تقرير: أهالي رميش الحدودية المحاصرون بين إسرائيل و«حزب الله» عازمون على الصمود

معزولون عن العالم... قرروا البقاء في بلدتهم رغم تحديات الحرب الدائرة حولهم

صورة لبلدة رميش اللبنانية بالقرب من الحدود الإسرائيلية 15 أغسطس 2024 (رويترز)
صورة لبلدة رميش اللبنانية بالقرب من الحدود الإسرائيلية 15 أغسطس 2024 (رويترز)
TT

تقرير: أهالي رميش الحدودية المحاصرون بين إسرائيل و«حزب الله» عازمون على الصمود

صورة لبلدة رميش اللبنانية بالقرب من الحدود الإسرائيلية 15 أغسطس 2024 (رويترز)
صورة لبلدة رميش اللبنانية بالقرب من الحدود الإسرائيلية 15 أغسطس 2024 (رويترز)

على الرغم من هذه الحرب الجديدة التي اندلعت أمام أعينهم، فإن عائلة الشابة ماريا بقيت بمنزلها في بلدة رميش المسيحية في جنوب لبنان، مثل 5500 أسرة هناك اتخذت هذا الخيار.

وتقع القرية على بُعد أقل من كيلومتر واحد من الخط الأزرق الذي يرسم الحدود بين لبنان وإسرائيل؛ بين المنطقتين اللتين يسيطر عليهما كل من «حزب الله» وإسرائيل.

تقول ماريا: «عندما تطلق إسرائيل النار، فإن النيران تمر من فوقنا. عندما يرد (حزب الله)، الأمر نفسه يحصل»، وفق تقرير لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، اليوم (الجمعة).

في كل ساعة من النهار، وفي كل لحظة من الليل، يسمع السكان أصوات الصواريخ والقذائف والطائرات المقاتلة والأسلحة الآلية المستخدمة في القتال البري. وفي بيان صدر أمس (الخميس)، قال «حزب الله» إن مقاتليه واجهوا القوات الإسرائيلية «من مسافة قريبة» في عيتا الشعب، وهي قرية شيعية مقابلة لبلدة رميش.

أصابت رصاصة طائشة باب مدرسة في رميش، يوم الاثنين. وأصابت أخرى مزارعاً في القرية كان يرعى ماعزه. ويخشى السكان أن تصبح قريتهم مركزاً في الصراع الدائر.

لبنانيون يتجمعون أمام دورية للجيش اللبناني قرب دير في بلدة رميش بعدما غادروا قرية عين إبل 1 أكتوبر 2024 (رويترز)

«أجمل قرية في العالم»

«لن نتخلى عن منزلنا أبداً»، تقول ابنة ماريا، معبّرة بكلماتها عن ارتباط السكان بأرضهم. وتضيف: «لا نعرف إلى أين نذهب على أي حال». وتابعت: «رميش هي أجمل قرية في العالم».

وللوصول إلى القرية، رافق مراسل «لوفيغارو» قافلة إمدادات يرافقها الجيش اللبناني، بالتنسيق مع قوات حفظ السلام التابعة لـ«اليونيفيل» التي تعمل وسيطة مع الجيش الإسرائيلي.

ومن مدينة صور الساحلية الكبيرة في الجنوب اللبناني، مر رتل من المركبات عبر قرى مهجورة، مدمرة إلى حد كبير.

في كل مكان على الطريق نحو رميش، مشهد الخراب نفسه: سيارات مهجورة، وخطوط كهرباء مقتلعة، ونوافذ متاجر تحطمت بفعل موجة صدمة القنابل. وفوق المباني المدمرة بالكامل، ترفرف أعلام «حزب الله» الممزقة، بجانب الملصقات التي تحمل صورة حسن نصر الله، التي تم تركيبها حديثاً بعد وفاته. أما شبكة الهاتف فهي منعدمة، حيث خرّبتها طائرات إسرائيلية من دون طيار.

لافتة تحمل اسم بلدة رميش المسيحية الحدودية بلبنان 31 أكتوبر 2023 (رويترز)

صعوبة العيش

عند الوصول إلى رميش، قام رجال القرية بتفريغ شاحنة محملة بـ15 طناً من المواد الغذائية والأدوية وبطاريات الطاقة الشمسية والفرشات المستأجرة من قبل جمعية «عمل الشرق» (Oeuvre d’Orient)، وهي جمعية فرنسية تدعم سكان المنطقة.

