بتحديها الحرب... شركة «طيران الشرق الأوسط» مصدر فخر اللبنانيين

طائرة تابعة لشركة «طيران الشرق الأوسط» اللبنانية تقلع من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت وسط أعمال عدائية مستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية كما شوهدت من سن الفيل لبنان 7 أكتوبر 2024 (رويترز)
طائرة تابعة لشركة «طيران الشرق الأوسط» اللبنانية تقلع من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت وسط أعمال عدائية مستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية كما شوهدت من سن الفيل لبنان 7 أكتوبر 2024 (رويترز)
TT

بتحديها الحرب... شركة «طيران الشرق الأوسط» مصدر فخر اللبنانيين

طائرة تابعة لشركة «طيران الشرق الأوسط» اللبنانية تقلع من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت وسط أعمال عدائية مستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية كما شوهدت من سن الفيل لبنان 7 أكتوبر 2024 (رويترز)
طائرة تابعة لشركة «طيران الشرق الأوسط» اللبنانية تقلع من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت وسط أعمال عدائية مستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية كما شوهدت من سن الفيل لبنان 7 أكتوبر 2024 (رويترز)

على حسابها على «إنستغرام»، نشرت تناز آغا صورة التقطتها من نافذة طائرة أقلعت بها من بيروت بعد وقوع غارات جوية مدمّرة قرب المطار، وأرفقتها بتعليق «فخورة بطيران الشرق الأوسط» التي تواصل تسيير رحلات من وإلى العاصمة اللبنانية رغم القصف الإسرائيلي اليومي المتواصل منذ أكثر من أسبوعين.

منذ بدء التصعيد الأخير في المواجهة بين «حزب الله» وإسرائيل في 23 سبتمبر (أيلول)، والذي يتمثّل خصوصاً بغارات جوية إسرائيلية عنيفة على مناطق عدة في لبنان أبرزها الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل «حزب الله»، التي يقع مطار رفيق الحريري الدولي على تخومها، ألغت كلّ شركات الطيران الأجنبية رحلاتها من وإلى بيروت. وبقيت شركة «طيران الشرق الأوسط» الوطنية الناقل الجوي الوحيد الذي يربط مطار بيروت، وهو المطار الوحيد في البلد الصغير، بالعالم.

وتصل وتقلع إلى ومن المطار أيضاً طائرات عسكرية تقلّ مساعدات إنسانية أو تنقل رعايا أجانب إلى خارج لبنان، حسب تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وتقول آغا (46 عاماً) التي سافرت في يوم اغتيال إسرائيل الأمين العام لجماعة «حزب الله» حسن نصر الله في سلسلة غارات في حارة حريك في 27 سبتمبر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» عبر الهاتف «كنت على الجسر المؤدي إلى المطار عندما دوّت الانفجارات، كانت تجربة مروعة للغاية».

وتضيف أنها وصلت «مرعوبة» إلى قاعة المغادرة. هناك، وجدت موظفين «اعتنوا بنا وببعضهم البعض»، رغم «أننا كنا نراهم في الوقت نفسه يتلقّون اتصالات من عائلاتهم وعيونهم اغرورقت بالدموع»، على حدّ قولها.

طائرة تابعة لشركة «طيران الشرق الأوسط» اللبنانية تقلع من مطار بيروت الدولي في 6 أكتوبر 2024 وسط تصاعد الدخان من المواقع القريبة التي استهدفتها الغارات الجوية الإسرائيلية طوال الليل في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية (أ.ف.ب)

وأقلعت طائرتها المتجهة إلى قبرص في موعدها. من نافذة الطائرة، كانت أعمدة الدخان المتصاعدة من حارة حريك ومحيطها ظاهرة.

وتوضح آغا التي عملت منسّقة معارض فنية وتدير مؤسسة عائلية أنها أرادت من الصورة التي نشرتها وبدت فيها الأرزة التي تمثّل شعار شركة الطيران، على مقدمة جناح الطائرة، أن تقول كم كانت «فخورة بالسفر على متن (طيران الشرق الأوسط)، فخورة بكوني لبنانية قادرة على السفر على متن خطوط طيران بلدي في زمن الحرب، مع علمي بأنهم سيعتنون بنا وينقلوننا إلى برّ الأمان».

