عام على حرب غزة... آمال بتحريك «الهدنة المجمدة»

الوسيطان المصري والأميركي أكدا «أهمية وقف إطلاق النار»

فتاة فلسطينية نازحة وهي في طريقها للفرار من المناطق في الجزء الشرقي من خان يونس بعد أمر إخلاء إسرائيلي (رويترز)
فتاة فلسطينية نازحة وهي في طريقها للفرار من المناطق في الجزء الشرقي من خان يونس بعد أمر إخلاء إسرائيلي (رويترز)
TT

عام على حرب غزة... آمال بتحريك «الهدنة المجمدة»

فتاة فلسطينية نازحة وهي في طريقها للفرار من المناطق في الجزء الشرقي من خان يونس بعد أمر إخلاء إسرائيلي (رويترز)
فتاة فلسطينية نازحة وهي في طريقها للفرار من المناطق في الجزء الشرقي من خان يونس بعد أمر إخلاء إسرائيلي (رويترز)

برزت تأكيدات أميركية على الالتزام بالعمل لوقف إطلاق النار في غزة بالتوازي، مع محادثات مصرية تتواصل، ضمن حراك يتصاعد لأهمية إنهاء الحرب ومنع اتساعها بالمنطقة، وسط آمال في القطاع بتحريك مفاوضات «الهدنة المجمدة»، رغم استمرار تصعيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، يرون أهمية تجدد تلك النداءات لوقف الحرب بغزة والتصعيد بالمنطقة، وعودة المفاوضات التي توقفت منذ أسابيع خشية الانزلاق لحرب إقليمية، مرجحين ألا تتبلور نتائج تلك النداءات إلا بعد الانتخابات الأميركية الرئاسية في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، فيما أفادت «وكالة الأنباء الفلسطينية»، في تقرير متفلز، الاثنين، بأن «أهالي غزة يتطلعون لحياة طبيعية ووقف الحرب».

والاثنين، مرت الذكرى الأولى على الحرب الإسرائيلية ضد «حماس» في قطاع غزة منذ الهجوم غير المسبوق على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، الذي أسفر عن مقتل 1205 أشخاص، واحتجاز 251 رهينة. فيما أودت العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة بحياة 41909 أشخاص، ولا يزال 97 شخصاً محتجزين في غزة، بينهم 34 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم قتلوا، فيما لا تزال الغارات تتواصل على القطاع.

ودون حديث منهما عن الهدنة التي تعثرت قبل أسابيع بسبب تمسك نتنياهو بعدة شروط بينها عدم الانسحاب من محور فيلادلفيا، استمر طرفا الأزمة في الحروب الكلامية، وقال خالد مشعل، رئيس «حماس» في الخارج، في كلمة متلفزة الاثنين، إن هجوم 7 أكتوبر 2023 أعاد «الاحتلال لنقطة الصفر وهدد وجوده»، لافتاً إلى أن ذلك اليوم «يمثل مرحلة جديدة ونقلة كبيرة في الصراع (مع إسرائيل)»، بينما تعهد نتنياهو، في كلمة الاثنين، بإعادة الرهائن المحتجَزين في قطاع غزة إلى ديارهم.

صبي فلسطيني يقف على أنقاض منزل دمره الهجوم العسكري الإسرائيلي في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

وجدد وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، الاثنين، في اتصال هاتفي مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت، التأكيد على ضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزة والتوصل إلى حل دبلوماسي مع لبنان لمنع التصعيد، وفق بيان للبنتاغون.

هذا الحديث أكده الرئيس الأميركي جو بايدن، الاثنين، في كلمة بثها البيت الأبيض، قائلاً: «إننا لن نتوقف عن العمل من أجل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، من شأنه أن يعيد الرهائن إلى منازلهم، ويسمح بزيادة المساعدات الإنسانية لتخفيف المعاناة على الأرض، وضمان أمن إسرائيل، وإنهاء الحرب».

كلام للاستهلاك الانتخابي

غير أن السفير الفلسطيني السابق، بركات الفرا، يرى «تلك التصريحات الأميركية المتكررة مع جمود المفاوضات، تعد غير جدية، وللاستهلاك الانتخابي فقط»، معتقداً أن «واشنطن تنسق مع إسرائيل للتوصل لشرق أوسط جديد، ولولا دعمها ما كانت صعدت في لبنان».

وبتقدير الفرا، فإن «قوة (حماس) ضعفت لكنها لم تنته، وكذلك إسرائيل لم تحقق أهدافها من الحرب بعد عام، حيث لا يزال الأسرى بعيدين عن أيديها»، موضحاً أن «هجوم 7 أكتوبر أثبت أن إسرائيل ليست دولة قوية ومتماسكة، ولولا الدعم الأميركي والأوروبي وقتها لانكشفت، لكن الآمال ستبقى لدى الفلسطينيين وكل حر بالعالم، قائمة في وقف الحرب وإنهاء الإبادة».

