غارة إسرائيلية تغتال لبنانياً وإيرانية شمال بيروت

جونية في مرمى الاستهداف للمرة الأولى

انتشار للجيش اللبناني في منطقة جونية إثر القصف الإسرائيلي الذي استهدف سيارة في المنطقة (إ.ب.أ)
انتشار للجيش اللبناني في منطقة جونية إثر القصف الإسرائيلي الذي استهدف سيارة في المنطقة (إ.ب.أ)
TT

غارة إسرائيلية تغتال لبنانياً وإيرانية شمال بيروت

انتشار للجيش اللبناني في منطقة جونية إثر القصف الإسرائيلي الذي استهدف سيارة في المنطقة (إ.ب.أ)
انتشار للجيش اللبناني في منطقة جونية إثر القصف الإسرائيلي الذي استهدف سيارة في المنطقة (إ.ب.أ)

قتل شخصان في غارة إسرائيلية استهدفت سيارة على طريق سريعة تصل بيروت بشمال لبنان، وهي المرة الأولى التي تستهدف فيها هذه المنطقة منذ بدء التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل، قبل أكثر من عام.

وبينما أشارت المعلومات إلى أن المستهدف قيادي في «حزب الله»، قالت وزارة الصحة في بيان، إن «غارة للعدو الإسرائيلي على سيارة في جونية أدت إلى استشهاد شخصين». وأشارت «الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام» الرسمية إلى أن «مسيرة إسرائيلية استهدفت بـ3 صواريخ سيارة (...) على الطريق السريعة في جونية»، الطريق الرئيسية التي تربط بين بيروت وشمال لبنان، مشيرة إلى أنه كان في داخل السيارة رباعية الدفع «شخص وزوجته»، ذُكر أنهما اللبناني رضا عباس عواضة، وزوجته الإيرانية الجنسية. وبحسب «الوطنية»، تمكّن الشخصان في بادئ الأمر، من الفرار من السيارة، إلا أن المسيرة «لاحقتهما بعد إصابة السيارة وهروبهما في الحرج المحاذي للطريق السريعة واستهدفتهما».

وعملت سيارات الإسعاف وفرق الدفاع المدني على القيام بالإجراءات اللازمة، وإخماد النيران الناجمة عن الانفجار، بينما ضُرب طوق أمني على المسلك الغربي لأوتوستراد ساحل علما، مع ترك مسرب واحد سالك أمام السيارات.

وأشارت معلومات إلى أن الجيش الإسرائيلي استخدم صاروخ «النينجا» الذي يطبق شفرات حادة، في البداية، وعند محاولة المستهدفين الفرار تمت ملاحقتهما بالمسيرة وأطلقت صاروخاً متفجراً أدى مقتل الرجل وزوجته، علماً بأن السيارة المستهدفة كانت مقبلة من شمال لبنان باتجاه بيروت.

عناصر في الجيش اللبناني ينفذون طوقاً أمنياً في مكان استهداف السيارة بمنطقة جونية شمال بيروت (رويترز)

ولاحقاً، أصدرت المديرية العامة للدفاع المدني بياناً قالت فيه: «استهدفت مسيرة إسرائيلية آلية من نوع (جيب) على المسلك الغربي لأوتوستراد ساحل علما صباح السبت، وتوجه على الفور عناصر الدفاع المدني إلى مكان الاستهداف، حيث تم العثور على جثماني شهيدين (رجل وامرأة) في الحرج المجاور للموقع. وقد نقل العناصر الجثمانين إلى المستشفى».

وتحطم زجاج متجر حلويات مجاور ومتاجر أخرى على هذه الطريق السريعة الحيوية التي تسلكها يومياً آلاف السيارات، بينما خلّفت الغارة فجوة صغيرة على الطريق. وأدّت الغارة كذلك إلى جرح شخصين، بالإضافة إلى «تحطم عدد من زجاج المباني والمحال المحاذية للمكان على المسلكين الشرقي والغربي»، وفق الوكالة.