السكان في البلدة يفتقرون إلى كل شيء، وخصوصاً أنهم يرحبون بجيرانهم من «عين إبل»، وهي قرية مسيحية أخرى معزولة في المنطقة، والتي أمر الجيش الإسرائيلي بإخلائها بداية أكتوبر (تشرين الأول). في المقابل، لم يجد أي شيعي ملجأ في رميش، إذ يخشى سكان البلدة أن تكون لهم صلات ﺑ«حزب الله»، وأن يستهدفهم الجيش الإسرائيلي نتيجة لذلك.

«هناك تفجيرات، نعم، لكن الله يحمينا»، يوضح سليم، أكبر اللاجئين من «عين إبل». في سن 87، يتقبل الرجل الأحداث بضجر. وقال وهو يلوح بمسبحته: «لا أحد يستطيع أن يقول ماذا سيحدث، الله وحده يعلم، والله يشفق علينا».

ويضيف بشير، لاجئ آخر من «عين إبل»: «أعيش مثل طيور الإنجيل، مع ما يقدم لي كل يوم بيومه». كان الرجل ممرضاً سابقاً، وقد عاش كل الصراعات التي عصفت بلبنان منذ 50 عاماً. فقد بصره خلال الحرب الأهلية عندما انفجرت قنبلة أمامه، بينما كان يساعد الجرحى. وقال: «أود أن أعيش آخر أيام حياتي بسلام».

رجل يحمل خبزاً لبيعه في دكانه ببلدة رميش اللبنانية الجنوبية (رويترز)

عام من الحرب

«بالنسبة لهؤلاء (سكان القرى المسيحية الحدودية) توقفت الحياة عندما بدأت الحرب قبل عام، في 8 أكتوبر 2023. لقد تعرضوا لاختبار شديد»، يوضح فنسنت جيلو، مدير جمعية «عمل الشرق» في لبنان. ويضيف: «إن وجود هذه القرى في حد ذاته في خطر. وإذا اضطروا إلى الفرار للمرة الألف، فلن يعود بعضهم، كما هو الحال في العراق وسوريا».

ويقول جوزيف، أحد سكان رميش: «نحن خائفون جداً من فترة ما بعد الحرب». ويعيش القرويون على علاقة جيدة مع جيرانهم الشيعة الذين يلتقون بأطفالهم في المدارس المسيحية المختلطة. ويوضح جوزيف قائلاً: «نحن نناقش كل شيء ما عدا الدين والسياسة». وأضاف: «لكن (حزب الله) يمكن أن يهاجمنا؛ لأننا لا ندعمه في حربه».


مقالات ذات صلة

لبنان: أوامر إخلاء إسرائيلية لأحياء في صور وسط غارات قتلت 7 أشخاص

المشرق العربي جانب من الدمار جراء الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مدينة صور بجنوب لبنان (أ.ف.ب) play-circle 00:38

لبنان: أوامر إخلاء إسرائيلية لأحياء في صور وسط غارات قتلت 7 أشخاص

أفادت وزارة الصحة اللبنانية، اليوم الاثنين، بسقوط 7 قتلى جراء غارة إسرائيلية استهدفت مدينة صور بجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر في الجيش اللبناني في حارة صيدا على مقربة من المبنى الذي تم استهدافه الأحد بغارة إسرائيلية (رويترز) play-circle 00:29

تقييم الخسائر الإسرائيلية يحدد مصير المعركة البرية على لبنان

يُسجَّل في الفترة الأخيرة سقوط قتلى للجيش الإسرائيلي على جبهة جنوب لبنان بشكل شبه يومي، في المعركة البرية التي تقترب من بلوغ شهرها الأول.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي دخان يتصاعد بعد قصف إسرائيلي على تلال كفركلا (أ.ف.ب)

هل يؤدي تفجير إسرائيل أنفاق «حزب الله» إلى هزات وزلازل؟

أدى تفجير الجيش الإسرائيلي أنفاقاً لـ«حزب الله» تحت الأرض في بلدتي كفركلا والعديسة الحدوديّتين إلى خشية حقيقية من أن تؤدي التفجيرات إلى وقوع زلازل في المنطقة.

بولا أسطيح (بيروت)
الخليج الطائرة السعودية الإغاثية حملت مواد غذائية وطبية وإيوائية (واس)

المساعدات السعودية تواصل التدفق إلى لبنان

وصلت إلى مطار رفيق الحريري الدولي في مدينة بيروت، الأحد، الطائرة الإغاثية الـ14 ضمن الجسر الجوي السعودي، الذي يسيّره مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق داليدا خليل تُساند لبنان من دبي (حسابها الشخصي)

داليدا خليل: الإقامةُ في دبي ولبنانُ يشتعلُ ألمُها مُضاعَفٌ

سجَّلت الفنانة اللبنانية داليدا خليل عبر رابط يُلحِقها بجمعيات خيرية لدعم أبناء أرضها بالمساعدات، وتعمل بلا توقُّف لتكون يداً خيِّرة وسط الأيادي الممدودة.

