«لا عدالة لطلاب لبنان»... المدارس الخاصة «أونلاين» أو حضوري والرسمية للإيواء

التلاميذ خائفون أو نازحون... «لجان الأهل» لـ«الشرق الأوسط»: التأجيل الحل الأفضل

أطفال نازحون يرسمون في مدرسة توفر لهم مأوى مؤقتاً وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» وإسرائيل في بيروت (رويترز)
أطفال نازحون يرسمون في مدرسة توفر لهم مأوى مؤقتاً وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» وإسرائيل في بيروت (رويترز)
TT

«لا عدالة لطلاب لبنان»... المدارس الخاصة «أونلاين» أو حضوري والرسمية للإيواء

أطفال نازحون يرسمون في مدرسة توفر لهم مأوى مؤقتاً وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» وإسرائيل في بيروت (رويترز)
أطفال نازحون يرسمون في مدرسة توفر لهم مأوى مؤقتاً وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» وإسرائيل في بيروت (رويترز)

تحاول جودي، الطالبة اللبنانية، المتفوقة، في الصف الثالث الثانوي، جاهدة التركيز على صفوفها المدرسية عبر «الأونلاين» وسط «طنين» طائرات الاستطلاعات الإسرائيلية، وأصوات انفجارات الغارات الإسرائيلية، وأصداء جدار الصوت الذي يضرب بين الفينة والأخرى.

وتتساءل جودي في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «كيف سأركز وسط كل هذا الخوف والقلق؟»، بعدما أطلقت مدرستها الخاصة الكائنة في منطقة الجميرة، عامها الدراسي عن بُعد، الأسبوع الماضي.

40 في المائة من الطلاب نزحوا

وانعكس التصعيد العسكري الخطير في لبنان، على مستقبل آلاف الطلاب، وبات قرابة نصف تلاميذ لبنان البالغ عددهم 1.25 مليون في كل مدارس لبنان من الحضانة إلى الصف الثالث الثانوي، نازحين، بحسب المدير العام لوزارة التربية والتعليم عماد الأشقر، الذي لفت إلى أن 40 في المائة منهم تم تهجيرهم.

والأحد، أجاز وزير التربية والتعليم في لبنان، عباس الحلبي، للمدارس الخاصة التعليم عن بُعد وفق إمكاناتها المتاحة، عاداً أن «قرار التدريس الحضوريّ يكون على كامل مسؤولية من قرّره».

وتُعبّر جودي التي تسكن في منطقة آمنة في العاصمة بيروت، لكنها تسمع كل أصوات القصف على الضاحية الجنوبية، عن قلقها من الحرب عامة، لكن أيضاً يؤرقها الخوف على أصدقائها الموجودين في أماكن غير آمنة، ويربكها قرار المدرسة بالعودة إلى التعليم الحضوري، وتسأل باستهجان «كيف ستعود؟ نحن في حرب!».

وفتحت بعض المدارس الخاصة التي تعد في أماكن آمنة أبوابها لاستقبال الطلاب أو تتحضر لإطلاق التعليم الحضوري الأسبوع المقبل، في حين ما زالت بعض المدارس الأخرى تعتمد التعليم عن بُعد.

أما المدارس الرسمية فأصبحت غالبيتها مراكز إيواء للنازحين. وأعلن الحلبي، تحديد بدء التعليم في المدارس والثانويات والمهنيات الرسمية في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، أو عن بُعد أو مدمجاً على أن يتم التسجيل إلكترونياً».

طفل نازح يستلقي على فرشة في مدرسة توفر مأوى مؤقتاً للأسر (رويترز)

إلزامية الحضوري على مسؤولية الأهل

وتلجأ بعض المدارس الخاصة إلى إلزام الأهالي بتوقيع إبراء للمدرسة، ورفعاً للمسؤولية عنها للسماح لأولادهم الحضور إلى صفوفهم وإدخالهم المدرسة، وفي هذا المجال، أعلن اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة بلبنان، في بيان، الخميس، أنه يدعو جميع الأهالي إلى رفض تحمل أي مسؤولية، وأن يرفضوا التوقيع على أي كتاب أو أي تعهد أو مستند من أي نوع كان، حتّى لو كان صادراً عن أي جهة رسمية في خصوص فتح المدارس أمام التعليم الحضوري.