وتتابع «وكنت أعلم أيضاً أن الطائرة ذاتها ستعود أدراجها في غضون ساعات مع الطاقم إلى منطقة تشهد حرباً».

على غرار آغا، نشر مسافرون خلال الأيام الماضية صوراً من داخل الطائرات أثناء هبوطها وإقلاعها، بعد أو قبل أو خلال تنفيذ إسرائيل غارات على ضاحية بيروت الجنوبية، مع سحب دخان أسود ترتفع من مكان قريب من المدرج، وكرات من النار ليلاً. وأشادوا بشجاعة طواقم الطائرات «الأبطال» وبإقدامهم رغم المخاطر.

وأظهر البثّ المباشر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» مراراً طائرات تقلع أو تهبط في المطار أثناء دوي غارات عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية.

إلا أن هذا الفخر لا يمنع الشكاوى من ارتفاع أسعار بطاقات السفر مع احتكار شركة «طيران الشرق الأوسط» سوق السفر في لبنان.

طائرة تابعة لشركة «طيران الشرق الأوسط» تقترب من مطار بيروت الدولي في 3 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

«تطمينات» لا «ضمانات»

وتسيّر الخطوط الجوية اللبنانية رحلات إلى وجهات عدة حول العالم، ومنذ أسبوعين، تغادر الطائرات مكتظة وتعود أدراجها شبه فارغة.

ومع ارتفاع المخاطر وامتناع شركات التأمين عن تغطية الطائرات، أعلن مجلس الوزراء الأسبوع الماضي تكفله بتغطية التأمين لضمان استمرار أعمال الشركة دون توقف.

ويقول وزير النقل علي حمية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «تسعى الحكومة إلى أن تبقي المرافق العامة براً وبحراً وجواً سالكة وأولها مطار رفيق الحريري الدولي».

وعمّا إذا كانت الحكومة واثقة من عدم استهداف المطار، يقول حمية «في الاتصالات الدولية الجارية نوع من التطمين»، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى «فرق كبير بين التطمينات والضمانات».

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر الاثنين «نعتبر أنه من الأهمية بمكان ليس فقط أن يبقى المطار مفتوحاً، بل أن تظل الطرق المؤدية إليه مفتوحة أيضاً».

ومنذ بدء التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل قبل عام، اتخذت شركة «طيران الشرق الأوسط» إجراءات احترازية مع تخفيض قيمة التأمين على مخاطر الحرب من شركات التأمين، بينها ركن طائرات في الخارج كقبرص وتركيا.

وخلال نزاعات سابقة، كان مطار بيروت تحت مرمى النيران.

في صيف 2006، حين خاض «حزب الله» وإسرائيل حرباً مدمرة استمرت 33 يوماً، قصفت إسرائيل مرات عدة مطار بيروت الدولي، لا سيما المدارج وخزانات الوقود وأخرجته من الخدمة.

صورة تظهر طائرات شركة «طيران الشرق الأوسط» اللبنانية (MEA) وطيران الإمارات على مدرج مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت لبنان 30 يوليو 2024 (رويترز)

«التزام»

عام 1968، خسر لبنان نصف أسطول طائراته المدنية إثر عملية كوماندوز إسرائيلية، تم خلالها تفجير 14 طائرة متوقفة في المطار في أقل من نصف ساعة، من دون مواجهات أو ضحايا. وجاءت العملية ردّاً على هجوم كانت نفذته قبل يومين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ضد طائرة إسرائيلية وتخلّله احتجاز رهائن.

وبحسب الصحافة الإسرائيلية، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو في عداد قوة الكوماندوز.

خلال اجتياحها لبنان عام 1982، حاولت القوات الإسرائيلية الاستيلاء على المطار، وخاضت معارك عنيفة ضد التنظيمات الفلسطينية التي تمركزت في محيطه. وألحقت المعارك أضراراً بأبنية المطار ومدارجه.

ويستعيد كابتن الطائرة المتقاعد إيلي الراسي (68 عاماً) ظروف عمل صعبة خلال سنوات الحرب الأهلية (1975 - 1990) التي عصفت بلبنان وقطّعت أوصال بيروت ومحيطها مع انتشار مجموعات مسلحة وإقامتها حواجز أعاقت التنقل بين شطري بيروت الشرقي والغربي.

