ميقاتي يُحدث صدمة سياسية: اتفاق يشمل الرئاستين وخريطة لإنقاذ لبنان

الحل باعتماد مقرّرات مؤتمر الدوحة من دون انعقاده

TT

ميقاتي يُحدث صدمة سياسية: اتفاق يشمل الرئاستين وخريطة لإنقاذ لبنان

رئیس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي (أ.ف.ب)
رئیس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي (أ.ف.ب)

أحدث رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي صدمة سياسية غير مسبوقة، بإعلانه من أمام مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، أن رئيس المجلس النيابي نبيه برّي سيدعو فور التوصل لوقف النار لانتخاب رئيس توافقي لا يشكّل تحدياً لأي فريق، وهذا أملَى على الكتل النيابية طرح مجموعة من الأسئلة، أبرزها: هل الظروف الدولية والمحلية أصبحت ناضجة لانتخابه؟ وما الذي تغيّر بين ليلة وضحاها للرهان على أنها مواتية لإخراج الاستحقاق الرئاسي من التأزم، وهو يقف حالياً على مشارف مرور عامين على الشغور؟ وكيف يمكن تهيئة الأجواء السياسية للتوافق على رئيس يقف على مسافة واحدة من الجميع؟

وهل يمكن تأمين التوافق على الرئيس في ظل انقطاع التواصل بين محور الممانعة والمعارضة، ويدخل النواب إلى جلسة الانتخاب بحثاً عن المرشح الذي يحظى بتأييد الغالبية النيابية؟ وأين يقف «حزب الله» من الموقف الذي أعلنه ميقاتي بالإنابة عن برّي؟ وهل جاءت حصيلة التشاور معه بينما ينصرف حالياً إلى إعادة ترتيب أوضاعه للخروج من الصدمة التي أصابته باغتيال إسرائيل أمينه العام حسن نصر الله؟ أم أنه يعتمد على تفويض الأخير له في الملف الرئاسي؟

فالصدمة الرئاسية بمعناها الإيجابي التي أحدثها برّي تنسجم مع ما خلص إليه سفراء «اللجنة الخماسية» بترجيحهم للخيار الرئاسي الثالث ممراً إلزامياً لإخراج انتخاب الرئيس من دوامة المراوحة من دون دخولهم في أسماء المرشحين، وقُوبل بتأييد من الموفَد الرئاسي الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان.

ميقاتي لدى استقباله الوزير الفرنسي (رئاسة الحكومة اللبنانية)

لكن ترجمة الصدمة هذه إلى خطوة ملموسة تتوَّج بانتخاب رئيس توافقي، تبقى في حاجة إلى تسويق يُفترض أن تتصدّره الكتل النيابية الكبرى التي ما زالت منقسمة على نفسها، وإن كانت تدرك سلفاً أنه ليس في وسع الممانعة والمعارضة فرض رئيس للجمهورية، وهذا ما ينسحب على فرنجية ومنافسه الوزير السابق جهاد أزعور، وبالتالي لا بد من التوصل لتسوية تؤدي للتفاهم على رئيس توافقي، وهذا ما أملى على الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، أن يتصدر الدعوة للتفاهم شرطاً لتفادي الدوران في حلقة مفرغة، وتبنّاها لاحقاً «اللقاء الديمقراطي» في جولته على الكتل النيابية.

إلا أن التوافق يشترط التواصل المسبق بين الكتل النيابية لتفادي الدوران في حلقة مفرغة بجلسة الانتخاب، بدلاً من أن تؤدي إلى وقف التمديد للشغور الرئاسي، وهذا يستدعي منها الانفتاح على الرئيس برّي؛ لئلا تنتهي إلى ما انتهت إليه جلسات الانتخاب السابقة التي سجّلت رقماً قياسياً في تعطيل انتخاب الرئيس.

وفي هذا السياق، يقول مصدر سياسي بارز إن هناك ضرورة للانفتاح على برّي، وتحديداً من قوى المعارضة، ليس لردم الهوّة السياسية القائمة بينها وبين محور الممانعة، وإنما للتفاهم على شخص الرئيس العتيد، وخصوصاً أن برّي أقدم على خطوة سياسية بتخلّيه عن دعم ترشيح حليفه رئيس تيار «المردة»، النائب السابق سليمان فرنجية، برغم أنه لم يعرف حتى الساعة رد فعل «حزب الله»، وما إذا كان على تناغم مع رئيس المجلس بدعوته للتوافق على الرئيس.

