هوكستين يطلق «التفاوض» بين لبنان وإسرائيل لـ«تطبيق حرفي للقرار 1701»

تلقى في بيروت رداً إيجابياً على «المسار المقترح»... والخطوة اللاحقة رهن تجاوب تل أبيب

TT

هوكستين يطلق «التفاوض» بين لبنان وإسرائيل لـ«تطبيق حرفي للقرار 1701»

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط ورئيس البرلمان اللبناني نبيه بري في مقر الأخير (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط ورئيس البرلمان اللبناني نبيه بري في مقر الأخير (أ.ف.ب)

أطلق مبعوث الرئيس الأميركي الخاص إلى المنطقة، آموس هوكستين، شرارة «التفاوض غير المباشر» بين لبنان وإسرائيل، وذلك في أول زيارة له إلى بيروت منذ توسع المواجهات بين إسرائيل و«حزب الله» أواخر الشهر الماضي.

وفيما التقى هوكستين في بيروت، الاثنين، رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي، وقائد الجيش العماد جوزف عون، قالت مصادر لبنانية شاركت في بعض اجتماعات هوكستين لـ«الشرق الأوسط» إن الموفد الأميركي أتى مع خطة عمل يريد أن يجلب إليها طرفي المواجهة.

وكشفت المصادر أن هوكستين تلقى «رد فعل إيجابياً» من لبنان، على أن يستكمل اتصالاته مع الإسرائيليين ليكون في تل أبيب مع نهاية الأسبوع إذا لمس إيجابيات في اتصالاته.

وأكدت المصادر أن هوكستين لم يحمل أي شروط إسرائيلية لوقف النار، وأنه - على الأقل - لم يطرح أياً من الشروط التي تم تداولها عن طلب إسرائيل حرية الحركة في الأراضي والأجواء اللبنانية مستقبلاً. وأشارت المصادر إلى أن «الموفد الأميركي رسم مساراً ينتهي بتنفيذ حرفي للقرار 1701، لا تعديله، ووقف دائم لإطلاق النار». وأكدت أن هوكستين أبلغ الجميع بأن واشنطن تريد «تنفيذاً حرفياً للقرار وليس تعديله».

لقاء بري

واستهل هوكستين لقاءاته في بيروت مع بري، بحضور السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون، والمستشار الإعلامي لبري علي حمدان. وأكد بري بعد اللقاء الذي دام لأكثر من ساعة أن الاجتماع «كان جيداً، والعبرة في النتائج».

وتحدث هوكستين معرباً عن حزنه «لأنني أشهد آلام شعب لبنان». وقال: «أمضينا 11 شهراً نحاول أن نحتوي الأزمة ولم نتمكن من حلها، وخلال كل زيارة كنت أنبه إلى أن الوضع ملح، وأن الوضع القائم لا يمكن أن يستمر، وكان علينا أن نصل إلى حل، أو أن الأمور ستتصاعد وتخرج عن السيطرة، وقد وقفت في هذا المكان مرة وراء مرة، خاصة في شهر أغسطس (آب) مؤخراً، ونبهت حول ضرورة إنهاء الوضع، والحل كان ممكناً، ولكن تم رفضه، وخرجت الأوضاع عن السيطرة كما كنا نخشى».

وأضاف: «أود أن أكون واضحاً للغاية أن ربط مستقبل لبنان بنزاعات أخرى في المنطقة، لم يكن، وليس في مصلحة الشعب اللبناني، وكما قال رئيسنا (الرئيس بايدن) هدفنا الوصول إلى اتفاق شامل يشمل قرار مجلس الأمن 1701، ويضمن أن يكون هذا النزاع هو الأخير لأجيال عديدة».

