إسرائيل تصرُّ على طرد «اليونيفيل» لاحتلال مواقعها الاستراتيجية في جنوب لبنان

واشنطن تحتجُّ على إصابة جنود الأمم المتحدة لكنها لا تعارض إزاحتهم من طريق القوات الغازية

جندي إسرائيلي يسير بجوار مدخل نفق بالقرب من نقطة مراقبة تابعة لقوات «اليونيفيل» بقرية الناقورة في جنوب لبنان على الحدود مع إسرائيل (د.ب.أ)
جندي إسرائيلي يسير بجوار مدخل نفق بالقرب من نقطة مراقبة تابعة لقوات «اليونيفيل» بقرية الناقورة في جنوب لبنان على الحدود مع إسرائيل (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تصرُّ على طرد «اليونيفيل» لاحتلال مواقعها الاستراتيجية في جنوب لبنان

جندي إسرائيلي يسير بجوار مدخل نفق بالقرب من نقطة مراقبة تابعة لقوات «اليونيفيل» بقرية الناقورة في جنوب لبنان على الحدود مع إسرائيل (د.ب.أ)
جندي إسرائيلي يسير بجوار مدخل نفق بالقرب من نقطة مراقبة تابعة لقوات «اليونيفيل» بقرية الناقورة في جنوب لبنان على الحدود مع إسرائيل (د.ب.أ)

التوجه العلني الرسمي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ومطالبته بإخلاء جنود حفظ السلام (اليونيفيل) من الجنوب اللبناني، يؤكد إصرار حكومته على التخلص من هذه القوات لغرض احتلال المواقع الاستراتيجية التي تضع فيها مقراتها.

وقالت مصادر سياسية إسرائيلية إن الإدارة الأميركية تدعم هذا المطلب، لكنها تتحفظ على طرد «اليونيفيل» من مواقعها بالقوة.

وأفادت المصادر بأن الجيش الإسرائيلي الذي يمهد لاجتياح بري جارف في الجنوب اللبناني، يرى في وجود قوات «اليونيفيل» عقبةً أمام تقدمه، وهو لا يكتفي بأن تدخل هذه القوات ثكناتها وتمتنع عن مواجهته، وإنما يريد أن يسيطر على هذه المواقع القائمة على رؤوس الجبال والتلال، ويجعلها مواقع له ليطل من خلالها على جانبي الحدود. كما يريد أن يقيم حزام أمن إسرائيلياً داخل الأراضي اللبناني، على بعد من الحدود، يكون منطقة حرام يُقتل من يدخلها.

وأكدت المصادر أن إسرائيل توجهت إلى قوات «اليونيفيل» في بداية الهجوم الإسرائيلي على لبنان، من خلال العملية التي أطلقت عليها اسم «سهام الشمال»، قبل ثلاثة أسابيع، وطلبت منها إخلاء مواقعها فرفضت. فتوجهت إلى غوتيريش، وهو أيضاً رفض. وقد لجأت إسرائيل عندها إلى استخدام القوة، فدمرت البوابة الرئيسية لموقع «اليونيفيل» في بلدة رامية. وأوقف جنود إسرائيليون حركة لوجيستية تابعة للقوة قرب بلدة ميس الجبل، وأصابت خمسة جنود لـ«اليونيفيل» بجروح واختناقات إثر قصف موقع قريب منهم.

وقد أثار هذا التصرف موجة استنكار في الغرب، وعدَّها غوتيريش «جريمة حرب». واستنكرتها فرنسا والاتحاد الأوروبي. كما أعرب وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن عن «قلق عميق» من نار قوات الجيش الإسرائيلي على مواقع حفظ السلام التابع للأمم المتحدة في لبنان، ولموت جنديين لبنانيين.

وحسب البنتاغون، قال أوستن، خلال محادثة هاتفية مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت، إن بلاده «ترى أهمية ضمان أمن قوات اليونيفيل والقوات المسلحة اللبنانية، وحاجة للانتقال من أعمال عسكرية في لبنان إلى مسار دبلوماسي في أقرب وقت ممكن».

وقد رد عليه غالانت، فقال إن إسرائيل «ستواصل اتخاذ كل الخطوات اللازمة لحماية قوات حفظ السلام المرابطة في جنوب لبنان، رغم التحدي العملياتي بسبب وجود (حزب الله) قرب مواقع اليونيفيل».