وتؤكد رئيسة اتحاد لجان الأهل في المدارس الخاصة، لما الطويل، لـ«الشرق الأوسط»: «نرفض تحميل الأهل أي مسؤولية بقرار العودة وهذا القرار تتحمله الوزارة وإدارات المدارس والحكومة»، وتقول: «يجب على الأهل لعب الدور في حماية أولادهم».

40 في المائة من طلاب لبنان نزحوا (رويترز)

لوجيستياً الـ«أونلاين» تجربة فاشلة

أما عن انطلاق العام الدراسي في المدارس الخاصة، فتوضح لما الطويل أن «هناك نسبة كبيرة من الطلاب لوجيستياً ليس لديهم الأجهزة المطلوبة لمتابعة التعليم عن بُعد، وهناك عدد كبير منهم نازحون».

وتسأل: «هل الإنترنت متوفر دائماً، وهل الطلاب عوضوا الفقد التعليمي الذي حصل في وقت كورونا؟ نحن نعلم كم كانت فاشلة تجربة التعليم «أونلاين»، وهل المدارس التي تدعو إلى التعليم أونلاين ستقوم بخفض أقساطها المدرسية؟».

وخاض طلاب لبنان تجربة التعلم عن بُعد إبان جائحة كورونا، ويجمع الأهالي والأساتذة على أن التجربة لم تكن على المستوى المطلوب وتسببت بتراجع المستوى التعليمي للطلاب.

أطفال نازحون يلعبون في مدرسة توفر لهم مأوى مؤقتاً (رويترز)

التأجيل الحل الأفضل

وتشرح لما الطويل أن «التأجيل مطلوب لحين أن تنجلي الرؤية أو أقله إلى 4 نوفمبر أسوة بالمدارس الرسمية»، موضحة أن العام الدراسي في لبنان 150 يوماً، ما يعادل 5 أشهر في السنة «والتأجيل يحتاج لقرار تتخذه الحكومة وليس وزارة التربية».

وتقول: «الحل، كان بوضع خطة شاملة آمنة ليصل التعليم إلى جميع الطلاب حسب ظروفهم، فهناك قسم من الطلاب ممكن أن يكون بمناطق آمنة ويستطيع الذهاب إلى المدرسة، وهناك قسم آخر لديه الأدوات والإمكانات للمتابعة «أونلاين»، وهناك قسم ثالث موجود بمراكز الإيواء وليس لديه لا إنترنت ولا وسيلة اتصال وهؤلاء ممكن أن تجرى لهم أنشطة تعليمية».

أما عن سبب إلحاح المدارس الخاصة ببدء العام الدراسي وسط الحرب، وعما إذا كان السبب دفع الرواتب للأساتذة، تقول لما الطويل إن «المدارس الخاصة استوفت التسجيل بطريقة غير قانونية واستوفت القسط الأول، ولديها مؤونة تكفيها لرواتب الأساتذة حتى شهر يناير (كانون الثاني)، أما الإلحاح فسببه أن بعض المدارس بدأت بالمطالبة بالقسط الثاني رغم منع الوزير لكنهم لم يلتزموا».

وتضيف: «إذا كان هناك خوف على رواتب الأساتذة لتتحملها الدولة هذه الفترة. الدولة يجب أن تلعب دوراً، وهي متنصلة من كامل المسؤولية».

505 مدارس مشغولة بالإيواء

المشهد مختلف تماماً لطلاب المدارس الرسمية وأساتذتها، ويوضح رئيس رابطة التعليم الأساسي في المدارس الرسمية، حسين جواد لـ«الشرق الأوسط»، أنه في لبنان 936 مدرسة رسمية ابتدائية، منها 505 مدارس مشغولة بالإيواء، في حين أكثر من 330 مدرسة مغلقة بفعل الحرب في الجنوب والنبطية والبقاع وبعلبك والضاحية.

