«وحدة الساحات» غادرها الأسد وقلّصها السوداني وعارضها ميقاتي

فكرة إيرانية تراود الفصائل وتعارضها الحكومات

زعيم حركة «حماس» إسماعيل هنية ونائب زعيم «حزب الله» نعيم قاسم وقائد «الجهاد الإسلامي» زياد النخالة والناطق باسم الحوثيين محمد عبد السلام خلال تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، ويبدو خلف قاسم نائب الرئيس السوري فيصل المقداد (رويترز)
زعيم حركة «حماس» إسماعيل هنية ونائب زعيم «حزب الله» نعيم قاسم وقائد «الجهاد الإسلامي» زياد النخالة والناطق باسم الحوثيين محمد عبد السلام خلال تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، ويبدو خلف قاسم نائب الرئيس السوري فيصل المقداد (رويترز)
TT

«وحدة الساحات» غادرها الأسد وقلّصها السوداني وعارضها ميقاتي

زعيم حركة «حماس» إسماعيل هنية ونائب زعيم «حزب الله» نعيم قاسم وقائد «الجهاد الإسلامي» زياد النخالة والناطق باسم الحوثيين محمد عبد السلام خلال تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، ويبدو خلف قاسم نائب الرئيس السوري فيصل المقداد (رويترز)
زعيم حركة «حماس» إسماعيل هنية ونائب زعيم «حزب الله» نعيم قاسم وقائد «الجهاد الإسلامي» زياد النخالة والناطق باسم الحوثيين محمد عبد السلام خلال تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، ويبدو خلف قاسم نائب الرئيس السوري فيصل المقداد (رويترز)

قالت مصادر مطلعة في بغداد لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، إن حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تشعر بقلق كبير من الذيول التي يمكن أن تترتب على ضربة إسرائيلية لأهداف في إيران، خصوصاً بعدما سجلت قدراً من النجاح في «خفض أضرار» شعار «وحدة الساحات».

وشرحت المصادر الموقف على الشكل الآتي:

  • المقصود أصلاً بـ«وحدة الساحات» هو ما تعتبره إيران الرابط السياسي والاستراتيجي بين بلدان تتمتع فيها طهران بثقل لابد من أخذه في الاعتبار، خصوصاً في الموقف من إسرائيل والتعاون مع أميركا.
  • تعارض إيران أصلاً أن تتخذ دول مثل لبنان وسوريا والعراق موقفاً يوحي بأنها على المسافة نفسها من واشنطن وطهران. وكان هذا يصدق أيضاً على حكومة «حماس» في غزة. الموضوع مختلف بالنسبة إلى اليمن «حيث يعتبر الدور الإيراني علة وجود الحوثيين في السلطة وترسانتهم».

قائد «منظمة بدر» العراقي القريب من إيران هادي العامري في مجلس عزاء ليحيى السنوار ببغداد الأحد الماضي (رويترز)

  • استخدام تعبير «وحدة الساحات» يشير عملياً إلى القوس الإقليمي الذي يعبر عن التغييرات التي أحدثتها إيران في عدد من الدول العربية والتي راكمت فيها ما تعتبره أوراقاً لتهديد إسرائيل والضغط على أميركا.
  • تقوم «وحدة الساحات» عملياً على الربط بين فصائل مسلحة هي نوع من الجيوش الموازية. ويلعب «حزب الله» اللبناني دوراً كبيراً في مد الجسور بين الساحات وتزويد كل واحدة منها بما تحتاجه من خبرات ومدربين ومشرفين والتي تترافق أحياناً مع مشاركة مباشرة غير معلنة من ضباط من «الحرس الثوري» الإيراني.

ولاحظت المصادر أن خيار «وحدة الساحات» اصطدم بعد انطلاق عملية «طوفان الأقصى» بصعوبات في أكثر من مكان. وأوضحت الآتي:

