إسرائيل تدفع بقوات كبيرة لموقع قتل السنوار وتوسع عملياتها في قلب جباليا

تدمير منازل ونبش مقابر بحثاً عن محتجزين... وحصار مستشفيات

جنود إسرائيليون في رفح الجمعة (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون في رفح الجمعة (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تدفع بقوات كبيرة لموقع قتل السنوار وتوسع عملياتها في قلب جباليا

جنود إسرائيليون في رفح الجمعة (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون في رفح الجمعة (أ.ف.ب)

دفع الجيش الإسرائيلي بقوات كبيرة، ليل الجمعة - السبت، إلى المكان الذي قتل فيه زعيم حركة «حماس» يحيى السنوار، وبدأت نشاطاً غير مسبوق في المنطقة.

وقال مواطنون وشهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن قوة إسرائيلية كبيرة عادت إلى المبنى الذي قتل فيه السنوار، وتمركزت داخله وفي محيطه، فيما كان الطيران المروحي يطلق النار على مناطق عدة.

وبحسب الروايات، فإن الجيش وسع نشاطه، وجلب في وقت لاحق جرافات عسكرية وآليات ثقيلة.

ولم يعرف هدف العملية الجديدة في المنطقة.

دبابة إسرائيلية عند حدود قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

وأكدت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» أن الجيش يبحث عن شيء. وأضافت: «عادة لا يأتون بهذه التعزيزات إلا إذا كان هناك هدف».

وترجح المصادر أن تكون القوات الإسرائيلية تبحث عن شخصية قيادية من «حماس» أو «كتائب القسام» كانت مع السنوار أو في محيطه، أو محتجزين إسرائيليين.

ويبدو أن إسرائيل تتوقع أن يكشف مكان وجود السنوار الكثير من المفاجآت.

وشكل قتل السنوار بالصدفة مفاجأة لإسرائيل، التي لم تكن تبحث عنه هناك، على الرغم من أنها منذ منتصف شهر أغسطس (آب) الماضي، قتلت الكثير من قيادات «كتائب القسام» الميدانيين في منطقة تل السلطان.

وأكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن العديد من نشطاء «القسام» فُقدوا خلال تنقلهم من خان يونس إلى رفح، ولا يعرف مصيرهم، ما إذا قتلوا أو اعتقلوا، أو وصلوا أحياء وقتلوا في معارك كانت تجري هناك.

انفجار جراء قذيفة دبابة استهدفت المبنى الذي قُتل فيه يحيى السنوار في تل السلطان برفح (أرشيفية - رويترز)

وكان لافتاً أن الجيش الإسرائيلي أعلن، الجمعة، اغتيال محمود حمدان، قائد كتيبة تل السلطان التابعة لـ«كتائب القسام»، بعد يومين من تسريبات إعلامية أنه قُتل برفقة السنوار، ليتبين لاحقاً أنه قتل في تبادل لإطلاق النار، الجمعة، على بعد 150 متراً من مكان قتل السنوار.

ونفى الجيش الإسرائيلي في تصريحين، السبت، أنباء، بعضها إسرائيلي ونشرت على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي، بأنه تم العثور على أسرى أحياء أو جثث في نفس مكان مقتل السنوار، وأكد أن هذه مجرد شائعات، من دون أن يحدد هدف العملية.

وتوجد القوات الإسرائيلية في رفح منذ 6 أشهر، وتركز عملياتها منذ شهرين ونصف شهر في حي تل السلطان الذي قتل فيه السنوار.

ويأتي هذا النشاط، في ظل توسيع إسرائيل نشاطاتها العسكرية في شمال قطاع غزة، وتحديداً مخيم جباليا وأطرافه الشمالية والغربية.

بقعة دم في باحة مدرسة لـ«أونروا» تؤوي نازحين في مخيم الشاطئ السبت (أ.ف.ب)

وحاصرت قوات إسرائيلية برية المستشفى الإندونيسي الواقع في بيت لاهيا شمالي القطاع، وهدمت السور الخارجي له، كما دمرت مولد الكهرباء الوحيد للمستشفى.

وذكرت وزارة الصحة بغزة أن مريضين تُوفيا نتيجة انقطاع الكهرباء وتوقف الإمدادات الطبية للمستشفى بعد حصاره.

كما تعرض مستشفى العودة في تل الزعتر شرق مخيم جباليا، لقصف من دبابة إسرائيلية، فيما أطلقت طائرة مسيرة «كواد كابتر» النار تجاه ساحة مستشفى كمال عدوان، ما أدى لمقتل فلسطينيين وإصابة عدد آخر، وسط قصف مدفعي على منازل ومناطق محيطة به.

