عملية البحر الميت... تحفظ رسمي أردني و«مباركة إخوانية»

حزب «جبهة العمل الإسلامي» يشيد بـ«عملية بطولية» نفذها اثنان من شباب الحركة

جنود إسرائيليون يقومون بعملية تمشيط قرب منتجع على البحر الميت اليوم الجمعة (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون يقومون بعملية تمشيط قرب منتجع على البحر الميت اليوم الجمعة (أ.ف.ب)
TT

عملية البحر الميت... تحفظ رسمي أردني و«مباركة إخوانية»

جنود إسرائيليون يقومون بعملية تمشيط قرب منتجع على البحر الميت اليوم الجمعة (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون يقومون بعملية تمشيط قرب منتجع على البحر الميت اليوم الجمعة (أ.ف.ب)

رفعت عملية تسلل مسلحين اثنين عبر الحدود الأردنية جنوب البحر الميت، إلى الأراضي المحتلة ومحاولة استهداف جنود إسرائيليين، بحسب ما نقلت وسائل إعلام عبرية الجمعة، من مستوى التحديات الأمنية بين عمّان وتل أبيب، لا سيما في ظل توتر العلاقات على خلفية العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان.

ولم يعلن الجانب الأردني عن تفاصيل كثيرة بخصوص الحادثة المفاجئة والغامضة وغير المسبوقة. لكن الجيش الأردني، عبر بيان صدر عن القوات المسلحة الأردنية، اكتفى بنفي مزاعم «اجتياز عسكريين أردنيين اثنين الحدود الغربية للمملكة الأردنية الهاشمية»، بينما عجّت وسائل التواصل الاجتماعي لاحقاً بفيديوهات نُسبت إلى منفذي التسلل.

وبدت مصادر أردنية تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، متحفظة عن التفاصيل المتعلقة بالحادثة، مع تأكيدها ضرورة انتظار استكمال التحقيقات، علماً بأن بيان القوات المسلحة (الجيش العربي) نوّه، بالإضافة إلى نفي تسلل العسكريين، «بمتابعة التطورات» وبضرورة «تلقي المعلومات من مصادرها الرسمية وعدم تداول الشائعات والأخبار المضللة».

وأمام التحفظ الرسمي، أعلن حزب جبهة العمل الإسلامي «مباركته العملية البطولية التي نفذها اثنان من شباب الحركة الإسلامية؛ الشهيد البطل عامر قواس والشهيد البطل حسام أبو غزالة، الجمعة، في منطقة البحر الميت على الحدود الأردنية - الفلسطينية». وتعدّ هذه المرة الأولى التي يتم فيها تداول فيديوهات معدّة مسبقاً ومنسوبة لمتسللين إلى الحدود الأردنية - الإسرائيلية، مع إعلان وصيّة مصوّرة وتحديد هدف العملية، بينما كانت المحاولات السابقة تعلن من الجهات الرسمية، بأنها محاولات فردية.

ونُشرت على نطاق واسع على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» فيديوهات نُسبت لشابين أردنيين على أنهما منفذا العملية، وهما عامر قواس (كنيته أبو عبيدة الشافعي)، وحسام أبو غزالة (أبو عز الدين)، اللذان أعلنا بحسب الفيديوهات، تبنيهما العملية «انتقاماً من جرائم الاحتلال التي ارتكبت منذ بدء معركة طوفان الأقصى».

وكانت الأنباء المتداولة حول هذه العملية، قد نقلتها مصادر إعلام عبرية عن إذاعة الجيش الإسرائيلي، حيث تحدثت عن «تبادل» إطلاق النار مع مسلحين قرب السياج الحدودي مع الأردن، بعد اختراقهم له، وأن الجيش الإسرائيلي قد تمكن من «تحييد مهاجمين» عبرا من الأردن إلى الأراضي الإسرائيلية جنوب البحر الميت، وأطلقا النار على جنود.

إلى ذلك، ذكر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي في منشور على منصة «إكس»، أن قوات الجيش «رصدت قبل قليل عدداً من المخربين الذين اجتازوا من الأردن نحو الأراضي الإسرائيلية جنوب البحر الميت. لقد هرعت قوات جيش الدفاع إلى المكان وتمكنت من تحييد مخربين اثنين أطلقا النار نحوها».

تأهب لقوات إسرائيلية في منطقة البحر الميت عقب الإعلان عن عملية التسلل من الأردن الجمعة (رويترز)

تحديات أمنية على الحدود الغربية

في 8 سبتمبر (أيلول) الماضي، نفذ الأردني ماهر الجازي (39 عاماً) الذي يعمل سائق شاحنة بضائع، هجوماً بمسدسه أسفر عن قتل 3 جنود إسرائيليين بعد اجتيازه جسر الملك الحسين إلى جسر «اللنبي» بين ضفتي نهر الأردن. وشكلت تلك الحادثة تحدياً للسلطات الأردنية بعد اعتقال عدد من سائقي الشاحنات الأردنيين، والاحتفاظ باثنين منهم تم الإفراج عنهما مؤخراً.

