مصادر نيابية لبنانية: بري انتظر رد هوكستين فوصل من نتنياهو ميدانياً

لقاء نيابي لتحصين علاقة النازحين بمضيفيهم وسحب فتيل التوتر

لبنانيون يتفقدون منازلهم في مدينة صور على أثر القصف الاسرائيلي الذي استهدفها (إ.ب.أ)
لبنانيون يتفقدون منازلهم في مدينة صور على أثر القصف الاسرائيلي الذي استهدفها (إ.ب.أ)
TT

مصادر نيابية لبنانية: بري انتظر رد هوكستين فوصل من نتنياهو ميدانياً

لبنانيون يتفقدون منازلهم في مدينة صور على أثر القصف الاسرائيلي الذي استهدفها (إ.ب.أ)
لبنانيون يتفقدون منازلهم في مدينة صور على أثر القصف الاسرائيلي الذي استهدفها (إ.ب.أ)

تقول مصادر نيابية لبنانية إن رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري «كان ينتظر، بفارغ الصبر، أن يأتيه الوسيط الأميركي أموس هوكستين بجواب، خلال أيام، على خريطة الطريق التي اتفق معه عليها لوقف النار في الجنوب، ونشر الجيش، تمهيداً لتطبيق القرار 1701، فإن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو استبَقه بإصراره على المُضي في تدميره القرى، وتوسيع دائرة اعتداءاته لتشمل مناطق جديدة في البقاع والجبل والجنوب، أضاف إليها، هذه المرة، المؤسسة العسكرية باستهدافه مركبة كانت تُقلّ ضابطاً وجنديين وهم في طريقهم إلى بلدة ياطر؛ لإسعاف بعض الجرحى، برفقة الصليب الأحمر، وبالتنسيق مع القوات الدولية (يونيفيل) ما أدى إلى استشهادهم».

وتَعدّ المصادر أن «استهداف إسرائيل المؤسسةَ العسكرية لم يكن الأول ولا الأخير، والجديد فيه يكمن بأنه يتزامن مع انعقاد مؤتمر أصدقاء لبنان في باريس، برعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ويُراد منه توفير الدعمين المادي والمعنوي للبنان، ويُفترض أن تستفيد منه المؤسسات الأمنية والعسكرية؛ وعلى رأسها الجيش اللبناني؛ لتعزيز قدراته البشرية، وتأمين احتياجاته، ورفع جهوزيته للانتشار جنوب الليطاني، بمؤازرة (يونيفيل) لتطبيق القرار 1701، إضافة إلى تدعيم قوى الأمن الداخلي لدورها في الحفاظ على الاستقرار واستتباب الأمن، لتحلَّ في المواقع التي يشغلها الجيش لاضطراره للوجود في عمق الجنوب».

لهذا تشدد المصادر على أنه «لا يمكن تبرئة إسرائيل من التوقيت الذي اختارته، هذه المرة، للاعتداء على الجيش؛ كونها أرادت تمرير رسالة للمجتمع الدولي، ومن خلالها للأمم المتحدة، بأنها عازمة على تفريغ الجنوب، وتحديداً جنوب الليطاني من الوحدات العسكرية اللبنانية، والأخرى من «يونيفيل»؛ كونهما تشكلان المرجعية الدولية واللبنانية لتطبيق القرار 1701، وبالتالي لن تسمح بعودتهما إلا بعد تثبيتها توغلها المحدود في البلدات الأمامية، الواقعة قبالة الشمال الإسرائيلي، وإنما بشروطها التي تتوخى منها تعديل الـ1701. فالتعديل الذي تريده إسرائيل يتيح لها الضغط على لبنان لاستدراجه للموافقة على ترتيبات أمنية تسمح لها بالتوغل في جنوب الليطاني كلما توافرت لديها معلومات بقيام جهات من خارج المنطقة بالإعداد لعمليات تُهدد أمنها في الجزء الشمالي الذي يقع بمحاذاة حدودها مع لبنان».