ويقول الراسي الذي دفعته الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان منذ عام 2019 للهجرة إلى كندا، «تعرّض المطار مراراً للقصف، كنا أحياناً نهرّب الطائرات إلى الخارج وأحياناً نقطع الحواجز سيراً على الأقدام».

ويقول الراسي «ليس بإمكان أي طاقم أن يقول إننا لا نريد الطيران، لأن «طيران الشرق الأوسط» هو الشركة الوطنية وعليها أن تواصل تلبية طلب اللبنانيين، كما يواصل الطبيب علاج المرضى في الحرب».

ويضيف «تتوقف في ظروف مماثلة عن التفكير بنفسك. إنه التزام».


مقالات ذات صلة

الجيش اللبناني: توقيف سورييْن جنّدتهما إسرائيل لتصوير آثار غاراتها

المشرق العربي تصاعُد الدخان جرّاء الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

الجيش اللبناني: توقيف سورييْن جنّدتهما إسرائيل لتصوير آثار غاراتها

أعلن الجيش اللبناني، الأربعاء، توقيفه سورييْن اثنين، قال إن إسرائيل جنّدتهما عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتوثيق آثار الغارات التي تشنّها على مناطق عدة في لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت )
المشرق العربي تصاعد الدخان فوق جنوب لبنان وسط القصف الإسرائيلي المستمر (أ.ف.ب)

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: «حزب الله» يحاول التغطية على خسائره الكبيرة

قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، اليوم (الأربعاء)، إن جماعة «حزب الله» اللبنانية تحاول إخفاء خسائرها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية غارة إسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ف.ب)

مخاطر الحرب الإسرائيلية على لبنان من المنظور الفرنسي

قلق فرنسي من المقاربة الأميركية للحرب الإسرائيلية في لبنان، وباريس مستعجلة لعقد مؤتمر دولي لدعم لبنان، ووزير خارجيتها يحذّر من خطط نتنياهو إزاءه.

ميشال أبونجم (باريس)
المشرق العربي متهمون بالسرقة معلّقون على أعمدة في الضاحية الجنوبية (وسائل التواصل الاجتماعي) play-circle 00:20

متهمون بالسرقة معلقون على أعمدة الضاحية... حرب لبنان «تُهَجِّر» الأمن

في خضم الحرب الإسرائيلية التي هجّرت الآلاف من مناطق الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب والبقاع، أخذ من تبقى من السكان على عاتقهم فرض الأمن بأياديهم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية الخيام في جنوب لبنان في 9 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

مقتل أربعة أشخاص على الأقل بغارة إسرائيلية على لبنان

قالت وزارة الصحة اللبنانية إن أربعة أشخاص على الأقل لقوا حتفهم، اليوم (الأربعاء)، في غارة جوية إسرائيلية على منطقة تقع جنوب العاصمة بيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«بحثا عن الأمان»... لبنانيون يحملون الجنسية التركية يُبحرون من بيروت بالدموع

بدأت تركيا إجلاء 2000 من مواطنيها من لبنان وسط تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» (د.ب.أ)
بدأت تركيا إجلاء 2000 من مواطنيها من لبنان وسط تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» (د.ب.أ)
TT

«بحثا عن الأمان»... لبنانيون يحملون الجنسية التركية يُبحرون من بيروت بالدموع

بدأت تركيا إجلاء 2000 من مواطنيها من لبنان وسط تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» (د.ب.أ)
بدأت تركيا إجلاء 2000 من مواطنيها من لبنان وسط تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» (د.ب.أ)

تنفّست منى الصعداء أخيراً بعد أن أنهت أوراقها استعداداً للرحيل من مرفأ بيروت مع عائلتها على سفينة مخصصة لإجلاء الرعايا الأتراك، وتقول إنها تشعر بـ«الانسلاخ» عن لبنان الذي يتعرّض لقصف إسرائيلي مدمر.

وتقول منى (42 عاماً) التي تحفظت عن ذكر اسم عائلتها، وهي أُم لأربعة أبناء، من قرب مرفأ بيروت، الأربعاء: «نهرب من حرب تدمّر البشر والحجر وتسرق النوم من أعيننا».

