«ورقة تفاهمات» أميركية توقف الحرب وتعيد الاعتبار للدولة اللبنانية

عناصرها: نزع سلاح «حزب الله» وانتخاب رئيس للجمهورية

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

«ورقة تفاهمات» أميركية توقف الحرب وتعيد الاعتبار للدولة اللبنانية

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

كشف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن إدارة الرئيس جو بايدن شرعت في محادثات دبلوماسية مع المسؤولين في بيروت، وأصحاب المصلحة الإقليميين والدوليين؛ من أجل مساعدة الدولة اللبنانية على بسط سلطتها على أراضيها، وتطبيق قراريْ مجلس الأمن 1559 و1701 اللذين ينصّان على نزع أسلحة الميليشيات، ومنع انتشار المسلّحين والأسلحة غير التابعين للدولة في منطقة عمليات القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان «اليونيفيل». وعلمت «الشرق الأوسط» أن كبير الدبلوماسيين الأميركيين، وغيره من المسؤولين المعنيين بملف لبنان في إدارة بايدن، وبينهم خصوصاً المنسق الخاص للبيت الأبيض للبنية التحتية العالمية وأمن الطاقة آموس هوكستين، والمبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بريت ماكغورك، ومساعِدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف، شرعوا في إعداد «ورقة تفاهمات» جديدة تحدد العناصر المطلوبة لوقف الحرب بين إسرائيل و«حزب الله». وشملت اتصالات بلينكن لبنانياً رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، في حين اتصل هوكستين بمساعد لرئيس مجلس النواب نبيه بري، وماكغورك بوزير الخارجية عبد الله بوحبيب. وشملت الاتصالات مسؤولين لبنانيين آخرين. وتركز هذه التفاهمات على إعادة فرض السلطات اللبنانية الرسمية هيبتها على كل الأراضي اللبنانية، ونزع سلاح «حزب الله» وغيره من الميليشيات المسلّحة، استناداً إلى القرار 1559، ومنع انتشار أي سلاح في منطقة عمليات «اليونيفيل» بين الخط الأزرق ونهر الليطاني، طبقاً للقرار 1701.

وتُشدد التفاهمات، في الوقت نفسه، على تقوية مؤسسات الدولة اللبنانية، بما في ذلك إنهاء الشغور الرئاسي المستمر منذ سنتين، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية بالتوافق. ولم يكشف الدبلوماسيون الأميركيون أسماء المسؤولين الإسرائيليين، الذين يجري التواصل معهم لهذه الغاية، علماً بأن الرئيس جو بايدن أثار موضوع لبنان و«حزب الله»، خلال اتصاله الأخير مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ولم تنتقل المحادثات حتى الآن إلى مرحلة تحديد الأولويات، علماً بأن الجانب الأميركي يركز على عودة سكان جنوب لبنان، وكذلك شمال إسرائيل إلى مُدنهم وبلداتهم وقراهم.

المشكلة مع إيران

وكان بلينكن يتحدث مع الصحافيين، على هامش اجتماعات رابطة دول جنوب شرق آسيا «آسيان» في فينتيان، لاوس، إذ أفاد بأن المجموعة ناقشت النزاع في الشرق الأوسط، مضيفاً أن الولايات المتحدة «تُواصل الانخراط بشكل مكثف» لمنع اتساع رقعة الحرب في المنطقة، بالتركيز على «إعادة جميع الرهائن إلى ديارهم، وتقديم المساعدة لسكان غزة (...) وإنهاء الصراع، والتوصل إلى حل دبلوماسي في لبنان». وكرر «دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد إيران ووكلائها الإرهابيين، وإيجاد مسار لوقف دائرة العنف والتحرك نحو شرق أوسط أكثر تكاملاً وازدهاراً».

ورداً على سؤال، أكد بلينكن أن إدارة الرئيس جو بايدن تعمل لـ«محاولة منع الصراع في غزة (...) من الانتقال إلى أماكن أخرى وجبهات أخرى (...) سواء فيما يتصل بلبنان، أو فيما يتصل بإسرائيل وإيران، أو الحوثيين، أو الجهات الفاعلة المختلفة». لكن «المؤسف أننا نواجه ما يسمى محور المقاومة الذي تقوده إيران، والذي يسعى إلى إنشاء جبهات أخرى في أماكن مختلفة». وأضاف: «نحن نعمل بجدٍّ من خلال الردع والدبلوماسية لمنع حدوث ذلك».

