مغادرة لبنان جواً مهمة صعبة... ولبنانيون يغادرون براً أو على متن يخت

مسافران يتفقدان لوحة المغادرة في مطار رفيق الحريري الدولي في 27 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
مسافران يتفقدان لوحة المغادرة في مطار رفيق الحريري الدولي في 27 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

مغادرة لبنان جواً مهمة صعبة... ولبنانيون يغادرون براً أو على متن يخت

مسافران يتفقدان لوحة المغادرة في مطار رفيق الحريري الدولي في 27 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
مسافران يتفقدان لوحة المغادرة في مطار رفيق الحريري الدولي في 27 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

على وقع الغارات الإسرائيلية الكثيفة على لبنان، أصبح العثور على مقعد في طائرة مغادرة من بيروت مهمّة شبه مستحيلة، مع إلغاء غالبية شركات الطيران الأجنبية رحلاتها واقتصار حركة النقل الجويّ على الشركة اللبنانية.

وبعدما ألغت «الخطوط الجوية التركية» رحلاتها من بيروت وإليها، حاول المهندس الزراعي جيلبير مدوّر مراراً حجز تذكرة سفر إلى لشبونة حيث تعقد شركة أسمدة عالمية يعمل لحسابها الأسبوع المقبل اجتماعاً لجميع موظفيها مقرراً منذ مطلع العام.

وقال الشاب البالغ 32 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «الثلاثاء أُلغيت رحلتي من بيروت إلى إسطنبول، التي كانت مقررة الاثنين المقبل، فحاولت إيجاد رحلات أخرى عبر إسطنبول ومنها إلى لشبونة، من دون أن أوفّق».

وعلى غرار مسافرين كثر، لم يبقَ أمام مدوّر الذي يسافر بمعدّل ثلاث مرات شهرياً، خيار سوى شركة «طيران الشرق الأوسط» اللبنانية التي حاول إيجاد مقعد على إحدى طائراتها.

وأكد أن «أول رحلة متوفرة إلى إسطنبول كانت الخميس المقبل، لكن ذلك لا يناسبنا، أنا وزميلَيّ؛ لأن الندوة تنتهي في ذلك اليوم».

ويُظهر الموقع الرسمي لمطار رفيق الحريري الدولي الوحيد العامل في لبنان، إلغاء عشرات الرحلات القادمة والمغادرة، مع تسيير معظم الرحلات من جانب شركة الطيران اللبنانية وبعض الشركات الأخرى على غرار الخطوط الإثيوبية والعراقية وشركة «بيغاسوس» التركية المنخفضة التكلفة.

«أزمة» سفر

وحاول مدوّر التوجه إلى أي دولة يمكنه أن يستقلّ منها طائرة إلى لشبونة، لكنه وجد أن «كل الرحلات المغادرة من بيروت هذا الأسبوع أو مطلع الأسبوع المقبل إما محجوزة بالكامل أو تكلفة التذكرة باهظة الثمن».

ومنذ مطلع الأسبوع، كثّفت إسرائيل وتيرة ضرباتها على «حزب الله» في مناطق مختلفة في لبنان، في تصعيد غير مسبوق منذ بدء تبادل إطلاق النار بين الحزب المدعوم من إيران والدولة العبرية قبل نحو عام، على خلفية الحرب في قطاع غزة.

وأثار ذلك المخاوف من توسع رقعة الصراع، ودفع شركات طيران كثيرة إلى وقف رحلاتها أو تمديد إجراء تعليق رحلاتها الذي كان سارياً أساساً. وطلبت دول عدة من رعاياها المغادرة أو تجنّب السفر إلى لبنان.

على غرار مدوّر، واجه المخرج هيثم شمص صعوبة في إيجاد تذكرة سفر في رحلة مباشرة إلى بوخارست بعدما أوقفت شركة «تاروم» الرومانية رحلاتها.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «منذ الاثنين، بدأت البحث عن تذكرة عن طريق مكتب سفر».

وروى بانزعاج أن لديه عملاً في رومانيا بدءاً من مطلع نوفمبر (تشرين الثاني)، لكنه قرر السفر مبكراً، مضيفاً: «لا يُعقل أن أعلق في لبنان وأخسر عقد عمل»، خصوصاً أنه المعيل الوحيد لعائلته.

