غياب «هالة» نصر الله عن قيادة «حزب الله»: ضربة قوية وتأثير معنوي كبير

صورة المرحلة المقبلة تحددها مقاربةُ إيران لوظيفة التنظيم المستقبلية

أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله خلال إلقائه كلمة في احتفال حزبي في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2015 (أ.ف.ب)
أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله خلال إلقائه كلمة في احتفال حزبي في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2015 (أ.ف.ب)
TT

غياب «هالة» نصر الله عن قيادة «حزب الله»: ضربة قوية وتأثير معنوي كبير

أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله خلال إلقائه كلمة في احتفال حزبي في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2015 (أ.ف.ب)
أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله خلال إلقائه كلمة في احتفال حزبي في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2015 (أ.ف.ب)

لن يكون قبل اغتيال أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، كما بعده. هذا الرجل الذي تحوّل إلى رمز في محور المقاومة وصلت إلى حدّ النظر إليه، في بيئته الشيعية، على أنه «القائد الذي لا يموت» سيغيب اليوم عن الساحة وستغيب تهديداته التي لطالما ارتبطت بإصبعه المرفوع و«هالته» التي كان يرى مناصروه أنها غير قابلة للمسّ. من هنا يبقى السؤال الأهم اليوم، ماذا بعد غياب نصر الله؟ وماذا سيكون عليه الموقف الإيراني من هذا الاغتيال ومن وظيفة الحزب في المرحلة المقبلة التي بنيت على مواجهة إسرائيل؟

وفي حين يمكن القول إنه بعد اغتيال إسرائيل لسلفه، عباس الموسوي، عام 1992، جرى انتقال القيادة إلى نصر الله بـ«سلاسة»، فإن غياب الأخير لن يكون بهذه السهولة، وهو الذي عُدَّ من أهم الشخصيات المؤثرة في الشرق الأوسط وفي العالمين العربي والإسلامي، وتحوّل «حزب الله» في عهده إلى قوة إقليمية بدعم أساسي من إيران، ونجح في الداخل اللبناني بأن يرسّخ دوره في السنوات الأخيرة كقوّة سياسية لها الكلمة الفصل، إلى اعتبار خصومه أنه كان يحكم لبنان.

ويجمع كل من العميد المتقاعد حسن جوني، والمحلل السياسي علي الأمين، على التأثير الذي سيتركه غياب نصر الله عن قيادة «حزب الله» متوقفين في الوقت عينه عما سيكون عليه الموقف الإيراني التي سينعكس على وظيفة الحزب في المرحلة المقبلة.

 

ضربة قوية وتأثير معنوي كبير

يصف جوني اغتيال نصر الله بـ«الضربة القوية التي وجّهت إلى الحزب نظراً إلى رمزية القائد الذي لطالما كان يعد مركز ثقل الحزب الاستراتيجي»، معتبراً في الوقت عينه أن «حزب الله» لن ينتهي باغتيال قائده، ويقول لـ«الشرق الأوسط» يجب ألا ننسى أن منظمة الحزب كبيرة ولها تاريخ وفيها مؤسسات، وبالتالي لن تنتهي باغتيال قائدها، وسيتم تعيين قائد لها على الأرجح، للمحافظة على استمرارية التنظيم في هذه المرحلة الحرجة في الحرب».

مناصرو «حزب الله» يحملون صوره وأعلام الحزب وأعلاماً إيرانية في احتفال بمدينة النبطية جنوب لبنان عام 2022 (أ.ف.ب)

من جهته، يقول الأمين لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أنه سيكون لغيابه تأثير معنوي كبير وهو الذي كان يمثل رمزية تتجاوز (حزب الله) نفسه إلى مؤيدين آخرين من خارج الحزب، ويتمتع بشخصية كاريزمية لها دورها وتأثيرها ونفوذها». وفي حين يرى أنه لا شك سيكون لغيابه تأثير، يقول: «لكن يجب أن ندرك أن بنية (حزب الله) وتركيبته التنظيمية لا تعتمدان على زعامة الشخص، لا سيما في ظل وجود جملة مؤسسات موجودة داخل الحزب، مؤسسات ذات طابع ديني - آيديولوجي ومالية وصحية وتربوية وتعليمية وغيرها من شبكة المؤسسات التي توفّر له القدرة على التماسك والبقاء في موقع المؤثر».

