أنباء عن «صفقة مصغرة» تفعّل محادثات «هدنة غزة»

مصر تطالب باتفاق يقود لوقف شامل لإطلاق النار بالمنطقة

امرأة فلسطينية تنهار إثر مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية شمال قطاع غزة (رويترز)
امرأة فلسطينية تنهار إثر مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

أنباء عن «صفقة مصغرة» تفعّل محادثات «هدنة غزة»

امرأة فلسطينية تنهار إثر مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية شمال قطاع غزة (رويترز)
امرأة فلسطينية تنهار إثر مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية شمال قطاع غزة (رويترز)

تزداد المساعي لإحياء مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، المجمدة منذ أسابيع، مع حديث إسرائيلي، لم تؤكده القاهرة، عن طرح مصر مقترح صفقة «مصغرة» تفضي لهدنة أياماً عدة بغرض إنساني لإنفاذ المساعدات، وسط تمسُّك من القاهرة بأن أي تهدئة يجب أن تؤدي لوقف شامل لإطلاق النار في المنطقة.

وتتزامن هذه المساعي مع زيارة بدأها وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، لحلحلة مسار الجمود بمحادثات وقف الحرب المستمرة منذ أكثر من عام.

خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن الأنباء المتداولة بشأن «الصفقة المصغرة»، ستعيد حراك المفاوضات مؤقتاً، مستبعدين أن تدخل حيز التنفيذ قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية التي تحل بعد نحو أسبوعين، في ظل عراقيل يأتي على رأسها رغبة رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في استمرار العمليات العسكرية أملاً في دعم حليفه الجمهوري دونالد ترمب حال عاد للبيت الأبيض، وهزيمة مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس نائبة الرئيس جو بايدن.

ودون تأكيد مصري، نقل موقع «واللا» الإسرائيلي، وموقع «أكسيوس» الأميركي، الاثنين، عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن مدير المخابرات العامة المصرية الجديد حسن رشاد، قدم لرئيس جهاز «الشاباك» رونين بار الإسرائيلي مقترحاً لإبرام صفقة «صغيرة» تتضمن إطلاق سراح رهائن من بين 101 رهينة مقابل بضعة أيام من وقف إطلاق النار في غزة.

ووفق المصادر نفسها، فإن رئيس المخابرات المصرية أخبر بار بأن «الصفقة الصغيرة» ستستمر بعد ذلك بمفاوضات متجددة بشأن اتفاق أوسع نطاقاً بشأن الرهائن، ووقف إطلاق النار.

ووفق المعلومات التي لم تؤكدها القاهرة، قدم رئيس «الشاباك» الاقتراح إلى مجلس الأمن الإسرائيلي في اجتماع عُقد، ليلة الأحد، عند عودته من مصر، وأيّد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت المقترح المنسوب للقاهرة، في حين عارضه الوزيران المتطرفان إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.

نازحون فلسطينيون أمرهم الجيش الإسرائيلي بإخلاء الجزء الشمالي من غزة يفرون وسط عملية عسكرية إسرائيلية في جباليا (رويترز)

وكانت الحكومة الإسرائيلية قد كشفت في بيان، الاثنين، عن عرض «أفكار جديدة» فيما يتعلق بجهود إطلاق سراح الرهائن، وفق ما نقلته «هيئة البث الإسرائيلية» دون مزيد من التفاصيل.

ودون أن يؤكد حديث المقترح الجديد، قال مصدر رفيع المستوى لـ«القاهرة الإخبارية»، الثلاثاء، إن «القاهرة ترى ضرورة عدم إضاعة الوقت للوصول إلى صفقة شاملة»، مؤكداً أنها «تتمسك بأن أي خطوات تجاه التهدئة يجب أن تؤدي إلى الوصول لوقف إطلاق نار شامل بالمنطقة، وأهمية سرعة التوصل إلى صفقة لوقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات إلى قطاع غزة».

استقرار المنطقة

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير علي الحفني، رأى أن الأنباء الصادرة عن إسرائيل رغم أن القاهرة لم تؤكدها فإنها لم تخرج في النهاية عن الدور والجهود المصرية المستمرة لإنهاء الحرب، ووقف الإبادة بحق الفلسطينيين.