بعد انتظار دام يومين، عرض مكتب السفر على شمص تذكرة عبر «طيران الشرق الأوسط» إلى إسطنبول، ومنها إلى بوخارست، مانحاً إياه نصف ساعة ليقرر. وقال: «شعرت بضغط شديد لكنني قررت ألا أفوّت الفرصة»، وبالتالي فرصة العمل التي ينتظرها.

والتذكرة الوحيدة التي توفرت لشمص كانت على درجة «الأعمال» إلى إسطنبول «بتكلفة لامست 1300 دولار ذهاباً وإياباً»، وفق قوله.

وتلبية لارتفاع الطلب، أكد مدير المبيعات في «طيران الشرق الأوسط»، أنطوان طبال، للوكالة أن الشركة «تشغّل يومياً بين ثلاث وخمس رحلات إضافية إلى وجهات عدة» بينها باريس وإسطنبول ودبي.

وأوضح: «الطلب أكبر من عدد المقاعد المتاحة... وهذا ما يخلق أزمة».

«اليخت ينتظرك»

وقال رئيس نقابة أصحاب مكاتب السياحة والسفر، جان عبود، إن «الطلب ازداد أضعاف الأضعاف في حين أن العرض ضئيل جداً».

وشرح أن «مئات وكلاء السياحة والسفر يرصدون الإعلان عن رحلات جديدة، وما إن تتاح لهم طائرة إضافية حتى يحجزون كافة مقاعدها لزبائنهم في غضون عشر دقائق».

وشكا لبنانيون تحدّثت إليهم الوكالة من ارتفاع أسعار البطاقات المتوفرة، الأمر الذي ردّه عبود لاحتساب التكلفة التشغيلية لرحلتَي الذهاب والإياب، ذلك أن «رحلة الذهاب تكون محجوزة بالكامل أما العودة فتكون فارغة».

ومع عقبات السفر جواً، يلجأ كثرٌ للسفر براً إلى الأردن، أو بحراً إلى جزيرة قبرص التي تبعد نحو 250 كيلومتراً عن السواحل اللبنانية.

ويعرض أحد مكاتب السفر رحلات على متن حافلات من بيروت إلى عمّان مروراً بسوريا، تستغرق نحو 12 ساعة، بتكلفة تراوح بين 65 و125 دولاراً.

وتسيّر شركات نقل بحري رحلات على متن يخوت تستغرق خمس ساعات من ميناء ضبية شمال بيروت إلى مدينة آيا نابا في شرق قبرص.

وقال رئيس شركة «بوتينغ ليبانون» الكابتن بيار أبي سعد للوكالة: «سيّرنا هذا الأسبوع 12 يختاً يقل كل منها بين 9 و14 راكباً».

وبلغ متوسط سعر البطاقة للشخص الواحد 1200 دولار، وفق أبي سعد الذي يعتبر التكلفة «مدروسة»؛ نظراً إلى أن «التكلفة التشغيلية لليخت أكبر من تكلفة تشغيل طائرة»؛ بسبب عوامل عدة بينها عدد الركاب وأسعار «الفيول».

وتنتشر مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لهذا البديل. وكتب أحدهم على «تيك توك» وهو يقف أمام يخت: «إن كانت الطائرة غير متوفّرة، فاليخت ينتظرك!».


مقالات ذات صلة

حسن نصر الله... من هو زعيم «حزب الله» الذي يعيش في الخفاء؟

المشرق العربي الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله خلال إلقاء كلمته يوم الخميس (أ.ف.ب)

حسن نصر الله... من هو زعيم «حزب الله» الذي يعيش في الخفاء؟

الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، الذي استُهدف بغارة إسرائيلية عنيفة على الضاحية الجنوبية لبيروت، يعيش منذ سنوات طويلة في الخفاء.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دخان يتصاعد من مكان غارة إسرائيلية على ضاحية لبنان الجنوبية يعتقد أنها استهدفت حسن نصر الله الأمين العام لـ«حزب الله» (أ.ف.ب)

ما السيناريوهات المتوقعة في حال تأكد اغتيال نصر الله؟

قصف الجيش الإسرائيلي ما وصفه بأنه مقر القيادة المركزي لـ«حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت مع أنباء عن وجود الأمين العام حسن نصر الله في المكان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أشخاص يقفون على أنقاض مبنى دمرته الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

