احتجاجات واسعة جنوب العراق على خلفية اعتقال ناشطين

ناشطون يتهمون أحزاباً بافتعال أزمة لملاحقة «معارضين»... والشرطة تنفي

حشود متظاهرين في مركز الناصرية للمطالبة بإقالة قائد الشرطة (الشرق الأوسط)
حشود متظاهرين في مركز الناصرية للمطالبة بإقالة قائد الشرطة (الشرق الأوسط)
TT

احتجاجات واسعة جنوب العراق على خلفية اعتقال ناشطين

حشود متظاهرين في مركز الناصرية للمطالبة بإقالة قائد الشرطة (الشرق الأوسط)
حشود متظاهرين في مركز الناصرية للمطالبة بإقالة قائد الشرطة (الشرق الأوسط)

شهدت مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار جنوب العراق خلال اليومين الأخيرين، تظاهرات واسعة بلغت ذروتها، ليلة الجمعة، ويُتوقع أن تزداد أعداد المتظاهرين بعد دعوات أطلقها نشطاء للتصعيد ضد السلطات المحلية في المحافظة.

وتركز مطالب المحتجين، التي تجددت بكثافة، مساء السبت، على إقالة قائد الشرطة في المدينة، والإفراج عن المعتقلين، وفقاً لناشطين.

وتفجرت الأوضاع هناك على خلفية قيام قائد الشرطة الجديد اللواء نجاح العبادي بتنفيذ حملات اعتقال واسعة ضد مطلوبين خلال الأسبوعين الأخيرين.

وتشير أوساط سياسية في بغداد إلى خطورة ما يجري في الناصرية، وتخشى السلطات الاتحادية من «تفجر الأوضاع في أكثر من محافظة في ظل الظروف بالغة الخطورة والحساسية التي تشهدها المنطقة نتيجة الحرب الإسرائيلية».

المتظاهرون خرجوا إلى الشوارع بعد اعتقال ناشطين في الناصرية (الشرق الأوسط)

وتتذرع السلطات الأمنية والمحلية في المحافظة بـ«تنفيذ عمليات الاعتقال تبعاً لمذكرات قضائية بحق متهمين»، بينما تتهم جماعات الحراك، قائد الشرطة الجديد الذي ينحدر من محافظة النجف، والمقرب من منظمة «بدر» التي يقودها هادي العامري، باستهداف جماعات الحراك الاحتجاجي الذي اندلع في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، واستمر أكثر من عام، وكانت مدينة الناصرية أحد معاقله الرئيسية.

وتشير إحصاءات لمنظمات مدنية إلى مقتل نحو 180 متظاهراً، وإصابة أكثر من 5 آلاف في ذي قار خلال «احتجاجات تشرين» المذكورة.

وقامت قوة أمنية، الجمعة، باقتحام ساحة التظاهرات في الحبوبي، أسفر عن إصابة كثير من المتظاهرين وعناصر الشرطة، وبينما أعلنت الشرطة عن إصابة 3 ضباط و19 منتسباً من عناصرها، أكد ناشطون وقوع إصابات كثيرة بين صفوف المتظاهرين، لكنهم قالوا، إن «معظم المتظاهرين الذين أصيبوا فضَّلوا عدم الذهاب إلى المستشفيات للعلاج؛ لخوفهم من الاعتقال أو الملاحقة القانونية».

قائد الشرطة نجاح العابدي أكد حماية المتظاهرين (أخبار الناصرية)

رواية الشرطة

تشدد وزارة الداخلية العراقية على توفير الحماية للمتظاهرين في محافظة ذي قار جنوب البلاد، لكنها ترفض ما تقول إنها «أساليب مرفوضة» للتعبير عن الرأي.

وأوضح المتحدث باسم وزارة الداخلية، العميد مقداد ميري، خلال مؤتمر صحافي عقده، السبت، أن وزارته «لن تسمح بأي شكل من الأشكال بحرق الإطارات مرة أخرى، أو قطع الطرق، أو الاعتداء على المصالح العامة، وأنه لا صوت يعلو على صوت الدولة والقانون في ذي قار».

