غضب خلال محاولة الأمن إخلاء مبنى صادره نازحون في بيروت

جنود الجيش يحاولون إخلاء مقر فندق قديم بشارع الحمرا في بيروت (إ.ب.أ)
جنود الجيش يحاولون إخلاء مقر فندق قديم بشارع الحمرا في بيروت (إ.ب.أ)
TT

غضب خلال محاولة الأمن إخلاء مبنى صادره نازحون في بيروت

جنود الجيش يحاولون إخلاء مقر فندق قديم بشارع الحمرا في بيروت (إ.ب.أ)
جنود الجيش يحاولون إخلاء مقر فندق قديم بشارع الحمرا في بيروت (إ.ب.أ)

حاولت القوى الأمنية اللبنانية، الاثنين، إخلاء مبنى في منطقة الحمرا في غرب بيروت، من عائلات نزحت إليه جراء التصعيد الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية؛ ما تَسَبَّبَ بتدافع وغضب مع رفض النازحين مغادرته وقطعهم طريقاً رئيسياً، على ما شاهدت مراسلة «وكالة الصحافة الفرنسية».

وجاءت محاولة إخلاء المبنى بناءً على دعوى من مالكيه، بُعَيْد تأكيد وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي اتخاذ الأجهزة المعنية «تدابير استثنائية» لضمان الأمن في مختلف المناطق و«إزالة التعديات عن الأملاك العامة والخاصة في بيروت».

وقالت أمل التي نزحت مع والديها من ضاحية بيروت الجنوبية على خلفية الغارات الإسرائيلية الكثيفة على المنطقة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بعد إخراجهم من المبنى اقتحموا (القوى الأمنية) المبنى فجأة كما لو أن إسرائيل تهجم على أعدائها، لا كأننا لبنانيون نتعامل مع بعضنا البعض».

وأضافت بينما كانت تقف أمام المبنى على وقع تدافع شبان نازحين مع قوى الأمن والجيش: «أرادوا إخراجنا بالقوة، ومن وجدوا باب شقته مقفلاً خلعوه».

وحاولت القوى الأمنية بناءً على قرار قضائي إخلاء المبنى الواقع في شارع الحمرا الرئيسي بالقوة، وسط انتشار كثيف لوحدات من الجيش في المكان. وتخلل ذلك وقوع صدامات وتدافع مع قاطني المبنى الذين رفض عدد منهم الخروج، وقطعوا الطريق الرئيسي، ودفعوا بمستوعبات النفايات إلى وسط الشارع احتجاجاً على وقع هتافات غاضبة.

وبعد أخذ ورد، أعلنت قوى الأمن الداخلي في بيان أنه «بعد تجمهر عدد كبير من المعترضين، اتصل النائب العام التمييزيّ، وأشار بإعطائهم مهلة 48 ساعة إضافيّة لإخلائه». وبناءً على الاتصال، غادرت قوى الأمن المكان.

جنود من الجيش اللبناني يشتبكون مع نازحين فروا من منازلهم في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت بينما تحاول قوات الأمن إخراجهم من فندق قديم في منطقة الحمرا بقلب بيروت في 21 أكتوبر 2024 (د.ب.أ)

وقال رئيس بلدية بيروت عبد الله درويش إن المبنى يعد «أملاكاً خاصة، وقدَّم مالكوه دعوى عند النائب العام التمييزي لإخلائه».

منذ بدء تدفُّق عشرات الآلاف من سكان الضاحية الجنوبية إلى بيروت ومناطق مجاورة بشكل خاص، اقتحم بعض النازحين أبنية فارغة أو مهجورة بحثاً عن مكان للنوم، ما أعاد إلى الأذهان ذكريات الحرب الأهلية التي شهدها لبنان (1975 - 1990)، وانتشرت خلالها على نطاق واسع عادة «مصادرة المنازل» الخالية من أصحابها.

وتعمل قوى الأمن منذ ذاك الحين على إخلاء أبنية بعد لجوء نازحين إليها، خصوصاً في بيروت.

ومع فرار أكثر من مليون شخص من منازلهم في لبنان على وقْع الغارات الإسرائيلية، أكد وزير الداخلية إثر اجتماع مع أمنيين وإداريين للبحث في الوضع الأمني أن قيادة الدرك وشرطة بيروت تقومان «بمعالجة المشكلات الناتجة عن النزوح، ومنع الاعتداءات على الأملاك العامة والخاصة».

