خطاب نعيم قاسم... محاولة لرفع معنويات جمهوره و«فك» ضمني لوحدة الساحات

تأجيله البحث بانتخاب رئيس وتنفيذ القرار 1701 «محاولة للإمساك بورقة ضغط»

نائب الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم خلال إلقاء كلمته في ذكرى «إسناد غزة» (إ.ب.أ)
نائب الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم خلال إلقاء كلمته في ذكرى «إسناد غزة» (إ.ب.أ)
TT

خطاب نعيم قاسم... محاولة لرفع معنويات جمهوره و«فك» ضمني لوحدة الساحات

نائب الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم خلال إلقاء كلمته في ذكرى «إسناد غزة» (إ.ب.أ)
نائب الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم خلال إلقاء كلمته في ذكرى «إسناد غزة» (إ.ب.أ)

حمل الخطاب الثاني لنائب الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم، اليوم (الثلاثاء)، عدداً من الرسائل في اتجاهات مختلفة، أبرزها محاولة طمأنة جمهور حزبه، وفتح الطريق أمام وقف للنار يتخطى ضمناً مبدأ «وحدة الساحات» الذي كان يتمسك في إطاره الحزب بالربط بين لبنان وغزة.

في الشق الثاني، كان لافتاً أن سلّم قاسم قرار «الثنائي الشيعي» (تحالف «حزب الله» وحركة «أمل») إلى زعيم الأخيرة رئيس مجلس النواب نبيه بري بوصفه «الأخ الأكبر الذي لا يمكن أن يتخطاه أحد»، وتأكيده أن الحزب يؤيد الحراك السياسي الذي يقوم به بري. ويضاف إلى هذا تأكيده على أولوية وقف الحرب، من دون أن يتطرق إلى ربطها بجبهة غزة.

«فك ارتباط الساحات»

ويرى مدير «مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية»، الدكتور سامي نادر، أن قاسم حاول أن يظهر أن لا تباين بين «حزب الله» و«أمل»، خصوصاً بعد زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الأسبوع الماضي لبيروت، وتمسكه بربط جبهة لبنان بجبهة غزة، ما عدّ إسقاطاً ضمنياً لمبادرة بري لوقف النار.

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن قاسم «حاول احتواء ما حصل حين استفاض بالحديث عن العلاقة مع بري، وكان حديثه عن الدور الإيراني محدوداً، وأعطى أولوية لوقف إطلاق النار من دون أن يتمسك بوحدة الساحات أو أن يجدد التأكيد على ما قاله عراقجي في بيروت». ولفت إلى اكتفاء قاسم بالقول: «إن تابع العدو حربه، فالميدان يحسم ونحن أهل الميدان ولن نستجدي حلاً».

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يلتقي رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأضاف نادر أن «النقطة الإيجابية في خطاب قاسم هي بالتراجع عن مبدأ ربط الساحات، والنقطة السلبية هي ربط انتخاب رئيس للجمهورية بالميدان وليس بالدستور».

وأشار إلى أن قاسم «حاول التمسك بورقة انتخاب رئيس للجمهورية كضغط إضافي، بالقول: قبل وقف إطلاق النار أي نقاش آخر لا محل له بالنسبة إلينا»، وذلك بعد المطالبات الأخيرة بعدم ربط الاستحقاق بوقف النار، وبعد الموقف الأميركي الذي دعا إلى الإسراع بانتخاب رئيس.

وفي الإطار نفسه، عدّ العميد المتقاعد يعرب صقر أن تفويض قاسم لبري «أتى مقوّضاً لأنه وضع شروطاً له، وذلك بتأكيده أن الأولوية اليوم لوقف إطلاق النار بعيداً عن القرار 1701 وانتخاب رئيس للجمهورية، وقول قاسم: بعد أن يترسخ موضوع وقف إطلاق النار، تستطيع الدبلوماسية أن تصل إلى كل التفاصيل الأخرى... لا تستعجلوا على التفاصيل».