ويضيف: «قد يتراجع تأثيره بعض الشيء لكن العامل المادي والدعم الإيراني له يلعبان دوراً في هذا الإطار، وما بناه الحزب خلال 40 عاماً وما بنته إيران من مؤسسات في داخل لبنان، خصوصاً مؤسسات لها علاقة بمؤسسة الشهيد مثلاً التي تعنى بمساعدة عائلات الشهداء من الحزب وآلاف الموظفين الذين يعملون لديه تمنحه وضعية اجتماعية تشكل حصانة ووضعية دينية تساعد على الصمود».

من هنا، يرى الأمين أنه رغم التأثير الكبير الذي سيتركه غياب نصر الله عن قيادة «حزب الله»، فإنه من الصعب الحديث عن تغير دراماتيكي، الذي سيأخذ وقتاً لأنه مرتبط بسؤال أساسي، وهو عما إذا كانت ستتغير وظيفة «حزب الله» الذي لطالما كان يستثمر في قتال إسرائيل، أي «هل ستتغير هذه الوظيفة أم ستبقى؟ وبناءً عليه يمكن قراءة المشهد وتأثير الاغتيال بشكل أوضح من الآن».

وعن الشخصية التي ستخلف نصر الله، يلفت الأمين إلى أنه من المرجّح أن يكون رئيس المجلس التنفيذي في الحزب هاشم صفي الدين، ابن خالة نصر الله، مشيراً في الوقت عينه إلى أن هوية الشخصية التي سيتم تعيينه ستحدد بناء على المسار الذي سيتجه إليه الحزب واحتمال أن يتم اختيار شخصية مدنية في المرحلة المقبلة.

جنود من الجيش اللبناني يتجمعون فوق أنقاض مبانٍ سُويت بالأرض بسبب الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

الموقف الإيراني «الغامض» يحدّد وظيفة «حزب الله» ومصيره

ويطرح العميد جوني أسئلة حول المواقف الإيرانية في هذه الحرب، لا سيما منذ اغتيال قادة «قوة الرضوان» في «حزب الله»، في حين يؤكد الأمين أن طهران لن تتخلى عن «حزب الله» لكنها هي التي ستحدّد دوره ووظيفته المستقبلية بعدما أعطت أولية لمصالحها على خيار الدخول في الحرب.

ويلفت جوني إلى «غموض وضبابية اتسمت بهما المواقف الإيرانية التي لاقت استغراباً في لبنان وقد أثرت على بيئة الحزب معنوياً»، معتبراً أن الأهم يبقى في ما سيكون عليه الموقف الإيراني من عملية الاغتيال والمسار الذي ستسلكه، لا سيما لجهة التوصيات بالتراجع أو الاستمرار بالحرب.

من جهته، يعد الأمين أن القول بأن «طهران ضحّت بالحزب قد يكون مبالغاً فيه، لأنه بالنسبة لإيران الأذرع تبقى مهمة ولا يمكن أن تتخلى عنها»، موضحاً: «ما حصل هو أن إيران قامت بنوع من الموازنة بين أن تحمي نظام مصالحها كدولة قد تتعرض للخطر في حال دخلت الحرب، أو أن لا تدخل الحرب، وأن تقتصر الأضرار على الحزب، وبالتالي هي اختارت مصالحها الوطنية والقومية على حماية الأذرع التي عادة ما تعتمد عليها لحمايتها وليس العكس».

من هنا، يعبّر الأمين عن اعتقاده بأن طهران لن تتخلى على الحزب الذي يقوم على تمويل وتوجيه وإدارة مرتبطة بها حتى في بنيته الداخلية، لكنه يتحدث عن أسئلة عدة تطرح مرتبطة بالمستقبل، تحديداً عن دور الحزب في المرحلة المقبلة، وما هي الوظيفة التي يمكن أن يقوم بها، خصوصاً إذا تراجعت عما كانت عليه في السابق، وهل سيذهب نحو الصيغة اللبنانية ونحو دور لبناني؟ أم سينتفض على ما حصل ويقوم بخطوات لا أحد يتوقعها، لكن في كل الأحوال هناك تغيّر كبير حصل وسينعكس على الحزب، وعلى نمط العلاقة بينهما.