ماذا نعرف عن الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية؟

استهدفت سلسلة من الغارات الإسرائيلية، الجمعة، معقل «حزب الله» في بيروت، في هجمات هي الأعنف قرب العاصمة اللبنانية منذ الحرب التي خاضها الطرفان صيف 2006.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان لدى ترؤسه الاجتماع الوزاري الطارئ في نيويورك (واس)

«الوزاري العربي الإسلامي» يبحث وقف التصعيد في فلسطين ولبنان

بحث اجتماع وزاري طارئ لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في نيويورك وقف تصعيد الهجمات العسكرية الإسرائيلية ضد فلسطين ولبنان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي نتنياهو متحدثاً في الأمم المتحدة (رويترز)

نتنياهو يرفض جهود التهدئة بخطاب أممي وعمليات ميدانية

سنستمر في إذلال «حزب الله» حتى تحقيق كل أهدافنا.

علي بردى (نيويورك)

ما السيناريوهات المتوقعة في حال تأكد اغتيال نصر الله؟

دخان يتصاعد من مكان غارة إسرائيلية على ضاحية لبنان الجنوبية يعتقد أنها استهدفت حسن نصر الله الأمين العام لـ«حزب الله» (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من مكان غارة إسرائيلية على ضاحية لبنان الجنوبية يعتقد أنها استهدفت حسن نصر الله الأمين العام لـ«حزب الله» (أ.ف.ب)
TT

ما السيناريوهات المتوقعة في حال تأكد اغتيال نصر الله؟

دخان يتصاعد من مكان غارة إسرائيلية على ضاحية لبنان الجنوبية يعتقد أنها استهدفت حسن نصر الله الأمين العام لـ«حزب الله» (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من مكان غارة إسرائيلية على ضاحية لبنان الجنوبية يعتقد أنها استهدفت حسن نصر الله الأمين العام لـ«حزب الله» (أ.ف.ب)

قصف الجيش الإسرائيلي ما وصفه بأنه مقر القيادة المركزي لـ«حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت مع أنباء عن وجود الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله في المكان.

ومع تغيير إسرائيل لقواعد اللعبة، ما الذي سيأتي بعد ذلك؟ يشير قصف مقر القيادة المركزي لـ«حزب الله»، وفقاً للكاتب أمير بوحبوط في موقع «جيروزاليم بوست»، إلى «تغيير في قواعد الاشتباك» في معركة ضد ما يُعرف بـ«محور الشر».

ترسل محاولة الاغتيال، التي لم يتم التأكد من نجاحها حتى الآن، رسالة واضحة عن عزيمة وجرأة إسرائيل على المنطقة بأسرها، وخاصة إيران. ويؤكد بوحبوط أن «هذا الحدث بلا شك حدث سيسبب تقلبات إقليمية. وإذا نجحت العملية، فإنها تفتح فرصاً كبيرة في المعركة ضد (الإرهاب) في الشمال مع (حزب الله)، وفي الجنوب مع (حماس)».

ما الذي سيحدث بعد ذلك؟

ويرى أنه على الجيش الإسرائيلي الآن أن يستعد لعدة سيناريوهات وتداعياتها، سواء أكانت دفاعية أم هجومية. ويتابع أن السيناريو الأكثر تطرفاً يتضمن إطلاق إيران ليد «حزب الله» والحوثيين، والسماح لهما بشنّ هجوم واسع بالصواريخ والطائرات من دون طيار على الجبهة الداخلية لإسرائيل.

في السيناريو الأكثر خطورة، يمكن أن تشارك إيران نفسها في الصراع مباشرة بشنّ ضربات من أراضيها، على الرغم من أن هذه الاحتمالية تعدّ منخفضة.

ويشير بوحبوط إلى أنه في رد فعل أولي، رفع الجيش الإسرائيلي من مستوى تأهبه إلى أقصى حد في البر والبحر وفي الدفاع الجوي، استعداداً لتدهور الوضع. بالإضافة إلى ذلك، عزّز القيادة الشمالية بلواءين مشاة للاستعداد لمناورات برية في لبنان.