ويقول جواد: «كنا نتمنى من وزارة التربية تعليق العام الدراسي لمدة شهرين لحين أن نتجلى الأمور، وبهذا الوقت نضع خطة تمكننا من الوصول إلى كل الطلاب لنتمكن من تعليمهم».

ويشرح أن التعليم الرسمي اليوم أمام مشكلة، إذ لا توجد إمكانية للتعليم الحضوري إلا بعدد محدود من المدارس لا يتجاوز الـ120 مدرسة بحده الأقصى، في حين أن طلاب المدارس الرسمية النازحين عددهم أكثر من 125 ألفاً، وحتى الآن لم تحدد وزارة التربية أماكنهم.

وكان وزير الاتصالات اللبناني، جوني القرم، قد صرح بأنه سيعمل على تأمين الإنترنت لطلاب المدارس والأساتذة الذين يبلغ عددهم نحو 330 ألف تلميذ وأستاذ، بطلب من وزارة التربية، لكن جواد يتساءل: «ما الوسائل التي سيستخدمها الطالب النازح في التعليم عن بُعد، وهو ما زال يبحث عن فرشة وغطاء ليتمكن من النوم، كيف له أن يتابع دراسته أونلاين؟».

من أجل العدالة بين الطلاب

ويؤكد أنه «من أجل العدالة بين الطلاب كان يجب أن يتوقف التعليم الخاص، وألا يعطى طلاب مناهج كاملة في حين يترك آخرون لمصيرهم»، ويضيف: «فتح المدارس الخاصة بهذا الوقت غير أخلاقي، وهو فقط من أجل تحصيل الأقساط المدرسية».

أما عن الحل، فيتفق جواد مع لما الطويل بأن الأنسب هو «تعليق العام الدراسي لمدة شهرين أو لحين أن تنجلي الرؤية».

تجربة الحرب الأهلية

ويذكر أنه خلال الحرب الأهلية في لبنان عام 1975 درس الطلاب خلال سنة واحدة سنتين دراسيتين، حيث خصصت المدارس لكل عام دراسي مدة أربعة أشهر.

كما يؤكد أن الحلول موجودة عندما تتوقف الحرب، والأساتذة لا يمانعون التعليم في فصل الصيف أو اختصار العطل، ويختم بالقول: «نحتاج إلى القليل من التضامن بين فئات الشعب».


مقالات ذات صلة

فرنسا تطلب توضيحات من إسرائيل بعد استهداف قوات اليونيفيل في لبنان

أوروبا فرنسا تنتظر توضيحات من السلطات الإسرائيلية بعد استهداف قوات حفظ السلام (اليونيفيل) في لبنان (أ.ف.ب)

فرنسا تطلب توضيحات من إسرائيل بعد استهداف قوات اليونيفيل في لبنان

قالت فرنسا اليوم (الخميس) إنها تنتظر توضيحات من إسرائيل بشأن استهداف قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)،وإن ضمان سلامة قوات اليونيفيل يمثل التزاماً.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا أحد أفراد الشرطة العسكرية الروسية في الجولان السوري المحتل (أرشيفية - أ.ف.ب)

تراجع «تكتيكي» لموسكو في سوريا وتبدل أولوياتها

أثارت الانسحابات العسكرية الروسية من نقاط مراقبة قرب خطوط التماس مع الجولان السوري التساؤلات حول التموضع الروسي في إطار المواجهة المتفاقمة في لبنان.