وشكلت حادثة مقتل الإسرائيليين الثلاثة على جسر الملك حسين، سابقة من نوعها، وسط توتر العلاقات بين عمان وتل أبيب، لتضاف إلى سلسلة من المواقف المتشنجة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، على خلفية الحرب الإسرائيلية رداً على عملية «طوفان الأقصى».

وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن عملية جسر الملك حسين التي أسفرت عن مقتل الإسرائيليين الثلاثة، هي عملية «منفردة» ولا توجد أي معلومات تتحدث عن أي ارتباطات تنظيمية لمنفذ العملية الذي ينتمي إلى منطقة البادية الجنوبية، نحو 400 كلم جنوب المملكة التي تسكنها عشائر قبيلة الحويطات.

ويخشى الأردن الرسمي من «توظيف» إسرائيل لعمليات فردية على الحدود على أنها «استهداف أمني» مباشر، واستخدام ذلك ذريعة للتوسع في عملياتها العسكرية بالضفة الغربية، وهو ما حذرت منه عمّان في الآونة الأخيرة، وتعدّه تهديداً لمصالحها في حال تمسكت حكومة اليمين الإسرائيلي بسياسة التهجير، سواء في غزة أو الضفة.

ويعدّ الرسميون الأردنيون أن تصعيد إسرائيل واستمرارها في ارتكاب مجازر بحق المدنيين في غزة ولبنان، سيدفعان المنطقة نحو الهاوية، وسيزيدان من مشاعر الغضب التي قد ترتد على الإسرائيليين، بفعل سياسات حكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو وآخرين يعلنون صراحة مطالباتهم بـ«إبادة الفلسطينيين».

وشنت منصات على مواقع التواصل الاجتماعي، قالت مصادر أردنية عنها إنها إسرائيلية، حملات تحريض ضد الأردن، واستخدمت تلك المنصات شائعات وأخباراً كاذبة بهدف إحداث فتنة على الساحة الأردنية، والتشويش على الموقف الرسمي المطالب بالوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي على غزة، وسعي تل أبيب إلى تفجير الأوضاع في الضفة الغربية.

الإسلاميون يعلنون انتماء المنفذين للحركة

ومن بين ردود الفعل الحزبية على عملية البحر الميت، «بارك» حزب جبهة العمل الإسلامي (الإخوان المسلمين) ما عدّها «عملية بطولية نفذها اثنان من شباب الحركة الإسلامية؛ الشهيد البطل عامر قواس والشهيد البطل حسام أبو غزالة الجمعة، في منطقة البحر الميت على الحدود الأردنية - الفلسطينية، التي أسفرت عن إصابة عدد من جنود الاحتلال المجرم، وذلك رداً على المجازر التي يرتكبها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة والعدوان على المقدسات».

وعدّ الحزب في بيان صحافي، أن «العملية تعبر بالرصاص والدم تعبيراً صادقاً عن موقف الشباب الأردني الحر ونبض الشارع الأردني الداعم لصمود الشعب الفلسطيني ومقاومته ضد الاحتلال، وتمثل رداً طبيعياً على مجازر الإبادة الجماعية التي ترتكب بحق إخواننا في الدم والمصير منذ أكثر من عام».

وتزامن أنباء تنفيذ الهجوم من قبل متسللين من الأردن، مع خروج المئات من أنصار حزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع الحزبية لجماعة الإخوان المسلمين غير المرخصة في البلاد)، في مسيرة انطلقت بعد صلاة ظهر الجمعة، من أمام المسجد الحسيني بمنطقة وسط البلد، تحت شعار «يخلف القائد قادة والجندي عشرة»، في إشارة إلى مقتل زعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار.


مقالات ذات صلة

أوربان يتحدى «الجنائية الدولية» ويدعو نتنياهو لزيارة المجر

شؤون إقليمية رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس... 19 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

أوربان يتحدى «الجنائية الدولية» ويدعو نتنياهو لزيارة المجر

أعلن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان أنه سيدعو نظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى المجر في تحدٍّ لمذكرة التوقيف الصادرة بحقه عن المحكمة الجنائية الدولية.