في هذا السياق، تقول المصادر، لـ«الشرق الأوسط»، إن إسرائيل «ماضية في تدميرها الممنهج؛ ليس لجنوب الليطاني فحسب، وإنما لشماله؛ لتحويل الجنوب إلى منطقة عازلة منزوعة من سكانها فلا يستطيعوا العودة إلى قراهم، فور التوصل لوقف إطلاق النار؛ لأن بيوتهم مهدّمة ويفتقدون إلى المستشفيات والجامعات والمدارس التي سُوّيت بالأرض، إضافة إلى تدمير الأسواق والمراكز التجارية والبنى التحتية؛ من شبكات هاتف وكهرباء ومياه».

وتؤكد المصادر أن إسرائيل، وبخلاف ما يعتقده البعض، لا تستهدف مؤسسات ومراكز «حزب الله» وبنيته العسكرية، وإنما تمضي في ارتكابها المجازر ضد المدنيين وتُلاحقهم أينما حلّوا؛ لتهجيرهم من قراهم، وتلفت إلى أن ما تقوم به يأتي في سياق خطة أعدَّتها لتفريغ الجنوب من سكانه إلى ما بعد شمال الليطاني، وتدمير بنيته الاقتصادية على نحو لا يسمح لهم بإعادة بناء ما تهدَّم في حال أن لبنان حُرم من المساعدات المالية لإعادة بنائه.

وترى أن «إسرائيل ماضية بتوسيع نيرانها مستخدمة القنابل المحرَّمة دولياً غير آبهة بالدعوات لوقف النار والاستجابة للنداء الأميركي الفرنسي المدعوم دولياً، والذي صدر عن الرئيسين الأميركي جو بايدن، والفرنسي إيمانويل ماكرون، رغم أن نتنياهو أيّده قبل أن ينقلب عليه»، وتخشى من «إمعان فريق الحرب بإسرائيل في شن حرب على لبنان، وقتل أكبر عدد من الجنوبيين والبقاعيين، ومعهم سكان الضاحية الجنوبية لبيروت، بذريعة أنهم يشكلون الحاضنة لـ(حزب الله) في تهديده أمن إسرائيل».

ولم تستبعد المصادر نفسها أن «يتمرد نتنياهو على الإرادة الدولية لوقف الحرب، ويستمر في حربه المدمرة ولن يُوقفها، على الأقل، في المدى المنظور، وهو يبتزُّ الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة، على خلفية حاجتهما إليه لحسم السباق على الرئاسة بين الرئيس السابق دونالد ترامب، ومنافِسته نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس». وتسأل إلى متى «يبقى لبنان أسير حرب مدمرة عليه، أدت إلى تهجير أكثر من مليون ونصف المليون من قراهم، ظناً منه أن موجات النزوح إلى بيروت والأماكن الأخرى ستؤدي إلى انفجار الوضع؛ عاجلاً أم آجلاً، في وجه الحكومة؟».

وتؤكد، لـ«الشرق الأوسط»، أن موجات النزوح هي الآن موضع اهتمام غير مسبوق من القوى السياسية التي أدرجتها بوصفها بنداً أول على جدول أعمالها، لسحب فتيل التوتر الذي بدأ يطل برأسه من حين لآخر بين مجموعات من النازحين والهيئات المضيفة. وتكشف أن الاتصالات قطعت شوطاً لا بأس به على طريق تحضير الأجواء لعقد لقاء نيابي تشاوري تشارك فيه الكتل النيابية لتأكيد التضامن مع النازحين واستضافتهم، على قاعدة تحصين علاقتهم بمضيفيهم وتنقيتها من الشوائب قبل أن تتفاعل، ووضع مجموعة من الضوابط التي لا بد منها لقطع الطريق على من يراهن بأن إقامتهم المديدة ستتحول إلى قنبلة موقوتة، بالمفهوم السياسي للكلمة، يمكن أن تنفجر في أي لحظة.

