لقاء عين التينة: لا مكان للاصطفاف السياسي أو لجبهة إسلامية في لبنان

يتمسك بوقف النار في الجنوب ويبدي انفتاحاً على الشريك المسيحي

بري متوسطاً ميقاتي وجنبلاط في لقاء عين التينة الأربعاء (إ.ب.أ)
بري متوسطاً ميقاتي وجنبلاط في لقاء عين التينة الأربعاء (إ.ب.أ)
TT

لقاء عين التينة: لا مكان للاصطفاف السياسي أو لجبهة إسلامية في لبنان

بري متوسطاً ميقاتي وجنبلاط في لقاء عين التينة الأربعاء (إ.ب.أ)
بري متوسطاً ميقاتي وجنبلاط في لقاء عين التينة الأربعاء (إ.ب.أ)

يخطئ من يعتبر سياسياً بأن اللقاء الثلاثي الذي عُقد في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة وضم رئيسَي المجلس النيابي نبيه بري، وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، والرئيس السابق لـ«الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، يأتي في سياق قيام جبهة ثلاثية من لون طائفي واحد أو إرساء حالة من الاصطفاف السياسي، مع أن المداولات التي سادته بقيت تحت سقف تقويم ردود الفعل على المبادرة التي أطلقها بري، وتولى ميقاتي بالإنابة عنه الكشف عن خطوطها العريضة، وأبرزها وقف النار في الجنوب، ودعوة المجتمع الدولي للتدخل لوقف العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان، ونشر الجيش في جنوب الليطاني وانتخاب رئيس توافقي لا يشكل تحدياً لأي فريق.

وليد جنبلاط (رويترز)

لا جبهة إسلامية

ويُنقل عن مصدر نيابي قوله، إنه لا مكان للاصطفاف السياسي في اللقاء الثلاثي أو التأسيس لقيام جبهة إسلامية، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن العناوين التي طرحها بري في مبادرته لوقف العدوان وإخراج لبنان من التأزّم، لا تخص طائفة دون أخرى بمقدار ما هي تجديد الدعوة للتلاقي.

ويسأل المصدر: أين المشكلة؟ وهل تتعارض مع تطلعات الشريك المسيحي لإنقاذ بلدنا؟ ويقول إن تكليف ميقاتي تلاوة البيان محاطاً ببري وجنبلاط ينمّ عن توفير كل أشكال الدعم للحكومة لاستيعاب أزمة النزوح، وتحصين الساحة للحفاظ على الاستقرار وإبقاء الوضع تحت السيطرة، ومخاطبة المجتمع الدولي لوقف تمادي إسرائيل في عدوانها الذي يكاد لا يترك منطقة آمنة.

كما يسأل المصدر نفسه: هل من ريبة وتوجس من اللقاء ما دام أن الجميع يبدون تأييدهم لخريطة الطريق التي رسمها بري لإنقاذ لبنان؟ وهل من مانع لتلاقيهم وعلى جدول أعمالهم، كما الشريك الآخر، المطالبة بوقف النار الذي يحظى بتأييد الجميع، وسبق لبري أن كشف عن أنه توافق عليه مع أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله قبل اغتياله؟

الشريك المسيحي

ويلفت المصدر، إلى أنه من غير الجائز المبالغة في التعامل مع ما صدر عن اللقاء الثلاثي، أو تحميله أثقالاً سياسية لا مبرر لها... ويقول إنه رسم خريطة طريق للخروج من المأزق على قاعدة تأمين الحشد الوطني لتوفير الشروط المطلوبة لوقف العدوان، بالانفتاح على الشريك المسيحي وعدم التفرد بأي موقف لا يخدم المصلحة الوطنية، أو الاستقواء بالخارج.

ويدعو المصدر النيابي، إلى التعاطي بواقعية وإيجابية مع اللقاء الثلاثي بدلاً من الالتفاف عليه، ما دام أركانه يجمعون على انتخاب رئيس توافقي، وما دام أن بري لم يعد يشترط التشاور أو الحوار المسبق لانتخاب رئيس للجمهورية كما رفضه الحوار بمن حضر؛ لأنه ليس في وارد عزل هذا الفريق أو ذاك، في إشارة إلى عدم استبعاده حزب «القوات اللبنانية».

رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في احتفال «ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية» (القوات اللبنانية)

الإدارة الأميركية غائبة

ويكشف المصدر، عن أن الإدارة الأميركية تدير ظهرها لدعوات وقف النار، وتكاد تغيب عن السمع ولا تود، تحت ضغط اللبنانيين ومعهم المجتمع الدولي، أن تصغي للدعوات المتلاحقة لوضع حد للعدوان الإسرائيلي، وكأنها ما زالت تطلق الضوء الأخضر لإسرائيل للقيام باجتياح محدود للبلدات الحدودية بذريعة أنه يتيح لها تفكيك البنية التحتية لـ«حزب الله» والتخلص من مخزونه الصاروخي، وتحديداً الدقيق منها.