واعتبر أن القرار 1701 «كان ناجحاً في إيقاف الحرب في عام 2006، ولكن علينا أن نكون صريحين: (لم يقم أي أحد بأي شيء لتطبيقه)، وعدم التطبيق خلال كل هذه السنوات ساهم في الأزمة التي وصلنا إليها الآن، وهذا يجب أن يتغير، لأن التزام الطرفين بالـ1701 لا يكفي. وأنا عدت اليوم إلى بيروت لأقوم بمباحثات مع الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني ورؤساء وقادة سياسيين آخرين، وبصراحة أي شخص يمكن أن يلعب دوراً أساسياً لوضع لبنان على طريق جديد من القوة والاستقرار، وأيضاً الازدهار الاقتصادي».

رئيس البرلمان نبيه بري خلال استقبال المبعوث الأميركي آموس هوكستين (أ.ف.ب)

ورأى أن لبنان «وكل رؤساء سلطاته وقادته يحتاجون لدعم العالم، وأن الولايات المتحدة الأميركية وشركاءنا ملتزمون بدعم لبنان»، قائلاً إن «الحكومة اللبنانية عليها أن تضع احتياجات شعبها أولاً، وإن العالم سيقف إلى جانب لبنان وقادته، إذا قاموا بأخذ الخيارات الشجاعة والصعبة والضرورية والمطلوبة في هذا الوقت لمصلحة كل الشعب اللبناني».

وشدد على أن «أميركا تريد إنهاء هذه المواجهة وهذا النزاع بأسرع وقت ممكن، هذا ما يريده الرئيس بايدن، وهذا ما نريده ونعمل من أجله جميعاً»، وقال: «إننا نعمل مع الحكومة اللبنانية والدولة اللبنانية ومع الحكومة الإسرائيلية للوصول إلى صيغة تضع حداً لهذا النزاع للأبد، وتضع آليات أيضاً تسمح، ليس بإنهاء النزاع بأن يتوقف الآن ونبدأ مجدداً في الأسبوع المقبل أو الشهر المقبل أو العام المقبل، بل لينتهي النزاع نهائياً، والجميع يستطيعون العودة إلى منازلهم، ويعرفون أننا وصلنا إلى عهد جديد من الازدهار، وهذا ما نحاول أن ننفذه بأسرع وقت ممكن».

وأكد أن «التزامنا هو أن نحل هذا النزاع استناداً وبناءً على القرار 1701، هذا ما سيكون شكل الحلول، وللقيام بذلك، يجب أن نتأكد من كل الأطراف في هذا النزاع أن يعرفوا أن القرار 1701 سيطبق».

1701 كما هو

وفي رد غير مباشر على تأكيد لبنان الالتزام بالقرار 1701، قال: «هذا ما قاله الجميع في 2006، وهذا ما وصلنا إليه الآن، نحن بعيدون عن الكثير مما كان يجب أن يطبق من القرار 1701. أنا هنا اليوم لكي أستطيع أن أجري المحادثات، ليس حول تغيير 1701... القرار 1701 كما هو، وهذا ما سنتطلع إليه كأساس لوضع حد لهذا النزاع، ولكن ما يجب القيام به بالإضافة إلى ذلك التأكد من تطبيقه وتنفيذه بطريقة عادلة ودقيقة وشفافة لكي يعرف الجميع المسار الذي نحن عليه، وأعتقد أن ذلك يأتي من الثقة التي يجب أن تعطيها الحكومة الإسرائيلية والحكومة اللبنانية للشعوب على جانبي الحدود، وأيضاً المجتمع الدولي الذي يجب أن يساهم في دعم لبنان وإعادة بنائه، وما يواجهه من دمار».

وأضاف هوكستين: «يجب أن تكون هناك إعادة إعمار، ويجب أن تكون هناك إعادة إعمار اقتصادية للبنان، وعلى المجتمع الدولي أن يلتزم القيام بذلك، أميركا ملتزمة وسيكون علينا دعم الجيش اللبناني، لأننا إذا أردنا أن يكون الجيش اللبناني هو الجزء المهم في وقف هذه الأعمال العدائية وإنهاء هذا النزاع، سيكون الجيش اللبناني بحاجة إلى المجتمع الدولي ومساعدته. الجيش اللبناني باستطاعته أن يحمي لبنان ومرافئه بما في ذلك الحدود وكل جزء من البلد، ولكنه يحتاج إلى المساعدة».

