المعارضة اللبنانية تطلق مبادرة للإنقاذ… ولا تراهن على نجاحها

ركيزتها الوقف الفوري لإطلاق النار وتطبيق «الطائف» والقرار 1701

نواب المعارضة اللبنانية في مؤتمرهم الصحافي في مجلس النواب (المركزية)
نواب المعارضة اللبنانية في مؤتمرهم الصحافي في مجلس النواب (المركزية)
TT

 المعارضة اللبنانية تطلق مبادرة للإنقاذ… ولا تراهن على نجاحها

نواب المعارضة اللبنانية في مؤتمرهم الصحافي في مجلس النواب (المركزية)
نواب المعارضة اللبنانية في مؤتمرهم الصحافي في مجلس النواب (المركزية)

أطلق نواب قوى المعارضة اللبنانية مبادرة سياسية لرسم خريطة طريق تنهي الحرب الإسرائيلية على لبنان، منطلقها استعادة الدولة زمام المبادرة، وأن تتخذ الحكومة قراراً بـ«فصل لبنان عن المسارات الإقليمية، والالتزام بوقف إطلاق نار فوري، وتطبيق القرار 1701 بكامل مندرجاته، وتطبيق اتفاق الطائف وباقي القرارات الدولية، لا سيما القرارين 1680 و1559».

وشددت المبادرة على ضرورة «استرداد الدولة قرار السلم والحرب وحصر السلاح بيدها فقط». وشددت على ضرورة «انتخاب رئيس للجمهورية ونشر الجيش اللبناني على جميع الحدود، جنوباً وشمالاً وشرقاً وبحراً وجوّاً، والتمسّك بعلاقات لبنان العربية والدولية».

لا دعم خارجياً للمبادرة

ورغم أهمية العناوين التي تضمنتها المبادرة، والتي تشكّل ركيزة أساسية لاستعادة الدولة دورها، رأى مصدر بارز في المعارضة أن «المبادرة وليدة إرادة النواب الذين أطلقوها وغير مرتبطة بأي دعم خارجي»، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «فرص نجاح هذه المبادرة ضعيفة، وقد تكون معدومة ما دام من تسبب بالمشكلة لا يزال عند خياراته. لكننا أردنا خلق دينامية جديدة، ومحاولة لوضع الجميع أمام مسؤوليتهم».

وكشف المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن نواب المعارضة «يفكرون باتخاذ خطوة باتجاه المجلس النيابي، ربما تبدأ بالاعتصام داخل البرلمان ودعوة جميع النواب إلى الحضور والتداعي لانتخاب رئيس كخطوة أولى باتجاه الحلّ واستعادة الدولة لدورها»، مشدداً على أن «المشكلة تكمن في إصرار أطراف لبنانية على ربط لبنان بمحاور لم تأتِ على البلد إلّا بالخراب، وأدى ذلك إلى إضعاف الدولة ومؤسساتها، وهو ما أوصل الأمور إلى الواقع المأساوي الذي يعيشه اللبنانيون».

لا ملاذ سوى الدولة الواحدة

وأصرّ نواب المعارضة على إطلاق المبادرة عبر مؤتمر صحافي عقدوه في مجلس النواب لما للأخير من رمزية وطنيّة ودستورية، طرحوا من خلاله رؤيتهم المشتركة لإنقاذ لبنان من أتون الحرب وتبعاتها وإعادة بناء مؤسسات الدولة، وعدّوا خلاله أنه «أمام المأساة التي يعيشها شعبنا في ظل وحشية العدوان الإسرائيلي، لا سيما أهلنا في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، قتلاً ونزوحاً وتهجيراً ودماراً، نثمن التضامن الوطني الذي تشهده المناطق اللبنانية كافة، والذي تجلى في وقوف جميع مكونات الشعب اللبناني مع إخوانهم النازحين، والذي يعكس جوهر إرادة اللبنانيين في العيش معاً تحت سقف لبنان».

ورأى النواب أنه عند كل شدة أو مصيبة تنزل باللبنانيين أو بجماعة منهم، نعود ونكتشف أنه لا ملاذ إلا الدولة الواحدة المتعالية عن كل تمييز، وفوق كل اعتبار طائفي أو مناطقي.

وشدد النواب على أنه «أمام المخاطر التي تهدد الكيان اللبناني، يطالب نواب قوى المعارضة السلطات الدستورية بتحمل مسؤولياتها تجاه الشعب اللبناني الذي يدفع ثمن حرب مدمرة لم يكن له خيار فيها، وإنقاذ لبنان وحماية مواطنيه». وقالوا إن الإنقاذ يبدأ بخطوات يجب اتخاذها بشكل فوري، وتبدأ بـ«اتخاذ الحكومة اللبنانية القرار بفصل لبنان عن أي مسارات إقليمية أخرى، ورفض كل أشكال الإملاءات والوصاية التي تمارس على لبنان، والالتزام بوقف إطلاق نار فوري، وتطبيق القرار 1701 بكامل مندرجاته وتفاصيله، وتطبيق اتفاق الطائف وباقي القرارات الدولية، لا سيما القرارين 1680 و1559، بما يؤدي إلى تثبيت اتفاقية الهدنة، واسترداد الدولة قرار السلم والحرب، وحصر السلاح بيدها فقط، وتأمين عودة كل النازحين إلى قراهم».