ويؤكد المصدر نفسه، أن أهمية الموقف الذي يتمسك به اللقاء الثلاثي، تكمن في إسقاط التذرع الأميركي بأن الحزب هو من يصادر القرار اللبناني وأن الحكومة تفاوض بالإنابة عنه، ويقول إن لا صحة لمثل هذا الادعاء ما دام أن بري يحمل تفويضاً من أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله قبل اغتياله بكل ما يتعلق بتهدئة الوضع في الجنوب، والدخول في مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل لتطبيق القرار 1701، وتم التأكيد عليه بتواصل بري مع قيادة الحزب، بخلاف ما أخذ يشيعه البعض من أن عدم الاتفاق داخل «الثنائي الشيعي» هو ما يعيق التوصل لوقف النار.

تواصل مع القيادات المسيحية

ويرى المصدر، أن لا مبرر للتوجُّس من تلاقي بري - ميقاتي - جنبلاط ما دام أن التواصل بينهم وبين القيادات المسيحية لم ينقطع. ويؤكد، أن ميقاتي على تواصل مع البطريرك الماروني بشارة الراعي، وأن رئيس «التقدمي» أوفد النائب وائل أبو فاعور للقاء رئيسَي حزبَي «الكتائب» سامي الجميل و«القوات اللبنانية» سمير جعجع لطمأنتهما وتبديد ما لديهما من هواجس إذا كانت موجودة، في حين يواصل بري لقاءاته بالكتل النيابية، ما عدا كتلة «القوات»، ويبدي كل دعم للتحضيرات الجارية لعقد قمة روحية يستضيفها الراعي، وهذا ما أكده لنائب رئيس «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» الشيخ علي الخطيب.

البطريرك بشارة الراعي (رويترز)

كما أن بري هو من أطلق الدعوة للتوافق على رئيس، رافضاً المجيء برئيس يفرضه «الثنائي الشيعي» أو المعارضة، مشدداً على مشاركة ما يزيد على ثلثي أعضاء البرلمان في الجلسة، وألا يقتصر على نصف العدد زائداً واحداً، لقطع الطريق على انتخاب رئيس يشكل تحدياً بدلاً من أن يكون جامعاً للبنانيين، ولديه القدرة للتواصل مع الجميع... فهناك ضرورة لتلاقي النواب في منتصف الطريق، لانتخاب رئيس توافقي، وهذا ما يدعو له بري؛ لأن التوافق، كما يُنقل عنه، يسمح بحصول الانتخاب.

لكن يبقى السؤال: هل يمكن الفصل بين الحرب المشتعلة في الجنوب وبين انتخاب الرئيس؟ أم أن الضرورة تقتضي التريُّث إلى حين التوصل لوقف النار؛ ما يضع واشنطن أمام اختبار جدي لاستكشاف مدى استعدادها لإنهاء الشغور الرئاسي، في ضوء اتهام الرئيس الأميركي جو بايدن بالرضوخ لضغط رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو وتسهيل انقلابه على الوعد الذي كان قطعه بالتجاوب مع وقف النار الذي لا يزال يلقى تشدداً من فرنسا شريكة الولايات المتحدة في النداء.

في هذا السياق، لا بد من التوصل لوقف النار لضمان أمن نواب «حزب الله» لحضور جلسة الانتخاب؛ لأن تعذُّر تأمين الضمانات يمكن أن يُطلق يد إسرائيل بتهديد سلامتهم ما دامت لا تحيّد منطقة عن اجتياحها الجوي الذي يستهدف بيروت.


مقالات ذات صلة

صندوق النقد: صراع الشرق الأوسط قد تكون له تداعيات اقتصادية كبيرة

الاقتصاد أشخاص قرب دمار سببه القصف الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

صندوق النقد: صراع الشرق الأوسط قد تكون له تداعيات اقتصادية كبيرة

قال صندوق النقد الدولي، الخميس، إن تصعيد الصراع في الشرق الأوسط قد تكون له تداعيات اقتصادية كبيرة على المنطقة والاقتصاد العالمي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي (رويترز) play-circle 00:18

رئيس الأركان الإسرائيلي: لن نسمح لـ«حزب الله» بإعادة تنظيم نفسه في جنوب لبنان

قال رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي، الخميس، إن الجيش لن يسمح لـ«حزب الله» بإعادة تنظيم نفسه في جنوب لبنان.