تتفق معه الأكاديمية في العلوم السياسية الدكتور نورهان الشيخ، بشأن الموقف الأميركي من الهدنة، وأوضحت أن «تصريحات بايدن متكررة من أول الحرب على هذا النحو دون جدوى»، مؤكدة أن «إدارة بايدن ضعيفة جداً» ولا تستطيع الضغط على نتنياهو، ويزيد ذلك الضعف كلما اقترب موعد الانتخابات، فضلاً عن أن «سياسيات إسرائيل التصعيدية لا توحي بأي تهدئة».

في المقابل، لا تزال هناك دول تتمسك مع حلول الذكرى الأولى للحرب بأمل إبرام هدنة ثانية بعد التي عقدت في نوفمبر 2023، ولم تستمر سوى أسبوع.

وأجرى وزير الخارجية والهجرة المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، اتصالاً هاتفياً مع نظيره البريطاني ديفيد لامي، أكد خلاله «أهمية وقف إطلاق النار في قطاع غزة».

كما جرى اتصال هاتفي، الاثنين، بين عبد العاطي ووزير خارجية إيران، عباس عراقجي، بحثا خلاله «التطورات التي يشهدها لبنان وقطاع غزة وللأهمية البالغة لوقف التصعيد في المنطقة في ضوء ما يجرى في كل من لبنان والأرض الفلسطينية المحتلة»، وأكد الوزير المصري «ضرورة العمل على خفض التوترات وضبط النفس في هذه المرحلة الدقيقة لتجنب الانزلاق إلى حرب إقليمية، التي قد تؤدي لتداعيات بالغة الخطورة على أمن واستقرار شعوب المنطقة بأسرها»، وفق إفادة للخارجية المصرية.

ولم تكن رغبة وقف إطلاق النار مصرية فقط؛ كونها أحد أبرز وسطاء الهدنة، لكن وجدت طريقها لدى مجلس دول التعاون الخليجي، وطالب أمينه العام جاسم البديوي، في بيان الأحد، بـ«توحيد الجهود الإقليمية والدولية للوقف الفوري والدائم لإطلاق النار في غزة».

كما دعمت أوروبا هذا الموقف أيضاً، وجددت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في كلمة الاثنين، دعوة الاتحاد الأوروبي من أجل وقف إطلاق نار فوري في غزة، والإفراج غير المشروط عن كل الرهائن، ودعا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، مرة جديدة إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة المحاصر وفي لبنان، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية».

واعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في كلمة له بمسقط، أن «ممارسة إسرائيل للقوة على هذا النحو الأرعن لا تضمن وضعاً نهائياً يسوده السلم والأمن»، لافتاً إلى أن «ذلك يفرض علينا في العالم العربي حشد الرأي العام العالمي، واستخدام سلاح المقاطعة والعقوبات، واللجوء إلى الفاعليات القانونية والقضائية، والتحرك بقوة على كل الساحات الدبلوماسية لحصار الاحتلال وعزله»، وفق بيان للجامعة العربية.

ويرجح الفرا، أن تلك النداءات حالياً «لن تسهم في حلحلة المفاوضات المجمدة منذ أسابيع، مع إصرار إسرائيل على عدم الانسحاب من القطاع أو وقف التصعيد في لبنان»، مستدركاً: «لكن قد تتحرك المحادثات نحو تهدئة في غزة وتحديداً بعد الانتخابات الأميركية الرئاسية التي تقام الشهر المقبل كما يرغب نتنياهو الذي يريد بقاء أطول في السلطة».

كما ترى الدكتورة نورهان الشيخ أن الحرب قد تمتد فترة أخرى غير محددة، «طالما لم تتلق إسرائيل ضربات مؤثرة توقفها أو لم يتغير نتنياهو»، مشددة على أن هذه نظرة واقعية وليست تشاؤمية، مع إقرارها بأهمية النداءات المتجددة لحلحلة «الهدنة المجمدة» منذ أسابيع.


مقالات ذات صلة

العراق يرفض «تخوين الأشقاء» في حرب غزة ولبنان

المشرق العربي الحكومة العراقية تحاول كبح الفصائل المسلحة عن حرب لبنان (إعلام حكومي)

العراق يرفض «تخوين الأشقاء» في حرب غزة ولبنان

شددت الحكومة العراقية على أنها تحتكر القرار والموقف السياسي بشأن التصعيد في لبنان وغزة، وقالت إنها ترفض «خطاب التخوين والإساءة» الموجّه إلى دول شقيقة وصديقة.