مقالات ذات صلة

لبنان: مقتل 5 في قصف إسرائيلي على بعلبك

المشرق العربي عمال يزيلون الأنقاض من موقع غارة جوية إسرائيلية على احد المنازل في بعلبك (أ.ف.ب)

لبنان: مقتل 5 في قصف إسرائيلي على بعلبك

أفادت تقارير إعلامية لبنانية اليوم (السبت) بمقتل خمسة في قصف إسرائيلي استهدف بلدة شمسطار في بعلبك.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ وزير الدفاع الإسرائيلي لويد أوستن (إ.ب.أ)

أوستن يؤكد لكاتس أهمية ضمان أمن الجيش اللبناني والـ«يونيفيل»

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن الوزير لويد أوستن تحدث مع نظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي عناصر من الجيش اللبناني تقف قرب المبنى المستهدف في البسطة (الشرق الأوسط) play-circle 00:39

مصدر أمني لبناني: استهداف قيادي بـ«حزب الله» في ضربة بيروت

كشف مصدر أمني لبناني لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن «قيادياً كبيراً» في «حزب الله» الموالي لإيران جرى استهدافه في الغارة الإسرائيلية التي طاولت فجر اليوم بيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد نتيجة غارة جوية إسرائيلية على قرية الخيام في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

«حزب الله»: قتلى وجرحى من الجيش إسرائيلي في اشتباكات بجنوب لبنان

أعلن «حزب الله»، السبت، أن عناصره اشتبكت مع قوة إسرائيلية كانت تتقدم باتجاه بلدة البياضة بالجنوب اللبناني، وأسفرت الاشتباكات عن قتلى وجرحى.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نقل جثمان أحد ضحايا القصف الإسرائيلي اليلي على منطقة البسطة في بيروت (أ.ف.ب) play-circle 00:39

ضربة إسرائيلية في قلب بيروت تخلّف 11 قتيلاً وعشرات الجرحى

استهدفت سلسلة غارات إسرائيلية عنيفة مدينة بيروت، وتركّزت على مبنى مؤلف من 8 طوابق في منطقة فتح الله بحي البسطة الفوقا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«حزب الله»: قتلى وجرحى من الجيش إسرائيلي في اشتباكات بجنوب لبنان

الدخان يتصاعد نتيجة غارة جوية إسرائيلية على قرية الخيام في جنوب لبنان (إ.ب.أ)
الدخان يتصاعد نتيجة غارة جوية إسرائيلية على قرية الخيام في جنوب لبنان (إ.ب.أ)
TT

«حزب الله»: قتلى وجرحى من الجيش إسرائيلي في اشتباكات بجنوب لبنان

الدخان يتصاعد نتيجة غارة جوية إسرائيلية على قرية الخيام في جنوب لبنان (إ.ب.أ)
الدخان يتصاعد نتيجة غارة جوية إسرائيلية على قرية الخيام في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

أعلن «حزب الله»، السبت، أن عناصره اشتبكت مع قوة إسرائيلية كانت تتقدم باتجاه بلدة البياضة بالجنوب اللبناني، وأسفرت الاشتباكات عن قتلى وجرحى في صفوف القوات الإسرائيلية.

ويتبادل الحزب والجيش الإسرائيلي إطلاق النار عبر الحدود منذ أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي. وفي الشهر الماضي، توغلت قوات إسرائيل في جنوب لبنان لاستهداف مواقع الحزب.

يأتي ذلك بعد زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكستين، للمنطقة هذا الأسبوع، في محاولة للتوسط من أجل التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، وإنهاء أكثر من 13 شهراً من القتال بين إسرائيل و«حزب الله»، والذي تَحَوَّلَ إلى حرب شاملة خلال الشهرين الماضيين.