الدخان يتصاعد من مدينة صور في جنوب لبنان نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)

وتتوقع أن يُعقَد اللقاء النيابي الموسع، في مطلع الأسبوع المقبل، وسيتوصل إلى رسم خريطة طريق تكون بمثابة خطة متكاملة لاستيعاب النازحين وتوفير الحماية المخصصة لإيوائهم، بالتعاون مع القوى الأمنية؛ للحفاظ على الأمن ومنع الإخلال به، في مقابل تقديرها سعة صدر المضيفين وحسن معاملتهم للنازحين، وهذا ما يعترفون به، وتنوّه بارتفاع منسوب التضامن الوطني معهم، علماً أنه كان للقمة الروحية الدور الريادي في رعايتهم واحتضانهم، ويبقى على الدولة القيام بواجباتها لتوفير احتياجاتهم، وهذا ما تتولاه الحكومة في ملاحقتها اليومية لمطالبهم، وتأمين الخدمات لهم؛ بدءاً بإعادة تأهيل المراكز التي تستضيفهم قبل حلول الشتاء الذي صار على الأبواب.


مقالات ذات صلة

ميقاتي: وقف إطلاق النار خطوة أساسية نحو الاستقرار بلبنان

المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي يتحدث خلال مؤتمر صحافي بالقصر الحكومي في بيروت 28 ديسمبر 2021 (رويترز)

ميقاتي: وقف إطلاق النار خطوة أساسية نحو الاستقرار بلبنان

تلقى رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي اتصالاً من الرئيس الأميركي جو بايدن، تشاورا خلاله في الوضع الراهن وقرار وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي في حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال الاجتماع الأسبوعي للحكومة في القدس... 3 يناير 2023 (رويترز)

بن غفير يصف وقف إطلاق النار مع «حزب الله» بأنه «خطأ تاريخي»

قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، إنه سيعارض اتفاق وقف إطلاق النار مع «حزب الله»، ووصفه بأنه «خطأ تاريخي».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في اجتماع مؤتمر الحزب الجمهوري 13 نوفمبر 2024 في واشنطن (أ.ب)

فريق ترمب ينظر إيجابياً إلى اتفاق وقف النار في لبنان

ذكرت شبكة «سي بي إس نيوز» الإخبارية الأميركية، اليوم الثلاثاء، أن فريق الرئيس المنتخب دونالد ترمب اطلع على خطة وقف إطلاق النار في لبنان وينظر إليها بشكل إيجابي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي يتحدث خلال مؤتمر صحافي في القصر الحكومي في بيروت 28 ديسمبر 2021 (رويترز)

ميقاتي يطالب بـ«تنفيذ فوري» لوقف إطلاق النار بعد قصف «هستيري» استهدف بيروت

طالب رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي المجتمع الدولي بـ«تنفيذ فوري» لوقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، مندداً بقصف «هستيري» طال العاصمة بيروت الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر الدفاع المدني يبحثون عن الضحايا تحت أنقاض المبنى المدمر في بيروت (أ.ب) play-circle 00:33

ليلة الرعب البيروتية... الغارات الإسرائيلية تزنّر العاصمة اللبنانية

تحوّلت بيروت إلى هدف أساسي للجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، بعد تحذيرات أطلقها المتحدث باسمه أفيخاي أدرعي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

ليلة الرعب البيروتية... الغارات الإسرائيلية تزنّر العاصمة اللبنانية

TT

ليلة الرعب البيروتية... الغارات الإسرائيلية تزنّر العاصمة اللبنانية

عناصر الدفاع المدني يبحثون عن الضحايا تحت أنقاض المبنى المدمر في بيروت (أ.ب)
عناصر الدفاع المدني يبحثون عن الضحايا تحت أنقاض المبنى المدمر في بيروت (أ.ب)

تحوّلت العاصمة بيروت إلى هدف أساسي للجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، بعد تحذيرات أطلقها المتحدث باسمه أفيخاي أدرعي، إلى مناطق وأحياء بيروتية للمرة الأولى، ما أثار حالة من الرعب والخوف في أوساط المواطنين الذي خرجوا من منازلهم قبل تنفيذ التهديدات، لا سيما أن المناطق المُحددة مكتظة بالسكان، ومعظمها لا يُعدّ محسوباً على «حزب الله».

