إسرائيل تطالب «اليونيفيل» بالابتعاد 5 كيلومترات داخل حدود لبنان

واشنطن تركز على «خريطة طريق» لتجريد «حزب الله» من السلاح وبسط سلطة الدولة

المندوبان الفرنسي نيكولا دو ريفيير والبريطانية باربرا وودوارد مع نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة روبرت وود خلال جلسة لمجلس الأمن (صور الأمم المتحدة)
المندوبان الفرنسي نيكولا دو ريفيير والبريطانية باربرا وودوارد مع نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة روبرت وود خلال جلسة لمجلس الأمن (صور الأمم المتحدة)
TT

إسرائيل تطالب «اليونيفيل» بالابتعاد 5 كيلومترات داخل حدود لبنان

المندوبان الفرنسي نيكولا دو ريفيير والبريطانية باربرا وودوارد مع نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة روبرت وود خلال جلسة لمجلس الأمن (صور الأمم المتحدة)
المندوبان الفرنسي نيكولا دو ريفيير والبريطانية باربرا وودوارد مع نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة روبرت وود خلال جلسة لمجلس الأمن (صور الأمم المتحدة)

طالبت إسرائيل القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان «اليونيفيل» بـ«الابتعاد» خمسة كيلومترات، شمال الخط الأزرق؛ لتجنب الأخطار الناجمة عن القتال مع «حزب الله» في جنوب لبنان، في حين رسمت الولايات المتحدة ملامح «خريطة طريق» لنزع سلاح التنظيم المدعوم من إيران، ومنع إيران من إعادة تسليحه، وبسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، وفقاً لقرارات مجلس الأمن.

وجاءت هذه المطالبة الإسرائيلية، خلال جلسة عقدها مجلس الأمن، مساء الخميس، بطلب من فرنسا، واستمع خلالها إلى إحاطة من وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو، التي حذّرت من أن «الصراع المدمر في لبنان، إلى جانب الضربات المكثفة في سوريا، والعنف المستعر في غزة والضفة الغربية المحتلة، يشير إلى منطقة تتأرجح بشكل خطير على شفا حرب شاملة».

وأكدت أنه «يجب على (حزب الله) والجماعات المسلحة غير الحكومية الأخرى التوقف عن إطلاق الصواريخ والقذائف على إسرائيل»، مطالِبة الأخيرة بـ«وقف قصفها للبنان، وسحب قواتها البرية منه». وشددت على أنه «يتعين على الأطراف التزام العودة إلى وقف الأعمال العدائية، والتنفيذ الكامل لقراريْ مجلس الأمن 1559 و1701».

علم الأمم المتحدة يرفرف على الجزء الخلفي من إحدى المركبات المدرعة التابعة للقوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان (يونيفيل) خلال دورية في مرجعيون بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

وأكدت ديكارلو أنه «يتعين على الدولة اللبنانية أن تسيطر على كل الأسلحة داخل أراضيها»، داعية الزعماء السياسيين في لبنان إلى «اتخاذ خطوات حازمة نحو معالجة الفراغ» الرئاسي. وحضّت على «بذل كل جهد ممكن لعكس هذه الدورة من العنف، وإعادة لبنان وإسرائيل - والمنطقة - من شفا الكارثة».

وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو خلال إحاطتها عن لبنان في مجلس الأمن (صور الأمم المتحدة)

وتبعها وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام جان بيار - لاكروا، الذي قال إن الوضع الراهن يُعرّض قوات حفظ السلام لـ«خطر شديد». وإذ أشار إلى الاستهداف الإسرائيلي لقوات حفظ السلام، وإصابة اثنين من عناصرها، الخميس، أكد أن «سلامة قوات حفظ السلام وأمنها معرَّضان للخطر بشكل متزايد، الآن».