ويَعُدُّ الحفني العودة المصرية للحديث عن مسار المفاوضات محاولة لتحقيق اختراق في مسار المحادثات المجمدة بسبب تعنُّت نتنياهو، لافتاً إلى أن واشنطن والمجتمع الدولي عليهما دور في دعم الموقف المصري لتحقيق الاستقرار بالمنطقة.

ويرى الخبير السياسي المصري الدكتور عمرو الشوبكي أن فرص نجاح تلك الصفقة المحتملة حال صحت تبدو «محدودة أو شبه منعدمة قبل الانتخابات الأميركية الرئاسية، إلا إذا حدث تغيُّر حقيقي في أدوات الضغط على إسرائيل»، لافتاً إلى أن نتنياهو يرى الوضع الحالي، خصوصاً بعد مقتل السنوار، يعزز من مواقفه في استمرار الحرب لا وقفها.

التقاط الأنفاس

إذا صح ما يذكره الجانب الإسرائيلي عن صفقة مصغرة، فإنها بحسب المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، ستكون محاولة لتحريك المياه الراكدة في المفاوضات منذ أسابيع، ومحاولة لالتقاط الأنفاس عبر هدنة لبضعة أيام، لافتاً إلى أن «الأونروا» طالبت بهدنة لأيام أيضاً للمساهمة في إدخال المساعدات الإغاثية في ظل المخططات الإسرائيلية المستمرة في سياسات التجويع والإبادة.

وبتقدير الرقب، إذا نجحت هذه الصفقة المحتملة فإنها قد تؤسس مرحلة مقبلة من المفاوضات في إطار مساعي مصر لإنهاء الحرب بغزة وبالمنطقة شريطة تفكيك تعنُّت نتنياهو.

بالتزامن، التقى نتنياهو، الثلاثاء، وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في مستهل جولة إقليمية تعد الـ11 للمنطقة منذ حرب غزة، وتستغرق أسبوعاً، وتشمل أيضاً الأردن وقطر، وتأتي بعد أيام عدة على مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار، ضمن مساعي واشنطن للتوصل إلى وقف إطلاق النار، واستعادة الرهائن المحتجَزين في قطاع غزة.

ووفق الرقب، فإن زيارة بلينكن، هي محاولة انتخابية أخيرة لجلب أصوات للديمقراطيين أمام ترمب، في سباق الانتخابات الرئاسية الوشيك، لافتاً إلى أنه دون أي ضغوط أميركية حقيقية فتلك الجولة ستلحق بسابقتها دون تحقيق تهدئة أو إطلاق سراح الرهائن مع عراقيل محتملة لا سيما من نتنياهو.

وكان السنوار محل اتهام حكومة نتنياهو بأنه «المعرقل الرئيسي» للصفقة، بحسب بيان صحافي صادر عن منتدى عائلات الرهائن الإسرائيليين لدى «حماس»، الأحد، الذي طالب حكومة نتنياهو بوقف الألاعيب التي تمارسها حكومته في المفاوضات، والجنوح إلى العمل الجاد نحو إبرام صفقة تبادل فوراً بعد مقتل زعيم «حماس».

عراقيل متعددة

وبرأي المفكر الدكتور عمرو الشوبكي، فإن تلك النداءات وما سبقها من انقسامات في الداخل الإسرائيلي، ثبت أنها لا تمثل عبئاً أو ضغوطاً حقيقية على نتنياهو، متوقعاً ألا يحدث زخم لافت بمسار المفاوضات قبل الانتخابات الأميركية.

وتتعدد العراقيل أمام نجاح مسار المفاوضات حالياً، بحسب الشوبكي، أبرزها نتنياهو الراغب في استمرار الحرب لضمان انتصاراته، والإمعان في جرائمه، والبقاء في السلطة، ولا يتطلع لصفقة محدودة أو شاملة حالياً على أساس أن هذا يعني له المضي في طريق إنهاء الحرب، وهذا ليس في أولوياته.

ويتفق الرقب مع الشوبكي، في أن نتنياهو الذي يريد إنجاح حليفه ترمب وإفشال هاريس، سيكون المعرقل الأول لأي صفقة محتملة، بجانب معرقل ثانٍ، وهو تمسُّك اليمين المتطرف في إسرائيل حالياً بإتمام صفقة واحدة للرهائن وليست على مراحل بعد ما يعدونه نجاحات باستهداف وإضعاف «حماس» وقياداتها، مضيفاً: «وهذا لن يكون مقبولاً من (حماس)».