وقال صقر لـ«الشرق الأوسط» إن كلام قاسم «كان مستفزاً لاعتباره أن هذه الحرب ليست حرب النفوذ الإيراني، بل حرب تحرير فلسطين... الواقع عكس ذلك تماماً، فلو كانت حرب تحرير فلسطين لكان التف الجميع حولها، والحقيقة أن الهدف منها هو العمل كي تكون إيران مقرراً رئيسياً في الشرق الأوسط، والدليل أن طهران لم تنخرط بالحرب مع حركة (حماس) في 7 أكتوبر 2023».

وعلى رغم قول قاسم إن إمكانات الحزب العسكرية لا تزال «بخير»، وإن منظومته القيادية تواصل العمل، فهو لم يتحدث عن مصير رئيس المجلس التنفيذي في الحزب هاشم صفي الدين، الذي استهدفته إسرائيل الأسبوع الماضي.

وجاءت مواقف قاسم في ذكرى عام على بدء «حرب إسناد غزة» التي اتخذ «حزب الله» قرار فتحها من دون العودة إلى الحكومة اللبنانية وتحوّلت إلى حرب شاملة في لبنان مستهدفة بشكل أساسي المناطق المحسوبة عليه في ضاحية بيروت الجنوبية والجنوب والبقاع حيث نزح أكثر من مليون و200 ألف شخص.

ونجح الجيش الإسرائيلي في الأسابيع الأخيرة في اغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله وقادة «قوة الرضوان»، ذراع النخبة العسكرية، وضرب شبكة اتصالات الحزب، إضافة إلى استهداف بنيته التحتية ومخازن الأسلحة.

رسائل طمأنة

وبدت تداعيات الضربات التي أربكت «حزب الله» واضحة من خلال تركيز قاسم على محاولة احتوائها وتوجيه الرسائل إلى جمهور الحزب، بالقول إن «بيئة المقاومة متماسكة»، وإلى النازحين بقوله: «ترون إنجازاتنا الكبيرة... نحن ثابتون وسننتصر، وأنتم بنزوحكم تدفعون ثمناً مشابهاً للثمن الذي تدفعه المقاومة».

عائلة نازحة تفترش كورنيش عين المريسة في بيروت (أ.ف.ب)

وكان لافتاً معاودة استهداف «حزب الله» لمدينة حيفا ومحيطها في شمال إسرائيل بالصواريخ، فوراً بعد انتهاء قاسم من كلمته، في ما بدا أنه رسالة بأن منظومته العسكرية لا تزال متماسكة.

ويصف صقر كلام قاسم بأنه «مكابرة وبعيد عن الواقع»، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن قاسم «حاول رفع معنويات جمهوره التي اهتزت بسبب ضرب المنظومة القيادية والبنية السياسية والعسكرية للحزب، خصوصاً بعد اغتيال أمينه العام الذي لم يتمكّن الحزب حتى اليوم من انتخاب خليفة له».

الأمر نفسه يتحدث عنه نادر، مشيراً إلى أن قاسم «ركّز على رفع معنويات بيئته لاستيعاب الضربات نتيجة قلق الحزب من التململ في أوساطها، والقول إنه لا يزال يملك الإمكانات وإظهار الثبات والجاهزية مقابل كل الضربات التي تعرض لها وعدم التوازن العسكري الواضح».

ولفت إلى أنه «بتكرار قاسم كلام نصر الله حول التوغّل البري، حاول أن يبني على نقطة القوة التي يملكها، وهي التأكيد على قدرات الحزب الميدانية».


مقالات ذات صلة

«الاشتراكي» يتبنى ترشيح قائد الجيش لرئاسة الجمهورية اللبنانية

المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط والحالي نجله رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط (الوكالة الوطنية للإعلام)

«الاشتراكي» يتبنى ترشيح قائد الجيش لرئاسة الجمهورية اللبنانية

أعلنت كتلة «اللقاء الديمقراطي» تأييدها لقائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية في خطوة لافتة ومتقدمة عن كل الأفرقاء السياسيين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مستقبلاً رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (إ.ب.أ)

تركيا ولبنان يتفقان على «العمل معاً» في سوريا

أكد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، الأربعاء، أن أنقرة وبيروت «اتفقتا على العمل معاً في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
يوميات الشرق لحظات ساحرة تشبه رحلات تعبُر بالمرء نحو أحلام لطيفة (الشرق الأوسط)

«كريسماس أون آيس» المُنتَظر... نجاةٌ بالأمل

حين غنّى آندي ويليامز «إنه أروع أوقات السنة»، صَدَق؛ وهذه الروعة تتجلّى بتعميم الجمال. فالفريق ذلَّل الصعاب، ولـ9 أشهر واصل التحضير.

