رفض أممي واسع لطلب نتنياهو إبعاد «اليونيفيل» عن الخط الأزرق

غوتيريش طالب بنزع سلاح «حزب الله»… وحذر إسرائيل من «جرائم حرب»

دورية للقوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان (اليونيفيل) في مرجعيون بجنوب لبنان (رويترز)
دورية للقوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان (اليونيفيل) في مرجعيون بجنوب لبنان (رويترز)
TT

رفض أممي واسع لطلب نتنياهو إبعاد «اليونيفيل» عن الخط الأزرق

دورية للقوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان (اليونيفيل) في مرجعيون بجنوب لبنان (رويترز)
دورية للقوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان (اليونيفيل) في مرجعيون بجنوب لبنان (رويترز)

رفض أعضاء مجلس الأمن، خلال جلستين منفصلتين، الاثنين، استهداف إسرائيل للقوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان «اليونيفيل» والدعوات الإسرائيلية إلى تراجُع عناصرها عن الخط الأزرق، مذكرين بأن قوات حفظ السلام منتشرة في جنوب البلاد بموجب القرار 1701، منضمين بذلك إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي كرر مطالبة السلطات اللبنانية بنزع أسلحة كل الميليشيات، بما في ذلك «حزب الله» بموجب القرار 1559.

وعقد المجلس جلستين مغلقتين على وقع اتصالات متوترة لوقف الاعتداءات التي تتعرض لها «اليونيفيل» من الجانب الإسرائيلي، بالإضافة إلى تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي طالب بابتعاد القوات الأممية عن أماكن انتشارها على طول الخط الأزرق.

وقال غوتيريش إن «قوات حفظ السلام التابعة لليونيفيل لا تزال في جميع مواقعها، ولا تزال أعلام الأمم المتحدة ترفرف». وإذ شدد على «ضرورة ضمان سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة وممتلكاتها، واحترام حرمة مباني الأمم المتحدة في جميع الأوقات دون قيد أو شرط»، لاحظ وقوع «حادثة مقلقة للغاية» وهي تمثل «خرق باب مدخل أحد مواقع الأمم المتحدة عمداً بواسطة مركبات مدرعة تابعة للجيش الإسرائيلي». وذكَّر بأن «وجود (اليونيفيل) في جنوب لبنان مفوَّض من مجلس الأمن»، مجدداً «التزام (اليونيفيل) بالحفاظ على قدرتها على دعم الحل الدبلوماسي القائم على القرار 1701، وهو السبيل الوحيد الممكن للمضي قدماً». وحذر من أن الهجمات ضد قوات حفظ السلام تشكل انتهاكاً للقانون الدولي (...) وقد تشكل جريمة حرب.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (د.ب.أ)

وفي تقريره نصف السنوي حول تطبيق القرار 1559، الذي أُعِدَّ قبل اغتيال الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله وغيره من قيادة التنظيم الموالي لايران و«الغزو البري المحدود» من إسرائيل للأراضي اللبنانية، عبَّر غوتيريش عن «قلق عميق» من «الانتهاكات السافرة» لأحكام القرار، ومن تصاعد التوتر على طول الخط الأزرق، ونزوح السكان على طرفي الحدود بسبب النشاطات العسكرية للجيش الإسرائيلي و«حزب الله».

سلاح «حزب الله»

وإذ أشار إلى ازدياد كثافة تبادل إطلاق النار عبر الخط الأزرق والتوغلات البرية للجيش الإسرائيلي، قال: «أشعر بقلق بالغ على سلامة المدنيين على جانبي الخط الأزرق، بمن فيهم موظفو الأمم المتحدة»، مؤكداً أن «احتفاظ (حزب الله) بقدرات عسكرية كبيرة ومتطورة بشكل متزايد خارج سيطرة الحكومة اللبنانية واستخدامه مسألة تثير قلقاً بالغاً». ونبَّه إلى أن «الوجود الواسع النطاق للأسلحة خارج سيطرة الدولة ونشاط كثير من الميليشيات المسلحة اللبنانية وغير اللبنانية يقوضان الأمن والاستقرار في لبنان».