  • غداة انطلاق «طوفان الأقصى»، سارع «حزب الله» اللبناني إلى إعلان «جبهة إسناد» في جنوب لبنان في ترجمة سريعة لشعار «وحدة الساحات».
  • تحاشى «حزب الله» إعلان حرب واسعة وقيد نفسه لشهور طويلة بما سماه «قواعد الاشتباك»، أي إبقاء منطقة المواجهة محدودة جغرافياً ومخفوضة مستوى الأسلحة المستخدمة.
  • في موازاة ذلك، كانت حكومة السوداني تضاعف اتصالاتها بأركان «الإطار التنسيقي» لمنع اندفاع «الحشد الشعبي» في عملية الربط بين الساحات.
  • قبل ما يزيد قليلاً على الشهر قلبت إسرائيل الطاولة في جنوب لبنان وأطاحت «قواعد الاشتباك» وما سمي «الخطوط الحمر» ووجهت إلى «حزب الله» ضربات ألحقت ضرراً فادحاً بهيكله القيادي.
  • كشفت تطورات الأيام الأخيرة أن غالبية اللبنانيين تعارض «وحدة الساحات». اتخذ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي موقفاً معارضاً لها وانتقد «الوصاية الإيرانية». ورأى كثيرون أن موقف رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري غير المعلن هو ما سهّل لميقاتي إعلان موقفه الذي يلتقي أيضاً مع موقف الزعيم الدرزي وليد جنبلاط.

رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (أ.ف.ب)

  • اتسعت معارضة «وحدة الساحات» حين اختار رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل إشهار معارضته للحرب التي بادر «حزب الله» إلى التسبب فيها. وأظهرت التطورات أن «وحدة الساحات» لا تحظى بأي تاييد جدي خارج بيئة «حزب الله».
  • واجهت «وحدة الساحات» باكراً ثغرة غير عادية، إذ سارع النظام السوري إلى إرسال إشارات واضحة بدأت بعدم المشاركة، ووصلت إلى حد تأكيد الابتعاد عن هذا الخيار بسلسلة من الإجراءات الميدانية «التي تحاول منع استخدام الساحة السورية لإطلاق الصواريخ والمسيرات».
  • مع الوقت تبيّن أن الابتعاد السوري عن «وحدة الساحات» لا يرجع فقط إلى تقديم الحسابات الروسية على الحسابات الإيرانية، بل هو من ضمن خطوات بطيئة لتحسين صورة النظام وإعادة الربط مع الاعتدال العربي وتركيا وخفض الحصار الغربي.
  • الثغرة السورية في «وحدة الساحات» ليست بسيطة على الإطلاق وهي سهّلت أيضاً موقف الحكومة العراقية «المهتمة تماماً بعلاقات قوية مع إيران لكن من دون أن تكون تابعة لأي دولة خارجية».
  • نجحت حكومة السوداني بعد اتصالات مع إيران وأركان «الحشد الشعبي» العراقي في منع انتقال شرارات المواجهة الإقليمية إلى مواقع وجود «قوات التحالف» في العراق وساهمت في وضع هذه القوات على طريق المغادرة.
  • تمكنت الحكومة من تقليص عدد الفصائل الراغبة في الانخراط في عملية «وحدة الساحات». وتتخوف الحكومة من أن أي مساهمة نشطة من فصائل عراقية في استهداف إسرائيل قد تؤدي إلى ردود عسكرية إسرائيلية تلهب الشارع العراقي وتعقد العلاقات بين بغداد وواشنطن.

وخلصت المصادر إلى أن «وحدة الساحات فكرة إيرانية تستهوي الفصائل، لكنها تثير مخاوف الحكومات. بَكّرَ بشار الأسد في الابتعاد عنها وحرص السوداني على تفادي نيرانها ولم يتردد ميقاتي في المجاهرة أخيراً بمعارضتها».


مقالات ذات صلة

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

لم يشهد سكان غزة، الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، مع إعلان مقتل 21 شخصاً على الأقل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)

هل ستدفع مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت حكومات لتقليص اتصالاتها مع إسرائيل؟

نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن خبراء ومسؤولين أن مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت ستدفع بعض الحكومات لتقليص اتصالاتها مع نتنياهو وغيره من المسؤولين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)

بعد مذكرة توقيف نتنياهو... الإسرائيليون يخشون ملاحقة ضباط جيشهم

عقب إصدار محكمة لاهاي مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، يساور القلق المسؤولين الإسرائيليين خشية ملاحقة ضباطهم أيضاً.

نظير مجلي (تل أبيب)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لم يشهد سكان غزة، اليوم الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال اللذان أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، فيما قال مسعفون إن 21 شخصاً على الأقل قُتلوا في غارات إسرائيلية جديدة، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال مسعفون إن ثمانية أشخاص قُتلوا في غارة استهدفت منزلاً في حي الشجاعية بمدينة غزة في شمال القطاع. كما قُتل ثلاثة آخرون في غارة بالقرب من مخبز، وقُتل صياد في أثناء توجهه إلى البحر. وقُتل تسعة أشخاص في ثلاث غارات جوية شنتها إسرائيل في وسط وجنوب القطاع.

