إسرائيل تشترط «التفاوض تحت النار» على وقع الغارات والمجازر

قواتها مسحت قرية عن الخريطة.. و«حزب الله» يُدخل صاروخين «دقيقين» إلى المعركة

TT

إسرائيل تشترط «التفاوض تحت النار» على وقع الغارات والمجازر

مشيعون يشاركون بتشييع 23 نازحاً لبنانياً قُتلوا بغارة إسرائيالية في بلدة إيطو بالشمال (أ.ف.ب)
مشيعون يشاركون بتشييع 23 نازحاً لبنانياً قُتلوا بغارة إسرائيالية في بلدة إيطو بالشمال (أ.ف.ب)

اشترطت إسرائيل لإجراء أي مفاوضات حول الحرب في لبنان، أن تكون «تحت النار» الآخذة بالتوسع إلى مختلف المناطق اللبنانية، وأسفرت عن مجازر في الجنوب والبقاع (شرق لبنان) وشماله، كما قالت السلطات اللبنانية، ومَسَحَت قرية كاملة عن الخريطة، على إيقاع مواجهات عنيفة على الشريط الحدودي مع لبنان، وإعلان إسرائيلي عن ارتفاع عدد أسرى «حزب الله» لديه إلى 4، فيما يواصل الحزب إطلاق الصواريخ، وأعلن عن إدخال صاروخين دقيقين إلى المعركة.

عناصر من الدفاع المدني ينقلون جثة مواطن قُتل بغارة إسرائيلية في قانا (أ.ف.ب)

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، خلال تقييم للوضع بشأن لبنان، إن «أي مفاوضات سنجريها ستتمّ تحت النار فقط»، لافتاً إلى أن «الدمج بين إضعاف الحزب وإبعاده سيتيح عودة سكان الشمال»، مشدداً على أن «عودة سكان الشمال يعني دفع حزب الله للتراجع عن خط الحدود».

ورأى غالانت أن «حزب الله»، «يمر بظروف صعبة للغاية»، مضيفاً أنه «تم القضاء على عدد كبير من مقاتلي الحزب». وقال: «نجاح إسرائيل كان هائلاً؛ من اغتيال نصر الله إلى تدمير شبكات الاتصال والاستخبارات، كما أن وحدة الرضوان بالحزب لم تعد قادرة على إدارة المعارك»، مضيفاً: «نجحنا في إحباط المنظومة الصاروخية التابعة للحزب». وعدّ «أسر عناصر حزب الله يدل على نجاح الجيش وأزمة حزب الله».

وقال الجيش الإسرائيلي إن عدد الأسرى من مقاتلي «حزب الله» لديه ارتفع إلى 4، بعد إعلانه مساء الثلاثاء، أسر ثلاثة مقاتلين في جنوب لبنان، لم يذكر هوياتهم وموقع القبض عليهم تحديداً، بعد ساعات على نشر مقطع فيديو يظهر تحقيقاً قال إنه مع مقاتل في الحزب يُدعى وضاح يونس، كان قد أعلن قبل أيام القبض عليه.

مسح قرية عن الخريطة

ويمضي الجيش الإسرائيلي في خطة التوغل داخل الأراضي اللبنانية. وفيما أفادت وسائل إعلام محلية عن اشتباكات عنيفة على أكثر من محور، نشر الجيش الإسرائيلي مقطع فيديو يُظهر تدميراً كاملاً لقرية محيبيب اللبنانية المحاذية لبلدة ميس الجبل، فيما نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية فيديو مشابهاً لتدمير حي في بلدة قالت إنه في ميس الجبل. وقالت إن «الكتيبة 5280 أعلنت تفخيخ وتدمير في ميس الجبل».

ومحيبيب، هي قرية صغيرة، كانت في السابق مزرعة، يسكنها نحو 400 شخص من عائلة واحدة، ويوجد فيها مَعلم ديني، وتقع على تلة مرتفعة. وقالت مصادر في الجنوب على اطلاع بمجريات المعركة، إن السيطرة على مرتفع محيبيب، هي جزء من معركة أوسع للسيطرة على المرتفعات في المنطقة الحدودية ومنع مقاتلي «حزب الله» من الإطلالة على المنخفضات في المستعمرات المواجهة. وقالت المصادر إن القوات الإسرائيلية «تقاتل للسيطرة على تلة العويضة في العديسة، كونها أعلى المرتفعات في المنطقة، لكنها فشلت حتى الآن».

