إسرائيل تضم البلدات المسيحية في جنوب لبنان إلى قائمة استهدافاتها

كهنتها يرفضون مغادرتها... وتوقف مستشفى مرجعيون عن الخدمة

النيران تشتعل في مستعمرة المطلة الإسرائيلية كما تظهر من مدينة جديدة مرجعيون في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
النيران تشتعل في مستعمرة المطلة الإسرائيلية كما تظهر من مدينة جديدة مرجعيون في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تضم البلدات المسيحية في جنوب لبنان إلى قائمة استهدافاتها

النيران تشتعل في مستعمرة المطلة الإسرائيلية كما تظهر من مدينة جديدة مرجعيون في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
النيران تشتعل في مستعمرة المطلة الإسرائيلية كما تظهر من مدينة جديدة مرجعيون في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

ضمّ الجيش الإسرائيلي القرى والبلدات المسيحية في جنوب لبنان إلى قائمة أهدافه القتالية، ووجّه إلى بعض القرى إنذارات بإخلاء سكانها، في حين نفّذ قصفاً لعناصر الدفاع المدني، قرب مستشفى مرجعيون، مما دفع السلطات اللبنانية لإخلاء المستشفى وتوقيفه عن العمل.

ولطالما كانت القرى المسيحية محيدة عن القتال، وبقي القسم الأكبر من سكانها، الذين يقيمون فيها بشكل دائم، صامدين فيها، رغم القصف الذي كان يصل إلى أطرافها، في حين تحولت ثلاث بلدات أساسية منها هي رميش في القطاع الغربي، وإبل السقي، ومدينة جديدة مرجعيون في القطاع الشرقي، إلى مقر إقامة للإعلاميين الذين يغطّون ميدانياً من الجنوب.

لكن هذا الواقع تغيَّر، الجمعة، إذ أغار الطيران المُسيّر الإسرائيلي على منزل في بلدة رميش الجنوبية، للمرة الأولى منذ بدء الحرب. وقالت وسائل إعلام محلية إن البلدة استهدفها سلاح الجو الإسرائيلي بـ3 صواريخ، علماً بأن البلدة كانت لا تزال محيدة إلى حد كبير، وكان القصف يستهدف جميع القرى المحيطة بها، وتسكنها أغلبية شيعية أو سُنية.

وكان كاهن رعية رميش قد ظهر في مقطع فيديو يخاطب فيه أبناء البلدة، قال فيه إنه تلقّى ثلاثة اتصالات تُطالبه بالتمني من السكان عدم مغادرتها. وإذ أشار إلى أن بلدة عين إبل يكتنفها الخطر، وهي بلدة مسيحية أيضاً تقع في قضاء بنت جبيل، ومحاذية لبلدة رميش، قال إن منازل رميش مفتوحة لأهالي عين إبل. وقال إن قرية دبل أيضاً «آمنة»، وقال إنه تلقّى رسالة من «ناس كبار»، بينهم السفير البابوي، يطمئنه بأن السكان في رميش «في أمان».

ويوم الثلاثاء، قال سكان محليون إن 600 شخص، على الأقل، يحتمون في دير ببلدة رميش، بعد أن أنذرهم الجيش الإسرائيلي بمغادرة قريتهم المسيحية عين إبل. وفرَّ السكان إلى الدير في بلدة رميش، التي لم تتلقّ إنذاراً إسرائيلياً.

موكب للنازحين من بلدة عين إبل باتجاه رميش بمرافقة الصليب الأحمر الدولي والجيش اللبناني (موقع حزب الكتائب)

قصف البلدات المسيحية

وبالتزامن مع استهداف رميش، استهدف الطيران الحربي الإسرائيلي سيارة لـ«الهيئة الصحية الإسلامية» قرب مستشفى مرجعيون الحكومي في جنوب لبنان، وفق ما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية الرسمية. وعلى أثر الضربة التي أسفرت عن سقوط مُسعفين، وإصابة 5 آخرين بجروح، أفادت «الوكالة الوطنية» بإخلاء الطاقم الطبي من مستشفى مرجعيون الحكومي في جديدة مرجعيون، وبذلك يكون المستشفى قد توقّف عن العمل.

وتُعدّ مرجعيون أبرز المدن التي يسكنها المسيحيون في جنوب لبنان، وهي مركز محافظة لعدد كبير من القرى والبلدات التي يسكنها مسيحيون وشيعة وسُنة ودروز. وبقيت، حتى الصيف الماضي، محيدة عن القصف، إلى أن جرى استهداف عنصر في «حزب الله» كان بسيارته في المدينة.

وتستقبل المدينة، الآن، عدداً كبيراً من النازحين، وخصوصاً أولئك الذين يتحدرون من المناطق القريبة منها.