وفي بلد كثيراً ما عانى من المشاحنات والانقسامات الطائفية والسياسية، أثار تدفق النازحين إلى بيروت ومناطق أخرى، حساسيات وارتياباً وتوتراً في بعض المناطق، خصوصاً بعد استهداف شقق يقطنها نازحون في مناطق غير محسوبة على «حزب الله».

لم تُخْفِ لارا (18 عاماً) غضبها من محاولة إجلائها وعائلتها بالقوة من المبنى، الاثنين. وقالت لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» بانفعال: «بقينا داخل المبنى على أساس أنهم (قوى الأمن) لن يدخلوا لوجود نساء، وكنا نعتزم المغادرة بعد انتهاء الأزمة».

وتابعت: «فجأة دخلوا، وبادروا إلى الضرب، وبدأت النساء يصرخن».

على مقربة منها، قاطعتها سيدة بالقول: «إما نذهب إلى المقبرة وإما أن نعود إلى منازلنا».


مقالات ذات صلة

توتر داخل المجتمعات المضيفة للنازحين في لبنان

المشرق العربي سيدات جنوبيات نازحات إلى أحد مراكز الإيواء في بيروت (أ.ف.ب)

توتر داخل المجتمعات المضيفة للنازحين في لبنان

تتفاقم الهواجس من فتنة داخلية قد تعمد إسرائيل إلى إذكائها في ظل توافر معظم عناصرها، بخاصة لجهة التوتر المسيطر داخل المجتمعات المضيفة للنازحين.

بولا أسطيح (بيروت)
خاص عَلم لـ«حزب الله» مرفوع قرب موقع استهداف إسرائيلي مباني في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

خاص «خبراء» من «الحرس الثوري» يشرفون على معارك جنوب لبنان

أكد مصدر سياسي لبناني على صلة وثيقة بـ«حزب الله» لـ«الشرق الأوسط»، إشراف «خبراء» من «الحرس الثوري» على المعارك التي يخوضها الحزب، لكنه نفى وجود مقاتلين إيرانيين.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي جانب من الدمار جراء الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مدينة صور بجنوب لبنان (أ.ف.ب) play-circle 00:38

لبنان: أوامر إخلاء إسرائيلية لأحياء في صور وسط غارات قتلت 7 أشخاص

أفادت وزارة الصحة اللبنانية، اليوم الاثنين، بسقوط 7 قتلى جراء غارة إسرائيلية استهدفت مدينة صور بجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر في الجيش اللبناني في حارة صيدا على مقربة من المبنى الذي تم استهدافه الأحد بغارة إسرائيلية (رويترز) play-circle 00:29

تقييم الخسائر الإسرائيلية يحدد مصير المعركة البرية على لبنان

يُسجَّل في الفترة الأخيرة سقوط قتلى للجيش الإسرائيلي على جبهة جنوب لبنان بشكل شبه يومي، في المعركة البرية التي تقترب من بلوغ شهرها الأول.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي دخان يتصاعد بعد قصف إسرائيلي على تلال كفركلا (أ.ف.ب)

هل يؤدي تفجير إسرائيل أنفاق «حزب الله» إلى هزات وزلازل؟

أدى تفجير الجيش الإسرائيلي أنفاقاً لـ«حزب الله» تحت الأرض في بلدتي كفركلا والعديسة الحدوديّتين إلى خشية حقيقية من أن تؤدي التفجيرات إلى وقوع زلازل في المنطقة.

بولا أسطيح (بيروت)

الحملة الإسرائيلية حولت بلدات لبنانية لأطلال وحطام (صور)

جنود لبنانيون في حارة صيدا على مقربة من المبنى الذي استهدفته الأحد غارة إسرائيلية (رويترز)
جنود لبنانيون في حارة صيدا على مقربة من المبنى الذي استهدفته الأحد غارة إسرائيلية (رويترز)
TT

الحملة الإسرائيلية حولت بلدات لبنانية لأطلال وحطام (صور)

جنود لبنانيون في حارة صيدا على مقربة من المبنى الذي استهدفته الأحد غارة إسرائيلية (رويترز)
جنود لبنانيون في حارة صيدا على مقربة من المبنى الذي استهدفته الأحد غارة إسرائيلية (رويترز)

أظهرت صور بالأقمار الاصطناعية قدمتها شركة «بلانت لابس» لـ«رويترز» أن الحملة العسكرية الإسرائيلية في جنوب لبنان أدت إلى دمار كبير في أكثر من 12 بلدة وقرية حدودية حتى تَحَوَّلَ كثير منها إلى مجموعات من الحفر الرمادية.