وبذلك تكون المستشفيات الرئيسية في مناطق شمال قطاع غزة (جباليا - بيت لاهيا - بيت حانون) خرجت عن الخدمة الطبية، وتم قطع الاتصالات والإنترنت عنها بشكل كامل، ما زاد من تعقيد التواصل مع الطواقم الطبية فيها للتدخل للحالات المنقذة للحياة.

فلسطينيون يعاينون الأضرار التي لحقت بمدرسة لـ«أونروا» تؤوي نازحين في مخيم الشاطئ السبت (أ.ف.ب)

وناشدت وزارة الصحة في غزة المجتمع الدولي بالتحرك الجاد من أجل محاولة إنقاذ حياة المرضى والتوقف عن استهداف تلك المستشفيات، خاصة أن بعضها تم ترميمه حديثاً بالتعاون مع «منظمة الصحة العالمية».

وبمحاصرة تلك المستشفيات، تكون القوات الإسرائيلية وسعت عملياتها من أطراف مخيم جباليا إلى أعماقه، ومن ثم إلى أطراف بلدة بيت لاهيا، حيث حاصرت مراكز إيواء واعتقلت الرجال، وطلبت من النساء والأطفال التوجه إلى جنوب قطاع غزة عبر طريق صلاح الدين.

وبدأت القوات الإسرائيلية نبش مقبرة تم تخصيصها حديثاً في منطقة الشيخ زايد قرب المستشفى الإندونيسي، فيما يبدو للبحث عن جثث أسرى إسرائيليين، أو نقل جثث مشتبه بها كما جرت العادة لإسرائيل لفحصها.

ووفقاً لمصادر ميدانية مطلعة من داخل جباليا، فإن القوات الإسرائيلية جلبت آليات حفر لمنطقة محيطة بمنزل قائد لواء الشمال في «كتائب القسام» أحمد الغندور، الذي اغتيل في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، داخل أحد الأنفاق بجباليا، وتبين أن أسرى إسرائيليين قتلوا برفقته.

وتقول المصادر إن القوات الإسرائيلية منذ بدء عمليتها في جباليا شمال قطاع غزة، وهي تقوم بعمليات تدمير متعمدة وتستخدم وضع البراميل المتفجرة عبر روبوتات بهدف تفجير المنازل والمباني والشوارع، كما تقوم بعمليات حفر، ووسعت عمليتها بشكل أكبر بعد الدفع بقوات جديدة من قوات «جفعاتي».

ووفقاً لمصادر طبية فلسطينية، فإن هناك مئات الضحايا داخل مخيم جباليا ومحيطه، وهناك آخرون تحت الأنقاض نتيجة قصف المنازل ومراكز الإيواء وغيرها، متهمةً الاحتلال بارتكاب مجازر كبيرة في المخيم.

وتعاني منطقة شمال قطاع غزة منذ 15 يوماً من حصار مشدد، لم يسمح خلالها بإدخال أي مساعدات غذائية سوى لمدينة غزة.

وشهد قطاع غزة، اليوم السبت، سلسلة من الهجمات الإسرائيلية الأخرى، طالت مدرسة أسماء للاجئين في مخيم الشاطئ والتي تضم نازحين ما أدى لمقتل 7 وإصابة العشرات، فيما قُتل 11 آخرون في مجزرة طالت منزلاً لعائلة شناعة في مخيم المغازي وسط القطاع.


مقالات ذات صلة

السيسي: إقامة الدولة الفلسطينية سبيل نزع فتيل التوتر الإقليمي

شؤون إقليمية السيسي خلال لقاء وفد من «النواب» الأميركي في القاهرة (الرئاسة المصرية)

السيسي: إقامة الدولة الفلسطينية سبيل نزع فتيل التوتر الإقليمي

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة هي «السبيل لنزع فتيل التوتر الإقليمي، وتعزيز مسار السلام والأمن الحقيقيين والمستدامين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية اجتماع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، مع وفد حركة «حماس» في إسطنبول مساء الجمعة (الخارجية التركية)

فيدان بحث مع وفد من «حماس» جهود وقف النار والمصالحة الفلسطينية

أكدت تركيا أنها ستواصل بذل جهودها لمعاقبة مرتكبي الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في حكومة بنيامين نتنياهو، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية وزيرا خارجية تركيا هاكان فيدان وإيران عباس عراقجي خلال مؤتمر صحافي في إسطنبول السبت (الخارجية التركية)