ويلفت المصدر السياسي إلى أن هناك ضرورة للتعامل بمرونة ومسؤولية مع موقف بري، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنه بموقفه أراد أن يخطو خطوة للتلاقي مع المعارضة في منتصف الطريق، ويبقى عليها القيام بخطوة مماثلة بلا شروط مسبقة.

ويرى أن هناك استحالة للتوصل إلى تسوية رئاسية من دون التفاهم مع برّي، ليس لأنه يُتقن تدوير الزوايا، وإنما لأنه الأقدر على التواصل، ولأن الدول الغربية المعنية بانتخاب الرئيس تعوِّل على دوره في هذا المجال، بينما ينصرف «حزب الله» إلى ترتيب أوضاعه الداخلية، ويقول إن هناك استحالة في إنجاز الاستحقاق الرئاسي حال أن البعض يخطّط للمجيء برئيس يشكّل تحدياً للشيعة، فبرّي هو من يسهّل انتخاب الرئيس، ومن غير الجائز - حسب المصدر نفسه - التصرف وكأن انتخابه يجب أن يأخذ في الاعتبار وجود غالب ومغلوب في ميزان القوى الداخلي، تحت عنوان إصرار بعض الأطراف على تصفية حساباته مع «حزب الله» على خلفية تفرّده بقراره مساندة «حماس»، من دون العودة إلى الحكومة، وما ترتّب عليها من أكلاف باهظة على البلد.

لذلك فإن انتخاب الرئيس سيُدرج بنداً أول على جدول أعمال الحراك النيابي فور التوصل لوقف النار في الجنوب، وهذا ما يشكّل حافزاً للدول المعنية بانتخابه، لمعاودة تشغيل محركاتها بدءاً بـ«اللجنة الخماسية» وسفرائها في لبنان؛ كونها تشكّل مجموعة دعم ومساندة للجهود الرامية لتسهيل انتخاب الرئيس، مع أن المصدر السياسي يتوقع منها بأن تبادر للتحرك على مستوى وزراء خارجيتها؛ لما سيكون له من تأثير يدفع باتجاه إعادة خلط الأوراق داخل البرلمان، لرفع منسوب التأييد للرئيس التوافقي، بما يضع حداً لتمديد تعطيل انتخابه.

ويراهن المصدر نفسه على أن يؤدي التواصل استعداداً لجلسة الانتخاب إلى التفاهم على الرئيس؛ لتسهيل انتخابه، والاتفاق على العناوين السياسية الرئيسة للمرحلة المقبلة بدءاً بتشكيل حكومة فاعلة.

وبكلام آخر يرى المصدر أن هناك ضرورة للتوصل إلى اتفاق لوضع الحلول للمشكلات المتراكمة في سلة واحدة تشمل رئاستَي الجمهورية والحكومة وخريطة طريق لإنقاذ لبنان، على أن لا يشمل الثلث الضامن في توزيع الحقائب الوزارية الذي أدّى إلى شلّ قدرة الحكومات المتعاقبة على الإنتاج والعطاء، وذلك أسوةً بالاتفاق الذي حصل بمؤتمر الدوحة في ربيع 2008، وكان وراء إنهاء الأزمة التي ترتبت على اجتياح «حزب الله» لبيروت، لكن من دون أن ينعقد هذه المرة في العاصمة القطرية، ويُستعاض عنه بتوافق محلي يحظى بمظلّة دولية عربية تضعه على سكة التعافي، ولو على مراحل.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يعلن قصف أهداف تابعة لـ«حزب الله» في بيروت

شؤون إقليمية دخان يتصاعد من أنقاض مبنى دمره القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يعلن قصف أهداف تابعة لـ«حزب الله» في بيروت

دعا الجيش الإسرائيلي، فجر اليوم، سكّان مبنيين يقعان في الضاحية الجنوبية لبيروت وأولئك المقيمين في مبان تقع ضمن مسافة 500 متر منهما إلى إخلاء مساكنهم «فوراً».