رئيس إصلاحي سيادي

وطالب نواب المعارضة بـ«تحديد موعد فوري وثابت ونهائي لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية من قبل رئيس المجلس النيابي، بدورات متتالية، لانتخاب رئيس إصلاحي سيادي إنقاذي يصون الدستور وسيادة لبنان، وتشكيل حكومة متجانسة تكون أولوياتها تطبيق الدستور والقرارات الدولية، وإطلاق عملية التعافي والإصلاح وإعادة الإعمار».

وتطرق نواب المعارضة إلى «أهمية دعم الجيش اللبناني وتمكينه من القيام بمهامه كاملة، ونشره على كل الأراضي اللبنانية، وضبط جميع المعابر الحدودية بمعاونة قوات معززة من (اليونيفيل) على كل الحدود اللبنانية، جنوباً وشرقاً وشمالاً، براً وبحراً وجواً»، مجددين تمسّكهم بـ«علاقات لبنان الخارجية مع المجتمع العربي خصوصاً والدولي عموماً وإعادة تصويبها، والتزامه بالشرعية العربية والدولية، وفق وثيقة الوفاق الوطني في الطائف».

ويتقاطع النداء الوطني لنواب المعارضة مع المساعي التي بذلتها الدول الشقيقة والصديقة التي تتوق إلى وقف دوامة العنف في لبنان، على حدّ تعبير عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب غياث يزبك، الذي أكد أن المبادرة «استندت إلى منطلقات وطنيّة ناتجة عن التجربة المريرة التي يعيشها اللبنانيون منذ عام حتى الآن، وبلغت ذروتها في الأسابيع الأخيرة مع استفحال آلة القتل والتدمير الإسرائيلية».

تقاطع مع إرادة المجتمع الدولي

وأوضح يزبك لـ«الشرق الأوسط»، أن الخطوة «تتقاطع مع إرادة المجتمع الدولي التي تدعو للخروج من الأزمة عبر تطبيق القرارات الدولية وفصل لبنان عن صراعات المنطقة، ونزع سلاح الميليشيات وإعطاء الصلاحية الكاملة للجيش اللبناني، وإقفال الحدود التي تشكل مصدر قلق للداخل والخارج».

ولا يراهن مقدمو المبادرة على استجابة الطرف الآخر لها. وعدّ النائب يزبك أنها «تخاطب الوعي الوطني عند الفريق الضالع بالحرب، أي الثنائي الشيعي، خصوصاً (حزب الله) الذي يصرّ على ربط لبنان بجبهات أخرى».


مقالات ذات صلة

جنبلاط يدعو لفصل جبهة لبنان عن غزة... وبري متمسك بترشيح فرنجية

المشرق العربي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي خلال مؤتمر صحافي في بيروت (مكتب رئيس الوزراء اللبناني - أ.ف.ب)

جنبلاط يدعو لفصل جبهة لبنان عن غزة... وبري متمسك بترشيح فرنجية

دعا الرئيس السابق لـ«الحزب التقدمي الاشتراكي»، وليد جنبلاط، إلى فصل مسار الحرب في لبنان عن قطاع غزة، لإعادة تفعيل المبادرات الدبلوماسية، وسط حراك عربي ودولي.

المشرق العربي مقاتلون من «حزب الله» خلال جنازة في ضاحية بيروت الجنوبية لـ3 من رفاقهم قُتلوا بسوريا في ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

«حزب الله» مع أولوية وقف النار جنوباً... ولا يربطه بغزة

تعدّدت التفسيرات للدوافع السياسية التي أمْلت على «حزب الله» إعطاء الأولوية لوقف النار في جنوب لبنان، من دون أن يشترط انسحابه على الجبهة الغزاوية.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي دورية لقوات «يونيفيل» قرب الحدود مع إسرائيل (رويترز)

تيننتي: قواتنا ما زالت في مواقعها على طول الخط الأزرق

ترفض قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) الخضوع لطلبات إسرائيل المتكررة بإخلاء مواقعها في المنطقة الحدودية في جنوب لبنان وتتمسك بالبقاء فيها

بولا أسطيح (بيروت)
خاص رئيس المجلس التنفيذي لـ«حزب الله» هاشم صفي الدين (أ.ف.ب) play-circle 00:40

خاص مصدر أمني لبناني لـ«الشرق الأوسط»: «قناعة معلوماتية» بمقتل صفي الدين

«قناعة معلوماتية» بمقتل هاشم صفي الدين، الخليفة المحتمل للأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله... والحزب «يحجم عن نعيه بانتظار الوصول إلى الجثة».