تركيا وإيران تحذران من مساعي إسرائيل لتوسيع الحرب

حذرت تركيا وإيران من محاولات إسرائيل إشعال المنطقة وفتح جبهات جديدة للحرب ومن أن ذلك سيكون له تداعيات خطيرة على مستوى العالم.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية صورة نشرها موقع «نور نيوز» الإيراني للقاء سابق بين خامنئي والسنوار

إيران تتهم أميركا بمساعدة إسرائيل على قتل السنوار

اتهمت «الخارجية الإيرانية»، السبت، الولايات المتحدة الأميركية بمساعدة إسرائيل على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» يحيى السنوار.

«الشرق الأوسط» (لندن)

إسرائيل تحقق في «إخفاقات» بعد نجاح «حزب الله» باستهداف منزل نتنياهو

غارات على الضاحية (أ.ف.ب)
غارات على الضاحية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تحقق في «إخفاقات» بعد نجاح «حزب الله» باستهداف منزل نتنياهو

غارات على الضاحية (أ.ف.ب)
غارات على الضاحية (أ.ف.ب)

اتهم مسؤول إسرائيلي كبير إيران بمحاولة اغتيال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بعد قليل من استهداف منزله بطائرة مسيرة انطلقت من لبنان وسقطت في مدينة «قيسارية» الساحلية والفاخرة شمال تل أبيب. وقال المسؤول الإسرائيلي للقناة الـ12 الإسرائيلية إن إيران حاولت اغتيال نتنياهو وفشلت.

وجاء الاتهام الإسرائيلي لإيران قبل ضربة إسرائيلية مرتقبة ضد طهران رداً على هجوم إيراني صاروخي سابق ضد إسرائيل، قالت إنه جاء رداً على اغتيال زعيم حركة «حماس» إسماعيل هنية في أراضيها، واغتيال زعيم «حزب الله» اللبناني، حسن نصر الله، في هجوم على الضاحية في بيروت.

سيارات إطفاء قرب منزل نتنياهو (رويترز)

ويفترض أن تهاجم إسرائيل إيران خلال الفترة القريبة المقبلة بعدما أقر نتنياهو، بالتشاور مع وزير الدفاع يوآف غالانت، الأسبوع الماضي، مسار الضربة وقوّتها وتوقيتها، بانتظار موافقة مجلس الوزراء للشؤون السياسية والأمنية «الكابينت»، الذي يفترض أن يجتمع الأحد.

وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن الرد الإسرائيلي سيأتي قبل الانتخابات في الولايات المتحدة بداية الشهر المقبل. وقالت مصادر إسرائيلية، السبت، إن نتنياهو أجرى مشاورات إضافية مع مسؤولي المؤسسة الأمنية، الجمعة، حول ضربة إيران، ومن المتوقع أن يجتمع «الكابينت» حول هذا الموضوع، الأحد.

وليس معروفاً إذا ما كانت ستنعكس حادثة المسيرة على الهجوم المخطط له في إيران، لكن ردة الفعل ظهرت فوراً في لبنان بعدما شن الطيران الإسرائيلي سلسلة غارات متتالية على الضاحية الجنوبية بعد توقف استمر 3 أيام. وجاء الهجوم على الضاحية بعد قليل من خروج نتنياهو في فيديو مصور معلقاً على استهداف مقر إقامته، «سنواصل حتى النهاية ولا شيء سيردعنا»، مضيفاً: «سنواصل المضي قدماً حتى النصر».

وكانت مسيرة أطلقها «حزب الله» سقطت في «قيسارية»، حيث يعيش نتنياهو، وأعلن مكتبه أن المسيرة استهدفت منزله. وأكد مكتب نتنياهو أن رئيس الوزراء وزوجته لم يكونا في منزلهما بقيسارية وقت انفجار المسيرة ولم تقع إصابات، وقال مسؤول آخر إنه لم يكن في «قيسارية» منذ أيام.

ونجحت المسيرة في الوصول إلى «قيسارية» بعد أن أسقط الجيش مسيرتين أطلقتا كذلك من لبنان. وأظهرت لقطات فيديو المسيرة في سماء المنطقة ترافقها طائرة حربية إسرائيلية، قبل أن يتضح لاحقاً أنها اختفت عن أجهزة الرادار، ونجحت في الوصول إلى هدفها. وفتح الجيش تحقيقاً في الحادثة التي شهدت عدة إخفاقات بما في ذلك في نظام الإنذار الإسرائيلي، بعدما لم يتم إطلاق صفارات الإنذار في قيسارية قبل سقوط المسيرة وانفجارها.