وفي كلامه عن لبنان، قال بلينكن إن «أحد التحديات الرئيسية التي شهدناها هو حقيقة أن (حزب الله) استولى فعلاً على عدد من وظائف الدولة، وخاصة التمسك بسلاحه»، مضيفاً أن «هذا ما ينبغي ألا تكون عليه الحال». وذكر أن إسرائيل خرجت من لبنان عام 2000، وكان جزءاً من ذلك «التوصل إلى تفاهمات مهمة في قراريْ مجلس الأمن 1701 و1559، والتي كان من شأنها أن تضمن عدم وجود قوات على الحدود - وبالتأكيد ليس قوات غير نظامية مثل (حزب الله) - وجهات فاعلة غير حكومية يُفترض نزع سلاحها». وأشار إلى أن ذلك «لم يحدث، وظل (حزب الله) يشكل تهديداً مستمراً لإسرائيل».

وإذ أعاد إلى الأذهان هجوم «حماس» ضد إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وقيام «حزب الله» بمحاولة فتح جبهة أخرى في اليوم التالي، أوضح أن التصعيد أدى إلى إرغام نحو 70 ألف إسرائيلي على مغادرة منازلهم، مقابل اضطرار عشرات آلاف اللبنانيين إلى مغادرة منازلهم أيضاً. وعَدَّ أن «لدى إسرائيل مصلحة واضحة ومشروعة» في «خلق بيئة حيث يمكن للناس العودة إلى ديارهم، والعيش هناك بأمان وسلامة». كذلك شدد على أن «لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها ضد الهجمات الإرهابية من (حزب الله)، و(حماس)، وأي طرف آخر».

القرار للبنانيين

وفي ما يتعلق بمستقبل لبنان، قال كبير الدبلوماسيين الأميركيين إن «الأمر يعود إلى الشعب اللبناني، وليس لأي طرف آخر، وليس لأي طرف خارجي، سواء أكانت الولايات المتحدة أم إسرائيل أم أياً من الأطراف الأخرى في المنطقة». بَيْد أنه رأى أن «الشعب اللبناني لديه مصلحة قوية في أن تفرض الدولة نفسها وتتحمل المسؤولية عن البلاد ومستقبلها»، مذكّراً بأن «منصب الرئاسة ظلّ شاغراً لمدة عامين حتى الآن. وبالنسبة للشعب اللبناني، فإن وجود رئيس للدولة سيكون أمراً بالغ الأهمية». واستدرك أن «هذا الأمر يعود إلى اللبنانيين وحدهم، ولا أحد غيرهم»، موضحاً أنه «انخرط في محادثات مع بلدان في مختلف أنحاء المنطقة ومع اللبنانيين أنفسهم». واستنتج على أثرها أن «هناك رغبة قوية؛ ليس فقط من جانب عدد من البلدان التي تشعر بالقلق إزاء لبنان، بل أيضاً من جانب اللبنانيين أنفسهم في رؤية الدولة تقف على قدميها وتثبت حضورها وتتحمل المسؤولية عن حياة مواطنيها»، بما في ذلك عبر ملء الشغور الرئاسي. وشدد على أن هذه «جبهة»، على اللبنانيين أن يقرروا فيها مستقبلهم، معلناً أن «الولايات المتحدة وكثيراً من البلدان الأخرى تريد المساعدة. قدَّمنا ​​ما يقرب من 160 مليون دولار مساعدات إنسانية إضافية لمحاولة مساعدة كثير من النازحين، وكثير من النازحين من الطائفة الشيعية»؛ من أجل «تلبية حاجاتهم». كذلك قال: «كنا لفترة طويلة من المؤيدين للمؤسسة الوحيدة التي توحد كل اللبنانيين تقريباً، وهي القوات المسلحة اللبنانية - والكثير من البلدان الأخرى أيضاً». وكرر أن «تلك القرارات تخص الشعب اللبناني».


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يعلن شن هجوم بمسيرات على قاعدة أسدود البحرية للمرة الأولى

المشرق العربي ضابط شرطة يسير في مكان سقوط المقذوف بعد أن أبلغ الجيش الإسرائيلي عن وابل من المقذوفات التي تعبر إلى إسرائيل من لبنان في معالوت ترشيحا، شمال إسرائيل (رويترز)

«حزب الله» يعلن شن هجوم بمسيرات على قاعدة أسدود البحرية للمرة الأولى

أعلن «حزب الله» اللبناني، في بيان اليوم الأحد، أنه شن هجوما بطائرات مسيرة على قاعدة أسدود البحرية في جنوب إسرائيل للمرة الأولى.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عمال إنقاذ ينقلون جثة أحد الضحايا من موقع غارة إسرائيلية استهدفت وسط بيروت (ا.ب)

ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان إلى 3670 قتيلاً

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، أن حصيلة الضحايا جراء الغارات الإسرائيلية المستمرة على مناطق مختلفة في البلاد ارتفعت إلى 3670 قتيلاً، و15413 مصاباً.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

