الجيش اللبناني يعزِّز انتشاره في عدد من المناطق خشية فتنةٍ داخلية

إشكالات متعدّدة تم تسجيلها استلزمت حالة استنفار أمني

دورية للجيش اللبناني في أحد شوارع بيروت الأحد (رويترز)
دورية للجيش اللبناني في أحد شوارع بيروت الأحد (رويترز)
TT

الجيش اللبناني يعزِّز انتشاره في عدد من المناطق خشية فتنةٍ داخلية

دورية للجيش اللبناني في أحد شوارع بيروت الأحد (رويترز)
دورية للجيش اللبناني في أحد شوارع بيروت الأحد (رويترز)

بالتوازي مع إعطاء الحكومة اللبنانية الأولوية لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، وإغاثة الجرحى في المستشفيات، وتأمين أماكن إيواء للنازحين، تُستنفَر الأجهزة الأمنية، وعلى رأسها الجيش اللبناني، للتصدي للإشكالات الداخلية، على خلفية موجات النزوح العارمة، كما نتيجة الغضب الكبير المسيطر على نفوس مناصري «حزب الله» بعد اغتيال إسرائيل أمينه العام حسن نصر الله يوم الجمعة الماضي.

ولم يمنع فتح معظم المناطق أبوابها لمئات آلاف النازحين، ومعظمهم من الشيعة، بمشهد وطني جامع، حصول عدد من الإشكالات في بعض المناطق بين أهاليها ونازحين، نتيجة مشاجرات ذات طابع سياسي، كذلك سُجّلت احتكاكات بُعَيد الإعلان عن اغتيال نصر الله نجحت الأجهزة المعنية باستيعابها سريعاً.

مخاوف «المناطق الآمنة»

ولعل أبرز ما يخلق إشكالات مع النازحين هو خشية سكان المناطق التي تُعدّ نسبياً آمنة أن تصبح هدفاً للطيران الإسرائيلي في حال تبيّن أن من بين النازحين عناصر أو كوادر من «حزب الله»، وتصل مئات الشكاوى إلى بلديات قرى وبلدات تطالبها بالتأكد من هوية النازحين حديثاً إلى شقة ما.

وتقول نسرين ن (40 عاماً)، وهي من سكان منطقة بعبدا في جبل لبنان، إنها تواصلت مع البلدية طلباً منها لإخراج النازحين من شقة استأجروها في المبنى الذي تقطن فيه، خشية أن يكون بينهم هدف إسرائيلي، ما يؤدي لمقتلها وعائلتها بغارة ما. وتضيف نسرين لـ«الشرق الأوسط»: «ندرك أن وضع النازحين الإنساني صعب جداً، لكن سلامتي وعائلتي هي أولويتي راهناً».

انتشار عسكري

وينفّذ الجيش اللبناني منذ أيام عمليات انتشار واسعة، في عدد كبير من المناطق، وخصوصاً في تلك حيث اختلاط مذهبي وطائفي، ويوضح مصدر أمني أن «الهدف من هذا الانتشار تَفادي الإشكالات، وردّات الفعل بين أبناء الطائفة الشيعية وباقي المكوّنات اللبنانية، حتى لا تحصل فتنة مذهبية وطائفية»، لافتاً إلى أن «الجيش عزّز انتشاره في أماكن محدّدة، ويقيم دوريات ونقاطاً مستحدَثة، كما أنه متأهّب لحصول أي تطوّر».

ويشير المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الجيش يتدخّل حيث تحصل إشكالات، لكن ليس لديه عدد كافٍ من العناصر لينتشروا في كل مناطق ومراكز النزوح والإيواء».

وأصدرت قيادة الجيش، الأحد، بياناً حثّت فيه المواطنين على «الحفاظ على الوحدة الوطنية، وعدم الانجرار وراء أفعال قد تمسّ بالسلم الأهلي في هذه المرحلة الخطيرة والدقيقة من تاريخ وطننا»، منبّهة إلى أن «العدو الإسرائيلي يعمل على تنفيذ مخططاته التخريبية، وبث الانقسام بين اللبنانيين».

وأكّدت قيادة الجيش استمرارها في اتخاذ «التدابير الأمنية اللازمة، والقيام بواجبها الوطني؛ للحفاظ على السلم الأهلي»، داعيةً المواطنين لـ«التجاوب مع هذه التدابير، والعمل بمقتضى الوحدة الوطنية التي تبقى الضمانة الوحيدة للبنان».

خشية الفتنة

ولا ينفي العميد المتقاعد جورج نادر أن هناك «خوفاً من استخدام إسرائيل عملاءها في محاولة لإشعال فتنة داخلية تشكّل أكبر خدمة لها في المرحلة الراهنة»، مشدّداً على أنه «لا يمكن النوم على حرير والمسؤولية الأكبر تبقى على القوى الأمنية والجيش اللذَين يفترض أن يتنبّها للتصدي لأي محاولة لإشعال هكذا فتنة».

