مع دخول الحرب عامها الثاني... إسرائيل تعزز سيطرتها على محاور غزة

بدأت عملية قرب نتساريم استعداداً لصد هجمات أو محاولات عودة إلى شمال القطاع

فلسطينيون يهربون من القصف الإسرائيلي قرب مستشفى الشفاء بمدينة غزة في 1 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)
فلسطينيون يهربون من القصف الإسرائيلي قرب مستشفى الشفاء بمدينة غزة في 1 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

مع دخول الحرب عامها الثاني... إسرائيل تعزز سيطرتها على محاور غزة

فلسطينيون يهربون من القصف الإسرائيلي قرب مستشفى الشفاء بمدينة غزة في 1 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)
فلسطينيون يهربون من القصف الإسرائيلي قرب مستشفى الشفاء بمدينة غزة في 1 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

يستعد الجيش الإسرائيلي لاحتمال تنفيذ الفصائل الفلسطينية هجمات في الذكرى الأولى لهجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، بما في ذلك محاولة فلسطينيين العودة إلى منازلهم من جنوب قطاع غزة إلى الشمال، ولذلك أطلق عملية عسكرية وسط القطاع قرب محور نتساريم، وعزز وجوده في المحاور الأخرى في الشمال والجنوب.

وأمر الجيش الإسرائيلي سكان مربعات سكنية في مخيمي النصيرات والبريج في وسط قطاع غزّة بالإخلاء الفوري، صباح السبت.

وقالت إذاعة الجيش إن طلب الإخلاء هدفه منع عودة سكان شمال القطاع ومنع أي هجمات يتم التخطيط لها في ذكرى السابع من أكتوبر.

وجاء في بيان للمتحدث باسم الجيش، أفيخاي أدرعي: «إلى سكان قطاع غزة الموجودين في البلوكات التالية: 660، 664، 666، 2210، 2220، 2221، 2314، 2316، 2322، (بمخيمي البريج والنصيرات)، يجب إخلاء هذه المناطق نحو المناطق الإنسانية». ولاحقاً ألقى الجيش منشورات ورقية عبر الطائرات على مخيمي البريج والنصيرات داعياً المواطنين إلى التوجه نحو مناطق غرب دير البلح وخان يونس وسط وجنوب القطاع.

فلسطينيون فوق أنقاض مبانٍ دمرها القصف الإسرائيلي على خان يونس في 26 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

وزعم الجيش أن حركة «حماس» ومنظمات فلسطينية تواصل أنشطتها، وأن الجيش سيعمل «بقوة شديدة» ضدهم.

وطالب الجيش الفلسطينيين الذين يعيشون في المناطق القريبة من ممر نتساريم، الذي يمتد بطول 14 كيلومتراً من شرق غزة إلى غربها، ويفصل شمال القطاع عن جنوبه، بإخلائها، ووفق مصادر ميدانية، فإن الجيش يسعى إلى توسيع محور نتساريم الفاصل بين شمال وجنوب قطاع غزة، وهو محور محل خلاف شديد في مفاوضات وقف النار، إذ تصر «حماس» على إخلائه، وترفض إسرائيل.

وتوسيع محور نتساريم، جاء في وقت واصلت فيه إسرائيل تعبيد الشوارع، وتحصين منطقة فيلادلفيا الحدودية مع مصر، في إشارة إلى أن إسرائيل لا تنوي الانسحاب في وقت قريب، وإنما تتجه إلى تطبيق خطة حكم عسكري وضعها الجنرالات المتقاعدون.

غارة إسرائيلية على غزة في 8 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

واندلعت الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل و«حماس» في السابع من أكتوبر 2023 إثر هجوم غير مسبوق شنّته الحركة الفلسطينية. وأصدر الجيش الإسرائيلي خلال الحرب كثيراً من أوامر الإخلاء. واضطُرت الغالبية العظمى من سكان القطاع البالغ عددهم 2.4 مليون شخص، للنزوح مرة واحدة على الأقل منذ بدء الحرب. كما تعرّضت مساحات واسعة من القطاع لدمار هائل جراء القصف والمعارك. وغالباً ما يعود الجيش الإسرائيلي إلى مناطق كان قد نفّذ فيها عمليات، مشيراً إلى أن ذلك مرده لاستئناف حركة «حماس» أنشطتها في تلك المناطق.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أكد في وقت سابق أنه يدرس تطبيق «خطة الجنرالات» في قطاع غزة، وهي خطة تقوم على احتلال كامل لشمال القطاع، وطرد سكانه منه، ومحاصرة مقاتلي «حماس» بالجوع.