وانسابت دموعها على وجنتيها وهي تتفقّد أكثر من عشر حقائب سفر لعائلتها، قبل أن تسافر في إطار عملية إجلاء تعدّ الكبرى والأولى عبر البحر منذ توسيع إسرائيل نطاق عملياتها القتالية في لبنان الشهر الماضي.

سيدة تركية تودِّع أحد أقاربها لدى وصولها مع آخرين إلى نقطة تجمع في بيروت استعداداً لمغادرة لبنان (د.ب.أ)

وتضيف السيدة اللبنانية التي حصلت على الجنسية التركية من جدتها: «لبنان هو بلدنا. كان بلدنا أفضل بلد. دمّروا حياتنا وسرقوا ضحكتنا»، مضيفةً بتأثر: «الآن أصبحنا مشردين. أشعر أنني أنسلخ عن بلدي».

وكانت منى وعائلتها في عداد نحو ألفي مواطن تركي، معظمهم من اللبنانيين مزدوجي الجنسية الذين يستعدون للإبحار، ظهر الأربعاء، من بيروت على متن سفينتين تابعتين للبحرية التركية أقلَّتا نحو 300 طن من المساعدات الإنسانية إلى بيروت.

بعد عام من تبادل إطلاق النار عبر الحدود اللبنانية بين «حزب الله» وإسرائيل، كثّفت الدولة العبرية منذ 23 سبتمبر (أيلول) قصفها على مناطق تعد معاقل للحزب في جنوب لبنان وشرقه وضاحية بيروت الجنوبية. كما تستهدف مدناً وبلدات غير محسوبة على الحزب، على غرار منطقة الشوف في جبل لبنان أو مدينة طرابلس شمالاً، مما يثير شعوراً بعدم الأمان لدى كثيرين.

مواطن تركي يجر عربة أولاده أمامه وحقائب السفر من خلفه (د.ب.أ)

في قاعة عند واجهة بيروت البحرية، كان البكاء والوجوم ظاهرَين بينما كان المستعدّون للإبحار يودّعون أحبّاء. ووقف دبلوماسيون أتراك يساعدون ويتحدّثون إلى الرعايا الأتراك الذين جمعوا أغراضهم على عَجَل في حقائب ملوّنة اكتظ بها المكان.

وتقول ولاء الآغا (41 عاماً) وهي فلسطينية وُلدت في لبنان وعاشت كامل حياتها في بيروت وتحمل جواز سفر تركياً، إنها ترحل «باحثةً عن الأمان».

وتضيف الأم لطفلين التي اتشحت بالسواد: «حتى لو أننا نقيم بعيداً عن القصف، لا يوجد أمان. نسمع أصوات القصف ونتأثر نفسياً».

وتتابع بينما تودّع قريباتها بالدموع: «أرحل تاركةً قطعة من قلبي».

قربها، تقف شقيقتها سلوى شاردةً غير منتبهة لبكاء ابنتها الصغيرة. وتقول بحسرة: «نحن ذاهبون إلى المجهول... نغادر فقط بحثاً عن الأمان لأبنائنا».

امرأة تركية تصل مع هرّتها إلى نقطة تجمع في بيروت استعداداً لمغادرة لبنان (د.ب.أ)

«وضع أمني متدهور»

ويُقدَّر عدد المواطنين الأتراك المسجلين في القنصلية التركية في لبنان بنحو 14 ألفاً، حسب السفارة.

ويقول السفير التركي في لبنان علي بارش أولوسوي، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنّ السفارة تلقَّت «عدداً متزايداً من طلبات الإجلاء نظراً للوضع الأمني المتدهور في ظل العدوان الإسرائيلي».

ويوضح أنّ بلاده تنظّم «عملية إجلاء واسعة النطاق حتى نتمكّن من إجلاء عدد كبير من المواطنين في يوم واحد»، مشيراً إلى أن عملية الإجلاء، الأربعاء، تشمل نحو ألفي شخص.