فاطمة عبد الله (بيروت)
المشرق العربي جانب من الدمار في بلدة الخيام الحدودية (أ.ف.ب)

لجنة مراقبة وقف النار الدولية تعقد اجتماعها على وقع الخروقات الإسرائيلية

عقدت لجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار اجتماعها الثاني في مقر قوات الـ«يونيفيل» في الناقورة في ظل استمرار الخروقات الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري سيدات يحملن صورة الأمين العام لـ«حزب الله» السابق حسن نصر الله خلال مشاركتهن في تشييع أقربائهن الذين قتلوا ببلدة المعيصرة شمال لبنان بقصف إسرائيلي في 14 أكتوبر الماضي (أ.ب)

تحليل إخباري قضية المقاتلين المفقودين تربك «حزب الله» أمام بيئته

لا تزال قضية المقاتلين المفقودين خلال الحرب مع إسرائيل تربك «حزب الله» وتؤرق عائلاتهم التي تنتظر سماع أي خبر عن أبنائهم أو الحصول على رفاتهم لدفنه.

كارولين عاكوم (بيروت)

«إدارة العمليات العسكرية» تستهدف أمراء الحرب وتطول مرتبطين بأسماء الأسد

TT

«إدارة العمليات العسكرية» تستهدف أمراء الحرب وتطول مرتبطين بأسماء الأسد

صور مفقودين معلقة على البوابة الرئيسية لسجن صيدنايا بشمال دمشق (أ.ف.ب)
صور مفقودين معلقة على البوابة الرئيسية لسجن صيدنايا بشمال دمشق (أ.ف.ب)

يحاكَم غداً الخميس المحتجزون والأسرى الذين أودعوا سجن حماة المركزي، ممن سلموا أنفسهم لقوات العمليات العسكرية أو اعتُقلوا من قبل «العمليات» في معاركها التي سقط فيها نظام الأسد، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الذي قال إن مصادره أكدت أن محاكمتهم ستكون على دفعات.

وستنظر لجنة قضائية في أمور الموقوفين، وهي تتبع وزارة العدل في الحكومة المؤقتة التي شكلتها «هيئة تحرير الشام»، وفق تأكيد مدير «المرصد»، رامي عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط».

وتحدث تقرير من «المرصد» عن أن «إدارة القيادة العسكرية» تنفذ حملة مداهمة واعتقالات في الساحل السوري وحماة وحمص، «ضد أمراء الحرب الذين تاجروا بدماء أبناء سوريا، مع قيادات متنفذة في النظام، من بينها شخصيات مرتبطة مع أسماء الأسد زوجة الرئيس المخلوع، ومسؤولين سابقين، ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في عهد النظام السابق».

سيدة سورية تمسك مشنقة داخل سجن صيدنايا أثناء بحثها عن أقاربها (رويترز)

الحملة تطول أيضاً الضباط والعناصر و«الشبيحة» وكل المرتبطين بالأجهزة الأمنية في «كتابة التقارير»، وارتكبوا جرائم بحق السوريين.

ومع انهيار النظام السابق واشتداد العمليات العسكرية، سلم مئات من العناصر والضباط أسلحتهم، فيما اعتُقل عدد كبير منهم سيعاملون بوصفهم أسرى حرب.

صور مفقودين معلقة على البوابة الرئيسية لسجن صيدنايا بشمال دمشق (أ.ف.ب)

وطلب «المرصد السوري» من «إدارة العمليات العسكرية» معاملة السجين «وفق ما يتضمنه القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، وتأمين اتصالهم مع ذويهم لطمأنتهم، وإخضاع الموقوفين لمحكمة مستقلة ونزيهة مشكّلة تشكيلاً قانونياً». كما طالب بـ«إعلام الأشخاص المدانين بالإجراءات القضائية المتوفرة لإنصافهم، والمدد الزمنية لكل إجراء».