ورفض التعليق على ما أورده موقع «أكسيوس» عن شروط إسرائيل لوقف النار، قائلاً: «لن أعلق على تقارير مختلفة في الإعلام عن أجزاء مختلفة، ومغالطات مختلفة، وتكتيكات ومفاوضات مختلفة، وستكون لدينا محادثات مع الحكومة اللبنانية والحكومة الإسرائيلية حول أفضل الطرق للوصول إلى وقف الأعمال العدائية، ووضع حد لهذا النزاع».

لقاء ميقاتي

وخلال الاجتماع الذي جمع هوكستين مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، شدد الأخير، وفق بيان صادر عن مكتبه على «أن الأولوية هي لوقف إطلاق النار والتطبيق الشامل والكامل للقرار 1701؛ لكونه الركيزة الأساسية للاستقرار في المنطقة»، مشيراً إلى «أن الجهود الدبلوماسية ناشطة للتوصل إلى وقف قريب لإطلاق النار».

وأرسى القرار 1701 وقفاً للأعمال الحربية بين إسرائيل و«حزب الله» بعد حرب مدمّرة في يوليو (تموز) 2006. وينصّ القرار على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل)، وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية.

ويكرر لبنان على لسان مسؤوليه تمسكه بتطبيق القرار 1701، واستعداده لفرض سيادته على كامل أراضيه فور التوصل إلى وقف لإطلاق النار مع إسرائيل، التي صعدت منذ 23 سبتمبر (أيلول) غاراتها الجوية على معاقل «حزب الله» في ضاحية بيروت الجنوبية وفي جنوب البلاد وشرقها، ثم بدأت نهاية الشهر ذاته عمليات توغل بري جنوباً.

أبو الغيط

وتزامنت زيارة هوكستين مع زيارة يجريها الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إلى بيروت، حيث التقى أيضاً ميقاتي وبري، في إطار المساعي المبذولة لوقف التصعيد الإسرائيلي. وقال أبو الغيط بعد لقائه بري: «الجامعة تقف إلى جانب لبنان في هذه المحنة».

وبعد لقائه ميقاتي، أكد أبو الغيط أن «لدى القيادة اللبنانية، سواء في مجلس النواب أو الحكومة، استعداداً واضحاً وإيجابياً للتفاعل مع الورقة الأميركية، وهناك أمل بأن تتحرك الأمور بشأن لبنان في هذه الأزمة الحادة جداً التي يواجهها». وأشار إلى أنه بحث مع رئيس الحكومة اللبنانية «الإجراءات المتاحة التي يمكن القيام بها دبلوماسياً على النطاق العربي، وأعتقد أننا على وشك التوصل إلى تفاهم في هذا الشأن نخطر به أشقاءنا في العالم العربي».


مقالات ذات صلة

توتر داخل المجتمعات المضيفة للنازحين في لبنان

المشرق العربي سيدات جنوبيات نازحات إلى أحد مراكز الإيواء في بيروت (أ.ف.ب)

توتر داخل المجتمعات المضيفة للنازحين في لبنان

تتفاقم الهواجس من فتنة داخلية قد تعمد إسرائيل إلى إذكائها في ظل توافر معظم عناصرها، بخاصة لجهة التوتر المسيطر داخل المجتمعات المضيفة للنازحين.