وفيما أفادت «القناة 12» الإسرائيلية بأن تل أبيب جهّزت خطة عسكرية كاملة للساعات الأربع والعشرين الأخيرة من الحرب مع لبنان، بدأ استهداف بيروت ظهر الثلاثاء بغارة على منطقة النويري، القريبة من وسط العاصمة، ما أدى إلى مقتل 7 أشخاص وإصابة آخرين.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية بأن غارة «نفذها الطيران الحربي المعادي» استهدفت مبنى «في المنطقة الواقعة بين النويري والبسطة في بيروت». ودمّرت الغارة «مبنى مؤلفاً من 4 طوابق يؤوي نازحين»، وفق الوكالة.

ومن موقع الغارة في النويري، وقفت رولا إلى جانب زوجها وسام جعفر باكية تحتضن ابنها الذي فقد لوقت قصير: «كنا في البيت، وفجأة وقعت الضربة، طرنا، والجدران كلها تناثرت علينا (...) الصدمة كانت صعبة جداً».

وبعد النويري التي استُهدفت دون إنذار، توالت التحذيرات الإسرائيلية لمناطق في العاصمة بيروت، بحيث قال أدرعي إنها تستهدف فروعاً لـ«القرض الحسن». وقال في منشور له على منصة «إكس»: «يواصل الجيش الإسرائيلي العمل بقوة لتفكيك بنى (حزب الله). على المدى الزمني القريب سنقوم بمهاجمة فروع عدة لجميعة (القرض الحسن)؛ حيث تحتوي هذه الفروع على أموال تمويل إيرانية وأخرى من مصادر الدخل لـ(حزب الله) التي تُستخدم في الواقع لإدارة وتخزين مصالح الحزب»، مضيفاً: «هذه الغارات ستُشكل ضربة إضافية لسلسلة التمويل الإيرانية لـ(حزب الله) الذي يستخدم هذه الجمعية لأغراضه العسكرية».

وفي منشورات متلاحقة، حذّر أدرعي السكان الموجودين في مبانٍ محددة على الخرائط في مناطق رأس بيروت والمزرعة والمصيطبة وزقاق البلاط لإخلائها، إضافة إلى مبانٍ في مدينتي صيدا وصور، علماً بأنها المرة الأولى أيضاً التي يستهدف فيها وسط مدينة صيدا.

وخلال أقل من ساعة على التحذيرات التي جعلت العائلات تخرج من منازلها على وجه السرعة من دون أن تعرف الوجهة التي ستذهب إليها، بدأت الغارات الإسرائيلية باستهداف منطقة النويري مرة ثانية، ومن ثم مارالياس (كانت قد استُهدفت قبل نحو أسبوع)، وبربور والمزرعة وشارع الحمرا، ومناطق أخرى للمرة الأولى.

وفيما أدى هذا الخوف إلى زحمة سير خانقة في كل أحياء وشوارع العاصمة، اضطرت عائلات من بعض المناطق، ولا سيما الفقيرة منها، على غرار منطقة الجناح، للخروج سيراً على الأقدام.

عمليات بحث عن ضحايا تحت أنقاض أحد المباني الذي استهدف في غارة إسرائيلية (أ.ب)

وفي تعليق منه على التصعيد، قال عضو كتلة «حزب الله» النائب أمين شري، بينما كان يتفقد موقع الغارة في بيروت، إن «العدو الإسرائيلي» قبل «التسوية يريد أن ينتقم من كل جمهور المقاومة ومن كل اللبنانيين» مشيراً إلى «عشرات الإنذارات» التي وجهها الجيش الإسرائيلي قبل استهداف ضاحية بيروت الجنوبية، معقل الحزب.