«وقف النار فوراً»

من جهته، أكد المندوب الفرنسي الدائم لدى الأمم المتحدة، نيكولا دو ريفيير، أن «الوضع في لبنان خطير جداً»، وعدَّ أن «الوقت حان لخفض التصعيد»، والتوصل إلى «وقف إطلاق نار فوري ودائم في لبنان». وأشار إلى استضافة فرنسا مؤتمراً وزارياً في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي من أجل «المبادرة إلى ثلاثة أهداف على الصعيد السياسي. إن الهدف هو إعادة إطلاق الجهود الرامية للتوصل إلى حل دبلوماسي يستند إلى القرار 1701، ويتضمن البعد الإنساني هدف تعبئة المجتمع الدولي لتلبية حاجات الحماية والطوارئ للشعب اللبناني. وأخيراً وليس آخراً، ولضمان سيادة لبنان، نريد زيادة الدعم للمؤسسات اللبنانية، وخاصة القوات المسلّحة اللبنانية».

وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام جان بيار - لاكروا متحدثاً في مجلس الأمن (صور الأمم المتحدة)

وتحدَّث نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، روبرت وود، الذي عَدَّ أنه «لكي يكون الحل الدبلوماسي مستداماً، يتعين على الأطراف أن تنفذ بالكامل القرار 1701 الذي يطالب (حزب الله) بالانسحاب من منطقة الحدود، ونشر القوات المسلّحة اللبنانية في الجنوب»، بالإضافة إلى «فرض حظر الأسلحة، واتخاذ الخطوات اللازمة للمساعدة في ضمان عدم عودة إيران إلى إمداد ما تبقّى من وكلائها الإرهابيين بالأسلحة».

تكاليف باهظة

ورأى أن الحل «يتطلب أيضاً أن يضع الزعماء السياسيون في لبنان خلافاتهم جانباً ويشكلوا حكومة تستجيب لحاجات الشعب اللبناني»، مؤكداً أن «الحل لهذه الأزمة ليس في لبنان الضعيف، بل في لبنان القوي والسيادي الحقيقي المحميّ بقوة أمنية شرعية».

وطالب المجتمع الدولي بـ«التنديد بإيران؛ لتقويضها سيادة لبنان»، وبـ«حزب الله؛ لمهاجمته إسرائيل». وشدد على أنه «يتعين علينا أن نكون مستعدين لفرض تكاليف باهظة على إيران؛ لانتهاكها قرارات هذا المجلس».

الصين وروسيا

وعبَّر المندوب الصيني فو تسونغ عن «القلق البالغ» لبلاده من «التصعيد الخطير»، واستهداف قوات «اليونيفيل»، مؤكداً أن «الشرق الأوسط لا يستطيع أن يتحمل حرباً شاملة». وأضاف: «لا بد أن يكون التوصل إلى وقف إطلاق النار أولوية قصوى». وطالب إسرائيل بـ«التخلي عن هوس استخدام القوة (...) والتوقف عن انتهاك سيادة لبنان وسلامة أراضيه، وإنهاء سلوكها المغامر الذي قد يجرّ المنطقة إلى كارثة جديدة».

وعرض المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا، العمليات العسكرية الإسرائيلية على كل الأراضي اللبنانية، وطالب بـ«التنفيذ الكامل والشامل للقرار 1701، الذي يحدد التزامات إسرائيل.

ويتلخص هذا الالتزام في وقف جميع العمليات العسكرية الهجومية، وسحب قواتها المسلّحة من جنوب لبنان، ووقف احتلال الأراضي اللبنانية. كما يتضمن القرار التزامات على (حزب الله) بسحب فِرقه من شمال لبنان إلى شمال نهر الليطاني». وأكد أن بلاده «ستواصل بذل الجهود الدبلوماسية لتهدئة الموقف ومنع سيناريو كارثي للشرق الأوسط بأكمله».

موقف لبنان

وأكد القائم بأعمال المندوب اللبناني، هادي هاشم، أن «القرار 1701، الذي يتمسك به لبنان بالكامل، هو الحلّ الأمثل»، مجدداً «التزام لبنان بالمبادرة الأميركية الفرنسية المدعومة من دول عربية شقيقة وأخرى صديقة، والداعية إلى وقف فوري لإطلاق النار لمدة 21 يوماً، يتم خلالها معالجة المسائل الحدودية العالقة، والتي تبلغنا موافقة إسرائيل عليها قبل أن تعود وتتنصل منها، وتُصعّد عدوانها».