ورأى أن التطورات الميدانية الأخيرة «تبرز الحاجة الملحة إلى تنفيذ جميع أحكام القرار 1559»، مشيراً أيضاً إلى الدعوات الصادرة عن شرائح عدة من السكان اللبنانيين من أجل «التنفيذ الكامل للقرار»، بالإضافة إلى «رفضها حيازة السلاح خارج نطاق سلطة الدولة». وأوضح أن «احتفاظ (حزب الله) بالسلاح لا يزال مسألة مثيرة للانقسام داخل المجتمع اللبناني»، مشجعاً الجهات الفاعلة اللبنانية على «إعادة تنشيط الجهود الرامية إلى إجراء حوار وطني جامع بغية معالجة القضايا العالقة».

ورحب غوتيريش بقرار الحكومة اللبنانية تجنيد أعداد إضافية من الجنود في الجيش اللبناني، ودعا الدولة اللبنانية إلى أن «تواصل تكثيف جهودها لتحقيق احتكارها حيازة السلاح، واستخدام القوة على كل أراضيها»، مطالباً الحكومة والجيش بـ«اتخاذ كل التدابير اللازمة لمنع (حزب الله) والجماعات الأخرى من الحصول على الأسلحة ومن بناء قدرات شبه عسكرية خارج نطاق سلطة الدولة، في انتهاك للقرارين 1559 و1701».

تطبيق اتفاق الطائف

وكرر دعوته إلى كل الأطراف المعنية من أجل «الامتناع عن القيام بأي نشاط عسكري داخل لبنان أو خارجه، وذلك انسجاماً مع متطلبات اتفاق الطائف والقرار 1559»، داعياً كل الأطراف إلى تنفيذ هذا الاتفاق من أجل «تجنب شبح تجدّد المواجهة بين المواطنين اللبنانيين». وإذ شدد على «أهمية زيادة تقديم الدعم الدولي إلى الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية الأخرى التابعة للدولة»، قال: «لا يشكل استمرار مشاركة (حزب الله)، كما يعترف هو نفسه، في النزاع الدائر في الجمهورية العربية السورية انتهاكاً لسياسة النأي بالنفس ولمبادئ إعلان بعبدا لعام 2012 فحسب، بل ينطوي أيضاً على خطر إقحام لبنان في نزاعات إقليمية، وعلى تقويض استقرار لبنان والمنطقة»، مضيفاً أنه «يظل من دواعي القلق أيضاً ما تفيده التقارير من مشاركة (حزب الله) وعناصر لبنانية أخرى في القتال الدائر في أماكن أخرى في المنطقة».

خدمة لبنان

وفي إشارة إلى إيران، قال غوتيريش في تقريره إنه «ينبغي لبلدان المنطقة التي تربطها بـ(حزب الله) علاقات وثيقة أن تشجع على نزع سلاحه وعلى تحوله إلى حزب سياسي مدني صرف، وفقاً لبنود اتفاق الطائف والقرار 1559، وبما يخدم على أفضل وجه مصلحة لبنان ومصلحة السلام والأمن في المنطقة»، منوهاً بأن هناك تقارير تحدثت عن أن الحكومة اللبنانية استعادت موقع «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» العسكري في الناعمة. ولكنه أكد أنه «لا يزال من المهم تنفيذ القرارات المتخذة في إطار الحوار الوطني لعام 2006، وتحديداً القرارات المتعلقة بنزع سلاح الجماعات غير اللبنانية، وتفكيك القواعد التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة وتنظيم فتح الانتفاضة».

انتخاب رئيس

وكرر غوتيريش «التنديد بشدة» بكل الانتهاكات لسيادة لبنان وسلامة أراضيه، وطالب إسرائيل بـ«التقيّد بالتزاماتها بموجب القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما في ذلك سحب قواتها من الجزء الشمالي من قرية غجر ومنطقة محاذية لها شمال الخط الأزرق، وكذلك الكف فوراً عن التحليق بطائراتها في المجال الجوي اللبناني». وأكد أنه «لا يمكن معالجة الأزمة المتعددة الجوانب في لبنان إلا بانتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات، وتنفيذ إصلاحات شاملة بما يلبي حاجات الشعب اللبناني وتطلعاته»، داعياً القادة اللبنانيين إلى «تغليب المصلحة الوطنية والعمل معاً للخروج من المأزق السياسي الذي طال أمده». وناشد النواب اللبنانيين «الاضطلاع بواجبهم الدستوري في انتخاب رئيس جديد دون مزيد من التأخير، في انتخابات رئاسية حرة ونزيهة تُجرى وفقاً للقواعد الدستورية اللبنانية الموضوعة دون تدخُّل أو نفوذ أجنبيين».

