إسرائيل تكثّف غاراتها على جنوب لبنان... وتستهدف ضاحية بيروت مجدداً

TT

إسرائيل تكثّف غاراتها على جنوب لبنان... وتستهدف ضاحية بيروت مجدداً

الدخان يتصاعد من منطقة الضاحية بعد استهدافها بغارة جوية (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من منطقة الضاحية بعد استهدافها بغارة جوية (أ.ف.ب)

كثّفت إسرائيل ضرباتها على لبنان، الأربعاء، مستهدِفةً مجدّداً ضاحية بيروت الجنوبية، بعد أيام من تحييدها، ومدينة النبطية في جنوب لبنان، غداةَ رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أي وقف لإطلاق النار «أحادي الجانب» في لبنان، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

واستهدفت غارة جوية، صباحاً، منطقة حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية بُعَيد توجيه الجيش الإسرائيلي نداءً لإخلائها، وقال لاحقاً إنه ضرب مخزن «أسلحة استراتيجية» تابعاً لـ«حزب الله».

وهذه أول ضربة منذ أيام عدة تستهدف ضاحية بيروت الجنوبية، معقل «حزب الله»، وكان الجيش الإسرائيلي استهدفها بعنف مع تحوّل المواجهة بينه وبين «حزب الله» إلى حرب مفتوحة في 23 سبتمبر (أيلول)، إلى جانب قصفه معاقل أخرى للحزب

من جهتها، أعلنت الولايات المتحدة، الثلاثاء، أنها «تعارض» حملة القصف الإسرائيلية على العاصمة اللبنانية.

وفي جنوب لبنان، نفّذت طائرات حربية إسرائيلية سلسلة غارات على مدينة النبطية التي تُعدّ معقلاً لـ«حزب الله» وحليفته «حركة أمل»، حيث استهدفت إحداها مبنيَين تابعين لبلدية النبطية واتحاد بلديات محافظة النبطية، ما تسبّب بمقتل 6 أشخاص، بينهم رئيس البلدية أحمد كحيل.

وقالت محافظة النبطية هويدا الترك: «طالت 11 غارة إسرائيلية بشكل رئيسي مدينة النبطية، مشكّلة ما يشبه حزاماً نارياً»، مشيرة إلى مقتل رئيس بلدية المدينة مع عدد من فريق عمله.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه نفّذ «سلسلة غارات استهدفت عشرات الأهداف الإرهابية لـ(حزب الله) في منطقة النبطية»، تشمل «بنى تحتية ومراكز قيادة لـ(حزب الله)، ومخازن أسلحة واقعة بالقرب من بنى تحتية مدنية».

وأضاف أن قواته البحرية ضربت عشرات الأهداف الأخرى «بالتنسيق مع القوات البرّية».

ضربة «مقصودة»

وندّد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي بالغارات الإسرائيلية، التي قال إنها استهدفت عن «قصد» اجتماعاً للمجلس البلدي في المدينة.

من جهتها، دعت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، جينين هينيس - بلاسخارت، إلى «حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية في الأوقات كافةً».

ومنذ 23 سبتمبر قُتل ما لا يقل عن 1035 شخصاً، وفق تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، استناداً إلى أرقام رسمية. وأحصت الأمم المتحدة نزوح نحو 700 ألف شخص.

وفتح «حزب الله» جبهة «إسناد» لغزة منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، غداة اندلاع الحرب في القطاع الفلسطيني بين إسرائيل وحركة «حماس»، عقب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته الحركة على جنوب إسرائيل.

وأعلنت إسرائيل في 30 سبتمبر بدء عمليات برّية «محدودة» في جنوب لبنان.

وتقول الدولة العبرية إنها تريد إبعاد مقاتلي الحزب عن حدودها الشمالية، وتفكيك بنيته العسكرية في جنوب لبنان، بشكل يسمح لعشرات الآلاف من سكان شمال إسرائيل بالعودة إلى مناطقهم التي نزحوا منها قبل سنة.

ويرفض «حزب الله» فصل معركته عن قطاع غزة.

وفي طهران، دعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الأربعاء، حلفاء إسرائيل للضغط عليها، من أجل وقف هجماتها في لبنان وقطاع غزة الفلسطيني.

رشقات صواريخ

وبرغم الضربات المُوجِعة التي لحقت بـ«حزب الله»، وأكبرها ربما اغتيال أمينه العام حسن نصر الله في ضربة إسرائيلية مدمرة بالضاحية الجنوبية لبيروت في 27 سبتمبر، يواصل الحزب المدعوم من إيران إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل.

وأعلن الحزب استهداف دبابة إسرائيلية في محيط بلدة راميا الحدودية اللبنانية «بصاروخ موجَّه»، بعدما أكّد خلال الليل الماضي أنه قصف مدينة صفد، الواقعة في شمال الدولة العبرية برشقة صاروخية.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أنّ 50 مقذوفاً أُطلقت من لبنان باتجاه شمال الدولة العبرية، فجر الأربعاء، من دون أن ترِد في الحال تقارير عن إصابات بشرية أو خسائر مادية.