شارع خالٍ من المارة في جديدة مرجعيون التي فرغت من سكانها (إ.ب.أ)

وإلى جانب قصف رميش ومرجعيون، تعرضت أحياء يقطنها مسيحيون في بلدة يارون (مختلطة بين سكان مسلمين ومسيحيين) لقصف إسرائيلي مركز، علماً بأن البلدة تشهد معارك ومحاولات توغل بري ينفذه الجيش الإسرائيلي. وقال «حزب الله» إنه يتصدى للتوغل عبر ذلك المحور.

إخلاء القرى المسيحية

وإلى جانب القصف، ضمَّ الجيش الإسرائيلي القرى المسيحية إلى قائمة البلدات التي يتوجب على سكانها إخلاءها. وبعد يومين على دعوة سكان عين إبل إلى إخلائها، من ضمن أكثر من 20 بلدة أخرى، أصدر الجيش الإسرائيلي، الجمعة، دعوات لأهالي دير ميماس والقليعة لإخلائها، وهما بلدتنا تقعان إلى جانب مدينة جديدة مرجعيون.

لكن أهالي القليعة رفضوا مغادرة بلدتهم، وناشد كاهن رعية مار جرجس في القليعة الأب بيار الراعي، الأهالي عدم مغادرة البلدة، على الرغم من التهديدات، وقال: «نحن مواطنون مسالمون ولا تحركات عسكرية في منطقتنا ولا حتى منشآت. القرار النهائي الذي اتخذناه أننا سنحمي منطقتنا من عدم إدخال أي سلاح إليها، ونعاهد ألا نتركها». وتابع: «نحن باقون في القليعة، نعم باقون».

وتُعد القليعة ودير ميماس ومرجعيون من البلدات التي لم يغادرها سكانها خلال حرب يوليو (تموز) 2006، وبقيت صامدة رغم وتيرة القصف والتوغل البري الذي وصل إلى مرجعيون، واقتحم الجيش الإسرائيلي ثكنتها العسكرية، مما دفع السلطات اللبنانية للتواصل مع «اليونيفيل» لإخلاء العسكريين والعشرات من سكانها في اليوم التالي.


مقالات ذات صلة

المشرق العربي جانب من الدمار جراء إطلاق صواريخ سقطت على وسط إسرائيل أمس (أ.ف.ب)

«حزب الله» يعلن استهداف مستوطنة شتولا وتجمع لقوات إسرائيلية شرق الخيام

أعلن «حزب الله» اللبناني، في بيانين منفصلين، اليوم الاثنين، أن عناصره استهدفت مستوطنة شتولا وتجمعاً لقوات إسرائيلية شرق مدينة الخيام، بـ«صلية صاروخية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من خدمة الإسعاف الإسرائيلية في موقع إصابة شخص في نهاريا بشظايا صواريخ أطلقت من لبنان (نجمة داود الحمراء عبر منصة «إكس»)

إصابة شخص في إسرائيل بعد إطلاق 20 صاروخاً من لبنان

أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية، الإثنين، إصابة شخص بعد إطلاق 20 صاروخا من لبنان نحو مناطق الجليل الأعلى والغربي

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت أمس (رويترز)

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان «خلال أيام»

أفاد موقع «أكسيوس» الأميركي، اليوم الاثنين، نقلاً عن مسؤول إسرائيلي، بأن بلاده اتخذت قراراً بالمُضي قدماً نحو التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صاروخاً في مدينة نهاريا شمال إسرائيل في 12 نوفمبر 2024 (رويترز)

فصائل عراقية تعلن تنفيذ هجومين بالمسيرات على جنوب إسرائيل

أعلنت فصائل عراقية مسلحة، يوم أمس (الأحد)، مسؤوليتها عن هجومين بالمسيرات على مواقع في جنوب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

الأردن يعد الهجوم قرب سفارة إسرائيل «إرهابياً فردياً»

TT

الأردن يعد الهجوم قرب سفارة إسرائيل «إرهابياً فردياً»

سيارة لقوات الأمن الأردنية تقف قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)
سيارة لقوات الأمن الأردنية تقف قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)

لم تكشف التحقيقات الأولية الأردنية، بشأن الهجوم المسلح الذي وقع قرب السفارة الإسرائيلية بمنطقة الرابية في عمّان، وصنفته الحكومة «إرهابياً»، حتى مساء الأحد، عن ارتباطات تنظيمية لمُنفذه، ما رجحت معه مصادر أمنية تحدثت إلى «الشرق الأوسط»، أن يكون «عملاً فردياً ومعزولاً وغير مرتبط بتنظيمات».