المشرق العربي أب وابنته غادرا لبنان على متن طائرة عسكرية يونانية (أ.ب)

أجانب يسارعون لمغادرة لبنان مع احتدام الهجوم الإسرائيلي

أجلى عدد متزايد من الدول رعاياها من بيروت، الخميس، وسط تكثيف إسرائيل قصفها للعاصمة اللبنانية، وحثّت حكوماتٌ في أنحاء العالم مواطنيها على المغادرة.

«الشرق الأوسط» (أثينا - لارنكا)
تحليل إخباري دبابات الجيش الإسرائيلي تقوم بمناورة في منطقة تجمع في شمال إسرائيل بالقرب من الحدود الإسرائيلية اللبنانية (أ.ب)

تحليل إخباري «حزب الله» يتجنّب ضرب تلّ أبيب رغم تدمير الضاحية واستهداف بيروت

أسقطت إسرائيل كل الخطوط الحمراء في حربها على لبنان فيما لا يزال «حزب الله» ملتزماً تحييد المدن الإسرائيلية عن الاستهداف المباشر.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جنود الجيش اللبناني يحرسون منطقة في بيروت بعد ساعات قليلة من الإعلان عن وفاة حسن نصر الله (د.ب.أ)

قرار سياسي لبناني بتحييد الجيش عن المواجهة مع إسرائيل

علمت «الشرق الأوسط» أن القرار السياسي المتخَذ، وبالتحديد على صعيد رئاستي الحكومة ومجلس النواب، يقول بـ«تحييد الجيش عن المواجهة المباشرة مع إسرائيل».

بولا أسطيح (بيروت)

قوات اليونيفيل بجنوب لبنان تلزم مواقعها رغم مطالبة إسرائيل لها بالتحرك

أفراد من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) ينظرون إلى الحدود اللبنانية الإسرائيلية (رويترز)
أفراد من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) ينظرون إلى الحدود اللبنانية الإسرائيلية (رويترز)
TT

قوات اليونيفيل بجنوب لبنان تلزم مواقعها رغم مطالبة إسرائيل لها بالتحرك

أفراد من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) ينظرون إلى الحدود اللبنانية الإسرائيلية (رويترز)
أفراد من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) ينظرون إلى الحدود اللبنانية الإسرائيلية (رويترز)

قال جان بيير لاكروا، وكيل الأمين العام لعمليات السلام، الخميس، إن القوة المؤقتة للأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب لبنان (اليونيفيل) ما زالت في مواقعها، على الرغم من طلب إسرائيل منها الانتقال، وإن القوة توفر حلقة الاتصال الوحيدة بين جيشي الدولتين.

وقال لاكروا للصحافيين: «تواصل قوات حفظ السلام بذل قصارى جهدها للاضطلاع بتفويضها من مجلس الأمن، في ظل ظروف من الواضح أنها صعبة جداً». وأضاف أن هناك خطط طوارئ جاهزة للتعامل مع أي عواقب جيدة أو سيئة.

وكلّف مجلس الأمن اليونيفيل بمهمة مساعدة الجيش اللبناني في إبقاء المنطقة خالية من الأسلحة والمسلحين غير التابعين للدولة اللبنانية. وأثار ذلك احتكاكات مع جماعة «حزب الله» المدعومة من إيران، التي تسيطر فعلياً على جنوب لبنان.

وطلب الجيش الإسرائيلي من قوات اليونيفيل في وقت سابق من هذا الأسبوع الاستعداد للتحرك مسافة تزيد عن 5 كيلومترات من الحدود بين إسرائيل ولبنان، فيما يعرف بالخط الأزرق «في أقرب وقت ممكن، حفاظاً على سلامتكم»، وفقاً لمقتطف من الرسالة التي اطلعت عليه «رويترز».

وقال لاكروا: «قوات حفظ السلام باقية حالياً في مواقعها، جميعها... يتعين على الأطراف احترام سلامة وأمن قوات حفظ السلام، وأودّ التأكيد على هذا».

وقال لاكروا إن قوات اليونيفيل ما زالت تمثل حلقة وصل بين البلدين، ووصفها بأنها «قناة الاتصال الوحيدة» بينهما. وتعمل البعثة على حماية المدنيين ودعم حركتهم الآمنة وتسليم المساعدات الإنسانية.

وتعمل قوات حفظ السلام، التابعة للأمم المتحدة، بين نهر الليطاني في الشمال والخط الأزرق في الجنوب. وتضم البعثة أكثر من 10 آلاف جندي من 50 دولة، ونحو 800 موظف مدني، بحسب موقعها على الإنترنت.

وطلب الجيش الإسرائيلي من سكان أكثر من 20 بلدة في جنوب لبنان إخلاء منازلهم على الفور، الخميس، في وقت يواصل توغله عبر الحدود، وضرب أهداف لـ«حزب الله» في إحدى ضواحي بيروت.