بقي سراً لسنوات... كيف كشف جاسوس إيراني مكان نصر الله لإسرائيل؟

أشخاص يسيرون وسط أنقاض المباني التي دمرتها الضربة الإسرائيلية التي استهدفت حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
أشخاص يسيرون وسط أنقاض المباني التي دمرتها الضربة الإسرائيلية التي استهدفت حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
TT

بقي سراً لسنوات... كيف كشف جاسوس إيراني مكان نصر الله لإسرائيل؟

أشخاص يسيرون وسط أنقاض المباني التي دمرتها الضربة الإسرائيلية التي استهدفت حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
أشخاص يسيرون وسط أنقاض المباني التي دمرتها الضربة الإسرائيلية التي استهدفت حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

في أعقاب مقتل حسن نصر الله، تواجه جماعة «حزب الله» اللبنانية تحدياً هائلاً؛ وهو سد الثغرات في صفوفها، والتي سمحت لعدوها اللدود إسرائيل بتدمير مواقع الأسلحة وتفخيخ أجهزة اتصالاتها اللاسلكية، واغتيال أمينها العام المخضرم الذي ظل مكان وجوده سراً محفوظاً بعناية لسنوات.

فكيف وصلت إسرائيل إلى المعلومات حول مكان وجود نصر الله؟

ذكرت صحيفة «لو باريزيان» الفرنسية، أمس (السبت)، نقلاً عن مصادر أمنية لبنانية أن إسرائيل حصلت على معلومات حساسة من خلال عميل إيراني، أشارت إلى وجود الأمين العام لـ«حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت قبيل اغتياله، يوم الجمعة الماضي. ووفقاً لهذه المعلومات، شنت إسرائيل ضربات جوية على المنطقة، ما أدى إلى مقتل نصر الله.

وبحسب «لو باريزيان»، فإن هذا الجاسوس الإيراني تمكن من اختراق الدائرة الداخلية لـ«حزب الله»، وإيصال معلومات دقيقة حول تحركات نصر الله الذي كان في بيروت، يوم الجمعة، للمشاركة في جنازة محمد سرور المسؤول في «حزب الله».

وأضافت الصحيفة أن نصر الله كان يصطحب معه في السيارة يوم اغتياله نائب قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني عباس نيلفروشان، الذي قُتل في الهجوم ذاته.

وكان نصر الله موجوداً في عمق 30 متراً تحت الأرض لحظة الاغتيال، حيث كان يحضر ونيلفروشان اجتماعاً ضم 12 مسؤولاً رفيع المستوى في «حزب الله». وانتظرت إسرائيل بدء اجتماع «نصر الله» مع قيادات الحزب لتنفيذ الغارة التي استهدفت مقرهم في الضاحية الجنوبية لبيروت.

ويُعتقد أن الاختراق الذي قام به العميل الإيراني هو ما ساعد الإسرائيليين في تحديد توقيت الهجوم بدقة شديدة، لضمان وجود نصر الله بالمجمع السكني في حارة حريك لحظة القصف، وفقاً لـ«لو باريزيان».

وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أشارت إلى أن «أشخاصاً على الأرض» كانوا من بين أبرز مصادر المعلومات التي اعتمدت عليها إسرائيل في اغتيال نصر الله. كما أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إلى أن القرار بشن الضربة اتخذ في يوم الهجوم ذاته، لأن القادة الإسرائيليين كانوا يعتقدون أن أمامهم وقتاً قصيراً قبل أن ينتقل نصر الله إلى موقع آخر.


مقالات ذات صلة

قائد الجيش الإسرائيلي: علينا مواصلة ضرب «حزب الله» بقوة

المشرق العربي رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي (أ.ف.ب)

قائد الجيش الإسرائيلي: علينا مواصلة ضرب «حزب الله» بقوة

قال الجنرال هرتسي هاليفي، رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، إنه يتعين على إسرائيل مواصلة استهداف «حزب الله» بقوة.