ومع ذلك، دوّت صفارات الإنذار في غليلوت شمال تل أبيب، التي تضم قاعدة استخباراتية كبيرة للجيش الإسرائيلي ومقر الموساد. ولم تكن صفارات الإنذار هذه مصحوبة بتحذيرات على تطبيق قيادة الجبهة الداخلية أو على منصات أخرى.

كما أدت المسيرات والاعتراضات إلى تفعيل صفارات الإنذار على طول الساحل الإسرائيلي في الدقائق التي سبقت الاصطدام.

وقال أحد سكان قيسارية للقناة الـ12: «سمعنا طائرات هليكوبتر فوقنا، وكان هناك شعور بأن هناك حادثة ما، ولكن لم تكن هناك صفارات إنذار، لذلك لم نشعر بالقلق الشديد. ولكن بعد ذلك سُمع فجأة انفجار كبير ولم يتضح لنا ما إذا كان ذلك بسبب اعتراض أو اصطدام مسيرة، ولكن من الواضح أنه كان حادثاً حقيقياً دون سابق إنذار». وأضاف: «كان الأمر مقلقاً للغاية، ولحسن الحظ لم تقع إصابات». وقال أوفيك مور، أحد السكان الآخرين، لموقع «واينت» إنه سمع صوت المسيرة في سماء المنطقة.

وأضاف: «فجأة سمعنا صوت طنين، ولم يكن واضحاً ما الذي كان يحدث، ثم وقع انفجار ضخم، قوي للغاية»، وقال إن الانفجار وقع «على مسافة قريبة من منزلي، وصلنا إلى هنا وسرعان ما فهمنا ما حدث».

واتضح لاحقاً أن الطائرة التي انفجرت في منزل نتنياهو من نفس طراز الطائرة التي انفجرت في قاعدة «غولاني»، الأسبوع الماضي، ما أسفر عن مقتل أربعة جنود وإصابة العشرات الآخرين. وقالت «يديعوت أحرونوت» والقناة الـ12 إنه نموذج مستخدم من قبل «حزب الله» لإطلاق نار بعيد المدى.

وبحسب القناة الـ12، فإن الطائرة مصنوعة في إيران، وينتج «حزب الله» أيضاً هذه الطائرات دون طيار محلياً، والغرض منها هو جمع المعلومات الاستخبارية والهجوم. وأكدت «يديعوت» أنه تقرر فوراً رفع حالة التأهب حول كل رموز السلطة في إسرائيل.

ونجاح المسيرات في مهاجمة قاعدة «غولاني» ومنزل نتنياهو في أقل من أسبوع، أثار الكثير من الجدل في إسرائيل حول التحدي الذي تشكله هذه الطائرات. وقالت صحيفة «يديعوت» إن «حزب الله» انتقل لمرحلة جديدة أو طريقة جديدة يحاول تجربتها الآن، وتقوم على الجمع بين وابل الصواريخ القوية قصيرة المدى والطائرات دون طيار، والتسبب أيضاً في سقوط شظايا اعتراض بهدف إرباك وتضليل أنظمة الكشف والاعتراض، خاصة القبة الحديدية.

وتابعت الصحيفة «هذا هو (الإشباع الثلاثي) الذي يقوم على استخدام مزيج من الصواريخ، والقذائف، والطائرات المسيرة، والشظايا بالتناوب أو بشكل متزامن، «لخلق تحديات لأنظمة الاعتراض». وقالت: «عندما يتعلق الأمر بالطائرات المسيرة، يعتمد الاعتراض جزئياً على الطائرات والمروحيات ووسائل أخرى، بينما يتم اعتراض الصواريخ بواسطة وسائل الكشف والسيطرة (الرادارات) التابعة لمنظومة القبة الحديدية. التفسير تقني ومعقد، لكن يبدو أن (حزب الله) يحاول زيادة فاعلية ضرباته من خلال الكمية».

وتحاول إسرائيل تطوير نظام دفاعي ضد المسيرات. لكن خبراء أمنيين قالوا لصحيفة «معاريف» إن رداً قاسياً واتخاذ إجراءات أكثر عدوانية ضد إيران هما اللذان سيشكلان الآن رسالة ردع لهذه المسيرات.