لبنان عاجز عن استثمار الجهود الدولية للحلّ وتنفيذ القرار «1701»

أجواء سلبيّة رافقت «مؤتمر باريس»: انتخاب الرئيس ليس أولوية

رجل وامرأة على متن دراجة نارية أمام مبنى قناة «الميادين» الذي تعرض للقصف الإسرائيلي مساء الأربعاء (رويترز)
رجل وامرأة على متن دراجة نارية أمام مبنى قناة «الميادين» الذي تعرض للقصف الإسرائيلي مساء الأربعاء (رويترز)
TT

لبنان عاجز عن استثمار الجهود الدولية للحلّ وتنفيذ القرار «1701»

رجل وامرأة على متن دراجة نارية أمام مبنى قناة «الميادين» الذي تعرض للقصف الإسرائيلي مساء الأربعاء (رويترز)
رجل وامرأة على متن دراجة نارية أمام مبنى قناة «الميادين» الذي تعرض للقصف الإسرائيلي مساء الأربعاء (رويترز)

لم تلقَ نتائج «مؤتمر باريس»، الذي خصصه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لدعم لبنان، تجاوباً من قِبل أطراف لبنانية، خصوصاً لدى «حزب الله» وحلفائه، الذين يرفضون الدعوة إلى انتخاب رئيس للجمهورية والبحث في تطبيق القرار «1701» قبل وقف إطلاق النار، فيما رأى مصدر رسمي مواكب لـ«مؤتمر باريس» أن «الأمر الوحيد الذي يمكن أن ينجزه اللبنانيون الآن هو الذهاب فوراً إلى انتخاب رئيس للجمهورية، الذي يضع خريطة طريق الحلّ السياسي، لكن الاستحقاق الأهم لا يمثّل أولوية لدى البعض».

وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الدستور يمنح الرئيس وحده صلاحية التفاوض والتوقيع على المعاهدات الدولية، بما في ذلك تطبيق القرار (1701)، وهذه صفة ملاصقة للرئيس لا يمكن أن توكل لأحد غيره».

وجزم المصدر بأن «ورقة لبنان عالقة الآن بيد الإيراني يشترط وقف النار قبل أي شيء آخر، وأعلن صراحة أنه وحده من يفاوض على تطبيق القرار (1701)، ولن يسلّم هذه الورقة لأحد».

ومع تراجع زخم المبادرات السياسية تجاه لبنان، استضافت العاصمة الفرنسية مؤتمراً لـ«دعم لبنان» شارك فيه رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي. وأعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن بلاده تولي أهمية لانتخاب الرئيس، وأنها «ستعمل على حماية سيادة لبنان ومساعدته على مواجهة ما يمر به، واتخاذ إجراءات حفظ السلام على طول الخطّ الأزرق» بين لبنان وإسرائيل. وقال: «هناك حاجة إلى وقف إطلاق النار، ومن مصلحة لبنان أن يكون محايداً».

وعدّ رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، النائب السابق فارس سعيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «القوى السياسية في لبنان عاجزة عن التعاطي بإيجابية مع المبادرات الدولية ما دام قرار الحلّ بيد (حزب الله) ومن خلفه إيران».

وقال: «لن نخرج من أتون هذه الحرب، إلا إذا اقتنع (حزب الله) بفكرة وطنية تفضي إلى تسليم سلاحه للدولة اللبنانية، وهذه أشرف مبادرة يمكن أن يقدمها، بدل أن تُفرض عليه لاحقاً الحلول الدولية». ودعا سعيد «الحزب» إلى «العودة لشروط الدولة، وإلى وثيقة الوفاق الوطني التي تحفظ الجميع، بدل الاستمرار في حربٍ عبثيّة لن تجلب إلّا مزيداً من القتل والدمار».

وجدد رئيس حكومة لبنان، نجيب ميقاتي، التأكيد على أن وقف إطلاق النار في لبنان «سيفتح الباب أمام مسار دبلوماسي ستدعمه الحكومة بالكامل، ويهدف هذا المسار إلى معالجة المخاوف الأمنية على طول الحدود الجنوبية، وكذلك النزاعات على طول الخط الأزرق». وشدد على ضرورة أن «يبقى قرار مجلس الأمن رقم (1701) بصيغته الحالية حجر الزاوية للاستقرار والأمن في جنوب لبنان، وأن التنفيذ الكامل والفوري لهذا القرار من جانب لبنان وإسرائيل من شأنه أن يحافظ على سيادة لبنان».