وعززت تصريحات نتنياهو وجود نيات لديه لفرض حكم عسكري في القطاع.

ويمتنع نتنياهو عن وضع خطة لليوم التالي في غزة، ويقول إنه لن يقبل بوجود «فتحستان (حركة فتح والسلطة الفلسطينية) بديلاً لحماسستان (حركة حماس) في غزة».

وفي الأسابيع القليلة الماضية، أمر نتنياهو الجيش الإسرائيلي بتولي مهمة توزيع المساعدات في القطاع بدل الجهات الفلسطينية والدولية.

مدفع ثقيل إسرائيلي يطلق قذائفه باتجاه غزة في 11 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» كشفت في وقت سابق أن الجيش استحدث منصباً جديداً تحت اسم «رئيس الجهود الإنسانية - المدنية في قطاع غزة» ليتولى إدارة الجوانب الإنسانية، وتنسيق القضايا المدنية في القطاع، في خطوة تهدف لتثبيت احتلال القطاع فترة طويلة.

وقالت الصحيفة إن العميد إلعاد غورين هو من سيتولى هذا المنصب الجديد، وهو منصب يوازي منصب رئيس الإدارة المدنية التابعة للسلطة الإسرائيلية في الضفة الغربية.

وقالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية: «إن هذا اللقب الطويل الذي يحمله غورين سيبقى حتى يتم وضع اختصار له من قبل الجيش الإسرائيلي، يعادل رئيس الإدارة المدنية في الضفة الغربية» مضيفة: «عملياً، يجب أن يطلق عليه حاكم غزة».

الجيش الإسرائيلي يهدم المباني المحيطة بممر نتساريم من أجل إنشاء منطقة عازلة (أرشيفية - أ.ف.ب)

وبينما يبدو أن نتنياهو يتجه إلى حكم عسكري في العام الثاني للحرب، واصلت إسرائيل قصف مناطق متفرقة في القطاع.

وقالت وزارة الصحة في غزة، السبت، إن جيش الاحتلال ارتكب 3 مجازر «راح ضحيتها 23 شهيداً و66 إصابة في قصف للاحتلال على قطاع غزة خلال 24 ساعة».

وأشارت الصحة إلى «ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 41825 شهيداً و96910 إصابة منذ 7 أكتوبر الماضي».

وأكدت الوزارة «أنه لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم».

وفي باريس، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الكفّ عن تسليم الأسلحة للقتال في غزة، مؤكداً أن الأولوية هي للحلّ السياسي للحرب المستمرة منذ عام بين إسرائيل وحركة «حماس». وقال ماكرون في تصريحات لإذاعة «فرنس إنتر»: «أعتقد أن الأولوية اليوم هي العودة إلى حلّ سياسي، والكفّ عن تسليم الأسلحة لخوض المعارك في غزة»، مؤكداً أن فرنسا «لا تقوم بتسليم أسلحة».


مقالات ذات صلة

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

لم يشهد سكان غزة، الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، مع إعلان مقتل 21 شخصاً على الأقل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)

هل ستدفع مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت حكومات لتقليص اتصالاتها مع إسرائيل؟

نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن خبراء ومسؤولين أن مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت ستدفع بعض الحكومات لتقليص اتصالاتها مع نتنياهو وغيره من المسؤولين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)

بعد مذكرة توقيف نتنياهو... الإسرائيليون يخشون ملاحقة ضباط جيشهم

عقب إصدار محكمة لاهاي مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، يساور القلق المسؤولين الإسرائيليين خشية ملاحقة ضباطهم أيضاً.

نظير مجلي (تل أبيب)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لم يشهد سكان غزة، اليوم الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال اللذان أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، فيما قال مسعفون إن 21 شخصاً على الأقل قُتلوا في غارات إسرائيلية جديدة، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال مسعفون إن ثمانية أشخاص قُتلوا في غارة استهدفت منزلاً في حي الشجاعية بمدينة غزة في شمال القطاع. كما قُتل ثلاثة آخرون في غارة بالقرب من مخبز، وقُتل صياد في أثناء توجهه إلى البحر. وقُتل تسعة أشخاص في ثلاث غارات جوية شنتها إسرائيل في وسط وجنوب القطاع.