المشرق العربي إسرائيل تستكمل ملاحقة قيادات «حزب الله» في الضاحية

إسرائيل تستكمل ملاحقة قيادات «حزب الله» في الضاحية

تمضي إسرائيل في ملاحقة قيادات «حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت، بالتزامن مع أوسع مروحة من الغارات الجوية العنيفة التي أسفرت عن مجازر في الجنوب والبقاع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس السوري بشار الأسد (رويترز)

الأسد يعزِّي عائلة حسن نصر الله

أرسل الرئيس السوري بشار الأسد رسالة تعزية لعائلة زعيم «حزب الله» حسن نصر الله بعد يومين من اغتياله، مساء الجمعة، بقصف إسرائيلي لمقر قيادة الحزب في بيروت.

شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو يترأس اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي (الحكومة الإسرائيلية)

اليوم التالي لإسرائيل... استثمار «المكاسب» أم التورط في لبنان؟

كما في كل حرب، تقف إسرائيل أمام خيارين؛ فإما أن تستثمر «إنجازاتها» العسكرية، وهي غير قليلة وفقاً لمفاهيمها، وإما أن تسعى للخروج من الحرب لأفق سياسي... فهل تفعل؟

نظير مجلي (تل أبيب)
تحليل إخباري أمين عام «حزب‌ الله» حسن نصر الله في أحد حواراته (أ.ف.ب)

تحليل إخباري قلق لبناني من تداعيات داخلية لاغتيال نصر الله

لن تقف تداعيات اغتيال حسن نصر الله على «حزب الله» بوصفه تنظيماً سياسياً وعسكرياً فحسب بل ستنسحب على الواقع اللبناني برمته.

يوسف دياب (بيروت)

واشنطن ترفع درجة التأهب لسفارتها في بغداد

السفارة الأميركية في بغداد (رويترز)
السفارة الأميركية في بغداد (رويترز)
TT

واشنطن ترفع درجة التأهب لسفارتها في بغداد

السفارة الأميركية في بغداد (رويترز)
السفارة الأميركية في بغداد (رويترز)

بينما قررت واشنطن وضع سفارتها في بغداد في حالة التأهب القصوى، شرع «الإطار التنسيقي» الشيعي الحاكم في العراق بحث تداعيات اغتيال زعيم «حزب الله» اللبناني حسن نصر الله. وطبقاً لمصدر مطلع، فإن «الولايات المتحدة أصدرت توجيهات عاجلة لسفارتها في العاصمة العراقية بغداد تقضي برفع حالة التأهب تحسباً لأي استهداف، وإن واشنطن تتابع التطورات في الشرق الأوسط عن كثب».

وكانت جماعات عراقية هددت مساء السبت بحرق السفارة الأميركية داخل المنطقة الخضراء وسط بغداد بسبب ما عدّته الدعم الأميركي المطلق لإسرائيل، الأمر الذي دفع القوات الأمنية العراقية إلى تشديد الحراسة بالقرب من السفارة وقطع الطرق المؤدية إليها من وإلى الجسر المعلق بين جانبَي الكرخ والرصافة طوال ليلة السبت وفجر الأحد، منعاً لأي اعتداء محتمل من المتظاهرين على السفارة.

يُذكر أن آخر مظاهرة كبرى وقعت بالقرب من السفارة الأميركية في بغداد كانت في أواخر عام 2019 من قبل متظاهرين ينتمون إلى الفصائل العراقية المسلحة الموالية لإيران، وأدت إلى إحراق أحد «الكرفانات» قرب مبنى السفارة. وعقب أقل من أسبوع من مرابطة المتظاهرين قرب السفارة الأميركية أقدمت واشنطن على تنفيذ غارة جوية أدت إلى مقتل قائد «فيلق القدس» الإيراني قاسم سليماني، والرجل القوي في هيئة «الحشد الشعبي» في العراق أبو مهدي المهندس، على طريق مطار بغداد الدولي، في الثالث من يناير (كانون الثاني) 2020.