وأكد أنه «يجب احترام استقلال القضاء في لبنان»، مجدداً دعوته إلى «إجراء تحقيق سريع ونزيه وشامل وشفاف، بما في ذلك في انفجار مرفأ بيروت، واغتيال لقمان سليم والاشتباكات التي وقعت في الطيونة، بغية إحقاق الحق للضحايا وأسرهم، ومحاسبة الجناة وإعادة ثقة الناس بالقضاء اللبناني».


مقالات ذات صلة

خاص دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)

خاص اتفاق وقف النار على 3 مراحل تبدأ بانسحابات متزامنة

أفادت مصادر بأن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب موافق على الخطوات التي تتخذها إدارة الرئيس جو بايدن لإقرار هدنة من 60 يوماً بين لبنان وإسرائيل.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يعقد مؤتمراً صحافياً في ختام اجتماع وزراء خارجية «مجموعة السبع» في فيوجي بوسط إيطاليا في 26 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

بلينكن: محادثات اتفاق إطلاق النار في لبنان «في مراحلها الأخيرة»

أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الثلاثاء، أنّ الجهود الرامية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان «في مراحلها النهائية».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي عناصر الدفاع المدني يبحثون عن الضحايا تحت أنقاض المبنى المدمر في بيروت (أ.ب) play-circle 00:33

ليلة الرعب البيروتية... الغارات الإسرائيلية تزنّر العاصمة اللبنانية

تحوّلت بيروت إلى هدف أساسي للجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، بعد تحذيرات أطلقها المتحدث باسمه أفيخاي أدرعي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أوروبا وزير خارجية إيطاليا أنطونيو تاياني في مؤتمر صحافي بختام أعمال اجتماع وزراء «مجموعة السبع» في فيوجي الثلاثاء (أ.ف.ب)

«مجموعة السبع» لـ«حل دبلوماسي» في لبنان

أنهى وزراء خارجية «مجموعة السبع» اجتماعها الذي استمر يومين في فيوجي بإيطاليا، وقد بحثوا خلاله القضايا الساخنة في العالم.

«الشرق الأوسط» (روما)

المشهد الأخير لحرب إسرائيل على لبنان: تصعيد لرسم «صورة النصر»

TT

المشهد الأخير لحرب إسرائيل على لبنان: تصعيد لرسم «صورة النصر»

صورة للدخان الناجم عن 20 غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)
صورة للدخان الناجم عن 20 غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

يتسابق كل من «حزب الله» وإسرائيل لرسم صورة الانتصار أمام جمهوره في الساعات الأخيرة للحرب، فيحاول الطرفان تحقيق المكاسب العسكرية والمعنوية أمام جمهوره قبل ساعات من إعلان وقف إطلاق النار المتوقع، ليبقى السؤال؛ لمن ستكون الطلقة الأخيرة في هذه الحرب التي أوقعت آلاف القتلى والجرحى في لبنان ودمّرت آلاف المنازل وهجّرت أكثر من مليون نازح، معظمهم لا يعرف الوجهة التي سيسلكها بعد وقف آلة الحرب؟!

وكانت الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، التي أعلنها الأخير تحت عنوان «إسناد غزة» في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 قد اتخذت منحى تصعيدياً في 23 سبتمبر (أيلول) 2024 بقرار من تل أبيب، لتتوسع وتشمل كل الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، أي بشكل أساسي المناطق المحسوبة على «حزب الله» والطائفة الشيعية، واستمرت بالوتيرة نفسها لمدة أكثر من شهرين، قبل أن يبدأ العمل جدياً على وقف إطلاق النار قبل نحو أسبوعين.

