العراق يرفض توسيع الحرب واستخدام أجوائه لضرب إيران

أنباء عن سعي عراقجي لإيصال رسالة إلى واشنطن عبر بغداد

وزير الخارجية العراقي مستقبلاً نظيره الإيراني في بغداد الأحد (إكس)
وزير الخارجية العراقي مستقبلاً نظيره الإيراني في بغداد الأحد (إكس)
TT

العراق يرفض توسيع الحرب واستخدام أجوائه لضرب إيران

وزير الخارجية العراقي مستقبلاً نظيره الإيراني في بغداد الأحد (إكس)
وزير الخارجية العراقي مستقبلاً نظيره الإيراني في بغداد الأحد (إكس)

حذَّر وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين من اتساع نطاق الحرب التي تخوضها إسرائيل في المنطقة لتشمل إيران، مما «يهدد مصادر الطاقة ويخلق أزمة عالمية».

وقال حسين، في مؤتمر صحافي مع نظيره الإيراني عباس عراقجي، في بغداد، الأحد، إن «الحكومة العراقية ووزارة خارجيتها حذرَتا من توسيع رقعة الحرب، وقلنا إن عدوان الكيان الإسرائيلي على لبنان سيؤدي إلى ولادة حرب أخرى».

وأضاف أن «استمرار الحرب في غزة ولبنان يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة برمتها»، مؤكداً «خطورة استمرار تلك الحرب».

وأعرب حسين عن رفض الحكومة «استغلال الأجواء العراقية بوصفها جزءاً من فضاء الحرب»، مبيناً أنه «ليس لدى الحكومة العراقية قرار بالحرب، وهذا القرار خاضع إلى الدولة بسُلطاتها الثلاث».

وأكد وزير الخارجية العراقي أن «منطقتنا تواجه تحديات خطيرة جداً»، مشيراً إلى أن «المنطقة تعيش في وضع حذِر، وهناك احتمال لتصعيد نزاعات قد تتسع وتؤدي إلى حرب شاملة».

كان وزير الخارجية الإيراني قد أكد، في تصريحات لدى وصوله إلى بغداد، أن بلاده «ستبذل مع الحكومة العراقية قصارى جهدها من أجل إبعاد المنطقة عن شبح الحرب». وقال: «لا نريد الحرب، ولا نريد الاستفزازات، لكننا على استعداد تام لمواجهتها».

وأضاف عراقجي: «سنبذل كل مساعينا، بالتشاور مع الحكومة العراقية، لإبعاد المنطقة عن شبح أي كارثة حربية».

وخلال مؤتمره الصحافي مع نظيره العراقي، قال عراقجي: «إننا مستعدون لأي سيناريوهات، ولا أحد يريد الحرب في منطقتنا غير الكيان الصهيوني».

وأضاف: «إننا نتشاور مع الأصدقاء لوقف العدوان الصهيوني على لبنان وغزة»، مؤكداً أن «المنطقة تواجه تحديات خطيرة، وتمر بمرحلة حساسة، حيث تزداد احتمالات اندلاع اشتباكات وتصاعد التوتر بشكل كبير».

وأوضح أن «إيران لا ترغب في التصعيد أو الحرب، لكنها مستعدة للتعامل مع أي وضعية، سواء أكانت حرباً أم سلاماً»، مؤكداً استعداد بلاده التام لهذه الأوضاع.

رسائل إلى واشنطن

ورأت أوساط سياسية عراقية متابِعة للزيارة القصيرة لوزير الخارجية الإيراني، أن مهمة عراقجي في بغداد تقتصر على «حمل رسائل بين بلاده والولايات المتحدة الأميركية عبر الدبلوماسية العراقية».

ومن جانبه، قال سبهان الملا جياد، مستشار رئيس الوزراء العراقي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن زيارة وزير الخارجية الإيراني «جاءت لاستطلاع الموقف العراقي والتنسيق المشترك في صياغة الحلول السياسية الممكنة في المرحلة القادمة». وأكد أن «تحرك العراق ملحوظ من ناحية الجهود الدبلوماسية لتحشيد الموقف الدولي المعارض لاتساع رقعة الحرب، وذلك بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية وإيران». وأوضح جياد أن «وزير الخارجية العراق اسمع نظيره الإيراني أن العراق يحرص على إيقاف هذه الحرب وعدم استعداد العراق للانجرار ليكون طرفاً في الحرب، حيث أعرب العراق عن رفضه لاستخدام الأجواء العراقية للاعتداء على الدول المجاورة".