ترسو سفينة عسكرية تركية في ميناء بيروت استعداداً لإجلاء الرعايا الأتراك من لبنان الذي مزقته الحرب (أ.ف.ب)

وجلب بعض المسافرين أفراداً من أسرهم لا يحملون جوازات سفر تركية على أمل أن يُسمح لهم بالمغادرة، وكانوا ينتظرون بقلق عارم صدور الموافقة.

بين هؤلاء فادي عميرات الذي حصل على الجنسية التركية من زوجته، ويقول إنه يأمل في الهرب من «أقوى حرب في لبنان» برفقة والديه اللبنانيين.

ويؤكد السفير أولوسوي أنّ بلاده ستطبّق «استثناءات».

وبينما كان الرعايا الأتراك، وكثر منهم كبار في السن وأطفال يتدفقون إلى القاعة، يقول أولوسوي: «عادةً تقتصر عمليات الإجلاء المماثلة على مواطني البلد... لكن من أجل وحدة الأسرة، اعتمدنا سياسة مرنة لقبول أقارب الدرجة الأولى للمواطنين الأتراك الذين ليسوا بالضرورة مواطنين، مثل الأزواج أو الأطفال أو الوالدين».

ويوضح أنّ بلاده قد تنظّم عمليات إجلاء إضافية تبعاً «لعدد الطلبات الإضافية ومسار الوضع الأمني في لبنان».

يُقدَّر عدد المواطنين الأتراك المسجلين بالقنصلية التركية في لبنان بنحو 14 ألفاً (د.ب.أ)

«حرب طويلة»

وتكثّف إسرائيل غاراتها الجوية خصوصاً على ضاحية بيروت الجنوبية التي يقع مطار رفيق الحريري، الوحيد في البلاد، عند أطرافها. واستهدفت غارة منطقة المصنع الحدودية مع سوريا، مما أدّى إلى قطع المعبر البرّي الرئيسي بين البلدين. ولا يزال كثير من الأشخاص يسلكونه يومياً سيراً على الأقدام للفرار من لبنان إلى سوريا.

وأكد وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية، الثلاثاء، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن الحكومة «تسعى إلى أن تُبقي المرافق العامة، براً وبحراً وجواً، سالكة، وأولها مطار (رفيق الحريري الدولي)».

مواطنون أتراك ولبنانيون يحملون الجنسية اللبنانية يصلون إلى نقطة تجمع في بيروت استعداداً لمغادرة لبنان (د.ب.أ)

وقال إن السلطات تلقت خلال اتصالاتها الدولية «تطمينات» لناحية عدم استهداف إسرائيل مطار رفيق الحريري الدولي، لكنها لا ترقى إلى «ضمانات» على وقع غارات كثيفة في محيطه.

بينما كان يسير خلف ابنتيه ويحمل فوق كتفه حقيبة سفر كبيرة بعدما انكسرت عجلتاها، يروي التركي غازي يوسف أنّها المرّة الأولى التي يفكّر فيها بمغادرة لبنان.

ويقول الرجل (58 عاماً) المقيم في لبنان منذ ثلاثين عاماً: «هذه المرة القصف أعنف وأكبر» مقارنةً مع حرب 2006 حين خاض «حزب الله» وإسرائيل حرباً مدمّرة استمرت 34 يوماً وخلّفت قرابة 1200 قتيل في لبنان، معظمهم مدنيون.

مريم درويش مواطنة لبنانية من أصل تركي تنتظر التسجيل للصعود على متن السفن البحرية التركية لمغادرة لبنان (رويترز)

ويشهد لبنان منذ 2019 انهياراً اقتصادياً متمادياً باتت خلاله غالبية السكان تحت خط الفقر مع عجز الدولة عن توفير أبسط الخدمات.

لكنّ ذلك لم يدفع اللبناني التركي الذي يعمل في قطاع العقارات محمّد دياب إلى مغادرة البلاد. لكنه اليوم قرّر الرحيل.

ويقول الأب لطفلين وهو يقف قرب والده، مريض الكلى الذي يستخدم كرسياً متحركاً: «الوضع أصبح أسوأ بكثير ولا يسمح لنا بأنّ نستمر في لبنان».

ويضيف أنه يغادر من دون خطة واضحة للحياة في تركيا، متابعاً: «إذا تحسّن الوضع، سنعود لكن يبدو أن الحرب ستطول».