ويشدّد نادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أن «المطلوب الوعي من البيئة التي احتضنت النازحين، فلا يمكن احتضانهم وبنفس الوقت شتم رموزهم الدينية والسياسية، كما لا يمكن إجبارهم على إزالة صور أولادهم الشهداء عن سياراتهم»، لافتاً إلى أنه «وبنفس الوقت يجب أن يدرك (حزب الله) أن البيئة التي أدّى لتهجيرها يُفترض أن تحترم الآراء السياسية للبيئة التي احتضنتها، بمعنى أنه لا يمكن أن أكون مهجّراً إلى مكان معين وأسعى لفرض رأيي، وأضع ما يستفز البيئة التي استضافتني».


مقالات ذات صلة

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف وسط بيروت

المشرق العربي موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (ا.ب)

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف وسط بيروت

سُمع دوي انفجارات عدة مدوية في العاصمة اللبنانية، فجر اليوم، مع دخول الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله شهرها الثالث.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جندي من قوات «اليونيفيل» في برج مراقبة قرب قرية مارون الراس اللبنانية (إ.ب.أ)

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

أصيب 4 جنود إيطاليين في هجوم على مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة بلبنان «اليونيفيل» ببلدة شمع جنوب لبنان، وفق ما أعلن مصدران حكوميان، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عاملا صحة يعتنيان بمصابة جراء الحرب في أحد مستشفيات لبنان 15 يوليو 2024 (أ.ب)

الصحة العالمية: مقتل 226 عاملاً صحياً ومريضاً في لبنان منذ بدء حرب 7 أكتوبر

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم (الجمعة)، إن 226 عاملاً صحياً ومريضاً قُتلوا في لبنان، فيما أصيب 199 آخرون جراء الهجمات الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب) play-circle 00:54

مقتل مدير مستشفى و6 من زملائه في قصف إسرائيلي على شرق لبنان

قُتل مدير مستشفى دار الأمل قرب بعلبك في شرق لبنان مع ستة من زملائه العاملين في المستشفى، الجمعة، في ضربة إسرائيلية استهدفت منزله.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
TT

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

قال مسؤول دفاعي أميركي كبير إن قائداً كبيراً في «حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية، خلال حرب العراق، قُتل في غارة إسرائيلية على سوريا.

واعتقلت القوات الأميركية علي موسى دقدوق، بعد مداهمة عام 2007، عقب عملية قتل فيها عناصرُ يتنكرون في صورة فريق أمن أميركي، خمسة جنود أميركيين. ووفقاً لموقع «إن بي سي» الأميركي، أطلقت السلطات العراقية سراحه لاحقاً.

وأضاف المسؤول الدفاعي الأميركي، وفق ما نقل عنه موقع «إن بي سي»، أن تفاصيل الضربة الجوية الإسرائيلية غير معروفة، متى حدثت، وأين وقعت في سوريا، وهل كان هدفها دقدوق تحديداً.

الغارة المعقدة، التي ساعد دقدوق في التخطيط لها، حدثت في مجمع عسكري مشترك أميركي-عراقي في كربلاء، في 20 يناير (كانون الثاني) 2007.

تنكَّر مجموعة من الرجال في زي فريق أمن عسكري أميركي، وحملوا أسلحة أميركية، وبعضهم كان يتحدث الإنجليزية، ما جعلهم يَعبرون من عدة نقاط تفتيش حتى وصلوا قرب مبنى كان يأوي جنوداً أميركيين وعراقيين.

كانت المنشأة جزءاً من مجموعة من المنشآت المعروفة باسم «محطات الأمن المشترك» في العراق، حيث كانت القوات الأميركية تعيش وتعمل مع الشرطة والجنود العراقيين. كان هناك أكثر من عشرين جندياً أميركياً في المكان عندما وصل المسلّحون.

حاصرت العناصر المسلّحة المبنى، واستخدموا القنابل اليدوية والمتفجرات لاختراق المدخل. قُتل جندي أميركي في انفجار قنبلة يدوية. بعد دخولهم، أَسَر المسلّحون جندين أميركيين داخل المبنى، واثنين آخرين خارج المبنى، قبل أن يهربوا بسرعة في سيارات دفع رباعي كانت في انتظارهم.

طاردت مروحيات هجومية أميركية القافلة، ما دفع المسلّحين لترك سياراتهم والهروب سيراً على الأقدام، وخلال عملية الهرب أطلقوا النار على الجنود الأميركيين الأربعة.

وفي أعقاب الهجوم، اشتبه المسؤولون الأميركيون بأن المسلّحين تلقّوا دعماً مباشراً من إيران، بناءً على مستوى التنسيق والتدريب والاستخبارات اللازمة لتنفيذ العملية.

وألقت القوات الأميركية القبض على دقدوق في مارس (آذار) 2007. وكما يذكر موقع «إن بي سي»، أثبتت أن «فيلق القدس»، التابع لـ«الحرس الثوري الإيراني»، كان متورطاً في التخطيط لهجوم كربلاء. واعترف دقدوق، خلال التحقيق، بأن العملية جاءت نتيجة دعم وتدريب مباشر من «فيلق القدس».

واحتجز الجيش الأميركي دقدوق في العراق لعدة سنوات، ثم سلَّمه إلى السلطات العراقية في ديسمبر (كانون الأول) 2011.

وقال المسؤول الأميركي: «قالت السلطات العراقية إنها ستحاكم دقدوق، لكن جرى إطلاق سراحه خلال أشهر، مما أثار غضب المسؤولين الأميركيين. وعاد للعمل مع (حزب الله) مرة أخرى بعد فترة وجيزة».