وكانت قد سبقت زيارة الوزير الإيراني إلى بغداد تسريبات بأن الهدف من زيارته هو ضبط إيقاع الفصائل العراقية المسلّحة التي ترتبط بإيران بما يسمى «وحدة الساحات»، والتي تواصل ضرب أهداف داخل إسرائيل، رغم نفيها مقتل جنديين إسرائيليين على أثر ضربة من بغداد.

وكان المتحدث باسم «الخارجية» الإيرانية، إسماعيل بقائي، قد كتب، في منشور على منصة «إكس»، أثناء وصول عراقجي إلى العاصمة العراقية بغداد، أنه «استمراراً لمشاورات وزير الشؤون الخارجية الدكتور عراقجي مع الدول الإسلامية بشأن الوضع المتأزم في المنطقة نتيجة الإبادة الجماعية واعتداءات الكيان الإسرائيلي في غزة ولبنان، وصلنا إلى بغداد».

في مقابل ذلك، أفاد مصدر عراقي وكالات الأنباء بأن زيارة عراقجي لبغداد تأتي لبحث تطورات الأوضاع الأمنية بالمنطقة، وتأكيد عدم توسعة دائرة الحرب.

وفي حين زار عراقجي، قبيل زيارته إلى العراق، المملكة العربية السعودية وقطر، فإنه سيتوجه بعد بغداد إلى العاصمة العمانية مسقط لمواصلة مشاوراته الإقليمية التي بدأها الأسبوع الماضي.

عراقجي يُطلع ويطّلع

من جهته، أكد المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، أن زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى بغداد مهمة في هذه المرحلة. وأضاف، في تصريحات صحافية، الأحد، أنه «لأهمية العراق الجيوسياسية، ودوره الفاعل في أزمتيْ غزة ولبنان، تأتي زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى بغداد ليُطلع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على آخر تفاصيل المباحثات التي أجرتها إيران إقليمياً ودولياً، خلال الأسبوعين الماضيين، ومسار الأحداث المتوقعة خلال المرحلة المقبلة».

وأضاف العوادي أن عراقجي «سيستمع بدوره أيضاً من رئيس الوزراء إلى جهود العراق واتصالاته بسياق الأزمة نفسها»، مشيراً إلى أن «الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، ووزير خارجيته عراقجي، لديهما حراك مكثَّف ولقاءات واتصالات مكثفة جداً مع دول المنطقة والعالم؛ خصوصاً بعد أحداث لبنان والضربات الإيرانية للكيان الصهيوني».

وأكد العوادي أن «الحكومة العراقية لن تتخلى عن أداء مسؤوليتها الخارجية في الجانب المتعلق بقضايا العالمين العربي والإسلامي، حيث يؤمن العراق بالسلام والعدل والحقوق المتكافئة للشعوب، ويرفض منطق العدوان والحرب».

وتابع أن «العراق مارَسَ، ولا يزال، الدور الفاعل بنزع فتيل الأزمات، ويمارس، اليوم، دوره بدعم الشعبين الفلسطيني واللبناني، والوقوف إلى جانب وقف إطلاق النار، والركون إلى تسويات عادلة، وانطلاقاً من قِيمه والتزاماته وطبيعة شعبه، فالعراق كان، وما زال وسيبقى، سنداً للشعوب في الأزمات، وستبقى جهود الحكومة متواصلة وفاعلة على مستوى اتصالات رئيس الوزراء بزعماء وقادة العالم، أو لقاءاته الداخلية، أو كل ما تقتضيه الحاجة أو تفرضه الظروف لاحقاً».

الفصائل تواصل

وفي وقت كانت تحط فيه طائرة رئيس الدبلوماسية الإيرانية في بغداد، كانت الفصائل العراقية المسلَّحة تواصل توجيه ضرباتها إلى إسرائيل، رغم الموقف المعلَن للحكومة العراقية الرافض لأي تصعيد في المنطقة.