وقال نائب الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، الثلاثاء: «بما أن العدو الإسرائيلي استهدف كل لبنان، فلنا الحق ومن موقع دفاعي أن نستهدف أي نقطة في كيان العدو الإسرائيلي، سواءً في الوسط أو الشمال والجنوب».

وشدّد قاسم على أن «الحلّ هو وقف إطلاق النار»، لكنه أكّد أن الحزب ماضٍ في معركته، وأن إسرائيل «ستُهزَم».

وأكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي، الثلاثاء، من جهته معارضته لأي وقف لإطلاق النار «أحادي الجانب» في لبنان، إذا لم يمنع «حزب الله» من إعادة تشكيل صفوفه في المنطقة الحدودية.

دخان يتصاعد فوق الضاحية الجنوبية لبيروت بعد غارة جوية إسرائيلية (رويترز)

«ردّ حازم»

وبينما تُواصل إسرائيل هجومها على «حزب الله» في لبنان، و«حماس» في غزة، وكلاهما حليف لإيران، يؤكد مسؤولوها أنهم يُعِدُّون الرد على الهجوم الصاروخي الإيراني على الدولة العبرية في الأول من أكتوبر .

وأكّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، أن بلاده مستعدة لردّ «حازم» إذا هاجمت إسرائيل البلاد.

ونقل مكتب عراقجي عنه قوله في اتصال مع غوتيريش: «إيران جاهزة بالكامل لردّ حازم على أي مغامرة» تقوم بها إسرائيل، و«ستندم عليها».


مقالات ذات صلة

ماذا كشف سقوط الأسد عن تجارة «الكبتاغون» في سوريا؟

المشرق العربي أقراص من «الكبتاغون» مبعثرة بعد العثور عليها قرب العاصمة السورية دمشق الأسبوع الماضي (رويترز) play-circle 02:40

ماذا كشف سقوط الأسد عن تجارة «الكبتاغون» في سوريا؟

منذ سقوط الرئيس السوري بشار الأسد تم الكشف عن منشآت تصنيع مخدر «الكبتاغون» على نطاق واسع في جميع أنحاء سوريا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي فرق «الخوذ البيضاء» عثرت على نحو 20 جثة ورفات مجهولة الهوية بمخزن للأدوية في منطقة السيدة زينب بدمشق (أ.ف.ب)

العثور على جثث مجهولة الهوية في منطقة السيدة زينب بدمشق

أعلن عضو مجلس إدارة في الدفاع المدني السوري، عمار السلمو، اليوم الأربعاء، أن فرق «الخوذ البيضاء» عثرت على نحو 20 جثة ورفات مجهولة الهوية في دمشق.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي جلسة سابقة للبرلمان السويسري في العاصمة برن (أ.ف.ب)

البرلمان السويسري يحظر «حزب الله»

صوّت البرلمان السويسري، اليوم الثلاثاء، لصالح حظر «حزب الله» في خطوة يندر أن تقوم بها الدولة المحايدة.

«الشرق الأوسط» (زيوريخ)
تحليل إخباري رجل يحمل راية «حزب الله» على مبانٍ مدمرة في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ب)

تحليل إخباري الحرب الإسرائيلية وسقوط الأسد أفقدا «حزب الله» معادلة التحكّم بالاستحقاق

فرضت الحرب الإسرائيلية على لبنان وسقوط الأسد واقعهما على استحقاق انتخابات الرئاسة اللبنانية وأفقدا «حزب الله» وحلفاء النظام السوري قدرة التحكّم بانتخاب الرئيس.

يوسف دياب
المشرق العربي شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

الدمار والتعويضات يخلقان نقمة في بيئة «حزب الله»

خلقت أزمة الدمار الكبير في جنوب لبنان والالتباس حول تعويض المتضررين نقمة بدأت تخرج إلى العلن في بيئة «حزب الله». وظهرت ملامح تململ في رفض البعض العودة إلى الضاح

كارولين عاكوم (بيروت)

«الإنتربول» الأميركي يطالب بيروت بتوقيف مدير المخابرات الجوية في نظام الأسد

أمّ سورية مع أطفالها عند معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (د.ب.أ)
أمّ سورية مع أطفالها عند معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (د.ب.أ)
TT

«الإنتربول» الأميركي يطالب بيروت بتوقيف مدير المخابرات الجوية في نظام الأسد

أمّ سورية مع أطفالها عند معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (د.ب.أ)
أمّ سورية مع أطفالها عند معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (د.ب.أ)

