جهة ثانية، شكك الوزير حسين بوجود مثل هذه الضمانات الرسمية، بقوله: «في تواصلنا مع الدول، نحاول أن نحصل على هذه الضمانات، ولكن حتى اللحظة هناك محاولات» مضيفاً أن «الواقعية» تقضي بالاعتراف بأن الجهة الوحيدة القادرة على «الضغط» على إسرائيل هي الولايات المتحدة. وفي أي حال، يؤكد فؤاد حسين أن «الطرف الأميركي يسعى إلى إبعاد الأجواء العراقية عن هذه الحرب»، فهل ينجح؟

وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (إ.ب.أ)

قرار السلم والحرب في العراق

ثمة مبدأ ولازمة يؤكد عليهما مسؤولون عراقيون في كل مناسبة، فحواهما أن بغداد «لا تقبل استخدام الأجواء العراقية من أي طرف للهجوم على طرف آخر؛ إذ إنها ليست للحرب وهذا هو مبدؤها»، وقال الوزير حسين إنه ناقش هذا الأمر مع نظيره الإيراني عباس عراقجي الذي زار بغداد قبل أسبوعين.

بيد أن الأمور ليست بهذه السهولة والوضوح في العراق. وعند سؤاله عن الميليشيات واستهدافاتها وما إذا كانت تلقى تشجيعاً من إيران، يعود وزير الخارجية إلى ما أكد عليه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أخيراً، بأن «قرار الحرب والسلم في العراق ليس بيد الآخرين، بل بيد الدولة ومؤسساتها الشرعية والتنفيذية».

وشدد الوزير على أن الوضع في العراق «معقد»، وأن من ينهج خطاً بعيداً عن الحكومة يكون خارج شرعيتها. وأشار إلى أن «إيران تعرف ذلك»، كما أنه شدد على المبدأ نفسه أمام عراقجي.

وفي أي حال، يربط الوزير حسين بين «أمن العراق وبين أمن المنطقة»، ويشدد على أن بلاده «تريد أن تكون جزءاً من الحلول للمشكلات التي يعاني منها الإقليم»، منوهاً بأن بغداد كانت موضع لقاءات أثمرت «تبريد» النزاعات في المنطقة، وفتح باب الحوار بين أطراف كانت على خلاف. ولمزيد من الإيضاح يشير إلى أن «أي تواصل عربي ــ إيراني كان العراق سببه».

في الأسابيع الأخيرة، ومع نزوح عشرات الآلاف من اللبنانيين من منازلهم خصوصاً من المناطق الجنوبية بفعل الضربات والتهديدات الإسرائيلية، طُرحت أسئلة كثيرة حول توجُّه آلاف اللبنانيين إلى العراق، وحول ما إذا كان الهدف إحداث تغيير ديموغرافي في لبنان، وربما أيضاً في العراق.

وإزاء هذه المخاوف، أراد الوزير العراقي أن يكون جازماً بتأكيده أن نحو 10 آلاف لبناني وصلوا إلى بلاده، حلوا «ضيوفاً» عليها بعد فتح الحدود أمامهم، إلا أنه جزم بأن «بغداد لا تمتلك أي غاية في إحداث تغيير ديموغرافي لا في العراق ولا في لبنان؛ لأنها مسألة حساسة للطرفين». وقال حسين، إن ما ترنو إليه السلطات العراقية، هو أن «يعود اللبنانيون إلى بلادهم لأنهم هم أهل لبنان».

العلاقات العراقية ــ الأميركية

ثمة أسئلة تثار حول العلاقات الأميركية - العراقية ومستقبل الحضور الأميركي والغربي في العراق. في هذا السياق يشير مسؤول الدبلوماسية العراقية إلى أن واشنطن وبغداد بعد مشاورات ولقاءات، توصلتا إلى تفاهم يقضي بأن تنسحب القوات الأميركية من «مناطق معينة» من العراق بحلول شهر سبتمبر (أيلول) من العام المقبل، بينما الانسحاب التام سيحل بعد ذلك بعام كامل.

بيد أنه سارع إلى القول إن هذا ّ«لا يعني أن العلاقات بين البلدين ستكون من الماضي؛ إذ يجري العمل على تفاهمات للتعاون العسكري والأمني» اللاحق، ولكن ليس مع التحالف، بل مع كل دولة من دوله على حدة، حتى تتحول العلاقات إلى «ثنائية» بعد أن كانت «جماعية».

لا بد للحوار مع مسؤول عراقي أن يأتي على الوضع الأمني الداخلي في العراق، والتخوف من عودة «داعش» إلى الواجهة، خصوصاً إذا حدث فراغ أمني بعد انسحاب القوات الحليفة. وفي هذا السياق، يبدي الوزير العراقي «ثقته» بقدرة العراق الذي «لديه القدرات والمعلومات والتجربة لمحاربة (داعش)»، بحيث إن التنظيم الإرهابي «لم يعد هو المبادر بل القوات العراقية»، لكنه لا يتأخر في التعبير عن قلقه؛ إذ يرى أن «المشكلة اليوم هي سوريا وآلاف من عناصر (داعش) المحتجزين في المعتقلات التابعة لكرد سوريا»، وغالبيتهم في معسكر «الهول»، وبالتالي فإن خروجهم سيعني توجههم إلى الأراضي العراقية؛ ما سيطرح تحدياً بالنسبة للعراق وقواته الأمنية.