حمزة مصطفى (بغداد) فاضل النشمي (بغداد)
العالم العربي اتصالات مصرية مكثفة تبحث «تهدئة» في لبنان

اتصالات مصرية مكثفة تبحث «تهدئة» في لبنان

كثّفت مصر من مشاوراتها بهدف احتواء التصعيد الراهن بالمنطقة، خصوصاً باتجاه تحقيق تهدئة في لبنان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية صورة تظهر طائرتين مقاتلتين إسرائيليتين من طراز «إف-16» على مدرج في قاعدة جوية بجنوب إسرائيل 4 مارس 2024 (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يقصف أكثر من 70 هدفاً لـ«حماس» في عمليات مكثفة بغزة

ضربت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي أكثر من 70 هدفاً لحركة «حماس» في جميع أنحاء قطاع غزة، حسبما أفادت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي صورة لأنقاض المباني المتضررة خلال غارة جوية إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة 8 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

مقتل 17 شخصاً بضربة إسرائيلية في مخيم البريج بغزة

أعلن الدفاع المدني في غزة مقتل 17 شخصاً على الأقل الثلاثاء بضربة إسرائيلية بمخيم للاجئين وسط القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية صورة انتشرت على «إكس» للمسن أبو خليل

الجيش الإسرائيلي ينفي علمه بقتل فلسطيني مسنّ على يد جنوده في الضفة

أفادت وسائل إعلام فلسطينية بأن رجلاً مسناً تعرّض للضرب حتى الموت على يد قوات الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح أمس في الضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

نعيم قاسم: إمكانات «حزب الله» بخير وسنهجر أضعاف مستوطني الشمال

TT

نعيم قاسم: إمكانات «حزب الله» بخير وسنهجر أضعاف مستوطني الشمال

صورة مثبتة من مقطع فيديو لنائب الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم
صورة مثبتة من مقطع فيديو لنائب الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم

أكد نائب الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم، أن إمكانات الحزب «بخير»، وما تقوله إسرائيل عن ضرب قدرات «حزب الله»، «وهم»، ورد على كلام رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي لطالما أكد أنه سيعيد مستوطني الشمال إلى منازلهم، بالقول: «نقول له إننا سنهجر أضعافهم».

وفي كلمة متلفزة، قال قاسم: «إسرائيل والدول الغربية تحاول الضغط علينا، لنخاف؛ لكننا لا نهابهم».

وأضاف: «هذه الحرب لم تمسّ بإرادتنا ولن تمسّ بها، ومصمّمون على المقاومة والمواجهة».

وتابع: «نحن نضربهم ونؤلمهم، وسنطال المكان في الزمان الذي نقرره وفق خطّتنا العسكرية الميدانية، وإمكاناتنا بخير وكل ما يدّعيه العدوّ وَهمٌ».

غزة

إلى ذلك، عدّ قاسم «أميركا شريكة أساسية في كل الجرائم التي تحدث بغزة».

كما أشار إلى أنه «لولا الدعمان الأميركي والغربي لتوقّفت الحرب خلال شهر في غزّة، وإسرائيل لا تواجه الآن، بل هي تقتل».

حراك بري

وأكد قاسم تأييد الحراك الذي يقوم به رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، لوقف إطلاق النار، وأضاف: «لا تستعجلوا على بعض التفاصيل، وقبل وقف إطلاق النار أي نقاش آخر لا محل له بالنسبة إلينا، ومستعدون لمناقشة كل التفاصيل بعد وقف النار».

دعم إيران

ورداً على ما وصفهم بـ«المشككين بعطاء إيران ودعمها»، قال قاسم: «إيران مصممة على أن تكون إلى جانب المقاومة بالطريقة التي تقررها هي».

اغتيالات إسرائيل لقادة «حزب الله»

أما فيما يتعلق باغتيالات إسرائيل لقادة «حزب الله»، أعلن قاسم أنه «تمّ تأمين بدائل في كل المواقع بـ(حزب الله) من دون استثناء، وليس لدينا موقع شاغر»، وقال: «نعمل بكامل الجهوزية والانتظام».

وعن انتخاب خلف للأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله بعد اغتياله، لفت إلى أن الحزب «سينجز انتخاب الأمين العام وفق الآليات التنظيمية، وسيعلن عن ذلك»، لكنه قال: «لا تنسوا أن الظروف صعبة ومعقدة بسبب الحرب».

وشدد على أن «الحل الوحيد بالنسبة لـ(حزب الله) هو المقاومة والصمود والتفاف أهلنا حولنا، هذا هو خيارنا للنصر».

أوضاع النازحين

تطرق قاسم أيضاً إلى أوضاع النازحين اللبنانيين، وقال: «بعض النازحين يعيشون حياة صعبة، وهذا جزء من التضحية والمعركة، ونحن نحاول مع الدولة أن نساعد ما أمكن، والنزوح بحدّ ذاته مشكلة وعبء وتضحية».

وتوجه إلى النازحين بالقول: «كما أثبتم في عدوان يوليو (تموز) سنة 2006 أنكم أهل الصمود، وكما أثبتم خلال سنة أنكم أهل الصمود والصبر، أيها الناس نحن نثق بالنصر بثبات المقاومة وصبر أهلنا».

الجيش الإسرائيلي يرد

وبعد دقائق من كلمة قاسم، علّق المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي على منصة «إكس»، عادّاً أن قاسم «يكابر ولا يعترف بالواقع، لكن صورته أفضل من ألف كلمة. يقول إنه منتصر وصورته تثبت العكس».

وقال: «يبدو أنها محاولة يائسة للتغطية على واقع (حزب الله) المتدهور، ومحاولة فاشلة لرفع معنويات عناصره وبيئته من خلال مصطلحاته الفارغة مثل: سننتصر وسنكبد العدو خسائر».