وكان مسلح أطلق النار، فجر الأحد، على دورية شرطة تابعة لجهاز الأمن العام الأردني، وانتهى الهجوم بمقتل المنفذ بعد ساعات من الملاحقة، ومقاومته قوات الأمن بسلاح أتوماتيكي، ما أسفر عن إصابة ثلاثة عناصر أمنية.

وذهبت المصادر الأردنية إلى أن «(الهجوم الإرهابي) لم يؤكد نوايا المنفذ، إذ بادر بإطلاق النار على دورية أمن عام كانت موجودة في المنطقة التي تشهد عادة مظاهرات مناصرة لغزة».

أردنيون يُلوحون بالأعلام خلال احتجاج خارج السفارة الإسرائيلية في عمان على خلفية حرب غزة (أ.ف.ب)

وأفادت معلومات نقلاً مصادر قريبة من عائلة المنفذ، بأنه «ينتمي لعائلة محافظة وملتزمة دينياً، تسكن إحدى قرى محافظة الكرك (150 كيلومتراً جنوب عمّان)، وأن الشاب الذي يبلغ من العمر (24) عاماً، قُتل بعد مطاردة بين الأحياء السكنية، وهو صاحب سجل إجرامي يتعلق بتعاطي المخدرات وحيازة أسلحة نارية، وقيادة مركبة تحت تأثير المخدر».

«عمل معزول»

ووصفت مصادر أمنية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» الحادث بأنه «عمل فردي ومعزول وغير مرتبط بتنظيمات»، وأضافت المصادر أن التحقيقات الأولية أفادت بأن المهاجم تحرك «تحت تأثير تعاطي مواد مخدرة، وقد تم ضبط زجاجات ومواد حارقة، الأمر الذي يترك باب السؤال مفتوحاً عن هدف منفذ العملية ودوافعه».

وذكّرت عملية فجر الأحد بحدث مشابه نفذه «ذئب منفرد» لشاب اقتحم مكتب مخابرات عين الباشا شمال العاصمة، وقتل 5 عناصر بمسدس منتصف عام 2016، الأمر الذي يضاعف المخاوف من تحرك فردي قد يسفر عن وقوع أعمال إرهابية تستهدف عناصر أمنية.

وكشف بيان صدر عن «جهاز الأمن العام»، صباح الأحد، عن أن «مطلق الأعيرة النارية باتجاه رجال الأمن في منطقة الرابية، مطلوب ولديه سجل جرمي سابق على خلفية قضايا جنائية عدة من أبرزها قضايا المخدرات».

وذكر البيان الأمني الذي جاء على لسان مصدر أن «من بين القضايا المسجلة بحق هذا الشخص حيازة المخدرات وتعاطيها، وفي أكثر من قضية، والقيادة تحت تأثير المواد المخدرة، وإلحاق الضرر بأملاك الغير، ومخالفة قانون الأسلحة النارية والذخائر».

دورية أمنية أردنية تتحرك يوم الأحد قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)

ولفت البيان إلى أن «منفذ العمل الإرهابي كان قد بادر وبشكل مباشر بإطلاق الأعيرة النارية تجاه عناصر دورية أمنية (نجدة) كان توجد في المكان قاصداً قتل أفرادها بواسطة سلاح أوتوماتيكي كان مخبئاً بحوزته، إضافةً إلى عدد من الزجاجات والمواد الحارقة».

«الدفاع عن النفس»

وأضاف البيان أن «رجال الأمن اتخذوا الإجراءات المناسبة للدفاع عن أنفسهم وطبقوا قواعد الاشتباك بحرفية عالية، للتعامل مع هذا الاعتداء الجبان على حياتهم وعلى حياة المواطنين من سكان الموقع»، موضحاً أن «رجال الأمن المصابين قد نُقلوا لتلقي العلاج، وهم في حالة مستقرة الآن بعد تأثرهم بإصابات متوسطة، وأن التحقيقات متواصلة حول الحادث».

وعدَّ الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، الوزير محمد المومني، في تصريحات عقب الهجوم أنه «اعتداء إرهابي على قوات الأمن العام التي تقوم بواجبها»، مؤكداً أن «المساس بأمن الوطن والاعتداء على رجال الأمن العام سيقابل بحزم لا هوادة فيه وقوة القانون وسينال أي مجرم يحاول القيام بذلك القصاص العادل».

ولفت المومني إلى أن «الاعتداء قام به شخص خارج عن القانون، ومن أصحاب سجلات إجرامية ومخدرات، وهي عملية مرفوضة ومدانة من كل أردني»، مشيراً إلى أن «التحقيقات مستمرة حول الحادث الإرهابي الآثم لمعرفة كل التفاصيل والارتباطات وإجراء المقتضيات الأمنية والقانونية بموجبها».