«الشرق الأوسط» (بودابست)
شؤون إقليمية كلمة «بيغاسوس» تظهر على هاتف ذكي موضوع على لوحة مفاتيح في هذه الصورة التوضيحية الملتقطة في 4 مايو 2022 (رويترز)

محكمة تايلاندية ترفض دعوى ضد شركة إسرائيلية تنتج برنامج «بيغاسوس» لاختراق الهواتف

ألغت محكمة تايلاندية دعوى قضائية رفعها ناشط مؤيد للديمقراطية قال فيها إن برنامج التجسس الذي أنتجته شركة تكنولوجيا إسرائيلية تم استخدامه لاختراق هاتفه.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
الولايات المتحدة​ السيناتور الجمهوري لينزي غراهام (أ.ف.ب)

سيناتور جمهوري: أي دولة تدعم قرارات الجنائية الدولية ستواجه موقفاً أميركياً صارماً

عبّر السيناتور الجمهوري الأميركي البارز لينزي غراهام عن رفضه الشديد لقرار المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير دفاعه السابق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال العملية البرية داخل قطاع غزة (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد جنوده في معارك بشمال غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، مقتل أحد جنوده في معارك في شمال قطاع غزة. وأضاف أن الجندي القتيل يدعى رون إبشتاين (19 عاماً) وكان ينتمي إلى لواء غيفعاتي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية المتحدث إيلي فيلدشتاين يظهر في حدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (الجيش الإسرائيلي)

لائحة الاتهام: نتنياهو كان على علم بتسريب مساعده لمعلومات سرية

كان رئيس الوزراء الإسرائيلي على علم بأن أعضاء في طاقمه قاموا بتسريب «وثيقة سرية» إلى الصحافة الأجنبية، فيما أصبح يعرف باسم «فضيحة الوثائق الأمنية».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الجيش الإسرائيلي يجدد الغارات على ضاحية بيروت بعد إنذارات بالإخلاء

تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)
تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يجدد الغارات على ضاحية بيروت بعد إنذارات بالإخلاء

تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)
تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)

تجدَّدت الغارات الإسرائيلية، صباح الجمعة، على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات وجَّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 3 مواقع، في خضم المواجهة المفتوحة بين «حزب الله» والدولة العبرية منذ شهرين.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية بشنِّ «الطيران الحربي المعادي» غارتين على الأقل على منطقة الكفاءات في الحدث، مشيرة إلى «تصاعد الدخان بشكل كثيف من محيط الجامعة اللبنانية».

وأظهر البث المباشر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» سحب دخان تتصاعد إثر 3 غارات على ضاحية بيروت الجنوبية، معقل «حزب الله».

وأعلن الجيش الإسرائيلي، في وقت لاحق، أن مقاتلاته الحربية «أتمّت جولة جديدة من الضربات» على ضاحية بيروت الجنوبية.

تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)

وجاءت الغارات (الجمعة) غداة شنّ إسرائيل سلسلة غارات كثيفة استهدفت ضاحية بيروت الجنوبية، وجنوب لبنان وشرقه.

ووجَّه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إنذار إخلاء إلى سكان بلدات الطيبة وعدشيت القصير ودير سريان، وكذلك إلى سكان بلدتَي برج الشمالي ومعشوق في جنوب لبنان.

وقال أدرعي في حسابه على منصة «إكس»: «يجب عليكم الإخلاء دون تأخير... يحظر عليكم التوجه جنوباً. أي تحرك نحو الجنوب قد يشكل خطراً على حياتكم».

وطالب متحدث الجيش الإسرائيلي أيضاً بإخلاء بعض المباني في منطقتَي الحدث وحارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت، وحذَّر من أن الجيش «سيعمل ضدها على المدى الزمني القريب».

وأحصت وزارة الصحة اللبنانية مقتل 52 شخصاً على الأقل، الخميس، جراء الغارات الإسرائيلية، منهم 40 في منطقة بعلبك (شرق) في ضربات لم تسبقها إنذارات.

وأصدر الجيش الإسرائيلي، صباح الجمع، إنذارات جديدة للسكان بإخلاء مبنى في مدينة صور الساحلية في الجنوب، كان قد شمله إنذار مماثل، الخميس، ومنطقتين في محيطها، بينهما مخيم البرج الشمالي المكتظ للاجئين الفلسطينيين.

سحابة من الدخان ترتفع في سماء الضاحية الجنوبية لبيروت جراء غارات إسرائيلية (رويترز)

وارتفعت وتيرة الغارات الإسرائيلية على مناطق عدة في لبنان منذ إنهاء المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، زيارته إلى بيروت، الأربعاء، في إطار وساطة يتولاها للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل.

وبعد تبادل القصف مع «حزب الله» مدة عام تقريباً، بدأت إسرائيل منذ 23 سبتمبر (أيلول)، حملةً جويةً واسعةً تستهدف خصوصاً معاقل الحزب في ضاحية بيروت الجنوبية وفي جنوب البلاد وشرقها. وأعلنت منذ نهاية الشهر نفسه بدء عمليات توغل بري في جنوب لبنان. وأحصى لبنان مقتل 3583 شخصاً على الأقل بنيران إسرائيلية منذ بدء «حزب الله» وإسرائيل تبادل القصف في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على وقع الحرب في غزة.