بولا أسطيح (بيروت)
خاص عَلم لـ«حزب الله» مرفوع قرب موقع استهداف إسرائيلي مباني في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

خاص «خبراء» من «الحرس الثوري» يشرفون على معارك جنوب لبنان

أكد مصدر سياسي لبناني على صلة وثيقة بـ«حزب الله» لـ«الشرق الأوسط»، إشراف «خبراء» من «الحرس الثوري» على المعارك التي يخوضها الحزب، لكنه نفى وجود مقاتلين إيرانيين.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي جانب من الدمار جراء الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مدينة صور بجنوب لبنان (أ.ف.ب) play-circle 00:38

لبنان: أوامر إخلاء إسرائيلية لأحياء في صور وسط غارات قتلت 7 أشخاص

أفادت وزارة الصحة اللبنانية، اليوم الاثنين، بسقوط 7 قتلى جراء غارة إسرائيلية استهدفت مدينة صور بجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر في الجيش اللبناني في حارة صيدا على مقربة من المبنى الذي تم استهدافه الأحد بغارة إسرائيلية (رويترز) play-circle 00:29

تقييم الخسائر الإسرائيلية يحدد مصير المعركة البرية على لبنان

يُسجَّل في الفترة الأخيرة سقوط قتلى للجيش الإسرائيلي على جبهة جنوب لبنان بشكل شبه يومي، في المعركة البرية التي تقترب من بلوغ شهرها الأول.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي دخان يتصاعد بعد قصف إسرائيلي على تلال كفركلا (أ.ف.ب)

هل يؤدي تفجير إسرائيل أنفاق «حزب الله» إلى هزات وزلازل؟

أدى تفجير الجيش الإسرائيلي أنفاقاً لـ«حزب الله» تحت الأرض في بلدتي كفركلا والعديسة الحدوديّتين إلى خشية حقيقية من أن تؤدي التفجيرات إلى وقوع زلازل في المنطقة.

بولا أسطيح (بيروت)

الحملة الإسرائيلية حولت بلدات لبنانية لأطلال وحطام (صور)

جنود لبنانيون في حارة صيدا على مقربة من المبنى الذي استهدفته الأحد غارة إسرائيلية (رويترز)
جنود لبنانيون في حارة صيدا على مقربة من المبنى الذي استهدفته الأحد غارة إسرائيلية (رويترز)
TT

الحملة الإسرائيلية حولت بلدات لبنانية لأطلال وحطام (صور)

جنود لبنانيون في حارة صيدا على مقربة من المبنى الذي استهدفته الأحد غارة إسرائيلية (رويترز)
جنود لبنانيون في حارة صيدا على مقربة من المبنى الذي استهدفته الأحد غارة إسرائيلية (رويترز)

أظهرت صور بالأقمار الاصطناعية قدمتها شركة «بلانت لابس» لـ«رويترز» أن الحملة العسكرية الإسرائيلية في جنوب لبنان أدت إلى دمار كبير في أكثر من 12 بلدة وقرية حدودية حتى تَحَوَّلَ كثير منها إلى مجموعات من الحفر الرمادية.

وكانت كثير من هذه البلدات مأهولة بالسكان منذ قرنين من الزمان على الأقل قبل أن تصبح خالية الآن بسبب القصف الإسرائيلي.

صورة جوية تظهر بلدة كفركلا الحدودية بعد تدمير اسرائيلي لمنازلها (رويترز)

وتشمل الصور، التي جرى الاطلاع عليها، بلدات فيما بين كفركلا في جنوب شرقي لبنان وجنوباً لما بعد قرية ميس الجبل، ثم غرباً لما بعد قاعدة تستخدمها قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، ووصولاً إلى قرية لبونة الصغيرة.

عسكريان بالجيش اللبناني قرب موقع غارة إسرائيلية استهدفت حارة صيدا بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

وقال عبد المنعم شقير رئيس بلدية ميس الجبل التي تعرضت للهجمات الإسرائيلية: «هناك منازل قديمة جميلة عمرها مئات السنين. قصفت آلاف القذائف المدفعية ومئات الغارات الجوية البلدة». وأضاف: «من يدري ما الذي سيبقى واقفاً في النهاية؟».