مقالات ذات صلة

المشرق العربي رجل كردي يرتدي الملابس التقليدية يُصوِّت بمركز اقتراع خلال الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان بأربيل الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)

«الديمقراطي» الكردستاني: لا «فيتو» على مشاركة أي طرف في حكومة الإقليم

يشدد الحزب الديمقراطي الكردستاني الفائز الأكبر في انتخابات برلمان إقليم كردستان (39 من أصل 100 مقعد) على أهمية حماية كيان الإقليم

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي تغادر لتنفيذ ضربات على إيران (رويترز)

غموض يحيط استخدام إسرائيل الأجواء العراقية لضرب إيران

لا يزال الغموض يكتنف ما إذا كانت إسرائيل قد استخدمت الأجواء العراقية لقصف إيران، في وقت أعلنت فصائل مسلحة عراقية توجيهها ضربات فجر الأحد إلى الجولان وإيلات.

حمزة مصطفى (بغداد)
شؤون إقليمية رتل لقوات من الجيش العراقي (رويترز)

مسؤول عسكري: الهجوم الإسرائيلي على إيران لم يشمل العراق

نفى مسؤول عسكري رفيع تعرُّض مواقع عراقية للقصف من الطيران الإسرائيلي في أثناء قيامه، فجر السبت، بمهاجمة إيران.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي أوقفت الخطوط الجوية العراقية جميع رحلاتها بشكلٍ مؤقت لأسباب احترازية (الخطوط العراقية)

استئناف حركة الطيران في العراق وإيران بعد توقفها لساعات

أعلن وزير النقل العراقي، رزاق السعداوي، إيقاف حركة الطيران بشكل تام في جميع المطارات العراقية بشكل مؤقت.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

لبنان: أوامر إخلاء إسرائيلية لسكان أحياء في صور بعد غارة قتلت 7 أشخاص

TT

لبنان: أوامر إخلاء إسرائيلية لسكان أحياء في صور بعد غارة قتلت 7 أشخاص

جانب من الدمار جراء الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مدينة صور في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
جانب من الدمار جراء الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مدينة صور في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

أفادت وزارة الصحة اللبنانية، اليوم الاثنين، بسقوط سبعة قتلى جراء غارة إسرائيلية استهدفت وسط مدينة صور في جنوب لبنان، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال مصور للوكالة إنه رأى مبنى سكنياً منهاراً بالكامل، بينما أزال آخرون الركام الذي يتصاعد منه الدخان.

وأصدر الجيش الإسرائيلي، اليوم، طلبات إخلاء جديدة لسكان أحياء في مدينة صور بجنوب لبنان، محذراً من أنه سيضرب أهدافاً لـ«حزب الله» فيها. ونشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، عبر حسابه على منصة «إكس»، تعليمات الإخلاء التي طلب فيها من السكان «الابتعاد فوراً إلى خارج المنطقة المحددة بالأحمر، والتوجه إلى شمال نهر الأولي» مرفقاً خريطة توضح المنطقة المستهدفة.

وأضاف أدرعي: «أنشطة (حزب الله) تُجبر جيش الدفاع على العمل ضده وبقوة، حيث لا ننوي المساس بكم».

وقُتل 21 شخصاً على الأقل، أمس، في غارات عدّة شنّتها إسرائيل على جنوب لبنان، حيث يقول الجيش الإسرائيلي إنه يستهدف معاقل لـ«حزب الله».

من جانبه، أعلن الجيش الإسرائيلي، أمس، أن خمسة جنود «سقطوا في القتال»، أول من أمس، في جنوب لبنان، ليرتفع عدد الجنود الإسرائيليين الذين قُتلوا منذ بدء الهجوم البري في لبنان، في 30 سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى 37 جندياً. وقال الجيش، في بيان، إنه «جرى السماح بنشر أسماء أربعة جنود سقطوا في القتال بجنوب لبنان»، موضحاً أن أربعة جنود آخرين أُصيبوا بجروح خطيرة في القتال. وأعلن، في وقت لاحق، مقتل جندي خامس في الظروف نفسها، دون أن يحدد ما إذا كان من بين الجرحى أم لا. وينتمي الجنود الخمسة؛ وجميعهم من قوات الاحتياط، إلى الكتيبة نفسها.

وقضى في لبنان ما لا يقلّ عن 1620 شخصاً جرّاء النزاع، منذ 23 سبتمبر الماضي، وفق إحصاءات للوكالة تستند إلى أرقام وزارة الصحة.