منطقة عازلة

في الوقت نفسه، توغلت القوات الإسرائيلية أكثر في الشمال، وكثفت القصف في هجوم رئيسي تشنه منذ أوائل الشهر الماضي.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يهدف إلى منع مقاتلي حركة «حماس» الفلسطينية من شن هجمات وإعادة تنظيم صفوفهم. ويعبّر سكان عن مخاوفهم من أن يكون الهدف هو إخلاء جزء من القطاع بشكل دائم ليكون منطقة عازلة، وهو ما تنفيه إسرائيل.

قال سكان في البلدات الثلاث المحاصرة في الشمال، وهي جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، إن القوات الإسرائيلية فجرت عشرات المنازل.

وذكرت وزارة الصحة بغزة في بيان أن غارة إسرائيلية استهدفت مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، وهو إحدى المنشآت الطبية الثلاث التي تعمل بالكاد في المنطقة، مما أسفر عن إصابة ستة من العاملين في المجال الطبي، بعضهم في حالة خطيرة.

وأضافت: «أدى الاستهداف أيضاً إلى تدمير المولد الكهربائي الرئيسي بالمستشفى، وثقب خزانات المياه لتصبح المستشفى من غير أكسجين ولا مياه، الأمر الذي ينذر بالخطر الشديد على حياة المرضى والطواقم العاملة داخل المستشفى، حيث يوجد فيه 80 مريضاً و8 حالات بالعناية المركزة».

أميركا والفيتو

وعدّ سكان في غزة قرار المحكمة الجنائية الدولية بالسعي إلى اعتقال اثنين من الزعماء الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب بمثابة اعتراف دولي بمحنة القطاع. لكن الواقفين في طابور للحصول على خبز من أحد المخابز في مدينة خان يونس بجنوب القطاع يشكون في أن يكون لهذا القرار أي تأثير.

وقال صابر أبو غالي وهو ينتظر دوره بين الناس: «القرار لا ولن يُنفذ؛ لأن إسرائيل تحميها أميركا، ولها حق الفيتو في كل حاجة، أما إسرائيل فلا ولن تُحاسب».

وقال سعيد أبو يوسف (75 عاماً) إنه حتى لو تحققت العدالة فسيكون ذلك بعد تأخير عقود، «المحكمة الجنائية الدولية اتأخرت كتير، إلنا فوق الستة وسبعين عام بنسمع قرارات اللجنة هذه ولا تنفذ ولا تطبق ولا تعمل إلنا أي شيء».

وشنت إسرائيل حملة عسكرية على غزة رداً على هجوم «حماس» عليها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والذي تشير إحصاءات إسرائيلية إلى أنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

وقال مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن 44 ألف فلسطيني تقريباً قُتلوا في غزة منذ ذلك الحين، وتحول جزء كبير من القطاع إلى ركام.

تعثر جهود الوساطة

وقال ممثلو الادعاء في المحكمة إن هناك أسباباً كافية للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت مسؤولان جنائياً عن ممارسات تشمل القتل والاضطهاد واستخدام التجويع سلاحاً في الحرب، في إطار «هجوم واسع وممنهج ضد السكان المدنيين في غزة».

كما أصدرت المحكمة أمر اعتقال لمحمد الضيف، القائد العسكري في «حماس»، الذي تقول إسرائيل إنها قتلته في غارة جوية في يوليو (تموز)، إلا أن «حماس» لم تؤكد أو تنف مقتله.

وتقول إسرائيل إن «حماس» هي المسؤولة عن كل ما يلحق بالمدنيين من أذى في غزة؛ لأن مقاتليها مندسّون بينهم، وهو ما تنفيه الحركة.

وندد سياسيون إسرائيليون من مختلف الأطياف السياسية بأمري الاعتقال، ورأوا أنهما صدرا بناء على تحيز، واستناداً إلى أدلة كاذبة. وتقول إسرائيل إن المحكمة ليست مختصة بنظر قضايا الحرب. وأشادت «حماس» بأمري الاعتقال بوصفهما خطوة مبدئية صوب تحقيق العدالة.

وتعثّرت جهود الوسيطين، مصر وقطر، بدعم من الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وتريد «حماس» التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، في حين تعهد نتنياهو بأن الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على «حماس».