وكانت كثير من هذه البلدات مأهولة بالسكان منذ قرنين من الزمان على الأقل قبل أن تصبح خالية الآن بسبب القصف الإسرائيلي.

صورة جوية تظهر بلدة كفركلا الحدودية بعد تدمير اسرائيلي لمنازلها (رويترز)

وتشمل الصور، التي جرى الاطلاع عليها، بلدات فيما بين كفركلا في جنوب شرقي لبنان وجنوباً لما بعد قرية ميس الجبل، ثم غرباً لما بعد قاعدة تستخدمها قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، ووصولاً إلى قرية لبونة الصغيرة.

عسكريان بالجيش اللبناني قرب موقع غارة إسرائيلية استهدفت حارة صيدا بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

وقال عبد المنعم شقير رئيس بلدية ميس الجبل التي تعرضت للهجمات الإسرائيلية: «هناك منازل قديمة جميلة عمرها مئات السنين. قصفت آلاف القذائف المدفعية ومئات الغارات الجوية البلدة». وأضاف: «من يدري ما الذي سيبقى واقفاً في النهاية؟».

وقارنت «رويترز» بين صور الأقمار الاصطناعية التي التُقطت في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بتلك التي التُقطت في سبتمبر (أيلول) وأكتوبر 2024. وتقع كثير من القرى التي لحقت بها أضرار واضحة على مدار الشهر الماضي على قمم تلال تطل على إسرائيل.

وكثفت إسرائيل الغارات على جنوب لبنان ومناطق أخرى، الشهر الماضي، بعد قرابة عام من تبادل إطلاق النار عبر الحدود. وتوغلت القوات الإسرائيلية براً في المناطق الجبلية على الحدود مع لبنان، واشتبكت مع مقاتلي «حزب الله» في بعض البلدات.

صورة جوية توثق الدمار في بلدة ميس الجبل بجنوب لبنان (رويترز)

وقالت وحدة إدارة مخاطر الكوارث في لبنان التي تتابع أعداد القتلى والمصابين والهجمات على بلدات بعينها، إن البلدات التي اطلعت «رويترز» على صورها، وعددها 14، تعرضت لإجمالي 3809 هجمات إسرائيلية خلال العام الماضي.

ولم يرد الجيش الإسرائيلي بعد على أسئلة من «رويترز» عن حجم الدمار. وقال المتحدث العسكري الإسرائيلي دانيال هاغاري في 24 أكتوبر إن إسرائيل قصفت أكثر من 3200 هدف في جنوب لبنان.

وذكر الجيش الإسرائيلي أنه يهاجم بلدات في جنوب لبنان؛ لأن «حزب الله» حوَّل «القرى المدنية إلى مناطق قتال حصينة» يخفي فيها أسلحة ومتفجرات ومركبات. وينفي «حزب الله» استخدام البنية التحتية المدنية في شن هجمات أو تخزين أسلحة، كما ينفي سكان تلك البلدات هذا الادعاء.

رجل يحمل أمتعته أثناء سيره أمام موقع غارة جوية إسرائيلية على بيروت (إ.ب.أ)

وقال مصدر مطَّلع على العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان لـ«رويترز» إن القوات تهاجم بشكل ممنهج بلدات بها نقاط مراقبة استراتيجية مثل محيبيب.

وذكر المصدر أن إسرائيل «تعلمت الدروس» بعد آخر حرب لها مع «حزب الله» في عام 2006، ومن بينها هجوم مقاتلي «حزب الله» من فوق قمم التلال على القوات التي توغلت براً في وديان جنوب لبنان.

وأضاف: «لهذا السبب يستهدفون هذه القرى بشدة، حتى يتمكنوا من التحرك بحرية أكبر».

وأظهرت أحدث صور لقرية كفركلا سلسلة من البقع البيضاء على طريق رئيسي يؤدي إلى بلدة. وكشفت الصور الملتقَطة، العام الماضي، الطريق نفسه محاطاً بالمنازل والنباتات الخضراء؛ ما يشير إلى أن المنازل تعرضت للتدمير.

صورة جوية توثق التدمير في بلدة يارون بجنوب لبنان إثر القصف الاسرائيلي (رويترز)

وتعرضت كتلة كاملة بالقرب من مركز قرية ميس الجبل على مسافة 700 متر من الخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة، ويفصل بين إسرائيل ولبنان، لدمار كبير.