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي صاروخ يشتعل في السماء كما يظهر من صور في جنوب لبنان بعد أن أطلقت إيران دفعة من الصواريخ الباليستية باتجاه إسرائيل (رويترز)

القصف الإيراني على إسرائيل... إطلاق الرصاص ابتهاجاً في الضاحية الجنوبية لبيروت

أفادت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام الرسمية، الثلاثاء، عن إطلاق الرصاص ابتهاجاً في ضاحية بيروت الجنوبية، في أعقاب بدء القصف الإيراني على إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أقارب ينتظرون العثور على جثث تحت أنقاض المباني التي دمرتها غارة جوية إسرائيلية في حي عين الدلب شرق مدينة صيدا الساحلية (إ.ب.أ)

إنذارات إسرائيلية للبنانيين بإخلاء منازلهم... كيف تضمن سلامتك؟

منذ بداية تكثيف الجيش الإسرائيلي غاراته على مناطق لبنانية متعددة، خصوصاً قرى الجنوب وشوارع ضاحية بيروت، أصدر متحدثون باسمه إنذارات متعددة للسكان بالإخلاء.

تمارا جمال الدين (بيروت)
العالم العربي إصابة سفينتين في هجومين قبالة سواحل اليمن تبناهما المتمردون الحوثيون (إ.ب.أ)

إصابة سفينتين قبالة اليمن في هجومين تبناهما الحوثيون

أفادت وكالة أمن بحري بريطانية بإصابة سفينتين في هجومين، الثلاثاء، قبالة سواحل اليمن، تبناهما المتمردون الحوثيون، مع تصاعد التوتر الإقليمي.

«الشرق الأوسط» (دبي)
العالم العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (إ.ب.أ)

غوتيريش يدعو إلى وقف لإطلاق النار في لبنان على الفور

قال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة إن أنطونيو غوتيريش الأمين العام للمنظمة الدولية دعا اليوم الثلاثاء إلى وقف لإطلاق النار في لبنان على الفور.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

فلسطيني في الضفة القتيل الوحيد لهجوم إيران الصاروخي على إسرائيل

TT

فلسطيني في الضفة القتيل الوحيد لهجوم إيران الصاروخي على إسرائيل

صواريخ أطلقت من إيران باتجاه إسرائيل شوهدت في مدينة نابلس بالضفة الغربية (أ.ب)
صواريخ أطلقت من إيران باتجاه إسرائيل شوهدت في مدينة نابلس بالضفة الغربية (أ.ب)

أدت شظايا أحد الصواريخ التي إيران على إسرائيل، مساء (الثلاثاء)، إلى مقتل فلسطيني في مدينة أريحا في الضفة الغربية المحتلة وفق ما أفاد مسؤول محلي لوكالة الصحافة الفرنسية.وقال محافظ أريحا حسين حمايل للوكالة «قُتل عامل فلسطيني في أريحا عندما سقطت شظايا صاروخ من السماء وأصابته».

يأتي ذلك بعدما شنت إيران هجوماً صاروخياً على إسرائيل. وكتب الجيش الإسرائيلي على موقع «إكس»: «جميع المدنيين الإسرائيليين موجودون في الملاجئ بينما يتم إطلاق الصواريخ من إيران على إسرائيل».

وأعلنت إسرائيل لاحقاً «انتهاء التهديد»، ودعت مواطنيها إلى الخروج من الملاجئ، بعدما أطلقت إيران مئات الصواريخ الباليستية على مدن إسرائيلية عدة، مساء اليوم.

وأكد الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه لم يعد هناك تهديد من إيران «في الوقت الحالي»، فيما أعلنت خدمة الإسعاف أن الصواريخ أدت إلى «إصابتين طفيفتين» فقط.

وقال بيان لجهاز الإسعاف الإسرائيلي: «في الوقت الراهن، ليست هناك تقارير عن وقوع إصابات جراء إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، باستثناء إصابتين طفيفتين بشظايا في منطقة تل أبيب وبعض الإصابات الطفيفة في أنحاء أخرى من البلاد أثناء الانتقال إلى أماكن آمنة».