فاطمة عبد الله (بيروت)

الجيش الإسرائيلي: اعتقال نحو 100 من «حماس» في مستشفى بشمال غزة

الجيش الإسرائيلي اعتقل نحو 100 من المشتبه في انتمائهم لـ«حماس» خلال مداهمة لـ«مستشفى كمال عدوان» في غزة (أ.ب)
الجيش الإسرائيلي اعتقل نحو 100 من المشتبه في انتمائهم لـ«حماس» خلال مداهمة لـ«مستشفى كمال عدوان» في غزة (أ.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي: اعتقال نحو 100 من «حماس» في مستشفى بشمال غزة

الجيش الإسرائيلي اعتقل نحو 100 من المشتبه في انتمائهم لـ«حماس» خلال مداهمة لـ«مستشفى كمال عدوان» في غزة (أ.ب)
الجيش الإسرائيلي اعتقل نحو 100 من المشتبه في انتمائهم لـ«حماس» خلال مداهمة لـ«مستشفى كمال عدوان» في غزة (أ.ب)

قال الجيش الإسرائيلي اليوم (الاثنين) إن جنوده اعتقلوا نحو 100 من المشتبه في انتمائهم لـ«حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية» (حماس) خلال مداهمة لـ«مستشفى كمال عدوان» في شمال غزة.

وبحسب «رويترز»، نفى مسؤولو الصحة في غزة و«حماس» وجود أي مسلحين في المستشفى الذي اقتحمته القوات الإسرائيلية يوم الجمعة وغادرته السبت. وذكر الجيش في بيان: «اعتقل الجنود نحو 100 من المخربين في المستشفى، منهم عشرات حاولوا الفرار من المستشفى عند دخول القوات. تم العثور على وسائل قتالية وأموال مخصصة لتمويل الأنشطة الإرهابية ووثائق تابعة لـ(حماس)».

وقالت وزارة الصحة في غزة إن القوات الإسرائيلية اعتقلت العشرات من الطواقم الطبية من الذكور، وألحقت أضراراً بالمستشفى الذي يكافح بالفعل من أجل العمل وسط غارات إسرائيلية عنيفة في المنطقة.

وقال مسؤول عسكري للصحافيين في إفادة عبر الإنترنت: «تنكّر بعض الإرهابيين الذين تم التعرف عليهم بالكامل في زي طواقم طبية، لذلك لم يكن أمامنا بديل سوى تفتيش الطواقم الطبية أيضاً». وأظهر مقطع فيديو وزعته وزارة الصحة في غزة يوم السبت أضراراً في عدة مبانٍ بعد انسحاب القوات الإسرائيلية. ولم يتسنَّ لـ«رويترز» بعدُ التحقق من صحة المقطع.

وقال المسؤول العسكري إن القوات ألحقت أضراراً محدودة بالمستشفى حينما دخلته، وإن الجنود تعين عليهم أيضاً تدمير ما وصفه بأنه معدات «ذات استخدامات مزدوجة»، مثل أنابيب الأكسجين التي يمكن أن تحدث إصابات إذا انفجرت.

ورفضت الطواقم الطبية إخلاء المستشفى أو ترك المرضى بلا رعاية. وكان المستشفى يؤوي كذلك المئات من النازحين الفلسطينيين.

وقالت ميسون عليان الممرضة بالمستشفى: «طلّعوا كل النازحين اللي هنا، طبعاً ما بين رجال ما بين نساء. طبعاً فصلوا الرجال لحال وفصلوا النساء لحال. كان من ضمنهم أن الرجال يصفّوا طابور لحال والنساء طابور لحال، طبعاً كانت طريقة ذل كبيرة كبيرة كبيرة بالنسبة لشبابنا، بحيث إنهم أخدوهم بدون أغطية بدون ملابس».

وذكر المسؤول العسكري أن المعتقلين المشتبه في انتمائهم لـ«حماس» تم تجريدهم من ملابسهم للتأكد من أنهم لا يحملون أسلحة. وأضاف: «بعد تفتيشهم، زودناهم بملابس».

وقال مسعفون إن طفلين على الأقل توفيا داخل وحدة العناية المركزة بعد أن أصابت النيران الإسرائيلية المولدات ومحطة الأكسجين في المستشفى يوم الجمعة.

وقال الجيش الإسرائيلي إن المدنيين في المستشفى ظلوا بأمان على الرغم من القتال العنيف بالقرب من المجمع. وأضاف أنه تم توفير الوقود والمعدات الطبية ووحدات الدم للمستشفى وإمدادات الكهرباء والأكسجين أيضاً.