آليات لقوات «اليونيفيل» في منطقة مرجعيون عند الحدود الجنوبية (رويترز)

كما أصدر الجيش الإسرائيلي الذي اعترف الجمعة الماضي باعتدائه، بياناً اعترف به بأن عنصري اليونيفيل أُصيبا بنار إسرائيلية في جنوب لبنان، عندما «ردت قواتنا على تهديد».

وأفاد الجيش الإسرائيلي بأنه أمر رجال اليونيفيل بإخلاء مواقعهم والتوجه إلى مناطق محمية والبقاء هناك لساعات قبل الحادثة.

ولكن نتنياهو تعاطى مع الموضوع بشكل مختلف يكشف حقيقة الموقف الإسرائيلي، فقال، في شريط مسجل بالصوت والصورة موجه إلى غوتيريش، إنه «حان الوقت لأن تخرج (اليونيفيل) من معاقل (حزب الله) ومن مجالات القتال. وافعل هذا فوراً». وأضاف: «الجيش الإسرائيلي طلب هذا المرة تلو الأخرى، وواجه الرفض المرة تلو الأخرى، وهذا كله يستهدف إعطاء سور واقٍ بشري لمخربي (حزب الله). رفضك إخلاء جنود (اليونيفيل) يجعلهم رهائن لـ(حزب الله). هذا يعرضهم للخطر ويعرض حياة جنودنا للخطر أيضاً. نحن نتأسف على الإصابة لجنود (اليونيفيل) ونفعل كل ما في وسعنا كي نمنع هذه الإصابة».

وقال السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون إنه يجري التحقيق حالياً في تفاصيل الحادث المتعلق بقوة الأمم المتحدة في لبنان. وأضاف: «إصرار الأمم المتحدة على إبقاء جنود (اليونيفيل) في خطر النار غير مفهوم»، متهماً «حزب الله» اللبناني باستخدام مواقع «اليونيفيل» للاختباء ونصب كمائن فيها.

المعروف أن قوات «اليونيفيل» ترابط في لبنان منذ سنة 1978، بعد العملية الحربية التي عرفت باسم «غزوة الليطاني». وتم تجديد مهامها في سنة 2000، عندما انسحبت إسرائيل من لبنان. وفي سنة 2006، عند صدور قرار مجلس الأمن 1701، تم تجديد مهامها وتوسيع صفوقها لتصبح 10400 موظف يمثلون حوالي 50 دولة. ومهمتها حفظ السلام.

وتتهمها إسرائيل بالخضوع لـ«حزب الله»، ويتهمها الحزب بالخضوع لإسرائيل. ومع أنه لا يوجد سلام تحفظه، يتوقع أن تلعب دوراً في حال التوصل إلى هدنة. وهي تؤدي دور الشاهد على ما يجري من خروق.


مقالات ذات صلة

نتنياهو يمهد لإقالة رئيس أركان الجيش بموجة انتقادات

شؤون إقليمية نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

نتنياهو يمهد لإقالة رئيس أركان الجيش بموجة انتقادات

بعد أن نجح في التخلص من وزير دفاعه، يوآف غالانت، من دون خسائر فادحة، يتجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لإزاحة رئيس أركان الجيش، هيرتسي هاليفي.

نظير مجلي (تل ابيب)
المشرق العربي أرشيفية لمبنى السفارة الإسرائيلية في عمان

مقتل مسلح وإصابة 3 أفراد أمن بإطلاق نار قرب سفارة إسرائيل في عمّان

أعلنت قوات الأمن الأردنية، فجر اليوم (الأحد)، مقتل مسلح بعد فتحه النار على عناصر أمن في منطقة السفارة الإسرائيلية بالعاصمة الأردنية عمان.

«الشرق الأوسط» (عمان)
المشرق العربي عمال إنقاذ ينقلون جثة أحد الضحايا من موقع غارة إسرائيلية استهدفت وسط بيروت (ا.ب)

ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان إلى 3670 قتيلاً

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، أن حصيلة الضحايا جراء الغارات الإسرائيلية المستمرة على مناطق مختلفة في البلاد ارتفعت إلى 3670 قتيلاً، و15413 مصاباً.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية جندي إسرائيلي في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)

أعمال شغب لعشرات المستوطنين ضد عسكريين إسرائيليين في الضفة... واعتقال 5 منهم

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، إن عشرات المستوطنين قاموا بأعمال شغب في مستوطنة إيتمار بالضفة الغربية ضد عسكريين بالجيش الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم أسلحة (أ.ب)

السجن 4 سنوات لأميركي باع أجزاء من أسلحة بشكل غير قانوني لأشخاص في إسرائيل

قالت شبكة «فوكس 32» شيكاغو إن رجلاً من مدينة بالوس هيلز الأميركية حُكم عليه بالسجن لمدة أربع سنوات تقريباً بتهمة شحن أجزاء من أسلحة بشكل غير قانوني

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دموية

جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)
جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)
TT

ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دموية

جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)
جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)

رأى رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن استهداف إسرائيل مركزاً للجيش اللبناني في الجنوب، يمثل رسالة دموية مباشرة برفض مساعي التوصل إلى وقف إطلاق النار.