تصعيد متدرج وساعات صعبة على اللبنانيين

ومع بدء ملامح التوافق على الحلّ الذي يرتكز بشكل أساسي على قرار مجلس الأمن 1701، رفع الطرفان راية التصعيد في المشهد الأخير للحرب مستفيدين من الساعات الأخيرة «لتحقيق الإنجازات» العسكرية والسياسية.

ومنذ بدء الحديث عن تقدم في مفاوضات وقف إطلاق النار، شهدت المواجهات تصعيداً غير مسبوق، بحيث ارتكبت إسرائيل مجزرة في منطقة البسطة القريبة من وسط بيروت، صباح السبت، أدت إلى مقتل 29 شخصاً، وكانت المواجهات أكثر حدّة يوم الأحد بإطلاق «حزب الله» أكثر من 300 صاروخ باتجاه مستوطنات الشمال حيث سُجل سقوط جرحى، ووصل منها إلى تل أبيب، معيداً بذلك تفعيل معادلة «تل أبيب مقابل بيروت»، في موازاة الغارات والقصف المتنقل بين الجنوب والبقاع والضاحية التي تعرضت ليلاً لزنار نار عبر استهدافها بأكثر من 11 غارة، ما أدى إلى دمار هائل في المباني.

كذلك، شهدت بلدة الخيام ليلة عنيفة، في استمرارٍ لمحاولة التوغل الإسرائيلية وتفخيخ الجيش للمنازل والأحياء.

وفيما استمر التصعيد يوم الاثنين بارتكاب إسرائيل عدداً من المجازر في البقاع والجنوب، عاش اللبنانيون ساعات صعبة على وقع المعلومات التي تشير إلى تحديد موعد وقف إطلاق النار، وشنّت سلسلة غارات على الضاحية الجنوبية بعد إصدار أوامر إخلاء هي الأكبر من نوعها منذ بداية الحرب ، بحيث طال زنار نار 20 مبنى في الحدث وحارة حريك والغبيري وبرج البراجنة، وقال الجيش الإسرائيلي إنه نفّذ 20 هدفاً إرهابياً خلال 120 ثانية.

 

الدخان يغطي سماء الضاحية الجنوبية لبيروت التي استهدفت الثلاثاء بأكثر من 20 غارة (رويترز)

وفي الجنوب، حيث تدور مواجهات شرسة في محاولة الجيش الإسرائيلي التوغل إلى بلدة الخيام، نشر المتحدث باسمه صوراً لجنود قال إنها عند «نهر الليطاني»، وأشارت المعلومات إلى أن الجنود وصلوا إلى مجرى النهر من دير ميماس، التي دخلوا إليها قبل أيام .

وعلى وقع هذا التصعيد، بدأ الطرفان بترويج فكرة «الانتصار» أمام جمهورهما، فـ«حزب الله» ربط «التقدم في اتصالات وقف إطلاق النار بالصواريخ التي أطلقها السبت على تل أبيب ومستوطنات الشمال»، فيما يقول المسؤولون الإسرائيليون، في «رسالة طمأنة» لسكان الشمال الذين يتخوفون من وجود «حزب الله» على الحدود، إن الدولة العبرية ستتصرف بحزم عند أي خرق، مثل إعادة تسلح الحزب.

 

تحقيق آخر الأهداف لـ«إعلان النصر»

ويربط أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأميركية، الدكتور عماد سلامة، التصعيد العسكري من قبل إسرائيل بالإسراع بتحقيق الأهداف المؤجلة قبل الإعلان عن وقف إطلاق النار، فيما يحاول «حزب الله» عبر إطلاق الصواريخ أن يثبت أن قدراته العسكرية لا تزال قوية وأنه لم يهزم.

ويقول سلامة لـ«الشرق الأوسط»: «في اللحظات الأخيرة قبل وقف إطلاق النار، يسعى كل طرف إلى إعلان النصر كوسيلة أساسية لتسويق التسوية كمكسب، وليس كتنازل أو هزيمة، وهو يهدف إلى تعزيز شرعية الاتفاق أمام القواعد الشعبية والبيئة السياسية لكل طرف، ومحاولة جس النبض المحلي لقياس ردود الفعل وحجم المعارضة المحتملة»، مضيفاً: «هذه الديناميكية تجعل من إعلان النصر أداة تكتيكية لتهيئة الساحة الداخلية والتعامل مع أي تطورات في اللحظات الأخيرة قبل اتخاذ القرار النهائي بشأن وقف الحرب».