«الشرق الأوسط» (بيروت )
المشرق العربي اجتماع خصص لأمن المطار برئاسة ميقاتي (رئاسة الحكومة اللبنانية)

لبنان يوسع صلاحيات الجيش في المطار... لتجنب إقفاله

علمت «الشرق الأوسط» أنه تم توسيع صلاحيات الجيش اللبناني في مطار بيروت لتأكيد الحرص على عدم استعمال المطار لأغراض عسكرية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

فلسطينيو الضفة يحتفلون بذكرى 7 أكتوبر ملوّحين بالرايات والأعلام

جانب من مظاهرات رام الله (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات رام الله (أ.ف.ب)
TT

فلسطينيو الضفة يحتفلون بذكرى 7 أكتوبر ملوّحين بالرايات والأعلام

جانب من مظاهرات رام الله (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات رام الله (أ.ف.ب)

احتشد مئات الفلسطينيين في مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة، اليوم الاثنين، في الذكرى السنوية الأولى لهجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) على إسرائيل وهم يلوّحون بأعلام حركة «حماس» ويحملون صور الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله.

وذكر صحافي في «وكالة الصحافة الفرنسية» أن نحو 400 متظاهر فلسطيني من جميع الأعمار ويمثلون فصائل سياسية مختلفة ساروا وسط مدينة رام الله حيث مقرّ السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس. ونظّم الناشطون المسيرة في الذكرى السنوية الأولى للهجوم غير المسبوق لـ«حماس» على إسرائيل تحت شعار «لن نفقد الثقة في الثورة».

وبجانب أعلام «حزب الله» اللبناني الصفراء وأعلام حركة «حماس» الإسلامية الخضراء، لوّح المتظاهرون أيضاً بأعلام لبنان والعراق واليمن. وفتح «حزب الله» غداة هجوم «حماس» «جبهة إسناد» لقطاع غزة من لبنان وبدأ إطلاق القذائف على إسرائيل، وتصاعدت المواجهة حتى بلغت مستوى دامياً ومدمّراً منذ أسبوعين تقريباً.

ومنذ بدء الحرب في غزة، تطلق مجموعات منضوية في إطار «محور المقاومة» بقيادة إيران، وبينها فصائل مسلحة عراقية والمتمردون اليمنيون، صواريخ ومقذوفات على إسرائيل. وردّد المتظاهرون هتافات «تحية من رام الله لجنود (حزب الله)»، و«ضعوا السيف على السيف، نحن رجال محمد ضيف»، القائد العسكري في «حماس».

وتقول إسرائيل إنها قتلت ضيف في غارة في يوليو (تموز)، وهو ما تنفيه «حماس». وقتل حسن نصر الله في السابع والعشرين من سبتمبر (أيلول) في غارات عنيفة نفّذها الطيران الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت.

«نتمنى النصر»

ووجد في محيط المظاهرة عدد من عناصر الشرطة الفلسطينية الذين أغلقوا الطريق أمام المركبات، من دون أن يتدخلوا في المظاهرة.

وحمل مشاركون آخرون صندوقاً على شكل نعش كتب على جانبيه عبارة «القانون الدولي» و«جامعة الدول العربية» و«الأمم المتحدة»؛ في انتقاد لمواقف هذه الجهات التي يعتبرون أنها لا توقف الحرب.

وقالت جميلة جوهر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «جئنا لنتذكّر شهداءنا، ونتمنى الشفاء لجرحانا، ونهنئ المقاومة، سواء أكانت فلسطينية أو لبنانية أو عراقية أو يمنية، على نضالها على مدار العام الماضي»، مضيفة: «نحن نتمنى النصر».

وأشاد آخرون بهجوم «حماس» في السابع من أكتوبر على إسرائيل بشكل مباشر.

وقال رجل تحدّث، شرط عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية: «جئنا لنرفع أصواتنا ونقول إن النضال الفلسطيني مستمر، والسابع من أكتوبر نقلنا من مرحلة الإذلال إلى مرحلة الكرامة والفخر».

وقالت عفاف غطاشة، عضو المكتب السياسي في حزب الشعب الفلسطيني، إن السابع من أكتوبر «غيّر مسار القضية الفلسطينية والمنطقة والعالم». وأضافت: «جئنا لنقول إن العالم لن يجد الاستقرار حتى ينتهي الاحتلال ويتمّ إنشاء دولة فلسطينية».

وأسفر هجوم «حماس» عن مقتل 1206 أشخاص، معظمهم من المدنيين، وفقاً لإحصاء لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» استناداً إلى أرقام إسرائيلية رسمية. وأسفر الردّ الإسرائيلي المتواصل في قطاع غزة عن مقتل ما لا يقل عن 41909 أشخاص، غالبيتهم من المدنيين، وفقاً لأرقام وزارة الصحة التي تديرها «حماس».

وفي تداعيات الحرب، شهدت الضفة الغربية توترات وعنفاً ومواجهات دامية بين حركة «حماس» وإسرائيل، تسببت بمقتل أكثر من 700 فلسطيني، و24 إسرائيلياً.