وأعلنت قيادة الجيش اللبناني، الأحد، «استشهاد أحد العسكريين وإصابة 18 بينهم مصابون بجروح بليغة نتيجة استهداف العدو الإسرائيلي مركز الجيش في العامرية على طريق القليلة - صور، كما تعرّض المركز لأضرار جسيمة».

وكانت «الوكالة الوطنية للإعلام» (الرسمية) أفادت باستهداف حاجز للجيش في العامرية أدى إلى إصابة أكثر من 8 عسكريين، بينهم حالتان حرجتان، مشيرة إلى أن سيارات الإسعاف و«الصليب الأحمر» وكشافة الرسالة للإسعاف الصحي هُرعت إلى المكان، وعملت على نقل الجرحى إلى المستشفيات في صور.

عدوان مباشر

وفي تعليق منه على ما حدث رأى ميقاتي أن «استهداف العدو الإسرائيلي بشكل مباشر مركزاً للجيش في الجنوب وسقوط شهداء وجرحى يمثل رسالة دموية مباشرة برفض كل المساعي والاتصالات الجارية للتوصل إلى وقف النار، وتعزيز حضور الجيش في الجنوب، وتنفيذ القرار الدولي رقم 1701»، مؤكداً أن «هذا العدوان المباشر يضاف إلى سلسلة الاعتداءات المتكررة للجيش وللمدنيين اللبنانيين، وهو أمر برسم المجتمع الدولي الساكت على ما يجري في حق لبنان».

ورأى أن «رسائل العدو الإسرائيلي الرافض لأي حل مستمرة، وكما انقلب على النداء الأميركي - الفرنسي لوقف إطلاق النار في سبتمبر (أيلول) الفائت، ها هو مجدداً يكتب بالدم اللبناني رفضاً وقحاً للحل الذي يجري التداول بشأنه».

وأضاف قائلاً: «إن الحكومة التي عبّرت عن التزامها تطبيق القرار الدولي رقم 1701 وتعزيز حضور الجيش في الجنوب، تدعو دول العالم والمؤسسات الدولية المعنية إلى تحمّل مسؤولياتها في هذا الصدد».

أدى استهداف الجيش في صور جنوب لبنان إلى أضرار جسيمة في المركز والآليات العسكرية (أ.ف.ب)

ويتعرض الجيش اللبناني منذ بدء الحرب على لبنان لاستهدافات إسرائيلية متواصلة؛ ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوفهم، بحيث وصل عدد القتلى إلى 44 عسكرياً، بينهم 19 قُتلوا في مراكز عملهم و25 في منازلهم مع عائلاتهم.

ويأتي ذلك في ظل الحديث الجدي اليوم حول دور الجيش اللبناني في المرحلة المقبلة والوعود التي يطلقها المسؤولون اللبنانيون لناحية تطبيق القرار 1701، وزيادة عدد الجنود والضباط عند الحدود اللبنانية إلى 10 آلاف.

استهداف متكرر

وتضع مصادر أمنية الاستهدافات المتكررة للجيش اللبناني في خانة الرسائل لمنع وجود العسكريين عند الحدود اللبنانية، وهو ما يقوم به الجيش الإسرائيلي مع قوات الـ«يونيفيل» بحيث يريد فرض منطقة آمنة مهجورة ومحروقة.

وينتشر اليوم نحو 4500 عنصر من الجيش في منطقة جنوب الليطاني، كانت مهمتهم بشكل أساسي مراقبة تطبيق القرار 1701 والخروق التي تحصل، وكان قد أعيد انتشارهم بالتراجع ما بين 3 و4 كيلومترات، عند بدء التصعيد الإسرائيلي عبر إعادة تموضعهم في مراكز خلفية محصنة ومجهزة للدفاع إذا ما حدث أي تقدم للجيش الإسرائيلي»، وفق ما يؤكد مصدر أمني.