مواجهات وصواريخ

وأفادت وسائل إعلام محلية بتصاعد وتيرة المواجهات على محاور «الطيبة - رب ثلاثين - مركبا - حولا»، حيث تدوّي أصوات الانفجارات العنيفة، حيث تصاعدت سحب الدخان من المنطقة. أما «حزب الله» فأعلن عن اشتباكات عنيفة في بلدة القوزح، «حيث تصدت مجموعات المقاومة لقوة متسللة للعدو الإسرائيلي وأوقعتها في مكمن، مما أدى لسقوط عدد مؤكد من القتلى في صفوف العدو». وأُفيد بوقوع اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة والصاروخية على محور عيتا الشعب بالتزامن مع اشتباكات القوزح.

وأعلن «حزب الله» قصف مرابض مدفعية في ديشون ودلتون، واستهداف دبابة «ميركافا» في محيط بلدة راميا، إضافة إلى استهداف تجمعات عسكرية إسرائيلية على تل القبع في مركبا ومسكاف عام بقذائف المدفعية. كما أعلن إطلاق رشقات صاروخية باتجاه صفد، ومستعمرة «كرمئيل».

جاءت تلك الإعلانات بعد ساعات على إعلانه عن إدخال نوعين من الصواريخ الدقيقة إلى المعركة، هما صاروخ «نصر 1» الذي يبلغ مداه نحو 100 كيلومتر، ويحمل رأساً متفجراً زنة 100 كيلوغرام، وصاروخ «قادر 2»، الذي يبلغ مداه 250 كيلومتراً، ويحمل رأساً متفجراً زنة 405 كيلوغرامات. وقال إن الصاروخين من تصنيع «حزب الله» ودخلا المعركة يوم الاثنين الماضي.

الدخان يتصاعد جراء غارات جوية استهدفت مدينة النبطية جنوب لبنان (أ.ف.ب)

مجزرة في النبطية

وتمضي إسرائيل، في المقابل، في دفع السكان إلى إخلاء جنوب لبنان بالكامل، عبر استهدافات تطول المدنيين، وقصف جوي متواصل أدى إلى مقتل 2367 شخصاً وإصابة 11088 منذ بدء الحرب في العام الماضي، حسبما أفادت وزارة الصحة اللبنانية.

وقالت السلطات اللبنانية إن إسرائيل ارتكبت مجازر على الأراضي اللبنانية، إحداها في النبطية حيث نفّذت طائرات حربية إسرائيلية سلسلة غارات على المدينة استهدفت إحداها مبنيين تابعين لبلدية النبطية واتحاد بلديات محافظة النبطية، مما تسبّب بمقتل ستة أشخاص، بينهم رئيس البلدية أحمد كحيل. وقالت محافظة النبطية هويدا الترك: «طالت 11 غارة إسرائيلية بشكل رئيسي مدينة النبطية، مشكّلةً ما يشبه حزاماً نارياً»، مشيرةً إلى مقتل رئيس بلدية المدينة مع عدد من فريق عمله.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه نفّذ «سلسلة غارات استهدفت عشرات الأهداف الإرهابية لحزب الله في منطقة النبطية» تشمل «بنى تحتية ومراكز قيادة لحزب الله ومخازن أسلحة واقعة بالقرب من بنى تحتية مدنية». وأضاف أن قواته البحرية ضربت عشرات الأهداف الأخرى «بالتنسيق مع القوات البرية».

وندّد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي بالغارات الإسرائيلية التي قال إنها استهدفت عن «قصد» اجتماعاً للمجلس البلدي في المدينة. من جهتها، دعت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت إلى «حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية في الأوقات كافة».