وكشف ميري عن قيام القوات الأمنية بـ«اعتقال 578 شخصاً، معظمهم ليسوا من المتظاهرين»، على حد قوله.

وذكر أنه «تم احتجاز 10 أشخاص، وفق المادة 4 من قانون مكافحة الإرهاب، و25 متهماً وفق مواد القتل العمد، بالإضافة إلى 15 معتقلاً بموجب قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، كما اعتُقل 30 شخصاً بسبب جرائم السرقة، و4 آخرون بسبب جرائم التسليب، وهناك معتقل واحد بتهمة الخطف».

وتابع أن هناك «20 معتقلاً بسبب جرائم أخلاقية، و30 آخرين بسبب جرائم الاحتيال، و20 معتقلاً بتهمة الشروع بالقتل، و25 شخصاً بسبب جرائم الاعتداء على الموظفين، بالإضافة إلى 25 معتقلاً بسبب الدكات العشائرية، و371 معتقلاً بتهم جنائية مختلفة».

وقال قائد شرطة ذي قار، اللواء نجاح العابدي، إن «هناك وسائل إعلام مغرضة تحاول تحريف الحقيقة»، مؤكداً أنهم «مع المتظاهرين بالشكل الذي كفله الدستور والقانون».

وفي مقابل دعوات الناشطين لإقالة قائد الشرطة، أعرب رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة ذي قار، أحمد الرميض، خلال مؤتمر صحافي، عن «شكره لوزارة الداخلية على اختيار شخصية ذات كفاءة لتولي المهام الأمنية في المحافظة».

طلاب عراقيون يتظاهرون ضد الفساد في الناصرية جنوب العراق (أرشيفية - أ.ف.ب)

رواية الناشطين

يقدم الناشطون وجماعات الحراك رواية مختلفة عن الرواية الرسمية، ويتهمون «أحزاباً متنفذة» بأنها وراء التصعيد الأخير في الناصرية.

وتحدث 3 ناشطين لـ«الشرق الأوسط» عن أن تلك الأحزاب هي من «أوحت للأجهزة الحكومية بملاحقة المطلوبين قضائياً، وسعت إلى الخلط بين المتهمين بتهمة جنائية والمطلوبين على خلفية قيامهم بنشاطات احتجاجية».

ويرى أحد الناشطين أن «توقيت حملة الاعتقالات مع الذكرى السابعة لـ(حراك تشرين) يؤكد الأهداف السياسية التي تقف وراءها».

ويعتقد آخر أن «الأحزاب النافذة معظمها ينتمي إلى قوى الإطار التنسيقي، وتحاول الثأر من المتظاهرين الذين حالوا دون وجود مقرات لهذه الأحزاب في المحافظة، حيث قامت جماعات الحراك بحرق معظمها في بداية انطلاق الاحتجاجات، وما زالت هذه الأحزاب غير قادرة على إعادة افتتاح مقراتها».

ولا ينكر بعض الناشطين «التجاوزات التي قام بها متظاهرون، ومنهم من استغل الحراك أسوأ استغلال من خلال عمليات ابتزاز وتهديد للحصول على بعض المكاسب المادية، لكن المطلوب من أجهزة الأمن هو التمييز بين المسيء والبريء، وذلك أمر لم يحدث».

مبادرة للحل

بدوره، أعلن عضو مجلس محافظة ذي قار، الدكتور أحمد الخفاجي، السبت، عن إطلاق مبادرة جديدة برعاية مجلس المحافظة، تهدف إلى تهدئة الأوضاع الحالية، ومعالجة قضايا المتظاهرين وفق الأطر القانونية.

قال الخفاجي، في تصريح نقلته وسائل إعلام محلية، إن «المبادرة جاءت بحضور النائبين علاء الركابي وغزوان الغزي، وتضمنت نقاطاً رئيسية عدة، أُولَاهَا تحويل التهم الموجهة ضد المتظاهرين من جرائم إرهاب إلى مراكز الشرطة المحلية».