وأكد أيضاً أن «لبنان مستعدّ للحل الدبلوماسي وجاهز لتسهيل مهمة الوسيطين الأميركي والفرنسي»، وعَدَّ أن الجانب الإسرائيلي «مخطئ في محاولته كسر القرار 1701، بخلق واقع عسكري جديد على الأرض يؤمِّن له حلولاً غير عادلة».

ما تريده إسرائيل

المندوب الإسرائيلي داني دانون (رويترز)

وقال المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، إن الجنود الإسرائيليين في الميدان «سيعملون على إضعاف قدرات (حزب الله)، وإزالة قدرته على شن هجمات ضد شعبنا، وتقليص شبكة الإرهاب التي تمتد عبر جنوب لبنان»، وعَدَّ أن «هناك طريقاً واحداً فقط للسلام في إسرائيل ولبنان: يجب أن يكون دون (حزب الله)، ويجب تنفيذ قرار مجلس الأمن لعام 2006 الذي أنهى آخِر حرب بين إسرائيل و(حزب الله) بالكامل. ويدعو البند الرئيسي في القرار إلى نزع سلاح جميع الجماعات المسلَّحة، بما في ذلك (حزب الله)، ونشر الجيش اللبناني وسيطرته على الجنوب بأكمله». كذلك قال إن إسرائيل توصي بابتعاد قوات «اليونيفيل» خمسة كيلومترات شمالاً في أسرع وقت ممكن»؛ من أجل «تجنب الخطر مع تصاعد القتال».


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يعلن قصف قاعدة عسكرية إسرائيلية قريبة من حيفا

المشرق العربي إطلاق مقذوفات من جنوب لبنان باتجاه إسرائيل كما شوهدت من مكان غير معلن في الجليل شمال إسرائيل (إ.ب.أ)

«حزب الله» يعلن قصف قاعدة عسكرية إسرائيلية قريبة من حيفا

أعلن «حزب الله» اللبناني اليوم (السبت) أنه قصف قاعدة عسكرية إسرائيلية قريبة من حيفا «بصلية من الصواريخ».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدفاع المدني اللبناني يواصل أمس (الجمعة) البحث عن ناجين من الغارة الإسرائيلية على بناية في البسطة ببيروت مساء الخيمس (الشرق الأوسط)

«انسداد دبلوماسي» ينذر بحرب طويلة في لبنان

ينذر الانسداد الدبلوماسي بأن الحرب الإسرائيلية على لبنان ستكون طويلة؛ إذ أكد رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي أن جيشه لن يتوقف، في حين قال «حزب الله» إن…

«الشرق الأوسط» (عواصم)
شؤون إقليمية القادة الأوروبيون التسعة مجتمعون في باريس بمشاركة العاهل الأردني عبد الله الثاني ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين حيث الحرب في غزة ولبنان على طاولة المحادثات الجمعة (أ.ف.ب)

طموحات محدودة لمؤتمر دعم لبنان في باريس

طموحات محدودة لمؤتمر دعم لبنان في باريس، ومصادر دبلوماسية ترى أن تراجع واشنطن عن مبادرتها المشتركة مع فرنسا لوقف النار يضعف رسالة المؤتمر.

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت يزور قاعدة نيفاتيم الجوية الأحد (د.ب.أ)

إسرائيل تنوي ضرب مواقع سرية «لا تتخيلها إيران»

تقلصت الخلافات والفجوات بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية حول الأهداف التي سيتم ضربها في إيران.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي جندي لبناني يجلس خلف سلاحه على قمة ناقلة جند مدرعة في موقع غارة جوية إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

قتيلان و3 جرحى من الجيش اللبناني باستهداف إسرائيلي لأحد مراكزه

أعلن الجيش اللبناني اليوم (الجمعة)، مقتل اثنين من جنوده في استهداف إسرائيلي لأحد مراكزه في جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