سيارات الإسعاف في موقع غارة إسرائيلية استهدفت بلدة قانا جنوب لبنان (أ.ف.ب)

استهداف مشيعين في قانا

وغداة مجزرة في بلدة قانا الواقعة شرق مدينة صور، قُتل ثلاثة أشخاص على الأقل وأُصيب 54 بجروح في غارات إسرائيلية، الثلاثاء، استهدفت مشيعين لضحايا في البلدة. وبعد ساعات طويلة على الغارات المتتالية على البلدة، كانت سيارات الإسعاف لا تزال تنقل القتلى والجرحى، الأربعاء، من بين أكوام من ركام مبانٍ سُوِّيت بالأرض في البلدة الواقعة في قضاء صور. وبينما تصاعدت سحب دخان طفيفة، انكبّ رجال الإنقاذ على رفع أكوام الأنقاض الكبيرة التي ظهرت من بينها صور عائلات وأحذية أطفال. وعلى مقربة، جرافة وحيدة ترفع الحطام. ومن موقع الغارات، قال محمد إبراهيم، من جمعية الرسالة للإسعاف، إن «أكثر من 15 مبنى دُمّر بالكامل، لقد لحق دمار شامل بحي بأكمله في بلدة قانا»، مضيفاً أن المسعفين رفعوا جثمانين وأشلاء من المكان.


مقالات ذات صلة

لبنان: ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي إلى 2367 قتيلاً وأكثر من 11 ألف جريح

المشرق العربي أشخاص يحملون نعوش الضحايا الذين قتلوا في الغارة الإسرائيلية على بلدة عيتو في شمال لبنان (إ.ب.أ)

لبنان: ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي إلى 2367 قتيلاً وأكثر من 11 ألف جريح

ارتفعت حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان إلى ألفين و367 قتيلاً و11 ألفاً و88 جريحاً منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مركبات تابعة لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) تسير في مرجعيون بالقرب من الحدود مع إسرائيل (رويترز) play-circle 05:30

دبابة إسرائيلية تطلق النار على برج مراقبة لـ«يونيفيل» بجنوب لبنان

أعلنت «اليونيفيل» أن دبابة إسرائيلية أطلقت قذيفة على برج مراقبة لقوات حفظ السلام في جنوب لبنان، مما ألحق أضراراً به.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أضرار القصف الإسرائيلي على النبطية (رويترز)

غارة إسرائيلية تصيب متطوعَين من الصليب الأحمر بجنوب لبنان

أصيب متطوعان من الصليب الأحمر اللبناني، اليوم (الأربعاء)، إثر هجوم إسرائيلي جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تصاعد أعمدة الدخان جراء الغارات الجوية الإسرائيلية على مدينة النبطية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

تنديد أممي بـ«الهجوم المدمر» على بلدية النبطية في جنوب لبنان

ندّد منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في لبنان، عمران ريزا، في بيان، الأربعاء، بـ«هجوم مدمر» على بلدية النبطية في جنوب لبنان، خلال اجتماع لفريق الإغاثة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي منظمة الصحة العالمية تدعو إلى «وقف الهجمات» على المرافق الصحية في لبنان (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية» تدعو إلى «وقف الهجمات» على المرافق الصحية في لبنان

دعت منظمة الصحة العالمية اليوم الأربعاء إلى «وقف الهجمات» على المرافق الصحية في لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مسؤول في «حماس»: لا نهاية للصراع في الشرق الأوسط دون حل قضية غزة

جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (رويترز)
جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (رويترز)
TT

مسؤول في «حماس»: لا نهاية للصراع في الشرق الأوسط دون حل قضية غزة

جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (رويترز)
جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (رويترز)

قال المسؤول الكبير في حركة «حماس»، باسم نعيم، اليوم (الأربعاء)، إنه لا نهاية للصراع المتنامي بوتيرة سريعة في الشرق الأوسط، الذي امتد إلى لبنان وخارجه، دون حل الأزمة الجذرية في غزة، وفق ما أفادت به وكالة «رويترز».

ومع دخول حرب غزة عامها الثاني، اشتعل القتال في جنوب لبنان، حيث تشتبك القوات الإسرائيلية برياً في الوقت الراهن مع مسلحي «حزب الله» المدعوم من إيران، وهو ما يثير مخاوف من تحول الاشتباكات إلى صراع شامل مع طهران.