من هنا، يرى سلامة أن «هذا الأمر يعكس حاجة كل طرف لتعزيز مواقعه داخلياً ولجم الانتقادات والحفاظ على التأييد السياسي»، موضحاً: «بالنسبة لإسرائيل، يمكنها اعتبار إنجازاتها سبباً لإعلان النصر، حيث حققت أهدافاً عسكرية استراتيجية. منها تدمير البنية التحتية العسكرية لـ(حزب الله)، واغتيال قياداته البارزة، ومنعه من الوجود الفاعل على الحدود مع إسرائيل. كما تمكنت من فصل المسار اللبناني عن القضية الفلسطينية، وإعادة المستوطنين إلى مناطقهم الشمالية بأمان، ما يشير إلى تحقيق كامل أهداف حملتها العسكرية بنجاح. هذا الإعلان يعزز موقف الحكومة الإسرائيلية أمام المعارضة الداخلية ويظهر قوة الردع الإسرائيلية».

أما بالنسبة لـ«حزب الله»، فيقول سلامة: «سيصرّ على أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها، حيث لم تتمكن من تدمير قوته العسكرية بالكامل أو وقف الهجمات الصاروخية والمسيرات. كما سيؤكد الحزب أنه نجح في التصدي لأي توغل إسرائيلي في الجنوب، وأجبر إسرائيل على التراجع دون تحقيق أهدافها السياسية أو العسكرية»، مضيفاً: «بالنسبة لـ(حزب الله)، هذا الإعلان ضروري لترسيخ شرعيته أمام بيئته الحاضنة ومؤيديه، وللردّ على الانتقادات التي قد تطوله نتيجة الخسائر التي تكبدها خلال المواجهة»، ويؤكد: «في النهاية، إعلان النصر لكلا الطرفين يعكس أهمية تأطير الأحداث بما يخدم مواقفهما الداخلية والدولية».

الساعات والأيام الأخيرة لحرب «تموز 2006»

يبدو من الواضح أن سيناريو حرب «تموز 2006» يتكرر اليوم، حيث إنه قبيل أيام وساعات من اتفاق وقف إطلاق النار، صعّدت تل أبيب من عملياتها العسكرية، وأطلقت قبل يومين عملية برية حملت عنوان «تغيير اتجاه 11»، وتوغّل الجيش الإسرائيلي عبر إنزال جوي في بلدة الغندورية بقضاء بنت جبيل مقتحماً وادي الحجير، ومنها إلى منطقة جويا (شرق صور)، ما أدى إلى مواجهة شرسة من قبل «حزب الله». وأشارت المعلومات إلى تدمير الحزب 25 دبابة إسرائيلية، إضافة إلى سقوط عدد من الجرحى في صفوف العسكريين.

كذلك، عمدت إسرائيل إلى رمي القنابل العنقودية قبل انتهاء الحرب بيومين فقط بشكل عشوائي، على أهداف غير محددة، ما حال دون القدرة على الحصول على خرائط دقيقة لإزالتها.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن الطائرات الحربية الإسرائيلية رمت أكثر من 5 ملايين قنبلة، أدت حتى عام 2020 إلى مقتل نحو 58 مواطناً، وجرح نحو 400 آخرين، أصيب كثير منهم بإعاقات وعمليات بتر لأقدامهم، وغالبيتهم فقدوا عيونهم وهم من المزارعين والرعاة.

وفي الساعات الأخيرة لإعلان وقف إطلاق النار، تكثّف القصف الجوي ليشمل بلدات عدة في الجنوب، مستهدفاً مباني وأحياء سكنية، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، فيما أمطرت المقاتلات الحربية الضاحية الجنوبية بوابل من الغارات حيث استهدفت ما يعرف بمجمع الإمام حسن السكني، المؤلف من 8 مبانٍ، بأكثر من 20 غارة خلال أقل من دقيقتين، ما أدى إلى مقتل عائلات بأكملها.

في المقابل، أطلق «حزب الله» صواريخه باتجاه شمال إسرائيل، مستهدفاً عدداً من المستوطنات، منها حيفا وكريات شمونة ومسكاف عام.