وقارنت «رويترز» بين صور الأقمار الاصطناعية التي التُقطت في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بتلك التي التُقطت في سبتمبر (أيلول) وأكتوبر 2024. وتقع كثير من القرى التي لحقت بها أضرار واضحة على مدار الشهر الماضي على قمم تلال تطل على إسرائيل.

وكثفت إسرائيل الغارات على جنوب لبنان ومناطق أخرى، الشهر الماضي، بعد قرابة عام من تبادل إطلاق النار عبر الحدود. وتوغلت القوات الإسرائيلية براً في المناطق الجبلية على الحدود مع لبنان، واشتبكت مع مقاتلي «حزب الله» في بعض البلدات.

صورة جوية توثق الدمار في بلدة ميس الجبل بجنوب لبنان (رويترز)

وقالت وحدة إدارة مخاطر الكوارث في لبنان التي تتابع أعداد القتلى والمصابين والهجمات على بلدات بعينها، إن البلدات التي اطلعت «رويترز» على صورها، وعددها 14، تعرضت لإجمالي 3809 هجمات إسرائيلية خلال العام الماضي.

ولم يرد الجيش الإسرائيلي بعد على أسئلة من «رويترز» عن حجم الدمار. وقال المتحدث العسكري الإسرائيلي دانيال هاغاري في 24 أكتوبر إن إسرائيل قصفت أكثر من 3200 هدف في جنوب لبنان.

وذكر الجيش الإسرائيلي أنه يهاجم بلدات في جنوب لبنان؛ لأن «حزب الله» حوَّل «القرى المدنية إلى مناطق قتال حصينة» يخفي فيها أسلحة ومتفجرات ومركبات. وينفي «حزب الله» استخدام البنية التحتية المدنية في شن هجمات أو تخزين أسلحة، كما ينفي سكان تلك البلدات هذا الادعاء.

رجل يحمل أمتعته أثناء سيره أمام موقع غارة جوية إسرائيلية على بيروت (إ.ب.أ)

وقال مصدر مطَّلع على العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان لـ«رويترز» إن القوات تهاجم بشكل ممنهج بلدات بها نقاط مراقبة استراتيجية مثل محيبيب.

وذكر المصدر أن إسرائيل «تعلمت الدروس» بعد آخر حرب لها مع «حزب الله» في عام 2006، ومن بينها هجوم مقاتلي «حزب الله» من فوق قمم التلال على القوات التي توغلت براً في وديان جنوب لبنان.

وأضاف: «لهذا السبب يستهدفون هذه القرى بشدة، حتى يتمكنوا من التحرك بحرية أكبر».

وأظهرت أحدث صور لقرية كفركلا سلسلة من البقع البيضاء على طريق رئيسي يؤدي إلى بلدة. وكشفت الصور الملتقَطة، العام الماضي، الطريق نفسه محاطاً بالمنازل والنباتات الخضراء؛ ما يشير إلى أن المنازل تعرضت للتدمير.

صورة جوية توثق التدمير في بلدة يارون بجنوب لبنان إثر القصف الاسرائيلي (رويترز)

وتعرضت كتلة كاملة بالقرب من مركز قرية ميس الجبل على مسافة 700 متر من الخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة، ويفصل بين إسرائيل ولبنان، لدمار كبير.

حطام بسبب غارة جوية إسرائيلية على لبنان (إ.ب.أ)

وبدت المنطقة، التي تبلغ مساحتها نحو 150 متراً في 400 متر عرضاً وطولاً، كأنها بقعة من الرمل البني؛ ما يشير إلى أن المباني هناك قد سُويت تماماً بالأرض. وأظهرت صور التُقطت في الشهر نفسه من عام 2023 حياً مكدساً بالمنازل.