حرب الانبعاث أم حرب القيامة؟

الدخان يتصاعد عقب غارات إسرائيلية على بيروت يوم الخميس (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد عقب غارات إسرائيلية على بيروت يوم الخميس (أ.ف.ب)
TT

حرب الانبعاث أم حرب القيامة؟

الدخان يتصاعد عقب غارات إسرائيلية على بيروت يوم الخميس (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد عقب غارات إسرائيلية على بيروت يوم الخميس (أ.ف.ب)

أخطأ العرب الذين ترجموا تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حول نيته تغيير اسم الحرب الحالية من «السيوف الحديدية»، إلى «حرب هتكوما». لكن الخطأ يمكنه أن يجعل التسمية الخاطئة صحيحة، من دون أن يقصد الإسرائيليون ذلك.

فقد استخدم نتنياهو كلمة «تكوما» العبرية، وهي تعني بالعربية «انبعاث» وتعني أيضاً «قيامة». لكنه قصد منها «الانبعاث»؛ لأنه كان يتحدث في مستهل جلسة حكومته عن الإنجازات التي حققها جيشه في الحرب على غزة بشكل عام (تدمير 90 في المائة من قوة «حماس» العسكرية)، وفي لبنان بشكل خاص (الاختراق الأمني الكبير والاغتيالات التي طالت نحو 500 شخصية قيادية بارزة، بلغت أوجها باغتيال حسن نصر الله، الأمين العام لـ«حزب الله»، وغالبية قيادات الصف الأول الأخرى). وما أراد قوله إنه في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، فشلت إسرائيل في صد هجوم «حماس»، ولكنها في 7 أكتوبر التالي، يمكن القول إنها نهضت من جديد وردت على الهجوم. فإذا كان هناك من تخيل أن إسرائيل انهارت، فإنها انبعثت من جديد.

وقد عبر عن ذلك قائلاً: «هذه هي حرب الانبعاث لضمان عدم تكرار السابع من أكتوبر. هذه حرب من أجل وجودنا. فعلى عكس ما حدث في أثناء الهولوكوست، لقد انتفضنا ضد أعدائنا لخوض حرب شرسة».

والقيامة هي العكس والنقيض للانبعاث؛ لأنها في المفهوم الديني تعني آخر أيام الكون، «يوم القيامة». وكما هو معروف، فإن الكثيرين من الخبراء، وبينهم إسرائيليون أيضاً، يحذرون من أنه في حال استمرار القيادات الإسرائيلية في سياسة التفوق العرقي والعجرفة والتكبر والاعتقاد بأنهم قادرون على كل شيء، وإذا لم يعرفوا ويقتنعوا بأن هناك حدوداً لمفهوم القوة، فإن الحرب ستنتهي بكارثة قومية على إسرائيل. فيكون فعلاً يوم القيامة.

جنود إسرائيليون في الجليل الأعلى قرب الحدود مع لبنان يوم الخميس (أ.ف.ب)

إلا أن هذا النقاش حول تسمية الحرب جاء ضمن الحرب الخفية التي تدور وتستعر بين نتنياهو وقيادة الجيش وبقية الأجهزة الأمنية. فالجيش هو الذي اختار تسمية الحرب على غزة باسم «السيوف الحديدية»، وقصد بذلك أن الرد الإسرائيلي على هجوم «حماس» سيكون بالسيوف الحديدية التي تقطع الرؤوس؛ أي شرسة ووحشية. وهي كانت كذلك فعلاً. ومثل هذه الوحشية لم تعرف في حروب سابقة في العصر الحديث، لكن نتنياهو أراد أن يظهر أن هجوم «حماس» أمسك بإسرائيل في لحظة ضعف وانهيار، بسبب إخفاقات الجيش، وأنه بقيادته القوية يوقف إسرائيل على أقدامها، ينهضها، ويعيد إليها الانبعاث. وكان الكثير من نشطاء اليمين قد سخروا في حينه من تسمية الجيش للحرب، وتهكموا عليهم قائلين: «يجب تسمية الحرب بسيقان دجاجة».