كرر وزير الدفاع الأميركي، السبت، التزام بلاده التوصل إلى حل دبلوماسي في لبنان، وذلك خلال اتصال مع نظيره الإسرائيلي الذي أكد تواصل التحرك «بحزم» ضد «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا بعد قصف إسرائيلي على مدينة بعلبك في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

لبنان: مقتل 24 وإصابة 45 في غارات إسرائيلية على بعلبك الهرمل

أفادت وزارة الصحة اللبنانية اليوم (السبت)، بأن الغارات الإسرائيلية على بعلبك الهرمل اليوم، قتلت 24 وأصابت 45 آخرين في حصيلة غير نهائية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)

الجيش الإسرائيلي يهاجم أهدافاً في البقاع... ويطالب سكان قرى جنوبية بإخلائها

أحد أفراد الدفاع المدني يسير بين أنقاض موقع دمرته غارة إسرائيلية ببيروت (رويترز)
أحد أفراد الدفاع المدني يسير بين أنقاض موقع دمرته غارة إسرائيلية ببيروت (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يهاجم أهدافاً في البقاع... ويطالب سكان قرى جنوبية بإخلائها

أحد أفراد الدفاع المدني يسير بين أنقاض موقع دمرته غارة إسرائيلية ببيروت (رويترز)
أحد أفراد الدفاع المدني يسير بين أنقاض موقع دمرته غارة إسرائيلية ببيروت (رويترز)

قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إن الجيش هاجم بنى عسكرية مجاورة لمعبر جوسية الحدودي شمال البقاع، التي قال إن «حزب الله» اللبناني يستخدمها في نقل الأسلحة.

ودعا الجيش الإسرائيلي السلطات السورية واللبنانية إلى «العمل لمنع استخدام المعابر المدنية لأغراض إرهابية».

وأضاف المتحدث باسم «حزب الله» أنه يستغل المعابر المدنية، ومن ضمنها معبر جوسية، لنقل الأسلحة التي يعود مصدرها إلى إيران عبر سوريا؛ حيث يتم استخدام هذه الوسائل القتالية ضد إسرائيل وقوات الجيش الإسرائيلي العاملة في لبنان.

وطالب الجيش الإسرائيلي في بيان، اليوم (الأحد)، سكان 5 بلدات في جنوب لبنان بإخلائها تمهيداً لقصفها، محذراً السكان من التوجه جنوباً. والبلدات الخمس هي: زوطر الشرقية وزوطر الغربية وأرنون ويحمر والقصيبة.

وقال الجيش الإسرائيلي: «عليكم إخلاء منازلكم فوراً والانتقال إلى شمال نهر الأولي. لضمان سلامتكم، يجب عليكم الإخلاء دون تأخير. كل من يوجد بالقرب من عناصر (حزب الله) أو منشآته أو أسلحته يعرض حياته للخطر».

كما قال الجيش الإسرائيلي في بيان منفصل إن صفارات الإنذارات دوت في وسط البلاد بسبب صواريخ أُطلِقت من لبنان.

وأضاف الجيش أنه رصد 6 قذائف عبرت من لبنان إلى الأراضي الإسرائيلية، وقال إن قواته الجوية اعترضت 5 صواريخ منها، وسقط الأخير في منطقة مفتوحة.

وقصفت القوات الإسرائيلية ليلاً أطراف الماري، قرب حاجز الجيش، بالقذائف الفوسفورية، بالتزامن مع تنفيذ غارات على مدينة الخيام، وتفخيخ المنازل وتفجيرها، بعد تدمير مسجد طيرحرفا، بحسب ما أوردته «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية، الأحد.

وطالت الغارات كفرشوبا، الخيام، النبطية حي الراهبات، النبطية الفوقا وبين النميرية والشرقية، ما أدى إلى مقتل 3 أشخاص، ونفذت غارة من مسيرة على دوحة كفررمان، وفقاً لوكالة الأنباء اللبنانية الرسمية.

كما قصفت المدفعية الإسرائيلية صباح اليوم بلدات يحمر الشقيف، الجبل الأحمر بين حاروف وشوكين وزبدين، وأغارت على أرنون وكفرتبنيت وحرش علي الطاهر ومحيط قلعة الشقيف، مجرى اللليطاني بين زوطر وديرسريان، وبين شوكين وميفدون، وأطراف كفرصير، بالإضافة إلى شنها 3 غارات على عين قانا في إقليم التفاح.

وقالت الوكالة اللبنانية: «أغار الطيران المعادي على طريق الخردلي، مما أدى إلى قطع الطريق بين النبطية ومرجعيون، بعدما كان الجيش وقوات (اليونيفيل) قد فتحاه أول من أمس، إثر غارة عليه».