وفي هجوم هو الثاني من نوعه خلال ساعات، أعلنت الفصائل المسلَّحة في العراق، الأحد، ضرب «هدف حيوي» لإسرائيل، في الجولان.

وذكر بيان صادر عن «المقاومة الإسلامية في العراق» أن مجاهديها هاجموا لـ«المرة الثانية خلال اليوم، هدفاً حيوياً في الجولان المحتل، بواسطة الطيران المسيّر».


مقالات ذات صلة

البغداديون يستنشقون روائح كريهة ليلاً... وحالات تسمم في ديالى

المشرق العربي التلوث يغلف سماء بغداد (واع)

البغداديون يستنشقون روائح كريهة ليلاً... وحالات تسمم في ديالى

رئيس الوزراء العراقي يشكل لجنة خاصة للتحقيق في أسباب التلوث الذي تشهده العاصمة بغداد.

المشرق العربي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الإيراني عباس عراقجي في بغداد (رويترز)

العراق يرفض أي «توسيع للحرب» باتجاه إيران وأي «استغلال لأجوائه»

أكّد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، الأحد، رفض بغداد أي «استمرار للحرب وتوسيعها باتجاه» إيران، وأي «استغلال للأجواء العراقية كممرّ».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (رويترز)

عراقجي: لا نعترف بخطوط حمراء... وأميركا تعرِّض حياة جنودها للخطر

قال وزير الخارجية الإيراني إن طهران «ليست لديها خطوط حمراء» عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن شعبها ومصالحها، مع ترقُّب الرد الإسرائيلي على الهجوم الصاروخي الإيراني.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
المشرق العربي طائرة من سلاح الجو العراقي خلال إحدى المهمات ضد تنظيم «داعش» (أرشيفية - واع)

العراق: إنزالات جوية على مواقع لـ«داعش»

أعلن جهاز مكافحة الإرهاب في العراق عن تنفيذ عمليات إنزال جوي في عدة مناطق في البلاد وإلقاء القبض على 3 «إرهابيين».

حمزة مصطفى (بغداد)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (إ.ب.أ)

عراقجي إلى بغداد والقاهرة حاملاً رسالة «مكتوبة»

من المقرر أن يسافر وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الأحد، إلى العاصمة العراقية بغداد، قبل أن يتوجه خلال الأيام المقبلة إلى القاهرة برسالة مكتوبة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«لم يكن أمامي خيار سوى البقاء والولادة هنا»... لبنانية تضع طفلتها وسط الصراع

طفل خديج في حاضنة بمستشفى طراد في بيروت (رويترز)
طفل خديج في حاضنة بمستشفى طراد في بيروت (رويترز)
TT

«لم يكن أمامي خيار سوى البقاء والولادة هنا»... لبنانية تضع طفلتها وسط الصراع

طفل خديج في حاضنة بمستشفى طراد في بيروت (رويترز)
طفل خديج في حاضنة بمستشفى طراد في بيروت (رويترز)

كانت اللبنانية تهاني ياسين في الأشهر الثلاثة الأخيرة من حملها عندما اختارت العودة إلى مسقط رأسها في العاصمة بيروت لتلد طفلتها.

ورغم أنها كانت تعيش في غينيا الاستوائية مع زوجها وأطفالها الثلاثة، فإن ثقتها في نظام الرعاية الصحية في لبنان كانت أكبر.

ولكن بعد أيام قليلة من وصولها إلى بيروت، بدأت تهاني تشعر بالندم على قرارها. فقد كثّفت إسرائيل حملتها العسكرية في لبنان، مستهدفة معاقل جماعة «حزب الله» في الجنوب وسهل البقاع في الشرق والضاحية الجنوبية لبيروت، بالقرب من منزلها، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

ورغم أن منطقتها لم تتعرض لقصف مباشر، فإن الضربات كانت قريبة منها على نحو يثير الانزعاج، كما بدأت تهاني تشعر بالخوف بسبب صوت الطائرات الحربية الإسرائيلية التي تخترق حاجز الصوت وتحلق على ارتفاع منخفض.