وتعثرت الجهود الدبلوماسية الرامية إلى وقف القتال بينما ينصب التركيز الآن على هجوم إسرائيلي محتمل على إيران، رداً على الهجوم الصاروخي الثاني لها على إسرائيل، قبل أكثر من أسبوعين.

وقال نعيم: «المسألة معقدة ومتشابكة للغاية بالنسبة للجبهتين. فليس من السهل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار أو إيجاد حل دائم لهذا الصراع (اللبناني) دون حل الصراع الأصلي في غزة».

وتؤكد تصريحات باسم نعيم مدى صعوبة وقف الحرب التي تضم أيضاً جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران، وتنذر الآن بانجرار الولايات المتحدة، التي أرسلت هذا الأسبوع بطارية دفاع صاروخي إلى إسرائيل.

واشتعل فتيل حرب غزة بعد هجوم شنه مسلحو «حماس» على جنوب إسرائيل، في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مما أسفر، حسب إحصاءات إسرائيلية، عن مقتل 1200 شخص، واحتجاز أكثر من 250 آخرين في غزة. وتقول السلطات في غزة إن الحملة العسكرية الإسرائيلية التي جاءت رداً على ذلك، قتلت ما يربو على 42 ألف شخص، ودمرت جزءاً كبيراً من القطاع، وأجبرت معظم سكانه على النزوح. وتوعدت إسرائيل بالقضاء على حركة «حماس» كقوة عسكرية وحاكمة في غزة.

«لا هدوء» حتى مع وقف إطلاق النار

بدأ «حزب الله» مؤخراً في التحدث عن وقف محتمل لإطلاق النار في لبنان، لكن نعيم قال إن هذا لن يحل الصراع الممتد على جبهات أخرى في الشرق الأوسط. وأضاف: «حتى لو توصلوا إلى وقف لإطلاق النار في لبنان، فلن تهدأ المنطقة (لأنهم) لا يناقشون حل المسائل كافة سواء المتعلقة بلبنان أو بفلسطين».

ولم تسفر الجهود التي توسطت فيها قطر ومصر للاتفاق على وقف لإطلاق النار وإعادة الرهائن الإسرائيليين عن شيء، فيما تتبادل إسرائيل و«حماس» اللوم على تعثر المحادثات.

وقال نعيم إن الوسطاء «محبطون» جراء توسع رقعة الصراع خارج حدود غزة، ملقياً باللوم مجدداً في فشل المحادثات على إسرائيل.

وأضاف: «لا يمكننا أن نبدأ ببساطة في التفاوض على شروط جديدة وضعها (رئيس الوزراء الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو».

وتوعدت إسرائيل بتفكيك القدرات العسكرية لـ«حماس»، وكذلك سلطتها في إدارة قطاع غزة، لكن لا يلوح في الأفق نهاية قريبة لحملتها العسكرية في القطاع، بعدما شنَّت هجوماً ضخماً في الجزء الشمالي من غزة قبل أسبوعين.

ووصف نعيم أحدث هجوم إسرائيلي على شمال غزة بأنه «حصار خانق وشديد»، على عكس غيره من الهجمات.

وقال إنه «أكثر وحشية وعدوانية من (العمليات السابقة)؛ فهو استهدف بشكل مباشر منازل سكنية مدنية».

وتقول إسرائيل إن قواتها قتلت عشرات من مسلحي «حماس»، في الأيام القليلة الماضية، خلال عمليتها العسكرية، بينما يزداد القلق الدولي بشأن الظروف الإنسانية الصعبة التي يواجهها الفلسطينيون. وقد طالبت الولايات المتحدة إسرائيل بضمان إدخال مزيد من المساعدات.

ومع ذلك، أشار نعيم إلى أن دعوات الولايات المتحدة لا تتماشى مع دعمها التام لإسرائيل.

وقال: «كيف يمكن فهم أنه في الوقت الذي يدعو فيه الأميركيون إلى مزيد من المساعدات والإغاثة الإنسانية، يرسلون مليارات الدولارات... ومواد متفجرة وأسلحة، ويستخدمون حق النقض (الفيتو) في كل مرة بمجلس الأمن الدولي لعرقلة الإرادة الدولية؟».