وأضاف أنها «تشمل أيضاً المطالبة بتصفية قضايا المحتجزين، وإطلاق سراح من تُقْبَل كفالته، مع إبقاء القضايا المتعلقة بالحق الشخصي ضمن اختصاص القضاء ليبتّ فيها وفق القانون».


مقالات ذات صلة

بغداد: إيران لا تريد الحرب وتفضل الدبلوماسية

المشرق العربي تحالف «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاته في بغداد (إكس)

بغداد: إيران لا تريد الحرب وتفضل الدبلوماسية

أعلنت الحكومة العراقية أنها لا تريد أن تكون جزءاً من الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني، في وقت يستمر فيه العراق في استقبال المئات من اللاجئين اللبنانيين.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي عدد من منتسبي الأجهزة الأمنية ينتظرون الإدلاء بأصواتهم في دائرة انتخابية بإقليم كردستان الجمعة (المفوضية العليا المستقلة للانتخابات)

الانتخابات البرلمانية في كردستان العراق: صراعات حزبية وتغيّرات مرتقبة

على الرغم من تطمينات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، أظهر التصويت الخاص بمنتسبي الأجهزة الأمنية في إقليم كردستان مستوى حاداً من الاستقطاب الحزبي.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رتل أمني خلال مطاردة سابقة لخلايا «داعش» في الأنبار (أرشيفية - الجيش العراقي)

واشنطن: مقتل قيادي و3 مسلحين من «داعش» في غارات جوية عراقية

أعلنت القوات الأميركية اليوم (الجمعة) أن ضربات جوية عراقية قتلت قياديا بارزا في تنظيم «داعش» وثلاثة مسلحين آخرين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي جندي من قوات تحالف مكافحة «داعش» خلال دورية في العراق (أرشيفية - سنتاكوم)

البرلمان الألماني يوافق على تمديد مهمة الجيش في العراق

وافق البرلمان الألماني، اليوم (الخميس)، على تمديد التفويض الخاص بمهمة الجيش الألماني للإسهام في تحقيق الاستقرار بالعراق لمدة 15 شهراً إضافية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
المشرق العربي ناخب كردي يدلي بصوته في انتخابات محلية بإقليم كردستان (أرشيفية - موقع المفوضية)

«صمت انتخابي» في كردستان العراق قبل اقتراع عاصف

وصلت الحملات الانتخابية للأحزاب في إقليم كردستان إلى مرحلتها الأخيرة، قبل أن تدخل الخميس في «الصمت الانتخابي».

فاضل النشمي (بغداد)

هاريس: مقتل السنوار فرصة لوقف إطلاق النار

 US Vice President and Democratic presidential candidate Kamala Harris speaks to the press before a campaign rally at Western International High School in Detroit, Michigan, October 19, 2024. (AFP)
US Vice President and Democratic presidential candidate Kamala Harris speaks to the press before a campaign rally at Western International High School in Detroit, Michigan, October 19, 2024. (AFP)
TT

هاريس: مقتل السنوار فرصة لوقف إطلاق النار

 US Vice President and Democratic presidential candidate Kamala Harris speaks to the press before a campaign rally at Western International High School in Detroit, Michigan, October 19, 2024. (AFP)
US Vice President and Democratic presidential candidate Kamala Harris speaks to the press before a campaign rally at Western International High School in Detroit, Michigan, October 19, 2024. (AFP)

قالت كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي، اليوم السبت، إن مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) يحيى السنوار يمثل فرصة لوقف إطلاق النار في الشرق الأوسط.

ويوصف السنوار بأنه العقل المدبر للهجوم على إسرائيل الذي أشعل فتيل الحرب في قطاع غزة.

وقالت هاريس للصحافيين: «هذا يتيح فرصة أعتقد أن علينا استغلالها بالكامل لتكريس أنفسنا (لإنجاز هدف) إنهاء هذه الحرب وإعادة الرهائن».