رائد جبر (موسكو)
المشرق العربي قوة مشتركة من «اليونيفيل» والجيش اللبناني في الناقورة قرب الحدود الإسرائيلية (أرشيفية - أ.ف.ب)

اجتماع للدول الأوروبية المشارِكة بـ«اليونيفيل» بعد استهداف إسرائيلي لبعثتها

تقرّر الاجتماع، خلال اتصال هاتفي، بين وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو، ووزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم العربي صورة لمنطقة الناقورة جنوب لبنان (إ.ب.أ)

«حزب الله» يستهدف جنوداً إسرائيليين جنوب لبنان

أعلن «حزب الله» اللبناني في 3 بيانات منفصلة أن عناصره استهدفوا بالصواريخ، الخميس، تجمعات لجنود إسرائيليين بمحيط جبانة بلدة يارون جنوب لبنان، وفي مستوطنة يرؤون.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنود عسكريون على متن آلية عسكرية في منطقة حدودية قريبة مع لبنان (إ.ب.أ)

«حزب الله» يحاول استعادة الردع بقصف فرق انتشال المصابين والمدن الإسرائيلية

أطلق أوسع مروحة من الصواريخ باتجاه المدن الإسرائيلية المأهولة رداً على استهدافات القرى الجنوبية والضاحية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

إسرائيل تريد نقل قوات «يونيفيل» لـ5 كيلومترات شمالاً

جنود إسرائيليون على متن مركبة عسكرية في شمال إسرائيل، بالقرب من الحدود مع لبنان 10 أكتوبر2024 (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون على متن مركبة عسكرية في شمال إسرائيل، بالقرب من الحدود مع لبنان 10 أكتوبر2024 (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تريد نقل قوات «يونيفيل» لـ5 كيلومترات شمالاً

جنود إسرائيليون على متن مركبة عسكرية في شمال إسرائيل، بالقرب من الحدود مع لبنان 10 أكتوبر2024 (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون على متن مركبة عسكرية في شمال إسرائيل، بالقرب من الحدود مع لبنان 10 أكتوبر2024 (إ.ب.أ)

قال داني دانون، مبعوث إسرائيل لدى الأمم المتحدة، الخميس، إن إسرائيل توصي بنقل قوات «يونيفيل» في لبنان لمسافة 5 كيلومترات شمالاً «لتجنّب الخطر مع تصاعد القتال».

وأضاف دانون، في بيان، أن إسرائيل تُركز على قتال «حزب الله»، وستواصل الحوار والتنسيق مع قوات حفظ السلام في جنوب لبنان (يونيفيل)، وفقاً لوكالة «رويترز».

وتابع: «إسرائيل لا ترغب في أن تكون موجودة في لبنان، لكنها ستفعل ما يلزم لإبعاد (حزب الله) عن حدودها الشمالية» وحتى يتمكن 70 ألف من السكان من العودة إلى منازلهم في شمال إسرائيل.

وأوضحت «يونيفيل»، في بيان، الخميس، أن القوات الإسرائيلية أطلقت النار «عمداً» على 3 نقاط لها، خلال يومي الأربعاء والخميس، ما تسبّب في جرح جنديين.

وانتشرت قوات الأمم المتحدة في جنوب لبنان في العام 1978، بعد العملية العسكرية الإسرائيلية في لبنان خلال العام 1978 على خلفية المواجهات بين إسرائيل وفصائل فلسطينية مسلحة كانت متمركزة في جنوب لبنان. ويتمّ تجديد مهامها منذ ذلك الوقت بتصويت دوري في مجلس الأمن.

وجرى تعديل مهامها وتوسيعها على مرّ السنين، لا سيما بعد الاجتياح الإسرائيلي في العام 1982، ثم انسحاب إسرائيل في العام 2000، وبعد حرب العام 2006 بين «حزب الله» وإسرائيل.

وأعلنت إسرائيل منتصف الشهر الماضي نقل «الثقل العسكري» إلى الجبهة الشمالية. وبدأت منذ 23 سبتمبر (أيلول) تكثيف غاراتها الجوية، خصوصاً في مناطق تعدّ معاقل لـ«حزب الله» في الجنوب والشرق والضاحية الجنوبية لبيروت.

وأعلنت إسرائيل أنها بدأت في 30 سبتمبر (أيلول)، عمليات «برية محدودة وموضعية ومحددة الهدف» في جنوب لبنان، تستهدف «بنى تحتية» عائدة لـ«حزب الله».