تختلف المقاربات اللبنانية لمرحلة ما بعد الحرب، مع رؤية العالم بشأن استشراف مستقبل المنطقة. ويرى النائب السابق فارس سعيد أن اللبنانيين «سيغرقون في إدارة أزمة النزوح وتداعياتها، في وقت تبدأ فيه ترتيبات مرحلة ما بعد الحرب على مستوى المنطقة». وسأل: «إذا ذهب العرب إلى ترتيب سلام، فهل لبنان قادر على اللحاق بالمشروع العربي، أم يبقى غارقاً في رواسب الحرب ومستقبل (حزب الله)؟». وقال: «العالم ينظر إلى المستقبل، والقوى السياسية اللبنانية ما زالت مشدودة إلى الماضي».

رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب خلال مشاركتهما في «مؤتمر باريس»... (أ.ب)

وفي موقف يعبّر عن رفض الثنائي الشيعي («حركة أمل» و«حزب الله») أي تسوية قبل إنهاء الحرب، عدّ عضو كتلة «التحرير والتنمية»، النائب قاسم هاشم، أن «الحل المقبول يبدأ بوقف إطلاق النار، ومن ثمّ الانتقال إلى تطبيق القرار (1701) من دون تعديل حرفٍ واحد في مضمونه، وهذا كان محور المفاوضات مع (المبعوث الأميركي آموس) هوكستين، قبل أن تبدأ إسرائيل حربها الواسعة على لبنان». وشدد هاشم، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أن «لبنان يتمسّك بمضمون المبادرة الأميركية -الفرنسية، التي وضعت إطاراً لتطبيق القرار (1701) انطلاقاً من وقف النار، التي أجهضها (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو». وعمّا إذا كان «حزب الله» يقبل بالانسحاب من جنوب مجرى نهر الليطاني وفق مقتضيات القرار الدولي، ذكّر هاشم بأن «المبادرة الأميركية - الفرنسية، المدعومة من الدول العربية، تضمّنت اتفاقاً على ألّا يكون السلاح ظاهراً في جنوب الليطاني، ولا أحد يمكنه أن يقتلع أبناء الجنوب من بلداتهم».

ويتضمّن القرار «1701» في بنوده ضرورة تنفيذ قرارَي مجلس الأمن الدولي «1559» (يقضي بنزع السلاح غير الشرعي بما فيه سلاح «حزب الله»، وأن يفرض الجيش اللبناني وحده سلطته على الحدود وعلى كامل الأراضي اللبنانية)، والقرار «1680» (ينصّ على نشر الجيش اللبناني على الحدود مع سوريا).

وقال النائب هاشم: «لا يمكننا أن نقفز إلى القرار (1559) وننسى القرار (425) الذي يطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة»، مشيراً إلى «ضرورة تنفيذ القرارات الدولية بشكل متوازن وعلى الجانبين، وأن تحترم إسرائيل السيادة اللبنانية».

وختم هاشم: «البعض يريد منّا أن نستسلم ونرفع الراية البيضاء، في الوقت الذي يتعرّض فيه بلدنا للتدمير ولحرب إبادة تجاوزت كلّ الحدود».


مقالات ذات صلة

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

المشرق العربي جندي من قوات «اليونيفيل» في برج مراقبة قرب قرية مارون الراس اللبنانية (إ.ب.أ)

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

أصيب 4 جنود إيطاليين في هجوم على مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة بلبنان «اليونيفيل» ببلدة شمع جنوب لبنان، وفق ما أعلن مصدران حكوميان، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عاملا صحة يعتنيان بمصابة جراء الحرب في أحد مستشفيات لبنان 15 يوليو 2024 (أ.ب)

الصحة العالمية: مقتل 226 عاملاً صحياً ومريضاً في لبنان منذ بدء حرب 7 أكتوبر

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم (الجمعة)، إن 226 عاملاً صحياً ومريضاً قُتلوا في لبنان، فيما أصيب 199 آخرون جراء الهجمات الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)

الجيش الإسرائيلي يجدد الغارات على ضاحية بيروت بعد إنذارات بالإخلاء

تجدَّدت الغارات الإسرائيلية، صباح الجمعة، على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات وجَّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 3 مواقع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رجال إنقاذ وسكان يتجمعون حول أنقاض مبنى دمّرته غارة إسرائيلية على قرية يونين بسهل البقاع شرق لبنان في 21 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