وقال شربل نخول (54 عاماً) الذي وصل بسيارته إلى المكان بعد دقائق قليلة من الغارة ليشتري الحلويات: «كنت ذاهباً باتجاه بيروت وتوقفت هنا (...) شاهدت كأن الصاروخ سقط» قرب متجر الحلويات.

وأضاف لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أصبحنا نتوقع أن يحصل أي شيء بين لحظة ولحظة (...) لا أتوقع أن تبقى المنطقة آمنة، ما دام هناك نازحون من الجنوب في مناطقنا، فسوف يتم قصفها».

وهذه المرة الأولى التي تستهدف فيها هذه المنطقة البعيدة عن معاقل «حزب الله» وذات الغالبية المسيحية.

ومنذ أن صّعدت إسرائيل في 23 سبتمبر (أيلول) وتيرة غاراتها، استهدفت بشكل خاص معاقل الحزب في ضاحية بيروت الجنوبية وفي جنوب لبنان وشرقه، قبل أن تعلن نهاية الشهر ذاته بدء عمليات توغل بري عبر الحدود.

لكن نطاق الغارات الإسرائيلية توسّع ليطال وسط بيروت وشمال لبنان في بعض الأحيان.


مقالات ذات صلة

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

المشرق العربي كرة لهب ودخان تظهر في الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

أعلن وزير التربية والتعليم العالي اللبناني عباس الحلبي تعليق الدراسة حضورياً في المدارس والمعاهد المهنية الرسمية والخاصة، ومؤسسات التعليم العالي الخاصة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أبنية مدمرة في منطقة الرويس في ضاحية بيروت الجنوبية نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب) play-circle 00:42

«حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب

أعاد «حزب الله» تفعيل معادلة «بيروت مقابل تل أبيب» التي كثيراً ما رفعها، عبر استهداف قلب إسرائيل.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت

تجددت الغارات الإسرائيلية (الأحد) على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات وجّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 12 موقعاً.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي، بغارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب) play-circle 00:37

ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دموية

رأى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن استهداف إسرائيل مركزاً للجيش اللبناني بالجنوب يمثل رسالة دموية مباشرة برفض مساعي التوصل إلى وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
TT

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)

أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي في غارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام، حتى بعد تحذير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) من أن أكثر من ثلاثة أطفال يقتلون يومياً، ومن أن أكثر من 200 طفل قُتلوا في لبنان، في غضون شهرين نتيجة الحرب المستمرة منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.

وتتعاطى إسرائيل مع مقتل الأطفال والمدنيين على أنه «خسائر جانبية»، فتراها في حال حصلت على معلومات عن وجود شخصية معينة من «حزب الله»، في مبنى معين، تُقدم على نسف المبنى كله، غير آبهة بالمدنيين والأطفال الموجودين فيه.

اضطرابات نفسية

وفي مواقف أدلى بها مؤخراً، استهجن المتحدث باسم «اليونيسف»، جيمس إلدر، من أنه «رغم مقتل أكثر من 200 طفل في لبنان في أقل من شهرين، فإن اتجاهاً مقلقاً يبرز ويظهر أنه يجري التعامل دون مبالاة مع هذه الوفيات من جانب هؤلاء القادرين على وقف هذا العنف».

وبحسب المنظمة الدولية فإن «مئات الآلاف من الأطفال أصبحوا بلا مأوى في لبنان، كما أن علامات الاضطراب النفسي أصبحت مقلقة وواضحة بشكل متزايد».

وتشير الدكتورة باسكال مراد، اختصاصية علم النفس والاجتماع، إلى أن «مغادرة مئات الآلاف من الأطفال منازلهم، وتهجير وتشريد قسم كبير منهم؛ يجعلهم يفتقدون للأمان. كما أن فقدانهم أفراداً من عائلاتهم أمام أعينهم، ومعايشتهم الخطر والدمار والقتل اليومي؛ يترك لا شك تداعيات نفسية كبيرة عليهم يفترض الالتفات لمعالجتها بأقرب وقت».