تقول حكومة لبنان إن ما لا يقل عن 1.2 مليون شخص نزحوا بسبب الهجمات الإسرائيلية، وقُتل أكثر من 2600 على مدى العام المنصرم.

ولم يتمكن سكان القرى الحدودية من الوصول إلى بلداتهم منذ أشهر. وقال عبد المنعم شقير رئيس بلدية ميس الجبل: «بعد أن وصلت الحرب إلى ميس الجبل، وتركوا (غادر) كل سكانها، بطلنا نعرف (شي) عن الوضع بالبلد».

وأظهرت صور لقرية محيبيب القريبة مستويات مماثلة من الدمار. وكانت محيبيب من بين قرى عدة، إلى جانب كفركلا وعيترون وعديسة ورامية، أظهر مقطع فيديو تمت مشاركته على وسائل التواصل الاجتماعي انفجارات متزامنة فيها لمبانٍ عدة في الوقت نفسه؛ ما يشير إلى أنها كانت مفخخة بالمتفجرات.

حطام بسبب غارة جوية إسرائيلية على بيروت (إ.ب.أ)

وذكر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في 24 أكتوبر أن أحد مراكز قيادة «قوة الرضوان» الخاصة التابعة لـ«حزب الله» يقع تحت محيبيب، وأن القوات الإسرائيلية «حيدت شبكة الأنفاق الرئيسية» التي تستخدمها الجماعة، لكنه لم يخض في تفاصيل.

وقال هاغاري إن هدف إسرائيل هو «طرد (حزب الله) من الحدود، وتفكيك قدراته، والقضاء على التهديد الماثل أمام سكان الشمال».

وذكر جون ألترمان، وهو نائب رئيس بارز في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: «هذه خطة أخذوها من (المخزون) على الأرفف». وأضاف: «الجيوش تضع الخطط... وهم ينفذون (الآن)».

حطام بسبب غارة جوية إسرائيلية على بيروت (أ.ب)

وكان سيث جونز، وهو نائب رئيس آخر في المركز، قال لـ«رويترز» إن «حزب الله» استخدم القرى الواقعة على خط المواجهة لإطلاق صواريخه قصيرة المدى على إسرائيل.

وقال لبنان بعلبكي قائد الأوركسترا السيمفونية الوطنية اللبنانية ونجل الفنان اللبناني الراحل عبد الحميد بعلبكي إن عائلته تشتري صوراً ملتقطة عبر القمر الاصطناعي لمسقط رأسهم عديسة للتحقق مما إذا كان منزل العائلة لا يزال قائماً.

صورة جوية تظهر بلدة كفركلا الحدودية بعد تدمير اسرائيلي لمنازلها (رويترز)

وكان عبد الحميد قد حوَّل المنزل إلى مركز ثقافي تزينه أعماله الفنية ورسوماته الأصلية وأكثر من 1000 كتاب في مكتبة مصنوعة من الخشب فقط. ورحل عبد الحميد في 2013، ودُفِنَ تحت المنزل مع زوجته الراحلة.

وقال لبنان لـ«رويترز»: «نحن عائلة فنانين، والدي معروف، وبيتنا معروف أنه بيت ثقافي. كنا نطمئن أنفسنا بهذه الفكرة».

وحتى أواخر أكتوبر، كان المنزل قائماً. لكن لبنان بعلبكي رأى في مطلع الأسبوع مقطع فيديو متداولاً لمنازل عدة تنفجر في عديسة، بما في ذلك منزل عائلته.

ولا تنتمي العائلة لـ«حزب الله»، ونفى لبنان وجود أي أسلحة أو عتاد عسكري مخزّن هناك.

وقال لبنان: «إذا عندك نسبة المعلومات الاستخباراتية والدقيقة لاستهداف عناصر عسكرية بهذا الشكل يعني تعلم جيداً ما الموجود في هذا البيت. كان بيت فن». وأضاف: «نحن كلنا فنانون. الهدف محو أي علامة حياة».