مقتل 47 في غارات إسرائيلية على شرق لبنان

قال مسؤول لبناني إن 47 شخصاً على الأقل، قُتلوا في غارات إسرائيلية على شرق لبنان، اليوم الخميس، لتُواصل إسرائيل بذلك حملة على جماعة «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

إسرائيل تستهدف أحياء مسيحية ملاصقة للضاحية الجنوبية لبيروت

الدخان والنيران يتصاعدان من مبنى لحظة استهدافه بصاروخ اسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
الدخان والنيران يتصاعدان من مبنى لحظة استهدافه بصاروخ اسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تستهدف أحياء مسيحية ملاصقة للضاحية الجنوبية لبيروت

الدخان والنيران يتصاعدان من مبنى لحظة استهدافه بصاروخ اسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
الدخان والنيران يتصاعدان من مبنى لحظة استهدافه بصاروخ اسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

تجدّدت الغارات الإسرائيلية، الجمعة، على الأحياء المسيحية المقابلة لضاحية بيروت الجنوبية، عقب إنذارات وجّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء خمسة أبنية، يقع أحدها في شارع مكتظ.

وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام بشن الطيران الحربي الإسرائيلي غارتين، بعد ظهر الجمعة، على مبنيين يقعان على أطراف ضاحية بيروت الجنوبية في منطقة الشياح المعروفة باسم «طريق صيدا القديمة»، التي تفصل الشياح عن عين الرمانة، وهي خطوط التماس القديمة، خلال الحرب اللبنانية. كما قصف، مساء، مبنى يقع خلف خط بولفار كميل شمعون، الذي يفصل الضاحية الجنوبية عن المناطق ذات الغالبية المسيحية التي يقع فيها المبنى المستهدف.

صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)

ويضمّ المبنى، في طوابقه الأربعة الأولى، مؤسسات تجارية عدة ونادياً رياضياً ومختبراً، بينما الطوابق السبعة الأخرى سكنية. واستهدف الصاروخ القسم السكني من المبنى، ما أدى إلى انهياره، بينما صمدت الطوابق الأولى. وجاء استهداف المبنيين بعد إنذار إسرائيلي لسكانهما ومحيطهما بالإخلاء، قالت الوكالة الوطنية إنه أسفر عن «حركة نزوح ملحوظة» من منطقة عين الرمانة المتاخمة للشياح، والتي تقطنها غالبية مسيحية. وجاءت الضربات بعد غارات مماثلة استهدفت، صباح الجمعة، ثلاثة أبنية في منطقتي الحدث وحارة حريك، بعد إنذار إسرائيلي.

وأظهر البث المباشر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، سحب دخان وغبار تتصاعد على أثر الغارات الثلاث على المنطقة. وأفادت الوكالة بأن غارتين شنّهما «الطيران الحربي المُعادي» استهدفتا منطقة الكفاءات في الحدث، مشيرة إلى «تصاعد الدخان بشكل كثيف من محيط الجامعة اللبنانية». وأعلن الجيش الإسرائيلي، في وقت لاحق، أن مقاتلاته الحربية «أتمّت جولة جديدة من الضربات» على ضاحية بيروت الجنوبية.

امرأة وأطفال ينزحون من موقع قريب لمبنى دمرته غارة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية (أ.ف.ب)

وجاءت غارات الجمعة، غداة شنّ إسرائيل سلسلة غارات كثيفة استهدفت ضاحية بيروت الجنوبية وجنوب لبنان وشرقه. وشنت إسرائيل ضربات على مناطق عدة في جنوب لبنان، بعد أوامر إخلاء للسكان شملت مبنى في مدينة صور الساحلية، وبلدتين في محيطها. وارتفعت وتيرة الغارات الإسرائيلية على مناطق عدة في لبنان، منذ إنهاء المبعوث الأميركي آموس هوكستين زيارته إلى بيروت، الأربعاء، في إطار وساطة يتولاها للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل. وللمرة الأولى منذ بدء عملياتها البرية، توغّلت القوات الإسرائيلية إلى داخل بلدة دير ميماس، وفق ما أوردت الوكالة الوطنية، مشيرة إلى أن «طائرة استطلاع معادية» حلقت فوق البلدة، وهي «تطلب من المواطنين عدم الخروج من منازلهم». وأعلن «حزب الله»، الجمعة، استهدافه، مرتين، جنوداً إسرائيليين عند أطراف كفركلا، «بقذائف المدفعية».