ولكن اللافت في هذه المعركة إلى الأسماء ما يحتويها من إشارات بشأن طريقة إطلاق التسميات على الحروب والعمليات الحربية. فهذه التسميات متنوعة، لكنها تستند لشيء؛ قسم منها سياسي، مثل حرب 1948، التي تسمى في إسرائيل حرب الاستقلال. أو «حرب الأيام الستة» في 1967؛ لأنها هزمت الجيوش العربية بستة أيام، أو حرب «يوم الغفران»؛ كونها وقعت في يوم الغفران، وهو يوم صوم وتسبيح وتسامح. أو حرب لبنان الأولى سنة 1982، التي سُميت «سلامة الجليل».

أسلحة وذخائر قال الجيش الإسرائيلي إنه صادرها خلال عملياته في جنوب لبنان يوم الأربعاء (رويترز)

لكن هناك تسميات تستند إلى مفاهيم دينية من التوراة أو التاريخ اليهودي. حتى الحرب على غزة، لها تفسير ديني ليس رائجاً بشكل واسع في الشارع، لكنه منتشر في المجتمع الديني فيقول إن «السيوف الحديدية» (حرفوت برزيل)، تساوي كلمة «راحيل» من حيث التناسب الرقمي. ففي اللغة العبرية يتم تحويل الأحرف إلى أرقام. «برزيل» تساوي الرقم 239 و«راحيل» تساوي الرقم 238، فإذا أضيف إليها اسم الله تصبح 239. وراحيل هو اسم قديسة يهودية، ضريحها مشهور على مدخل مدينة بيت لحم الفلسطينية. وهي معروفة كأم رحوم. وفي أحد الاجتياحات لقطاع غزة، سنة 2014، روى جنود يهود متدينون أنهم شاهدوها تطل عليهم من غزة وسط زنار نور بهيج، وتباركهم وتبشرهم بالانتصار دائماً على غزة. ولذلك يشكرون الجيش الذي اختار هذا الاسم للحرب.

وقد شهدت تسميات الجيش الإسرائيلي بشكل عام اعتماداً غير قليل على التعابير والمفاهيم الدينية. بحسب بحث أجرته د. داليا جبرئيلي نوري في جامعة «بار إيلان» قرب تل أبيب، فإنه من مجموع 81 عملية حربية قامت بها إسرائيل ضد جيرانها العرب، استند الثلث إلى التوراة، والثلث إلى الطبيعة، والثلث إلى السياسة. الاعتماد على الطبيعة كان يهدف إلى إعطاء طابع إيجابي لعملية وحشية جداً، مثل اسم عملية «ربيع الشباب» الذي أعطى للهجوم الذي نفذته قوة الكوماندوز بقيادة إيهود باراك على 13 موقعاً في بيروت سنة 1973، والتي تم فيها اغتيال كمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف النجار.

وفي اعتماد السياسة، اختير اسم «الرصاص المصبوب»، للإشارة إلى أن إسرائيل صامدة في وجه الانتقادات الدولية كالرصاص.

وفي اعتماد الأسس الدينية يذكر اسم «عامود عنان»، التعبير الذي يشير إلى أن الله رافق اليهود في خروجهم من مصر بعامود نور في السماء.

وكان لافتاً أن حركة «حماس»، بالذات، انتهجت تسميات مشابهة في عملياتها، تلك التي بادرت إليها هي بنفسها أو التي بادرت إليها إسرائيل. فقد أطلقت على هجومها في 7 أكتوبر «طوفان الأقصى». والعملية التي أسمتها إسرائيل «الرصاص المصبوب»، سنة 2008، أسمتها حركة «حماس» باسمها «حرب الفرقان». وعملية «عمود عنان» في 2012 ضد غزة، أسمتها الحركة «حجارة السجيل»، في إشارة لحجارة سجيل التي سقطت على أبرهة الحبشي وجيشه الذي جاء ليهدم الكعبة، والتي ذُكرت في القرآن في سورة «الفيل». وعملية «الجرف الصامد» الإسرائيلية ضد غزة، في 2014 أسمتها الحركة «العصف المأكول»، أيضاً من سورة «الفيل». وعملية «حارس الأسوار»، في 2021، أطلقت عليها «حماس» اسم «سيف القدس».