رجل يخلي طفله من مكان قريب من موقع استهداف إسرائيلي لمنطقة رأس النبع في بيروت (رويترز)

وتشدد باسكال مراد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «من أبرز التحديات عند الأطفال راهناً هي تعليمهم كيفية إدارة انفعالاتهم الصعبة، مثل الخوف والقلق والغضب. فهذه الإدارة إذا لم تتحقق، فسيعاني الأطفال في المستقبل من مشاكل نفسية إذا لم تعالج الصدمات التي يعايشونها»، لافتة إلى أنه «لا يجب أن ننسى أيضاً الآثار الصحية للحرب على الأطفال، خصوصاً التلوث الناتج عن التفجيرات والأسلحة المستعملة، إضافة إلى أنهم سيكونون أكثر عرضة للأمراض والفيروسات في مراكز الإيواء».

ويعاني آلاف النازحين الموجودون في مراكز الإيواء، والعدد الأكبر منهم من الأطفال، من البرد وغياب مستلزمات التدفئة مع حلول فصل الشتاء، كما يفتقرون للملابس الملائمة بعد هربهم من منازلهم من دون التمكن من جمع أغراضهم.

التعليم بطعم الحرب

كما أنه رغم الخطة التي وضعتها وزارة التربية بدعم من «اليونيسف» لإعادة نحو 387 ألف طفل في لبنان تدريجياً إلى 326 مدرسة رسمية، لم يتم استخدامها لإيواء النازحين ابتداء من مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، فإن العام الدراسي لا يسير بشكل طبيعي عند كل طلاب لبنان، بحيث يدرس قسم كبير منهم على وقع الغارات وخرق الطيران الإسرائيلي لجدار الصوت في كل المحافظات كما يجري التدريس على وقع هدير الطائرات المسيرة التي تملأ الأجواء اللبنانية.

وتقول إحدى معلمات صفوف الروضة في مدرسة تقع بمنطقة الحازمية المتاخمة للضاحية الجنوبية لبيروت، التي تتعرض لقصف دائم: «نقول للأطفال إن دوي الانفجارات هو صوت رعد نتيجة حلول فصل الشتاء، ونعمد لوضع أغانٍ تهدئ من روعهم. القسم الأكبر منهم اعتاد الوضع، في حين بعضهم الآخر يجهش بالبكاء كل مرة».

وتشير المعلمة الأربعينية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «المشكلة الأكبر نواجهها مع الأهالي الذين يتهافتون عند كل غارة لسحب أبنائهم من الصفوف، ما يجعل الوضع التعليمي غير طبيعي على الإطلاق».

وتشدد الناشطة السياسية والدكتورة في علم النفس بالجامعة اللبنانية في بيروت، منى فياض، على أنه «أياً كانت الظروف، لا يمكن وقف التعليم ويفترض على وزارة التربية أن تؤمن التعليم للجميع حتى ولو في خيم».

وعدّت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض التلاميذ الذين لا يستطيعون التوجه إلى المدرسة نتيجة الحرب لا شك سيتأثرون نفسياً إذا رأوا تلاميذ آخرين يداومون بشكل يومي، لكن هذه التأثيرات محصورة بأعمار كبيرة معينة بحيث سيشعر هؤلاء بعقدة نقص وإهمال، وانعدام العناية، لكن الخطورة الحقيقية هي على مستقبل الأجيال، ففي العالم العربي نحو 75 مليون أمّي نتيجة الحروب واللجوء، وكل حرب جديدة ترفع الأعداد مئات الآلاف. من هنا الخطورة على مستقبل العالم العربي ومستقبل لبنان الذي كانت لديه نسبة كبيرة من المتعلمين منتشرة في كل أنحاء العالم بمستويات وخبرات ممتازة».

أطفال فروا من القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان يحضرون ورشة رسم داخل أحد مراكز الإيواء في بيروت (أ.ف.ب)

وتتحدث منى فياض عن «خشية حقيقية من أن يؤدي التسرب المدرسي إلى الانحراف»، مشددة على وجوب القيام بـ«حملات على المؤثرين للضغط والتصدي لسيناريو مثل هذا، وتأمين التعليم للجميع أياً كانت الظروف القائمة».