قرارات لدعم لبنان

موقع اغتيال نصر الله بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الذي اتخذ سلسلة قرارات لدعم لبنان، عقد اجتماعاً مع قوى «الإطار التنسيقي» الشيعي لمناقشة التداعيات المحتملة. وطبقاً لبيان صادر عن الاجتماع، فإن المجتمعين عدّوا أن رحيل «حسن نصر الله بداية النصر وحياة جديدة للأمة»، على حد قول البيان. وأضاف البيان أن قادة «الإطار التنسيقي» الشيعي جدّدوا «التزامهم بتوجيهات المرجعية الدينية العليا في إغاثة الشعب اللبناني الشقيق وتقديم كل ما من شأنه تخفيف المعاناة عنهم». كما شكر «الإطار التنسيقي» الجهود الحكومية الكبيرة «في تذليل الصعاب أمام النازحين من لبنان».

من جهته، قدم رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الذي أصدر أمراً بإعلان الحداد العام في العراق لثلاثة أيام، في اتصال هاتفي مع رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، تعازي العراق حكومةً وشعباً في مقتل نصر الله. وجدد السوداني تأكيد موقف العراق الثابت والمبدئي بدعم لبنان والوقوف معه، واستمراره في تقديم جميع المساعدات التي يحتاجها الشعب اللبناني، مشدداً على ضرورة تنسيق الجهود العربية والإسلامية من أجل إيقاف الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة التي تهدد أمن المنطقة واستقرارها.

مخاوف ووعود

مدربون من «التحالف الدولي» داخل قاعدة «عين الأسد» في العراق (سينتكوم)

وفي الوقت الذي عبّرت فيه قيادات وقوى سياسية ومجتمعية عراقية عن مخاوفها من إمكانية جر العراق إلى صدام مسلح، لا سيما في ظل تزايد التكهنات بإمكانية إقدام إسرائيل على تنفيذ ضربات لقيادات ومواقع تعود للفصائل العراقية الموالية لإيران، والتي تواصل ضرباتها ضد مواقع داخل إسرائيل؛ فإن هذه التطورات تأتي متزامنة مع القرار العراقي ـ الأميركي المشترك بإنهاء مهمة «التحالف الدولي» في العراق.

وبينما أبدت واشنطن استمرار دعمها للعراق في مواجهة التحديات، فإن مفهوم التحديات طبقاً لما يراه الأميركيون يتمثل في مواجهة المخاطر المتزايدة لتنظيم «داعش»، في وقت تضغط واشنطن على بغداد لعدم السماح للفصائل المسلحة باستهداف قواتها في العراق. كما أكدت وزارة الدفاع البريطانية استمرار دعم بريطانيا للحكومة العراقية، وذلك في أول تعليق لها على الاتفاق الذي وقعته بغداد مع واشنطن بشأن إنهاء مهمة «التحالف الدولي» في العراق.

وقالت وزارة الدفاع البريطانية إن المملكة المتحدة ستواصل دعم أمن العراق، لافتة إلى أن «الأشهر المقبلة، ستشهد عمل لندن مع بغداد لتطوير علاقة دائمة كجزء من هذا الانتقال إلى شراكة أمنية ودفاعية جديدة». وأشادت بريطانيا باحتراف جنودها الذين لعبوا دوراً في مهمة هزيمة «داعش»، كما أشادت بشجاعة وفاعلية قوات الأمن العراقية، و«البيشمركة»، وفقاً للبيان. وأضافت أنه بفضل الأهداف الأساسية التي يتم تحقيقها، يمكن أن تبدأ عملية الترتيبات الأمنية الجديدة، مؤكدة أن المملكة المتحدة ما تزال ملتزمة بضمان هزيمة «داعش»، ما يعزز التزام بريطانيا بأمن العراق والمنطقة الأوسع.