وأياً كانت نتائج إحياء مسار المفاوضات حالياً ومن سيعرقله، فمن المهم استمرار حراك رفض استمرار الحرب بالمنطقة، على أساس أن ذلك قد يشكل ضغوطاً مستقبلية ربما تغير الجمود الحالي، وفق تقدير السفير الحنفي.


مقالات ذات صلة

طائرات عسكرية أردنية تسقط مساعدات على شمال قطاع غزة

المشرق العربي أفراد من القوات المسلحة الأردنية يسقطون مساعدات جوية على غزة 9 أبريل 2024 (رويترز)

طائرات عسكرية أردنية تسقط مساعدات على شمال قطاع غزة

قال مصدر رسمي إن طائرات عسكرية أردنية أسقطت، الثلاثاء، مساعدات على شمال غزة لأول مرة في خمسة أشهر للمساعدة في تخفيف وطأة الوضع الإنساني المتردي في القطاع.

«الشرق الأوسط» (عمّان)
المشرق العربي صبي جريح يجلس في مستشفى شهداء الأقصى عقب تعرضه للإصابة في غارة جوية إسرائيلية في مخيم البريج وسط غزة (إ.ب.أ)

حرب غزة: أكثر من 7 آلاف مجزرة إسرائيلية... و1400 عائلة مُحيت من السجلات

أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أن «قوات الاحتلال ارتكبت 7160 مجزرة بحق العائلات الفلسطينية في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي نازحون فلسطينيون يسيرون في شارع غرب مدينة غزة الاثنين (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار في لبنان وإسرائيل وغزة

دعت الأمم المتحدة، اليوم (الثلاثاء)، من جديد إلى «وقف دائم لإطلاق النار» في لبنان وإسرائيل وغزة، في حين يتوقع إعلان هدنة بين إسرائيل و«حزب الله».

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي فلسطينيات يستخدمن طريقاً جافاً لنقل المياه إلى خيمتهن بعد هطول أمطار غزيرة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

الغزيون يكابدون الأمطار والبرد

تسبب الانخفاض الجوي الذي تشهده غزة، هذه الأيام، في زيادة معاناة سكان القطاع الذين يعانون أصلاً ويلات الحرب منذ 14 شهراً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته بالجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع في إيطاليا (واس)

السعودية تدعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

شددت السعودية، الاثنين، خلال الجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع (G7)، على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (فيوجي)

الأمم المتحدة تدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار في لبنان وإسرائيل وغزة

نازحون فلسطينيون يسيرون في شارع غرب مدينة غزة الاثنين (أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون يسيرون في شارع غرب مدينة غزة الاثنين (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة تدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار في لبنان وإسرائيل وغزة

نازحون فلسطينيون يسيرون في شارع غرب مدينة غزة الاثنين (أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون يسيرون في شارع غرب مدينة غزة الاثنين (أ.ف.ب)

دعت الأمم المتحدة، اليوم (الثلاثاء)، من جديد إلى «وقف دائم لإطلاق النار» في لبنان وإسرائيل وغزة، في حين يتوقع إعلان هدنة بين إسرائيل و«حزب الله»، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال الناطق باسم مكتب حقوق الإنسان التابع للمنظمة، جيريمي لورانس، إن «السبيل الوحيد لإنهاء معاناة الناس من جميع الأطراف هو وقف دائم وفوري لإطلاق النار على كل الجبهات، في لبنان وإسرائيل وغزة».

وتجددت الغارات الإسرائيلية العنيفة، اليوم (الثلاثاء)، على ضاحية بيروت الجنوبية، عقب إنذارات وجّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 6 مواقع. ووجَّه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، إنذار إخلاء مرفقاً بخرائط إلى سكان برج البراجنة وتحويطة الغدير.

وتأتي الغارة وسط ترقب لاتفاق وشيك لوقف إطلاق النار في لبنان. وقال مسؤول إسرائيلي كبير لـ«رويترز» إن إسرائيل تبدو مستعدة للموافقة على خطة أميركية لوقف إطلاق النار الثلاثاء، مما يمهد الطريق لإنهاء الحرب التي أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين منذ اندلاعها في قطاع غزة منذ 14 شهراً.

وفي غزة، أسفرت الحملة العسكرية الإسرائيلية عن مقتل أكثر من 44 ألفاً و249 فلسطينياً وإصابة 104 آلاف و746 آخرين.