في خطوة هي الأولى من نوعها منذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، باشرت الإجراءات القضائية الدولية بملاحقة رموز هذا النظام؛ إذ تلقّى النائب العام التمييزي في لبنان القاضي جمال الحجار، برقيّة من «الإنتربول» الأميركي، معمّمة عبر «الإنتربول» الدولي، تطلب من السلطات اللبنانية «توقيف اللواء جميل الحسن، مدير المخابرات الجوية السورية في نظام الأسد». وكشف مرجع قضائي لبناني لـ«الشرق الأوسط»، أن البرقية الأميركية «دعت السلطات القضائية والأمنية في لبنان إلى توقيف الحسن إذا كان موجوداً على الأراضي اللبنانية، والقبض عليه في حال دخوله لبنان وتسليمه إلى الولايات المتحدة الأميركية»، مشيراً إلى أن الحجار «أمر بتعميم هذه البرقية على كافة الأجهزة الأمنية لا سيما جهاز الأمن العام، وطلب توقيفه في حال العثور عليه في لبنان». وتتهم البرقيّة الأميركية اللواء جميل الحسن بـ«ارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية، وتحمّله المسؤولية المباشرة عن إلقاء آلاف الأطنان من البراميل المتفجّرة على الشعب السوري، وقتل آلاف المدنيين الأبرياء بمساعدة مسؤولين عسكريين وأمنيين يجري جمع معلومات حولهم». وقال المرجع القضائي إن هذه البرقية «عُمّمت أيضاً على كلّ الدول المنخرطة في اتفاقية الشرطة الدولية (الإنتربول)، ويُفترض توقيفه في أي مكان يمكن العثور عليه فيه».

وتتجه الأنظار إلى لبنان الذي شكّل ملاذاً لمسؤولين سوريين، بالاستناد إلى معلومات تفيد بأن عدداً من القيادات السياسية والأمنية والعسكرية فرّوا إلى لبنان عند سقوط النظام لتعذر مغادرتهم الأراضي السورية جوّاً أو بحراً، واستحالة توجههم إلى الأردن باعتبار أن المناطق السورية المتاخمة للحدود الأردنية سقطت بيد المعارضة السورية قبل أيام من سقوط دمشق بيد «هيئة تحرير الشام». وانتقل الأسد إلى قاعدة «حميميم» الروسية ومنها إلى موسكو، ونفى مصدر أمني «توفّر معلومات لدى الأجهزة عن وجود مسؤولين أمنيين سوريين في لبنان»، لكنه استطرد قائلاً: «هذا لا يعني عدم فرار مثل هؤلاء إلى الداخل اللبناني من خلال المعابر غير الشرعية والاختباء في أماكن محددة، وربما بحماية جهات لبنانية موالية لنظام بشار الأسد». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك تقديرات بدخول آلاف السوريين إلى لبنان عشيّة سقوط النظام وبعده بطريقة غير شرعية»، مؤكداً أنه «عند القبض على أي مسؤول سوري سابق مطلوب للسلطات السورية الجديدة، سيتمّ إخطار المراجع القضائية بذلك لاتخاذ القرار بشأنه».

وكانت الأجهزة الأمنية اللبنانية ألقت القبض الأسبوع الماضي على عدد من الضباط والجنود التابعين لجيش النظام السوري السابق، وأخضعتهم للتحقيق. وقال المصدر الأمني: «تم القبض على 21 ضابطاً وعنصراً من عداد الفرقة الرابعة التي كان يقودها ماهر (الأسد) مع أسلحتهم، بعد دخولهم خلسة من خلال معابر غير شرعيّة في البقاع وجبل الشيخ، وجرى التحقيق معهم بإشراف النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار»، مؤكداً أن النائب العام التمييزي «أمر بتسليم هؤلاء إلى جهاز الأمن العام اللبناني للعمل على دراسة ملفاتهم وترحيلهم إلى بلادهم». وأفاد المصدر بأن الموقوفين «هم 6 ضبّاط: اثنان برتبة عقيد، ومقدّم، ورائد، ونقيب، وملازم. والباقون بين رتباء وجنود، وجميعهم يتبعون للفرقة الرابعة»، لافتاً إلى أن «ثلاثة عناصر أبدوا استعدادهم للعودة إلى بلادهم وتسوية أوضاعهم، أما الباقون فأعلنوا أنهم لا يرغبون بالعودة بسبب الخطر على حياتهم». وبحسب المصدر، فإن «أحد الضباط كان بحوزته مبلغ 110 آلاف دولار أميركي، وضابط آخر بحوزته 68 ألف دولار، أما الباقون فلديهم مبالغ محدودة».

وفي السياق نفسه، أشار المصدر إلى أن «حاجز الجيش اللبناني الواقع في منطقة المدفون (النقطة الفاصلة ما بين محافظتَي الشمال وجبل لبنان)، أوقف اللواء المتقاعد في الجيش السوري (حكمت.ف.م)، بعد دخوله لبنان خلسة، وكان بحوزته مبلغ مالي يفوق 100 ألف دولار، بالإضافة إلى كمية من الذهب تقدّر بكيلوغرامين، وتبين أنه كان يشغل منصب قائد فرقة درعا في الجيش السوري، كما تم توقيف عدد من الضباط والعناصر التابعين لأجهزة مخابرات سورية داخل بلدات في منطقة عكار (شمال لبنان)، إلّا أنه بعد التحقيق معهم أعطى القضاء العسكري أمراً بالإفراج عنهم، باعتبار أنه لا توجد ملفات أمنية بحقهم في لبنان».