منطقة عازلة

في الوقت نفسه، توغلت القوات الإسرائيلية أكثر في الشمال، وكثفت القصف في هجوم رئيسي تشنه منذ أوائل الشهر الماضي.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يهدف إلى منع مقاتلي حركة «حماس» الفلسطينية من شن هجمات وإعادة تنظيم صفوفهم. ويعبّر سكان عن مخاوفهم من أن يكون الهدف هو إخلاء جزء من القطاع بشكل دائم ليكون منطقة عازلة، وهو ما تنفيه إسرائيل.

قال سكان في البلدات الثلاث المحاصرة في الشمال، وهي جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، إن القوات الإسرائيلية فجرت عشرات المنازل.

وذكرت وزارة الصحة بغزة في بيان أن غارة إسرائيلية استهدفت مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، وهو إحدى المنشآت الطبية الثلاث التي تعمل بالكاد في المنطقة، مما أسفر عن إصابة ستة من العاملين في المجال الطبي، بعضهم في حالة خطيرة.

وأضافت: «أدى الاستهداف أيضاً إلى تدمير المولد الكهربائي الرئيسي بالمستشفى، وثقب خزانات المياه لتصبح المستشفى من غير أكسجين ولا مياه، الأمر الذي ينذر بالخطر الشديد على حياة المرضى والطواقم العاملة داخل المستشفى، حيث يوجد فيه 80 مريضاً و8 حالات بالعناية المركزة».

أميركا والفيتو

وعدّ سكان في غزة قرار المحكمة الجنائية الدولية بالسعي إلى اعتقال اثنين من الزعماء الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب بمثابة اعتراف دولي بمحنة القطاع. لكن الواقفين في طابور للحصول على خبز من أحد المخابز في مدينة خان يونس بجنوب القطاع يشكون في أن يكون لهذا القرار أي تأثير.

وقال صابر أبو غالي وهو ينتظر دوره بين الناس: «القرار لا ولن يُنفذ؛ لأن إسرائيل تحميها أميركا، ولها حق الفيتو في كل حاجة، أما إسرائيل فلا ولن تُحاسب».

وقال سعيد أبو يوسف (75 عاماً) إنه حتى لو تحققت العدالة فسيكون ذلك بعد تأخير عقود، «المحكمة الجنائية الدولية اتأخرت كتير، إلنا فوق الستة وسبعين عام بنسمع قرارات اللجنة هذه ولا تنفذ ولا تطبق ولا تعمل إلنا أي شيء».

وشنت إسرائيل حملة عسكرية على غزة رداً على هجوم «حماس» عليها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والذي تشير إحصاءات إسرائيلية إلى أنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

وقال مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن 44 ألف فلسطيني تقريباً قُتلوا في غزة منذ ذلك الحين، وتحول جزء كبير من القطاع إلى ركام.

تعثر جهود الوساطة

وقال ممثلو الادعاء في المحكمة إن هناك أسباباً كافية للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت مسؤولان جنائياً عن ممارسات تشمل القتل والاضطهاد واستخدام التجويع سلاحاً في الحرب، في إطار «هجوم واسع وممنهج ضد السكان المدنيين في غزة».

كما أصدرت المحكمة أمر اعتقال لمحمد الضيف، القائد العسكري في «حماس»، الذي تقول إسرائيل إنها قتلته في غارة جوية في يوليو (تموز)، إلا أن «حماس» لم تؤكد أو تنف مقتله.

وتقول إسرائيل إن «حماس» هي المسؤولة عن كل ما يلحق بالمدنيين من أذى في غزة؛ لأن مقاتليها مندسّون بينهم، وهو ما تنفيه الحركة.

وندد سياسيون إسرائيليون من مختلف الأطياف السياسية بأمري الاعتقال، ورأوا أنهما صدرا بناء على تحيز، واستناداً إلى أدلة كاذبة. وتقول إسرائيل إن المحكمة ليست مختصة بنظر قضايا الحرب. وأشادت «حماس» بأمري الاعتقال بوصفهما خطوة مبدئية صوب تحقيق العدالة.

وتعثّرت جهود الوسيطين، مصر وقطر، بدعم من الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وتريد «حماس» التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، في حين تعهد نتنياهو بأن الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على «حماس».