وبسبب حرصها على سلامة طفلتها، التي لم تكن قد وُلدت بعد، انتقلت تهاني (36 عاماً) إلى شقة بالقرب من المستشفى الذي كان من المقرر أن تضع فيه مولودتها.

طبيب التوليد وأمراض النساء نيكولا بعقليني يتحدث مع تهاني ياسين بعد أن أنجبت مؤخراً في مستشفى طراد في بيروت (رويترز)

وقالت لـ«رويترز»، بعد ساعات من الولادة في مستشفى طراد، بوسط بيروت، في 10 أكتوبر (تشرين الأول): «أخبرني أطبائي بأنني في مرحلة متقدمة للغاية من حملي، ولا أستطيع السفر. لم يكن أمامي خيار سوى البقاء والولادة هنا».

وبينما كانت مستلقية على سريرها في المستشفى بجانب طفلتها المولودة حديثاً، أبدت تهاني ارتياحها لأنها وطفلتها بصحة جيدة، وهي تجربة مختلفة للغاية بالنسبة لعدد كبير من الأمهات الحبليات، في ظل الصراع المتصاعد في لبنان.

ويقول الدكتور نيكولا بعقليني، إخصائي أمراض النساء والتوليد في بيروت، إنه لاحظ زيادة في حالات الولادة المبكرة ووفيات الأجنة منذ بدء الأعمال القتالية العام الماضي.

وقال بعقليني (61 عاماً)، الذي يملك عيادة خاصة، ويعمل أيضاً في عدة مستشفيات في بيروت: «عدد وفيات الأجنة الذين ماتوا في أرحام أمهاتهم زاد أكثر، وهو أمر صادم».

وأضاف: «هناك كثير من التشوهات، وما يثير الدهشة هو أن كثيراً من زملائي لاحظوا الشيء ذاته. عندما... تكون هناك حالتا وفاة لجنينين داخل الرحم في عام واحد، ثم فجأة يرتفع الرقم إلى نحو 15 في غضون شهرين، فهذا يشير إلى أن هناك خطأ ما».

فرار الأمهات

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، في نداء عاجل، نشره في أكتوبر الحالي، إن هناك نحو 11600 امرأة حبلى في لبنان، وتوقع أن تضع نحو 4 آلاف منهن أطفالهن خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.

ونزح عدد كبير منهن وسط معاناة من عدم توفر المأوى والتغذية والتدابير الصحية المناسبة. وأصبح حصول الأم على رعاية آمنة قبل الولادة وبعدها، فضلاً عن رعاية الطفل، من الأمور التي في غاية الصعوبة.

وذكرت الحكومة اللبنانية أن الحملة الإسرائيلية أجبرت نحو 1.2 مليون شخص على النزوح من منازلهم منذ تصاعد الحرب في أواخر سبتمبر (أيلول).

واندلع الصراع بين إسرائيل ومقاتلي «حزب الله» قبل عام عندما بدأت الجماعة المدعومة من إيران في إطلاق صواريخ على شمال إسرائيل دعماً لحركة «حماس» في بداية حرب غزة.

طفل خديج في حاضنة بمستشفى طراد في بيروت (رويترز)

وفي وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة في مستشفى طراد، شوهد بعقليني وهو يداعب قدمي طفلة رضيعة في إحدى الحاضنات. ووُلدت تلك الطفلة وشقيقها التوأم قبل الموعد المقرر لأم اضطرت إلى إخلاء منزلها في جنوب بيروت بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية.

ويعتقد بعقليني أن الانقباضات المبكرة التي شعرت بها الأم سببها عدة عوامل، منها الضغوط الناجمة عن القصف واضطرارها إلى الفرار.

وقال إن جميع أسرّة العناية المركزة مشغولة، وعزا ذلك إلى زيادة القصف.

وقال بعقليني: «ليس الذعر هو ما يدفع الأمهات إلى الولادة. بل الجري والسقوط والتعرض لصدمة في البطن هو ما يؤدي إلى الانقباضات، ما يؤدي إلى الولادة المبكرة».