حطام بسبب غارة جوية إسرائيلية على لبنان (إ.ب.أ)

وبدت المنطقة، التي تبلغ مساحتها نحو 150 متراً في 400 متر عرضاً وطولاً، كأنها بقعة من الرمل البني؛ ما يشير إلى أن المباني هناك قد سُويت تماماً بالأرض. وأظهرت صور التُقطت في الشهر نفسه من عام 2023 حياً مكدساً بالمنازل.

تقول حكومة لبنان إن ما لا يقل عن 1.2 مليون شخص نزحوا بسبب الهجمات الإسرائيلية، وقُتل أكثر من 2600 على مدى العام المنصرم.

ولم يتمكن سكان القرى الحدودية من الوصول إلى بلداتهم منذ أشهر. وقال عبد المنعم شقير رئيس بلدية ميس الجبل: «بعد أن وصلت الحرب إلى ميس الجبل، وتركوا (غادر) كل سكانها، بطلنا نعرف (شي) عن الوضع بالبلد».

وأظهرت صور لقرية محيبيب القريبة مستويات مماثلة من الدمار. وكانت محيبيب من بين قرى عدة، إلى جانب كفركلا وعيترون وعديسة ورامية، أظهر مقطع فيديو تمت مشاركته على وسائل التواصل الاجتماعي انفجارات متزامنة فيها لمبانٍ عدة في الوقت نفسه؛ ما يشير إلى أنها كانت مفخخة بالمتفجرات.

حطام بسبب غارة جوية إسرائيلية على بيروت (إ.ب.أ)

وذكر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في 24 أكتوبر أن أحد مراكز قيادة «قوة الرضوان» الخاصة التابعة لـ«حزب الله» يقع تحت محيبيب، وأن القوات الإسرائيلية «حيدت شبكة الأنفاق الرئيسية» التي تستخدمها الجماعة، لكنه لم يخض في تفاصيل.

وقال هاغاري إن هدف إسرائيل هو «طرد (حزب الله) من الحدود، وتفكيك قدراته، والقضاء على التهديد الماثل أمام سكان الشمال».

وذكر جون ألترمان، وهو نائب رئيس بارز في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: «هذه خطة أخذوها من (المخزون) على الأرفف». وأضاف: «الجيوش تضع الخطط... وهم ينفذون (الآن)».

حطام بسبب غارة جوية إسرائيلية على بيروت (أ.ب)

وكان سيث جونز، وهو نائب رئيس آخر في المركز، قال لـ«رويترز» إن «حزب الله» استخدم القرى الواقعة على خط المواجهة لإطلاق صواريخه قصيرة المدى على إسرائيل.

وقال لبنان بعلبكي قائد الأوركسترا السيمفونية الوطنية اللبنانية ونجل الفنان اللبناني الراحل عبد الحميد بعلبكي إن عائلته تشتري صوراً ملتقطة عبر القمر الاصطناعي لمسقط رأسهم عديسة للتحقق مما إذا كان منزل العائلة لا يزال قائماً.

صورة جوية تظهر بلدة كفركلا الحدودية بعد تدمير اسرائيلي لمنازلها (رويترز)

وكان عبد الحميد قد حوَّل المنزل إلى مركز ثقافي تزينه أعماله الفنية ورسوماته الأصلية وأكثر من 1000 كتاب في مكتبة مصنوعة من الخشب فقط. ورحل عبد الحميد في 2013، ودُفِنَ تحت المنزل مع زوجته الراحلة.

وقال لبنان لـ«رويترز»: «نحن عائلة فنانين، والدي معروف، وبيتنا معروف أنه بيت ثقافي. كنا نطمئن أنفسنا بهذه الفكرة».

وحتى أواخر أكتوبر، كان المنزل قائماً. لكن لبنان بعلبكي رأى في مطلع الأسبوع مقطع فيديو متداولاً لمنازل عدة تنفجر في عديسة، بما في ذلك منزل عائلته.

ولا تنتمي العائلة لـ«حزب الله»، ونفى لبنان وجود أي أسلحة أو عتاد عسكري مخزّن هناك.

وقال لبنان: «إذا عندك نسبة المعلومات الاستخباراتية والدقيقة لاستهداف عناصر عسكرية بهذا الشكل يعني تعلم جيداً ما الموجود في هذا البيت. كان بيت فن». وأضاف: «نحن كلنا فنانون. الهدف محو أي علامة حياة».