فرق «الخوذ البيضاء» عثرت على نحو 20 جثة ورفات مجهول الهوية بمخزن للأدوية في منطقة السيدة زينب بدمشق (أ.ف.ب)

وكان عضو مجلس الإدارة في الدفاع المدني السوري، عمار السلمو، قد أعلن، اليوم الأربعاء، أن فرق «الخوذ البيضاء» عثرت على نحو 20 جثة ورفات مجهول الهوية في مخزن للأدوية بمنطقة السيدة زينب بدمشق.

وكانت منطقة السيدة زينب، الواقعة جنوب دمشق، منذ 2012 معقلاً لعناصر من «حزب الله» اللبناني، وغيره من المجموعات المدعومة من إيران، الذين «قالوا إنهم دخلوها للدفاع عن هذا المقام المقدّس بعد انطلاق الانتفاضة على الرئيس المخلوع، بشار الأسد».

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، فقد خلت المنطقة الآن تماماً من عناصر «حزب الله» وفصائل أخرى موالية لإيران، وحل مكانهم مسلحون محليون.

وقال السلمو، من مكان قرب مقام السيدة زينب، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «وصل إلينا بلاغ عن وجود جثث وهياكل عظمية وروائح كريهة في هذا المكان».

ووفق السلمو، فإن «الأعداد الموجودة هنا لا تتجاوز 20 ضحية، لكن العظام منشورة في كل مكان. سنحاول تجميع هذه العظام ومعرفة الرقم التقديري».

وشاهد مصور «وكالة الصحافة الفرنسية» في المكان مخزناً قرب مقام السيدة زينب مباشرة، «وفي داخله غرفة لتخزين الأدوية، تحتوي براداً صغيراً، عثر فيه على نحو 10 جثث، بالإضافة إلى جماجم وعظام مبعثرة على الأرض. كما تناثرت على الأرض كذلك علب طعام».

ورفعت فرق الدفاع المدني الجثث والعظام ووضعتها في أكياس لتجميعها لبدء عملية التعرف عليها.

وأضاف السلمو أن «المكان مخصص ليكون مستودع أدوية (...)، لكن داخل المستودع يوجد براد، هذا البراد يحتوي جثثاً متفسخة وهياكل عظمية يبدو أنها لأشخاص ماتوا قبل سنتين أو سنة ونصف السنة، بشكل تقريبي».

وأوضح السلمو أن ثمة «أرقاماً موجودة على تلك الأكياس التي كُتب عليها (حلب - حريتان). لا ندري لمن تعود هذه الجثث. سنحاول معرفة أي تفاصيل تدلنا على هويتها».

وتابع أن «ما نستطيع أن نفعله الآن هو توثيق هذه الجثث لمعرفة أعمارها... وفيما بعد أخذ عينات لفحص الحمض النووي» لمعرفة هويتها.

وتعذر على «وكالة الصحافة الفرنسية» التأكد بشكل منفصل من سبب وجودها أو هوية أصحابها.

وفرّ بشار الأسد من سوريا يوم 8 ديسمبر (كانون الأول) الحالي في أعقاب هجوم خاطف من فصائل المعارضة قادته «هيئة تحرير الشام»، بعد أكثر من 13 عاماً من قمع الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية، الذي أدى إلى اندلاع إحدى أكثر الحروب دموية في هذا القرن.

مصادر «المرصد السوري» أكدت أن القوات في «إدارة العمليات العسكرية» تشن الحملات لـ«محاكمة المجرمين، نتيجة مطالبات شعبية ووجود دلائل على تورط الملاحَقين في سفك الدماء، إضافة إلى الحفاظ على الاستقرار في مختلف المناطق، كي لا يلجأ الأفراد إلى القصاص بشكل فردي ممن عرضوهم أو أفراد من عائلاتهم للضرر في عهد النظام السابق».

ويعدّ تحقيق العدالة مطلباً أساسياً للثورة السورية «شدد عليه السوريون في هتافاتهم وخطاباتهم، وعلى ضرورة محاسبة كل من تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء من القتلة والمجرمين الذين استغلوا الوضع لتحقيق مكاسب شخصية».